اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/250.htm?print_it=1

هو انتهاك لا تنتجه إلا الصهيونية!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
سأفتح أبوابي ونوافذ بيتي لكل محتل معتد خشية أن يقال إني إرهابية! سأهدر دمي المعصوم خشية أن يقال إني إرهابية! سأكسر قلمي خشية أن يقال إني إرهابية، سأطأطئ رأسي وأنهزم خشية أن أوصم بالإرهاب! سأسير مخلفة ورائي وطني وأرض أجدادي فأنا لست بإرهابية!
أهكذا يريدون منا ومن إخواننا في فلسطين، استسلاما تاما، ونسيان مضامين المبادرة العربية للسلام، أو سلاما يحمل تنازلا كاملا لأي حق إنساني مشروع يهدف لحماية الدين أو العرض أو النفس أو العقل أو المال؟!
يا إلهي سيكون غريبا حقاً لو نطق العالم مدافعا عن حق إخواننا الفلسطينيين في البقاء، أو عن قيمة دمائهم المسفوكة، أو حقهم في الدفاع عن وطنهم وأنفسهم وأولادهم، سيكون غريبا لو أنصفوا من عالم أعتاد أن يصاب بالصمم ما إن يصل الأمر لممارسات المحتل الصهيوني الوحشية! وسيكون أغرب لو سمعنا صوتا أمريكيا يندد بالمحتل الصهيوني، فهو إما مدافعا عنه أو مهاجما لضحيته، أو ـ ولو على أضيق الحدود ـ مظهرا لحيادية خرساء غير مبال بما حدث أو يحدث من إبادة يومية للشعب الفلسطيني.
وما دام هذا الحال هو حال العالم، عالم لا ينوي الخروج بشهادة حق تنصف الشعب الأعزل حتى من رغيف خبز، ما دام أنه قد يتردد في إمداده حتى ببقايا أعلاف الحيوانات، ما دام قد وضع أصابعه في أذانه وأطبق أجفانه وخدر أحاسيسه، فلا هو يريد أن يسمع ولا هو يريد أن يرى ولا هو بطبيعة الحال بمتكلم.
وبالتالي لم يبادرني أي شك في أنه سيهمل تصريحات "جو ستورك" القائم بإعمال المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمتعلقة بسياسة المحتل الصهيوني تجاه قطاع غزة، فقد أعلن "إن دفاع إسرائيل عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية غير القانونية لا يبرر ضرب الحصار الذي يحرم المدنيين من الطعام والوقود والعقاقير الطبية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة، إنها سياسة ترقى إلى درجة العقاب الجماعي"، مؤكدا بقوله هذا أنه لا مبرر قانونياً لما يمارسه هؤلاء في حق قطاع غزة من تجويع وترويع، وأنه ما آلت إليه الحياة اليومية المزرية لسكان القطاع هو ضرب من العقاب الجماعي المناهض للقوانين الدولية!! أما "هيومن رايتس ووتش" نفسها فقد أقرت بدورها أن هذه الممارسات الوحشية للكيان الصهيوني تعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، فقد جاء على لسانها "إن قرار إسرائيل بتقييد الوقود والكهرباء على غزة انتقاما من الهجمات الصاروخية ينتهك أحد المبادئ الأساسية بالقانون الإنساني الدولي، والذي يحظر على الحكومة التي تتمتع بالرقابة الفعلية على إقليم ما أن تهاجمه أو أن تمنعه من المقومات الأساسية لحياة السكان المدنيين، وهكذا فإسرائيل تنتهك واجبها باعتبارها قوة محتلة عليها أن تحمي صحة وسلامة السكان الخاضعين لاحتلالها".
نعم هو انتهاك من نوع خاص، لا تنتجه إلا الصهيونية، انتهاك أدمن عليه هذا الكيان وتفنن في تصديره، وجاهد لاعتماد مواصفاته عالميا.!
بالله عليكم... أليس من حقنا أن نتساءل أمام هذا الانتهاك الفاضح للقانون الإنساني الدولي، عن الأسباب الكامنة خلف سلبية مجلس الأمن الذي عجز عن صياغة قرار يدين الوحشية الصهيونية الآنية والحالية، وعن صمته الذي يشبه صمت الأموات تجاه ممارسات لا يقبل الإنسان السوي ممارستها حتى بالبهائم، وعن تغاضيه عن قول كلمة حق بشأن مليون ونصف المليون فلسطيني يمارس المحتل الصهيوني عليهم جرائم حرب يفترض أن يعاقب عليها القانون الدولي!
ولكننا في خضم هذه التساؤلات المشروعة من الواجب علينا الإقرار بأن المحتل الصهيوني يؤمن بالمثل القائل (فرق تسد)، وما نشاهده اليوم من تفريق صفوف إخوتنا في فلسطين هو من هذا الباب، علينا أن نقر بنجاح هؤلاء في تحقيق ما كنا نعتقد أنه محال، لقد تفرق الإخوة وأصبحوا كالأعداء! ولا أعلم إن كنت سأفيق قريبا لأرى أن الحاضر أصبح ماضياً انتهى، وأن الإخوة في فلسطين أدركوا مجددا أن أولوياتهم لا بد أن تنصب في مصلحة الوطن لا في نصر فريق ضد الآخر، وأن تفرقهم هو نصرة لأعدائهم..
على أية حال ذاك هو الانتهاك الذي لا تنتجه وتجاهد لاعتماد مواصفاته إلا الصهيونية.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط