صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







التعويذة التي لا تصدق إلا كأسطورة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
إيحاء سلبي جديد من الكونجرس الأمريكي تجاه مبادرة السلام التي خرجت من المملكة العربية السعودية ونالت تأييدا عربيا وإسلاميا وعالميا أيضا، إيحاء كهذا استدعى تحركاً سريعاً من قبل جامعة الدول العربية في دورتها الحالية برئاسة المملكة العربية السعودية، والرافض للقرار الصادر عن مجلس النواب الأمريكي الذي هنأ الكيان الصهيوني بمناسبة ذكرى حرب 1967 م والتي انتهت باحتلاله للقدس ومساحة كبيرة من الأراضي العربية، لقد طالبت الجامعة العربية الإدارة الأمريكية بالاعتراف بأن ما قامت به كان خروجا منها عن القانون الدولي، ويتعارض تماما معها ومع القانون الإنساني وقرارات مجلس الأمن التي لا تعترف بالاحتلال العسكري الصهيوني للأراضي العربية بما فيها القدس، لقد استهدف هذا التصرف المساس بمشاعر الأمة العربية والإسلامية، وتجاوز العقل والحكمة .

وفي هذا الصدد أود الحديث مع القارئ الفاضل عن جانب معتم آخر لتلك الصورة التي رأى الكونجرس الأمريكي أنها تستحق التهنئة، صورة معتمة لم تخرج من أروقة المجتمع الفلسطيني المقدسي بل من المجتمع الصهيوني، فقد توقف هذا الكيان عن الاحتفال بهذه المناسبة، وفي هذا إشارة مبطنة للهزيمة النفسية التي يتعايش بها الاحتلال يوميا، خاصة بعد النتائج المخزية لحربه مع لبنان الصيف الماضي، يسترجع الصهاينة اليوم بكثير من التقدير أقوالاً لمفكرين صهاينة صدرت عبر سنوات متتالية بكثير من التحسر، أفراد واجهوهم حينها بالاستهزاء والسخرية، واليوم أغدقوا عليهم من التمجيد والتكريم الكم الكثير فالبروفيسور" يشعياهو ليبوفيتش" الذي اعتبرت أقواله هاذية بسبب تحذيره من تحول إسرائيل إلى دولة مخابرات والجيش إلى جيش احتلال يوصف اليوم في الأوساط الصهيونية بنبي الغضب، واليوم نسمع من السياسي الصهيوني اليساري" عكيبا الدار" قوله:( إن الفرصة مهيأة الآن أمام إسرائيل لجعل الانتصار العسكري عام 1967 "الاتجار الأكبر منذ إقامة إسرائيل" في حال قبلت بالمبادرة العربية التي تعتمد حدود 1967 أساسا لاتفاق السلام) قال ذلك بعد أن بين (أن الرابع من يونيو 1967 كان اليوم الأخير الذي تمتع به المواطنون في إسرائيل بحقيقة كونهم شعبا حرا) وأضاف (إن الاحتلال غدا يعكر حياتنا وحياة غيرنا)، أما الكاتب الصهيوني"يعقوب حسداي" فيصف الاحتلال بقوله (الاحتلال مفسد للأخلاق).

أما لغة الإحصائيات فتؤكد رفض الصهاينة العيش في أحضان القدس، بل وفرارهم منها، فقد ورد في مجلة" نيوزويك" العربية في عددها الصادر في الخامس من شهر يونيو الحالي (أن الصهاينة بدأوا يهاجرون من قلب المدينة ..فقد هجر المدينة حوالي 300000 شخص منذ 1967، وحسب دراسة ديموغرافية نشرها الشهر الماضي معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، فإن 17.200 شخص غادروا القدس العام الماضي ..ولأن معدلات المواليد العرب أسرع نموا من تلك اليهودية، فإن الخبراء الديموغرافيين يتوقعون أن تتعادل نسبة اليهود والعرب تقريبا في غضون 20عاما. لقد ذكرت المجلة أنه مع أن القادة الإسرائيليين ما زالوا يشيرون للقدس باعتبارها " العاصمة الأبدية الموحدة " للكيان الصهيوني، لكن هذه التعويذة لا تصدق إلا كأسطورة، كما بينت أن عدداً متزايداً من الأصوات الإسرائيلية ينطق الآن بما كان ذات مرة لا يخطر ببال، فقد لا تتوحد القدس أبدا في الحقيقة، فالمدينة هي الآن أفقر المراكز الحضرية في إسرائيل، بسبب الشباب الطامح من سكانها لحياة أفضل، كما قامت المجلة نفسها بنقل تصريح لموشيه أميراف الذي طالب بتقسيم القدس، طالب بالتخلص من بعض أحلامهم، وأخيرا ختمت هذه المجلة الأمريكية التقرير الصحفي بقولها إن تسليم نصف المدينة لا يزال حلما بعيد المنال مثلما هو حلم الاحتفاظ بها، لقد ظهر لي الصحفي كاتب الموضوع أكثر حكمة من أعضاء الكونجرس الذين يفترض أنهم يمثلون المجتمع الأمريكي.

أصوات صهيونية فاعلة في أوساطها طالبت باعتماد مبادرة السلام كأكبر إنجاز منذ الاحتلال، وأخرى لا يهمها المقاييس السياسية للإنجاز بقدر ما يهمها تحقيق الأمن، ووقف الرعب الذي أحدثه هذا الاحتلال في الشعب الصهيوني، فليتخلوا عن أحلامهم وخرائطهم المعلقة منذ أربعين عاما، فقد انتهت أسطورة القدس الموحدة، وإسرائيل الكبرى التي عاشوا يسطرون حولها الأساطير لعقود.. إذ كيف سيعيشون وسط مجتمع يتفوق من حيث الخصوبة بمراحل عدة، فإن يقتلوا اليوم فلسطينيا، فستلد أمه بحول الله اثنين بدلا منه، ستفعل ذلك بدافع وطني، لا يهمها الفقر ولا الجوع، ولا ارتفاع الجدران الأسمنتية، ولا يهمها المرض، ولا سنوات عمرها المديد، فما دامت قادرة على احتضان البويضة فلتفعل، ولو أدى ذلك بحياتها، فلسفة جهادية من نوع آخر لا يفهمها هؤلاء، أو يتعمدون عدم الالتفات إليها.

وأخيرا أتساءل عن رد هذا الكونجرس الذي يفتقد الكثير من الحكمة وبعد النظر، والذي يفترض أنه يمثل صوت الشعب الأمريكي أمام الإدارة الأمريكية، تجاه مظاهرة أمريكية مناهضة لإسرائيل في ذكرى مرور 40 عاما على حرب 1967م، واحتلال القدس، المظاهرة التي حدد لها هذا يوم الأحد الموافق العاشر من يونيو الحالي.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط