صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







طفل الكيبوتس... ‍ظالم أم مظلوم...‍؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لو حدث وخالفت أم أضناها شوقها لابنها، قوانين تلك المستوطنات، فتجرأت وسرقت لحظة حنان مع وليدها، ضمته إلى صدرها، أو حتى قبلته قبلة خاطفة، فستبادر المربية المتكفلة بالإشراف على تربية أطفال المستوطنة، من منطلق واجبها الوظيفي، وعلى الفور بنزعه من صدرها، وبشده من يده التي جاهدت للإمساك بأمه

مزارع للبقر، للطيور، للأسماك، وحتى مزارع اللؤلؤ الصناعي، أوضاع كهذه رافقت الإنسان وفكره التجاري... وقلما نجد من يحارب أو يعارض وجودها... لكن المزارع التي سأحدثكم عنها اليوم من نوع آخر، لا اعتقد بوجود مبرر معقول من الناحية الإنسانية على الأقل للقبول بها.
مؤسسة (الكيبوتس) اللبنة الأولى للكيان الصهيوني، مؤسسة تحرم الابن من عطف أمه وأبيه، لا أدري كيف جاز لهم ذلك، ولا أدري كيف صاغوا قوانينهم تلك، وكيف طبقوها، وكيف تعايشوا معها، فالطفل في حالاته الطبيعية، يبقى دوماً بحاجة لعطف أم لا تعرف مشاعرها الزيف، وأب يحمي طفله بالسليقة، ولأسرة حركتها دماؤها باتجاه ابنها..

ولكن للكيان الصهيوني المحتل رأي آخر... فولاء شبيبة صهيون لا بد أن يكون للدولة الغاصبة دون غيرها، لا لأب... لا لأم... الهدف هو تنشئة رجال ونساء ينفذون العدوان دون سؤال، وفي سبيل سعيهم لهذا الهدف أنشأوا مستوطنات (الكيبوتس) المزرعة الجماعية، حيث ألزموا رجالا ونساءً بالعمل لساعات طويلة.... وضعوا قوانين جائرة، ما زالت إلى اليوم تجد من يوليها الاهتمام والتأييد في المجتمع الصهيوني، قوانين تستدعي التدخل السريع للجان حقوق الإنسان، التي تتشدق ليل نهار بحمايتها للإنسانية،فالمزارع البشرية في الكيبوتس، تحرم بناء العلاقات الوجدانية بين أفراد الأسرة الواحدة... لدرجة ستصيبكم بالعجب، ففي داخل نطاقها لا ينام الأبناء مع أبنائهم وأمهاتهم، بل ينامون بشكل جماعي مع أطفال المستوطنة، لقد حرموا على الأم إدخال وليدها لفراشه، من ضمه، من وضع يدها على رأسه، من مسح دموعه... كما حرموا على الأب محادثة ابنه وسماع شكواه، وحتى الهدايا منعت من إرسالها له...!
ولو حدث وخالفت أم أضناها شوقها لابنها، قوانين تلك المستوطنات، فتجرأت وسرقت لحظة حنان مع وليدها، ضمته إلى صدرها، أو حتى قبلته قبلة خاطفة، فستبادر المربية المتكفلة بالإشراف على تربية أطفال المستوطنة، من منطلق واجبها الوظيفي، وعلى الفور بنزعه من صدرها، وبشده من يده التي جاهدت للإمساك بأمه، غير آبهة ببكائهما، ولا برجاء أمه وتوسلاتها بتركه ولو للحظة بين أحضانها... أما الأم فستجد في صباح اليوم التالي على باب غرفتها لوحة كتب عليها: (ليس من أجل حنانك أقيمت المستوطنات، إن كان عندك قلب فاخلعيه وأعطيه للكلاب، فكلنا أمهات ولكن المستوطنة أم الجميع)...! أما لو كررت فعلتها، فالطرد النهائي من المستوطنة مصيرها، ولتجد نفسها دون أبناء... ودون زوج... ودون مأوى...!.
أما المربية المأجورة التي تقوم مقام الشرطي داخل الكيبوتس، والتي عهد إليها الإشراف على أطفال المستوطنات، فتعمد إدارة المستوطنات على تغييرها كل سنة أو سنتين، أما السبب في قصر هذه المدة نسبيا مع متطلبات واجبها كمربية لأطفال هم في حكم الأيتام، فيرجع في المقام الأول لخوف القائمين على تلك المستوطنات من تنامي روح امتنان الأطفال المستوطنات تجاهها أمثالها...!.
ولأن طفل الكيبوتس لا يكاد يعرف والديه فلا يسمح له بزيارتهما إلا ساعة من نهار أو أقل، زيارة جافة خالية من أي حنان، لذا لم يكن مستغرباً أن تشعر السيدة في الكيبوتس أن ابنها غريب عنها! ولم يكن مستغربا حديث سيدة يهودية التي عاشت وعملت وأنجبت أبناءها الثلاثة داخل إحدى تلك المستوطنات عن مشاعرها تجاه أولادها... حديث يؤكد أن ظلم هذا الكيان الصهيوني تعدى الشعب الفلسطيني والعالم، ليصل إلى أبناء جلدته... فقد جاء في حديثها (إنها لا تعرف إن كان من تظن أنهم أطفالها... هم حقيقة كذلك - ثم وصفت شعورهم نحوها- بلا شيء)...

ونتيجة هذه السياسة التربوية الجافة، الغريبة حتى عن عالم الحيوان، ولا أرذل فقد خرج من تلك المستوطنات رجال ونساء هم للجريمة أقرب، الإدمان على الخمور وتعاطي المخدرات في تزايد مستمر، وإليكم ما نشرته صحيفة (يديعوت أحرنوت) في (2 يناير 2000م) إذ جاء فيها: (أعلنت هيئة مكافحة المخدرات، أن تعاطي المخدرات في مزارع الكيبوتس قد تضاعف خلال خمس سنوات ممن تراوحت أعمارهم 18-30 سنة، وكان البحث قد أجري على 22 كيبوتساً)، وهو الإدمان الذي أكدته في العام نفسه صحيفة (معاريف) فقد ذكرت في (5 يونيو 2000م) إلى تزايد عدد طلاب المدارس الإسرائيليين المدمنين على الخمور والمخدرات...!.
ولا يقف الأمر على ذلك فالجريمة بشتى أنواعها بدت من مهن هؤلاء، جرائم يخدش الحياء ذكرها، أو التطرق ولو بالتلميح إليها، ويكفي أن أشير إلى أن شرطة الكيان الصهيوني في إحدى السنوات فتحت (11) ألف سجل اتهام ضد الأحداث و50% منهم أحيلوا للمحاكم، وكيف لا يكون هذا حال من تربى ونشأ على تلك الصورة...

وأخيرا لن نندهش في كون معظم النخبة السياسية الحاكمة... والثقافية للكيان الصهيوني هي نتاج الكيبوتس... ولكننا بالتأكيد لا نعلم إن كان طفل الكيبوتس ظالما أم مظلوما... ‍‍
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط