صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







اتفاقية ( سيداو ) والإنسان ذلك المجهول.

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
سأتحدث معكم اليوم كامرأة، أجد أن اتفاقية (سيداو - اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) قضية شائكة تحتاج للدراسة ومن ثم توعية المجتمع بموقف الإسلام من معطياتها وملابساتها، نظام الحياة الذي نستند إليه في تحديد سياستنا واقتصادنا ونظامنا الاجتماعي... وغني عن البيان أن الوطن في توقيعه لأي اتفاقية دولية يحرص أشد الحرص على بيان موقفه الديني الرافض لأي معارضة تأتي ضمن بنود أي اتفاقية مع تعاليم الإسلام، وبالتالي كان تحفظنا واضحا بيّناً على أي بند في اتفاقية (سيداو) يخالف في معطياته الشريعة الإسلامية.
أما أهمية الحديث عن (سيداو - اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة) فتنبع من جهل العامة فضلا على بعض الخاصة بها وبقراراتها وأهدافها، مع أن قضية كهذه أكبر من أن تطرح في مقال واحد، ومع أن ضخامة القضية دفعتني للتريث ولفترة طويلة، اعتمادا على ترصد الكثير من الأكاديميين والباحثين لها أمثال الدكتورة نورة السعد والدكتورة نورة العدوان وهما من الباحثات المتخصصات في هذا المجال، إضافة إلى تكفل الدكتور فؤاد بن عبد الكريم العبد الكريم، بإجراء دراسات قيمة في شأن هذه الاتفاقية وأمثالها من الاتفاقيات الدولية التي جعلت العنصر النسائي مجالها الأول.
والملاحظ على هذه الاتفاقيات الدولية في أغلبها عمدت إلى تفسير قضايا المرأة من منظور واضعيها والمغيبة أسماؤهم في الأصل، فنحن لا نعلم إلى اليوم أسماء مقنني بنود اتفاقية ( سيداو) ولا نعلم جذورهم أو انتماءهم، أما بنود اتفاقية (سيداو) فأستطيع أن أقول إن العناوين الرئيسية لهذه الاتفاقية قد تكون جاذبة جدا للبعض، فعلى سبيل المثال نجدها تدعو للرعاية الصحية والنفسية ولدعم كل الجهود ضد انتشار الظلم ضده المرأة إلا أن اتفاقية ( سيداو ) ترى أن ظلم المرأة كامن في غالبيته ضمن التشريعات المعتمدة في المجتمعات الإنسانية، بغض النظر عن مصدرها وأسسها وبالتالي فهي تطالب بتغيير هذه التشريعات دون النظر إلى موقف الشعوب من توجهها هذا، وهنا يقع مكمن الخطر.
على أية حال، هذه العناوين قد تكون جاذبة للبعض الذي يقف عند حرفية صياغتها، إلا أن الواجب يحتم توضيح أن تفسيراتها تحمل الكثير من الغبن للنساء وللمجتمعات عموما، فهي تطالب بفرض قوانين وتشريعات مناقضة لمفاهيم وإيمان الأمم كل منها على حدة، كما لا تأخذ بعين الاعتبار كون أصل هذه التشريعات دينية أم وضعية، أو كونها حازت على رضا المؤمنين بها. إن أمثال هذه التفسيرات تسعى إلى هدم كل التشريعات التي تناقض تطلعاتها وترفض معطياتها.
ونحن كمسلمين قد نجد بعض التوافق معها في شأن حرصها على تقديم الرعاية للمرأة، إلا أن الإسلام يخالفها في حدود وكيفية هذه الرعاية، فهو يدعو إلى إحاطة المرأة والأسرة والمجتمع عموما بالرعاية، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد في بعض ما تصنفه (سيداو) من رعاية، يصنفه الإسلام ظلما للمرأة وللمجتمع عموما.
ولتوضيح هذا التوجه يمكن أن نقول إن (سيداو) ترفض الاعتراف بوجود اختلاف حتمي بين عنصري المجتمع، وأعني الاختلاف بين الرجل والمرأة، اختلاف نعترف به كمسلمين ونعتبره اختلاف تكامل لا اختلاف تعارض، اختلافا جاذبا لا منفرا، اختلافا يحتم تحديد الوظائف والواجبات الاجتماعية المناسبة لكل من الذكر والأنثى، أما هذه الاتفاقية فترفض القول بمثل هذا الاختلاف وتعتبره من باب التمييز ضد المرأة، بل تطالب الحكومات بفرض العقوبات على المطالبين بتثبيته والعمل بمقتضاه، ومن ناحية أخرى نجد أن هذه الاتفاقية تحارب أنظمة الدول التي تعتمد قوانين ترفض قتل الأجنة ( الإجهاض ) وتعدها قوانين جائرة يتوجب القضاء عليها، أما الأسرة فهي لا تراها الحصن الأمثل لأمن الأفراد والمجتمع، بل قيد يحجر على المرأة التحرك بحرية. هذه الاتفاقية ترى أن اعتراف الدول بالزواج المثلي- الشذوذ المقنن - يعد اعترافا منها بالحريات الشخصية، وهو ما ينطبق على الاعتراف بالعلاقات القائمة خارج أطر الزواج الشرعي، كما تطالب هذه الاتفاقية بعدم اعتماد الوكيل الشرعي في إتمام عقد الزواج، وبرفض قوامة الرجل على المرأة، ومعظم القائلين بـ(سيداو) يطالبون النساء بمحاربة الرجال عموما سواء كانوا آباء أو أقارب أو أزواجا أو رجال دولة...إلخ !!
وبدلا من أن تطالب هذه الاتفاقية الرجال والنساء كلا منهما باحترام الآخر، وتقدير جهود كل منهما ودوره الطبيعي في المجتمعات الإنسانية، نجدها تطالب بما يشبه إشعال حرب تشريعية، حرب تسعى لفرض وصول المرأة إلى كل المناصب العامة على اختلافها ولو بالقوة، وسواء كانت مؤهلة لهذه المناصب أو غير مؤهلة، وسواء وجد من الرجال من هم أصلح لها بحكم التكوين، أو بحكم تفوقه من حيث الخبرة والمؤهلات!!
وهناك من يؤكد أن رسالة هذه الاتفاقية تنحصر في أن المرأة مرّ عليها عبر العصور الماضية الكثير من الظلم، وآن الأوان أن تنتقم من الرجل سواء كان أباها أو أخاها أو زوجها أو ابنها، آن الأوان أن تمكن من الوصول إلى مناصب عليا ولو كانت هذه المناصب ذات طبيعة لا تتناسب وطبيعتها الأنثوية، وهذه الاتفاقية في سبيل تحقيقها لذلك لا تمانع أن تتخلى المرأة عن مملكتها الخاصة، عن أسرتها وأمومتها وزوجها، فتحقيق ذاتها أمام خصمها الرجل هو الهدف الأسمى الذي لا يمكن أن يكون قبله ولا بعده هدف !!
فهل سنجد بيننا من يناهض، دفاعا عن هذا الدين، ويبين سموه وعظمته سواء لأهله الذين بُعد بعضهم عن تعاليمه فأضروا أنفسهم ومجتمعاتهم، ووصموا دينهم بفعلهم القاصر بما ليس فيه من الظلم؟ وهل سنجد من يتكفل ببيان مزايا دين فاق كل الأيديولوجيات الدينية والإنسانية في تكريمه للإنسان عموما، دين قسم الواجبات والحقوق بين الرجل والمرأة، وصان المجتمع من كل خلل. فالمؤسف أن المنظمين والمدافعين عن هذه الاتفاقية لم يقفوا على سمو الحلول الإسلامية التي نظمت العلاقة بين الرجل والمرأة، وفرضت حماية المظلوم أيا كان جنسه، تشريع يحمي الأسر والمجتمع من اجتهادات بشرية تختلف بين ليلة وضحاها، تشريعات ينظمها واضعوها بحسب أهوائهم وانتمائهم، وبحسب علمهم القاصر بطبيعة الإنسان ذلك المجهول، هؤلاء المقننون على فرض حسن نوايا بعضهم جهلة بالتشريعات الإسلامية التي قررت حقوقا وواجبات للإنسان عموما، رجلا كان أو امرأة زوجا أو زوجة، أبناء أو آباء وأمهات، حاكما أو محكوما، بل أعلنت حقوقا للمخالفين في الملة من ذميين مواطنين أو مستأمنين، بل أوجبت حقوقا للنبات والحيوان، التشريعات الإلهية وجدت لإصلاح ما أفسده الإنسان بغروره وصفاقته

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط