اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/2.htm?print_it=1

الكاتب الغربي من بقية أهلي

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
.. إني لا أتصور وأنا مواطنة سعودية, أن أعمل عمل الرجل نفسه, وبالمؤهلات نفسها, ليخصص لي القائمون على الأمر أجراً أقل, ولا أعتقد أنك تجهل لم هذا الوضع قائم ضد المرأة إلى اليوم في أمريكا ومعظم الدول الغربية إن لم تكن كلها

منذ أشهر قليلة كتبت لـ(توماس فريدمان) ويبدو أن رسالتي الموجهة إليه لم تصل, أو أنه تجاهل مضامينها عن عمد وإصرار, وما حرصي هذا إلا من باب رد الجميل لأهله, فقد تجاوز توماس.. المعقول إلى غير المعقول في اهتمامه بي وبالنساء المسلمات العربيات, وكأني به من بقية أهلنا, أو كان ممن ينتسب لإحدى عشائرنا, أو لعله دون علم منا يتصف بدماثة الخلق ورقة المشاعر, فهمومنا التي هي شأننا دون غيرنا.. تؤرق.

وليتقدم بعدها فريدمان.. هذا الفارس الهمام متبرعاً بوصف أسبابها وطرق علاجها.. وليضع في وصفاته السحرية تلك, السم في الدسم, دسم أكد لنا أطباؤنا أن البعد عنه سلامة لأبداننا وعقولنا, وحفظ لخصائصنا الذاتية المميزة..
ولأني من أمة لا يسهل الهوان عليها, ولأني لا أؤمن بقول القائل: (لا أسمع لا أرى لا أتكلم).. أقول وبحكم انتمائي للعالم الأنثوي, إني وأمثالي من نساء مسلمات لو أردنا النصر لإحدى قضايانا فلن نوجه أبصارنا لغريب, بل لرجال أمنا على كرامتنا بينهم, وأمنا على حياتنا بوجودهم بعد الله, لرجال نفخر بهم وبفكرهم, لرجال عاملونا برفق لم تعرفه بنات الغرب, وباحترام لم تعه نساؤه.. وبعدل جهل الغرب أبجديته, وبإحسان لم تلمسه سواعدهن..
ولك يا سيد فريدمان ولمن كان الدافع المشجع لقلمك, أقول أنا سيدة مسلمة سعودية أفتخر بديني وانتمائي, كما أني لا أعتقد أنك متميز عن كثير من كتابنا الأفاضل في هذا الوطن رجالاً أو نساء, ولا أعتقد أنك أقوى عوداً أو حجة, فقد عهدنا منك الفرار من جبهات الحوار.
ولأني أحرص دوماً على رد الحقوق لأهلها كان لابد أن أضع أمامك إحصائية لأوضاع المجتمع الأمريكي بصفة عامة, ولأوضاع المرأة فيه بصفة خاصة, هذه الإحصائية لم تصدر من أروقة الأمم المتحدة, كما أشرت في مقالك الأخير, بل من أروقة أمريكية معتمدة لديكم, تتمتع بمصداقية عالية, لعلك بعدها تحول أنظارك واهتمامك لنساء وطنك أمريكا, فالسيدة الأمريكية المعاصرة مضطهدة ومهدرة الكرامة.

هذه الإحصائية نقلها الأستاذ (سالم بن عبدالعزيز السالم), عن كتاب الإحصاء الوطني الصادر عام 1997م, عن إدارة الاقتصاد والإحصاء في مصلحة التجارة الأمريكية.
* بلغت حالات الإجهاض المسجلة عام 1992م أكثر من 1.5 مليون حالة, منها 13 ألف حالة لفتيات لم يبلغن بعد الخامسة عشرة من العمر.
* بلغت الحالات المسجلة رسمياً للإصابة بمرض نقص المناعة المكتسب (إيدز) خلال الفترة 1981 ـ 1996م أكثر من 560 ألف حالة, كما تجاوز عدد الذين فارقوا الحياة بسبب هذا المرض عام 1995م 31 ألف حالة.
* انتشار الطلاق بشكل كبير, ففي عام 1995م سجلت حوالي 1.2 مليون حالة طلاق مقابل 2.3 مليون حالة زواج.
* بلغت جرائم الاغتصاب عام 1995م, أكثر من 97 ألف جريمة.
* تجاوزت حالات الانتحار عام 1994م, 31 ألف حالة.
* بلغت جرائم قتل النساء دون غيرهن عام 1995م 4700 جريمة.
* استمرار تميز الرجل عن المرأة العاملة من حيث الأجر, فدخل المرأة يقل كثيراً عن دخل الرجل, فعلى سبيل المثال نسبة دخل المرأة إلى دخل الرجل في الوظائف التنفيذية كمديرين ومسؤولين تصل إلى 63% وفي الوظائف التي تعتمد على التقنية كخبرات تصل إلى 69%, أما الوظائف الإدارية فالنسبة تصل إلى 74%.. أقتل... الأجنة البريئة لفتيات بعمر الزهور حرمتم عليهن الارتباط برباط الزواج, فتيات تخوض تجربة الإجهاض لأنكم حرمتم عليهن ضم أولادها, وكيف لها ذلك, وزواجها لو رغبت مرفوض, فهي تحت السن القانونية للزواج؟ أما استغلال الرجل لها دون أي إحساس بالمسؤولية فلا بأس..
شيوع مرض المناعة المكتسبة في وطن يتباهى بالرعاية الصحية أمر مروع, فكيف يمكن لأحدنا أن يثق بتنظيمكم وفكركم وأسلوب حياتكم, ونحن المتابعون لأمثال تلك الإحصائيات المروعة.

نصف حالات زواجكم تنتهي بالطلاق!! لابد لكم من البحث عاجلاً عن وصفة جديدة تطيل عمر زواجكم.. إذ إننا لا نعتقد أن تقاليدكم التي سمحت بفترة مساكنة بين الطفريين قد تطول لسنوات قبل ارتباطهما, قد ضمنت نجاح زواجهما.. والذي بدا لي من إحصائيات إدارة الاقتصاد والإحصاء بمصلحة التجارة الأمريكية أن ما حدث عكس ذلك تماماً.. حالات جرائم هتك العرض بلغت في وطنكم أمريكا عام 1995م 97 ألف حالة, أليس هذا عدداً مروعاً؟ وضع لا أفهم سببه إذا كنتم تعتقدون أنكم فتحتم الباب لكل محظور لدى الأديان الثلاثة, في سبيل جرائم القتل في وطنكم كان للنساء فيها نصيب الأسد, لعل القتلة أدركوا ضعفهن, وقلة حيلتهن وهوانهن على أهلهن, وكيف لا يكون ذلك وهي تقذف خارج منزلها دون قانون يلزم أهلها بإيوائها, لتجد نفسها في سن مبكرة على الطريق دون حماية, تتعرض من خلاله لكل أنواع الإهانة, من مجتمع لم يراعي ضعف بنيتها, ورقة هندامها, إذ قذف بها للسباع تنهش لحمها وعرضها.

أما حالات الانتحار فأود أن أشير لإحصائية نشرتها (واشنطن بوست) تؤكد أن 3 ملايين أمريكي على الأقل بين سن 12 و17 فكروا في الانتحار خلال عام 2000م, وأن ثلث هذا العدد نفذ الانتحار, أي مليون حالة انتحار نفذت خلال عام واحد في أمريكا, والمؤلم أن هذه الدراسة التي نسبت لمكتب الدراسة الأمريكية لشؤون العائلة, تنص على أن عدد الفتيات اللاتي نفذن عملية الانتحار, أو فكرن بها نصف عدد الذكور.
بل توضح هذه الدراسة أن التفكير في الانتحار في مجتمعكم لم يسلم منه حتى الأطفال, وذلك بذكرها أن 9% من الأطفال ما بين سن 12 و13 عاما, قاموا بذلك.
وأخيراً معاناة المرأة الأمريكية العاملة, تتضح من إقرار بلادها لقوانين تؤيد انخفاض نسبة أجر المرأة العاملة إذا ما قورنت بأجر زميلها الرجل العامل, ولو كان يعمل معها في الدائرة نفسها, والعمل نفسه, وبالمؤهلات نفسها أيضاً, هذا ما يحدث على مدار الساعة في المجتمع الأمريكي.. بلد الحرية والمساواة..!!
يكفي أن أقول لك.. إني لا أتصور وأنا مواطنة سعودية, أن أعمل عمل الرجل نفسه, وبالمؤهلات نفسها, ليخصص لي القائمون على الأمر أجراً أقل, ولا أعتقد أنك تجهل لم هذا الوضع قائم ضد المرأة, إلى اليوم في أمريكا ومعظم الدول الغربية إن لم تكن كلها.. أين تكريمك للمرأة الذي تزعمون؟
ولأن (فاقد الشيء لا يعطيه) أنصحكم بالعمل الجاد لإصلاح شؤونكم, وفي حال نجاحكم في رفع الضيم عن نسائكم ومجتمعكم, لن نجد بأساً كمسلمين وعرب من دراسة مقترحاتكم.. والأخذ بما يناسب خصائصنا منها..

إما تكريم الرجل المسلم لنا كنساء, فيكمن في أفعاله لا في أقواله كما تفعلون.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط