اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/219.htm?print_it=1

صراع من أجل البقاء

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
انعقد في القدس المحتلة الأيام الماضية مؤتمر يهودي أطلق عليه (مركز تخطيط سياسات الشعب اليهودي) ومن هذه التسمية نفهم أن المنظمين والمشاركين فيه رسموا أنفسهم كأوصياء على يهود العالم، هذا الاستنتاج يظهر للمتابع من خلال النظر في بعض أسماء المشاركين، فقد حضر وشارك فيه شخصيات سياسية وفكرية يهودية لها تاريخها في الكيان الصهيوني، فكان منهم رئيس الوزراء إيهود أولمرت، ووزير الدفاع إيهود باراك، ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني، وبنيامين نتنياهو، ورئيس حكومة الاحتلال الصهيوني شمعون بيرس، كما شارك دنيس روس مبعوث السلام الأمريكي الأسبق، وعاموس يادلين رئيس (أمان) ورؤساء المنظمات اليهودية (إيباك)، ورابطة مناهضة التشهير والإساءة، وعدد من رجال الإعمال اليهود، وقد وصل عدد المشاركين إلى 120 مشاركاً.

أما خلاصة ما انتهوا إليه فقد انصب في المقام الأول على ما ستؤول إليه أحوال يهود العالم والكيان الصهيوني في حال تآكل مكانة الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى، والتداعيات التي يمكن أن تنتج من خلال الجدل الدائر حول دورها في العالم سواء خارج أمريكا وحتى داخلها، والتحذير من تحول التورط الأمريكي في العراق إلى أزمة نفسية وطنية تذكرهم بتورطهم في فيتنام، وبالتالي أوصى المشاركون ببذل جهود مضاعفة لمنع أمريكا من هجر الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه طالبوا بتوثيق العلاقة والتعاون بين إسرائيل- المحتلة- ودول عظمى كالصين والهند، مشيرين في ذلك إلى صعود قوتهما وإلى احتياجهما المتزايد لمصادر الطاقة التي من شأنها دفعهما لانتهاج سياسة مؤيدة للعرب.

يلاحظ على المشاركين اليهود بطبيعة الحال، حتى حاملي الجنسية الأمريكية، أنهم حددوا أهدافهم وأولوياتهم فجعلوها منصبة في خدمة الكيان الصهيوني ومصلحته، فهم لا يهمهم مطلقاً أن يجير التاريخ نجاح الاحتلال الأمريكي في العراق، بقدر ما يهمهم عدم خروجه من أرض الرافدين. المشاركون في هذا المؤتمر الصهيوني لم يتوقفوا للنظر في كيفية معالجة الفشل الأمريكي في العراق، ولا إلى الحلول المقترحة لتصحيح الوضع المتردي الذي آل إليه جيش الاحتلال هناك، ولا إلى توقف المعضلة المتحققة من تزايد عدد القتلى من الجنود الأمريكيين، لقد أكد هؤلاء أن خروج أمريكا من العراق يعني تهديدا للعالم الغربي بشكل عام، وللكيان الصهيوني بشكل خاص، وهم في هذا لم يكلفوا أنفسهم النظر في عظم الخسارة الأمريكية المترتبة على سياستها في الشرق الأوسط وفي العراق، خسارة لم تتوقف عند مصداقيتها التي اهتزت، ولا عند أموال دافعي الضرائب، بل عند الجنود الأمريكيين الذين وجدوا أنفسهم حاملي أكفانهم بأيديهم.

هؤلاء الصهاينة يتطلعون لسلام يقدم لهم على طبق من ذهب، سلام لا يدفعون له ثمنا، كما أن المشاركين عندما حذروا من توثيق العلاقات بين الدول العربية وبقوة عظمى كالصين والهند، طالبوا بالعمل على زيادة تعاون يهود العالم والكيان الصهيوني معهما، والهدف دون ريب قطع الطريق بين العرب وبين تلك الدول العظمى.

كما اهتم المجتمعون بإلقاء الضوء حول الانخفاض المتزايد في مواليد اليهود على المستوى العالمي وبخطورة ذلك على التواجد اليهودي العالمي وعلى بقاء الكيان الصهيوني، مؤكدين أن انخفاض معدلات الخصوبة يترتب عليه انخفاض العدد والنفوذ، كما ناقشوا تزايد عدد مواليد الفلسطينيين داخل إسرائيل بدرجة تصل إلى ضعف زيادة مواليد اليهود، وأن عدد اليهود في أوروبا انخفض منذ مطلع السبعينات من القرن الماضي بعشرة أضعاف، وأن الجاليات اليهودية في أمريكا تعتبر مثالا واضحاً لانخفاض مواليد اليهود، ثم تساءل المشاركون عن وجود تخطيط لمستقبل الشعب اليهودي قابل للتنفيذ..

هذا المؤتمر في صراعه من أجل البقاء اعتبر حليفه الأول الولايات المتحدة الأمريكية أداة لتحقيق بقاء إسرائيل، وفي الوقت نفسه أشار إلى ضرورة البحث عن حلفاء جدد في حالة تقلص نفوذ أمريكا كقوة عظمى، ولم يظهر أي امتنان تجاه دولة جعلت نفسها خادمة لتطلعاتهم الخاصة!! هذا المؤتمر يستحق من الساسة في الحكومة الأمريكية النظر فيه ودراسته وتحديد الأولويات التي تصب في مصلحة الشعب الأمريكي، فمن المؤسف أن العالم يرى أن الشعب الأمريكي أصبح رهينة بيد الصهاينة لدرجة أن هذا المؤتمر حذر من تعاظم الهجمات على الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية وعلى شرعية إسرائيل في الوجود كدولة يهودية!!
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط