اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/247.htm?print_it=1

كامرأة سعودية أقول..

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
أشكر هيئة الخبراء التابعة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لمحاولتهم الجادة تقيم الوضع الاجتماعي بشكل عام ووضع المرأة في المملكة العربية السعودية بشكل خاص، وتسجيلهم إثر ذلك تقدير "عال" لشروع المملكة في صياغة تشريعات تضمن حقوق المرأة، فإحقاقا للحق لا بد من شكرهم على رؤيتهم لبعض الجوانب المضيئة في بلادي، إلا أن ذلك لا يعني مطلقا الصمت على ما حمله تقريرهم من إجحاف وتجن واضحين لبلد أعطيت فيه المرأة حقاً مضاعفاً لم تنله المرأة في معظم بلاد العالم بما فيها العالم الغربي، مع ما بذلته من جهد عظيم طيلة عقود.
وجدير بالإشارة هنا أني كثيرا ما أرى علامات الغيرة تظهر على محيا نساء فاعلات وبرلمانيات من الغرب والشرق معا، عندما أبادرهن بالقول إن زملائي الرجال المتكفلين بطبيعة الحال برعاية أسرهم من النواحي المادية ينالون في السعودية من الأجر مقابل أعمالهم ما أناله وزميلاتي مقابل عملنا، ودون زيادة ولا نقصان، فالمساواة في أجور الذكور والنساء متحققة بشكل يدعو للإعجاب في المملكة العربية السعودية ولله الحمد، وكثيرا ما أرى أيضا علامات الامتعاض تظهر بوضوح على بعضهن عندما أوجه لهن استفسارا ما زلت إلى اليوم أجده محيراً، وهو عن الأسباب الكامنة وراء عدم استطاعتهن وهن من النساء الفاعلات في أوطانهن إقناع المشرعين في بلادهن باستحقاقهن كنساء الأجر نفسه الذي يناله الرجل، خاصة إنهن يؤدين الأعمال نفسها ويحملن المؤهلات نفسها، وكيف استطعن أن يقمن بأعمال تماثل أعمال الذكور من حيث الجهد وساعات العمل، ثم يقبلن بأجر هو أقل بكثير مما يناله زميلهن الرجل، فالسبب كما افهم وكما تفسره قوانينهم أنهن يستحققن أجرا أقل لكونهن نساء.
نعم أنا كامرأة سعودية مدللة، ودلالي واضح بالنسبة لي، فما أناله في بلادي من دلال لا أناله بسبب كوني إنسانا بل لأني امرأة، هذا حالي على الصعيد الرسمي، أما على الصعيد الاجتماعي فهناك بعض الخروقات الاجتماعية قد تصل لبعض النسوة ولكن الجدير بالملاحظة هنا أنها قد تصل أيضا لبعض الرجال، وهي في مجملها عادات اجتماعية تتناقض والوجهة العامة للبلاد، ولا يمكن لأحد تعميمها على مجتمعنا، والسبب في وجودها هو جهل البعض بسمو دستور المملكة القائم في أساسه على الدين الإسلامي الذي رفع من قيمة الإنسان وراعى الفروقات الطبيعية بين النساء والرجال، فالاختلاف بينهما كما نراه ونفهم متحقق، وهو اختلاف تكامل لا اختلاف تعارض، فكل من الذكر والأنثى يكمل الآخر ويحتاج له.
أما عن استقلالية المرأة في اتخاذ القرارات المتعلقة بها فأقول إن القانون يحمي لها استقلاليتها في مالها وفي نفسها وحتى دراستها الجامعية لا يشترط موافقة وليها لإكمال دراستها في الجامعات السعودية، بل إن شهادتها الجامعية لا تسلم لوليها إلا بإقرار خطي معتمد منها بذلك، والمكافأة التي ينالها الطلبة ذكورا وإناثا في الجامعات الحكومية في السعودية، والتي تصل إلى ما يقارب بـ( 266) دولاراً شهريا، لا تسلم للولي بل تسلم للطالبة مباشرة، كما أن مجال تخصصها تقوم هي بتحديده ولا يشترط موافقة وليها عليه، وأما الميراث فحدث ولا حرج، المرأة مهما ملكت ليست مرغمة بسلطة القانون على التكفل بأسرتها أو حتى المساهمة في تكاليف المعيشة، وهي إن فعلت فحبا منها لا استجابة لقوة قانون ضاغطة، والميراث الإسلامي الذي يقر بحصول الرجل على ضعف نصيب المرأة يقر في الوقت نفسه وفي حالات متعددة بأن للمرأة حقا في الميراث يفوق ما يناله الرجل، كما أنه ملزم شرعا وقانونا بالتكفل بمصاريف المرأة الكاملة وبغض النظر عن كونها أغنى منه أو أفقر. والقانون في بلادي يمنع تزويج الفتاة بدون موافقتها على الارتباط، ويفسح المجال لها بالرفض أو القبول.
أما موضوع اعتراض اللجنة على إقرار وجود المحرم فقد أضحكني، فأنا كامرأة سعودية لا أغادر بلادي دون وفد رسمي يقوم برعايتي ويتحمل مشاق السفر عن كاهلي، والمحرم بحد ذاته كما أراه يماثل الوفود الرسمية التي ترافق عادة الشخصيات العامة كرؤساء الدول ومن يقوم مقامهم، ولو قبلت ملكة بريطانيا أو الرئيس الأمريكي السفر بدون وفد عالي المستوى يشمل الكوادر الأمنية والدبلوماسية والإدارية وحتى الإعلامية، قد أقبل بحرماني من المحرم، كما أن اشتراط وزارة التعليم العالي وجود المحرم في سفر الطالبة للدراسة في الخارج يكلف الدولة أموالا طائلة، فوزارة التعليم العالي تدليلا للطالبة السعودية المبتعثة إضافة إلى تكفلها بمصاريفها الأكاديمية والخاصة، تتكفل بمصاريف المحرم بالكامل من تذاكر ومعيشة، إذ تقرر له راتبا شهريا مجزيا بسبب مرافقته للمبتعثة، وعلى فرض أن من رافقها كان زوجها فالوزارة تتكفل بمصاريف الزوج والأولاد أيضا، بالله عليكم هل هناك أعظم شأنا من هذا الدلال، وأزيدكم من الشعر بيتا، "المحرم" له الحق في إكمال دراسته والالتحاق بالبعثة لو أراد، وتتكفل الوزارة بمصاريف إكمال دراسته بالكامل.
وكل ما أسعى إليه من خلال هذه السطور هو توضيح رؤية سعودية خاصة بمواطنة سعودية تأمل أن تحظى بالتقدير اللائق من هذه اللجنة ومن أمثالها، كما تأمل أن تحظى باهتمام " ياكين أرتورك " المقررة الخاصة لدى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والتي وصلتها دعوة لزيارة المملكة الشهر الحالي، ومن جانب آخر آمل أن تجد نساء العالم ولو جزءا من الدلال الذي أحظى به كامرأة سعودية.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط