صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







المؤتمر الإسلامي.. يهدف للتعايش أم للذوبان؟

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
سيثبت المستقبل بحول الله وقوته أن أهل الحل والعقد من علماء الأمة الإسلامية قادرون بحول الله على حمل الأمانة وأدائها، وأن المؤتمر الإسلامي العالمي للحوار، والذي نظم تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي، لم يأت اعتباطا ولم يكن استرضاء لدعوة أتت من الغرب، فمنهج القرآن الكريم واهتمامه بمناقشة أصحاب الأديان الأخرى ولا سيما الكتابية منها، أوضح من أن يرقى إليه شك وأجلى من أن تثور حوله مناقشة، وحوار كهذا كفيل بحول الله لنتقدم خطوة في سبيل بيان عظم هذا الدين وتفوقه، حوارنا هذا يرفض الذوبان جملة وتفصيلا، ويتطلع للتعايش مع المخالف وفق منظور شرعي.
وبما أن كرامة الإنسان حفظت في ظل ديننا الإسلامي خاتم الأديان السماوية، وبشكل لا يماثله في روعته وعظمته فكر ديني أو وضعي، كان طبيعيا أن يسعى المؤتمر لبيان هذا التميز، لعالم تعامل معنا من منطلق جهله بعظم خصائصنا الدينية، التي نظمت علاقتنا بالله سبحانه كما نظمت علاقتنا بأنفسنا وبالمخالف، بل بالحيوان والنبات وبالجماد أيضا.
وحوارنا هذا ليس جديدا من نوعه، والتاريخ الإسلامي حمل لنا نماذج مشرفة لمثله، والسنة النبوية الشريفة مليئة بأمثاله، حوار كهذا حدث على أيدي الصحابة والتابعين من بعدهم رضي الله عنهم أجمعين، كما أنه يحدث حاليا هنا وهناك، وعلى أيدي علماء متمرسين، إلا أن نتائجه تكون على الأغلب غير مرضية، بسبب قلة الدعم المعنوي والمادي، ومن هنا تأتي الأهمية القصوى للإرادة السياسية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، إرادة كفيلة بحول الله وقوته بتمهيد الطريق لعلمائنا الأفاضل، وإفساح المجال لتحقيق المراد وتصحيح الأفكار النمطية السلبية العالمية عن هذا الدين الحنيف، ولا يخفى علينا ما سيناله هذا النشاط الدعوي من تغطية سعودية رسمية داعمة لتحركاته بسبب الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين، فالأبواب المغلقة عالميا في وجوه علمائنا ودعاتنا ومنذ أحداث (11سبتمبر) قد تفتح بإذن الله.
كما أن هذا المؤتمر سيعمل على تنظيم هذه التحركات التي يتسم بعضها بالعشوائية، فبعض منا يتوجه لهذا المجال وهو يجهل أبسط أبجديات الحوار، تاركا خلفه فكرا مشوها يلحق بدين الله الحنيف بصفة عامة وبالمسلمين بصفة خاصة، ونحن كمسلمين نتطلع أن ينتج عن هذا المؤتمر، النية لعقد دورات مكثفة طويلة المدى أو قصيرة، تعمد إلى تدريب علمائنا على كيفية إجراء مثل هذه الحوارات سواء مع بعضنا البعض أو مع غيرنا، دورات تحدد الأهداف والموضوعات التي يمكن طرحها للمداولة، والأساليب الواجب الالتزام بها عند محاورة المخالف، وما لا يجوز وضعه على طاولة النقاش بأي شكل من الأشكال كالمعلوم من الدين بالضرورة من أسس العقيدة الإسلامية والشريعة.
ومما لا شك فيه أن (مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز الدولي للتواصل بين الحضارات) و (جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للحوار الحضاري) اللذين أوصى المؤتمر بإنشائهما، حددا الخطوط العريضة للأسس الواجب الالتزام بها في خضم هذا التوجه الإسلامي الفاعل، فكلاهما سعى لدعم التواصل الحضاري، كما حملا ضمنا أهمية التعاون الإنساني العالمي الهادف لرعاية الأسس الإنسانية والساعية لصالح الإنسان على الصعيد الاجتماعي والأسري بل والدولي، ومقاومة أي فكر يناهض هذا التوجه الإنساني، كمقاومة الفقر، والاعتداء بشتى أشكاله المعنوية والمادية.
لا أعتقد كما لم يعتقد أحد قبلي، أننا كبشر من الممكن أن نتحد على رأي واحد، فالاختلاف سنة كونية أرادها الله سبحانه لعباده،لا مجال لنفيه، إلا أن المجال للتعايش مع بعضنا البعض بشكل إنساني، تحقق و لله الحمد، والشواهد من التاريخ الإسلامي تصدح بذلك، وهو ممكن التحقيق لو اتحدت النوايا وركزت الجهود ودعمت.
أما حوارنا مع بعضنا البعض فهو لا يقل أهمية عن محاورتنا لأهل الكتاب، فمن المعيب أن نزعم أننا نسعى لصالح الإنسانية في حين نتعامل مع بعضنا البعض بعدوانية، وقد لا نصل في ذلك لنتائج مرضية إلا أننا سنحاسب من المولى سبحانه، لو توقفنا عن المحاولة اعتمادا على فشل من سبقونا في ذلك.
وأخيرا علينا أن نتيقن أن هدف هذا المؤتمر وما سينتج عنه بحول الله ينصب على التعايش الإنساني، فلنتفق حضاريا ولنختلف ثقافيا، لنسع للتعايش لا للذوبان.

الأحد 4 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 8 يونيو 2008م
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط