اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/249.htm?print_it=1

من مذكرات طالبة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
قلت لأسرتي التي اجتمعت اليوم لمقاضاتي، وبعد أن حوصرت من كل صوب (يصعب علي تحديد الخطوط العريضة لمستقبلي، أنا اليوم هنا وغدا علمه عند الله، لا تسألوني ما هي خططي فليس لدي أدنى فكرة، وبالتالي فمن المحال أن أطالب بتحديد الخطوط العريضة لغد،ما أتعهد به أمام الله ثم نفسي وأمامكم هو أن أجدّ واجتهد، أما بعد عدة أشهر فسأقف كغيري على مرفأ ما انتظر السفينة تقبل حملي لشاطئ آخر، شاطئ لا أعرف وجهته ولا تضاريسه، نعم كنت أعلن عن أحلامي فيما مضي، وكنت أقرنها دوما بمشيية الله سبحانه، أما اليوم فما الذي أستطيع أن أقوله غير لا حول ولا قوة إلا بالله، وأين هي أحلامي لأعلنها، وهل لو وجدت ستجد لنفسها أرضا تقف عليها؟! أم ستنبذ كالممنوعات؟! إنها الأحلام التي عمدت لإخفائها حتى على نفسي، فلم أعد أسمح لها بالظهور ولو في الخفاء، فليس في اقتحامها لحياتي معنى أو دلالة، سوى الإحباط، نعم لم أعد أحلم بالإبداع، فالإبداع توارى خلف القضبان، وها أنا أواجه امتحانات لا أعرف إلى أين ستنتهي بي فمؤشرها لا ضمان له، أما جهدي فمتواصل أعرف بدايته ولكني بالتأكيد لا أعرف له نهاية!
نعم زميلتي تلك لها أحلامها وهي تحلم باستمرار، ولكني أجزم أنها تحلم بما هو ضرب من محال، هي تعتقد أن من حقها أن تحلم، وأن تعلن عن أحلامها، ولا تأبه لو جاء صدى إعلانها هذا حاملا لها الغمز واللمز، نعم هي تعلن دوماً أنها ستستمر فيما انتهجته، وفي صياغة المزيد والمزيد من الأحلام، فلأحلامها بهجة تحيط بها وبمن حولها، وهي زادها الذي تقتات عليه وبه بعد الله تعالى، أما فلانة فهي ترفض حمل الهم مبكرا، إذ لا ترى فيمن حولها ما يستحق العناء، فهي من هنا إلى هناك، مرورا بهذه الزاوية وإلى غيرها من الزوايا، تنام لتستيقظ وتستيقظ لتنام، تضحك لتبكي وتبكي لتضحك، هذه هي أحوالي وأحوال زميلاتي مع خطط نوجه يوميا لبيان حدودها وأبعادها!)
أمام هذه النماذج الإنسانية من مذكرات طالبة في الثانوية تعجز كلماتي عن الإفصاح، إذ ليس في جعبتي إجابات حاسمة لمعضلات متشابكة، فخلف كل من تلك الحالات الإنسانية وجهة نظر تستحق دراسة أسبابها ومسبباتها وعوامل ظهورها، وكيف نمت وترعرعت، وأين كنا أثناء ذلك كله، وكيف تجاهلنا مشاعر متدفقة بهذا النحو، وهل نتحمل وزر ذلك أم إننا نماثل في براءتنا براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، أم إننا نتعامل مع هذه الفئة كتعاملنا مع قطيع الغنم، عليها طاعة دون أدنى اعتراض، أم جبلنا على صم آذاننا عن أنين اعتادت آذاننا على سماعه، أنين لم يعد يحرك فينا المشاعر، أم عمدنا إلى تنظير القواعد والنظريات، هربا من الوقوف أمام الحقائق، أم تجاهلنا أننا شاركنا في تضييع الأمانة، وتثبيت القلق في نفوس جيل كامل نخشى أن يضيع في متاهات تركناها دون تمهيد، أم رفضنا النظر إلى أنفسنا أمام المرآة، زاعمين أنها ضبابية تخفي الحقيقة؟

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط