صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حلاوة المولد

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
هل يدرك العالم بمن فيهم "رود بارسلي" المرشد الروحي لمرشح حزب المحافظين الأمريكي "جون ماكين" والذي طالب بتدمير الإسلام، الذي اعتبره دينا مزيفا!!، هل يدرك هو وأتباعه لم يؤمن المسلمون بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام خاتماً للأنبياء والرسل، لم أحببناه كل هذا الحب، إنه الرجل الذي قال لنا عليه الصلاة والسلام "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا:عبد الله ورسوله" إنه النبي الذي قال لأصحابه "لن تؤمنوا حتى تراحموا" قالوا: يا رسول الله، كلنا رحيم، قال "إنه ليس برحمة أحدكم صاحبه، ولكنها رحمة العامة" هذه الرحمة العامة التي عناها، تعدت البشر لتصل حتى إلى الدواب، فها هو رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام يرد على رجل قال له "إني أرحم الشاة أن أذبحها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن رحمتها رحمك الله". إنه النبي الكريم الذي وجهنا للرفق في أمورنا كلها فقال عليه الصلاة والسلام "ما دخل الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه". هذا هو رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام وهذه هي تعاليم نبي الرحمة.
لقد كان عليه الصلاة والسلام يوجه لحفظ حقوق أهل الكتاب من أهل الذمة، بقوله وفعله، فكان عليه الصلاة والسلام يتعامل مع اليهود ويبتاع منهم ويقترض منهم ويغشى مجالسهم، كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك ليعلم أمة الإسلام كيف يتعامل مع المسالمين من اليهود والنصارى، كان يفعل ذلك وهو يعلم مدى حب وإجلال كافة المسلمين له عليه الصلاة والسلام، المسلمين الذين كانوا يتلهفون عليه، ويسعون لافتدائه بأنفسهم وأولادهم وأموالهم.
لا أعرف كيف يحق لأحدهم أن يتجاوز حدود المعقول إلى غير المعقول عند حديثه عن نبي الرحمة، وكيف له أن يعجب من غضبة العالم الإسلامي لأي محاولة للإساءة إلى دعوته الإلهية أو سيرته العطرة، سيرة أثارت إعجاب المنصفين من الغرب والشرق، بل حتى غير المنصفين منهم، فها هو "جوستاف لوبون" العلامة الفرنسي المنصف، يسطر إعجابه بإنسانية الجيوش الإسلامية التي اتخذت من رسولها محمدا عليه الصلاة والسلام قدوة، ومن منهاجه طريقا ونظاما، فقد ورد في كتابه "حضارة العرب": "الحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب. إن الإسلام هو الذي أعطى المسلمين هذه الرحمة وهذا التسامح"، كما قال "لوبون" أيضا عن تسامح نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام "إن مسامحة "محمد" لليهود والنصارى كانت عظيمة للغاية، وإنه لم يقم بمثلها مؤسسو الأديان التي ظهرت قبله كاليهودية والنصرانية على وجه الخصوص.. وقد اعترف بذلك التسامح بعض علماء أوروبا المرتابين أو المؤمنين الذين أمعنوا النظر في تاريخ العرب".
أما كيف عامل رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - اليهود في غزوة خيبر، الذين نقضوا عهدهم مع المسلمين، وحرضوا المشركين من العرب على غزوهم، بل وانضموا لهم في حربهم للمسلمين، فحدث ولا حرج، لقد قابل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام غدر هؤلاء اليهود بإنسانية منقطعة النظير، إذ منع المسلمين من دخول بيت من بيوتهم إلا بإذنه، منعهم من أن يضربوا نساءهم أو أن يتعدوا على صوامعهم أو حتى ثمارهم.
إن هذا النبي الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام، بين لنا كمسلمين أن ديننا الإسلامي العظيم، حرم علينا أن نجابه اليهود والنصارى بمثل ما يوجهونه لإلهنا الواحد الأحد الصمد أو نبينا عليه الصلاة والسلام من سباب، كما حرم علينا إنكار أنبيائهم أو الإنقاص من قدرهم عليهم السلام، فإيماننا بأنبيائهم عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام جزء لا يتجزأ من إيماننا، وإنكارنا لنبوتهم ورسالتهم قبل التحريف ينقض إيماننا، إن هذا الدين منعنا كمسلمين حتى من سباب آلهة الأديان غير الكتابية، هو دين يحفظ حق الآخرين حتى المعادين له، لكننا يجب علينا إظهار حقيقة ديننا وتسخير أوقاتنا وأموالنا في سبيل ذلك سواء لأبنائنا الذين اختلط عليهم الأمر فلم يعودوا يفرقون بين الالتزام والتزمت، وبين من عمد إلى الإساءة إلى ديننا، الذي هاله أن يجده أكثر الأديان إقبالا وانتشارا.
وهنا أناشد جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة وجائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة وجائزة الملك فيصل العالمية بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي وكل مؤسسات القطاع المدني المتخصصة في مجال نصرة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بتسخير جهودهم وتوحيدها للعمل الجاد المثمر في سبيل بيان حقيقة هذا الدين العظيم، وهذا النبي الأمين، ليتهم يوجهون جل أعمالهم للترجمة وبلغات العالم الحي، فالعالم الغربي والشرقي مدمن على القراءة، والكتاب كان وما زال إلى اليوم هو مفتاح العقول والقلوب، ليتهم يعمدون إلى نشر إنتاجهم عبر الشبكة الإلكترونية، وبدون مقابل أو بمقابل رمزي.
وفي هذه الأيام بالذات يتوجب علي أن أذكر مجتمعاتنا الإسلامية بحاجتنا لتوجيه أبنائنا وبناتنا، طلابنا وطالباتنا، أمهاتنا وآبائنا، وقبل هؤلاء ليتنا نوجه أنفسنا، إلى أننا لن ننال باحتفالنا بميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام أو بشراء أو تناولنا لحلاوة المولد طاعة الله سبحانه، ولن ننال بفعلنا ذاك شفاعة نبي الرحمة محمد عليه الصلاة والسلام، فاحتفال كهذا لم يتم في عصر النبوة ولا في عهد الصحابة ولا في عهد التابعين، ويا ليتنا نعمد إلى نشر تعاليم ديننا وروحه بين أفراد مجتمعنا، الدين الذي رفض إذلال الآخر كما رفض ظلمه. ليتنا ننشر سنة نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - القولية والفعلية، ليتنا نكون دعاة لديننا العظيم بأفعالنا وأقوالنا.
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط