اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/265.htm?print_it=1

فرق أعداءك تسد عليهم

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
استفاق المهندس (جاييم مارجاليت كالفوريسكي) الذي أمضى فترة طويلة من عمره، يعمل على انتزاع أملاك العرب في فلسطين، من خلال عضويته في الجمعية الاستعمارية اليهودية، التي تشجع إقامة المستوطنات، ليعلن عن استيائه من سياسة الكيان الصهيوني قائلاً (العرب ليسوا قطيعا من الأغنام، بل هم بشر ولهم قلوب وأرواح) كما خلص إلى نتيجة هي حتمية من وجهة نظره، فقال (إذا لم يعامل اليهود العرب بالطريقة التي لا يرغبون لأحد أن يعاملهم بها في الشتات، وبخاصة من المسيحيين، وإذ لم يبنوا بيوتهم على أنقاض الآخرين، فإن إمكانية التعايش ممكنة) كلام كهذا قيل أواخر العقد التاسع من القرن التاسع عشر، لم يؤخذ من هؤلاء - وإلى اليوم- بعين الاعتبار، فما زالت تلك المعاملة وذاك الاستهجان صنوي السياسة الصهيونية العنصرية في علاقاتها مع العرب الفلسطينيين إبادة، وهدماً، وتجويعاً، وترويعاً، وإهداراً للكرامة الإنسانية بالمطلق، وما زال هذا الكيان يهوى اللعب على الحبلين، وما زالت سياسته هي نفسها، سياسة يمكن وصفها بفرق أعداءك تسد عليهم، فلسفة لم ولن تصل بهم إلى بر الأمان الذي تتوق وتتطلع نفوسهم إليه.

وها نحن نسمع أن هناك محادثات سرية للسلام، جارية بين الكيان الصهيوني وسوريا، والتي أجزم أن مضامينها لن تخرج عما تم عرضه من قبل هذا الكيان عام 1967م، فقد تبنت آنذاك حكومة الوحدة الوطنية للكيان الصهيوني بزعامة (إشكول)، والتي كانت تضم (مناحيم بيجن) قراراً يقضي بقبول السلام، وأرسلت نسخة منه إلى واشنطن، وفي هذا القرار وافق الكيان الصهيوني (على الانسحاب إلى الحدود الدولية،بشرط موافقة مصر على نزع السلاح من سيناء، وضمان حرية المرور في مضايق تيران، والأمر نفسه ينسحب على سوريا، فإذا أرادت سوريا السلام فيجب عليها أن تجعل من مرتفعات الجولان منطقة منزوعة السلاح، ولكن هذا القرار لم يتطرق لوضع الضفة الغربية وغزة وقضية اللاجئين، واكتفى بالإشارة إلى أنها قضايا ستناقش كل على حدة فيما بعد.) وهذا القرار أعقب بطبيعة الحال إعلانها أنها لن تنسحب من القدس!!.

وبعد ما يزيد على أربعة عقود على هذا القرار، نجد أنفسنا نتساءل: ما الذي تغير في عرضها ومحادثاتها الحالية للسلام ؟! فمحادثاتها هي دوما هادفة لتحقيق سلامها وأمنها ورخائها دون غيرها، فنحن لم ولن نجد سوى المطالبة بالمزيد من التنازلات، التي على العرب تقديمها بسخاء منقطع النظير.
القرار عام 1967م، نص على ما أراده ويريده الصهاينة من عملية السلام،فسيناء لا بد أن تكون منزوعة السلاح، وتحرك السفن الصهيونية مكفول عبر مضايق تيران وهو ما حصل فعلا!! أما مرتفعات الجولان فيجب أن تكون منزوعة السلاح وهو ما تتوجه - دون شك - للمطالبة به وفود السلام المكوكية اليوم!! أما الفلسطينيون وسكان الملاجئ المشردون، أصحاب القضية الأصلية فتأجيل قضيتهم كان وما زال العرض المطروح في كل اجتماع يضم الكيان الصهيوني مع الفرقاء، هذا السيناريو كغيره مما أتى بعده حمل لنا ما نتعايش معه كعرب منذ سنوات، فلم يحدث تغيير يذكر في أي محادثات للسلام خطط لها هذا الكيان.

لا شك أن القارئ سيلاحظ أن عملية سلام كاملة تجمع كلمة العرب قضية مرفوضة تماماً من قبل الصهيونية، فعملية كهذه تعني اجتماع الكلمة، وتوحيد صفوف العرب، جيرانها الأعداء، وهذا ما تحارب لعدم تحقيقه، وبالتالي ما زالت تسعى جاهدة لعقد اتفاقيات متفرقة للسلام، تخرج منها كالرابح الأكبر، وفي الوقت نفسه تضرب عصفورين بحجر، فمن ناحية تظهر للعالم أنها العنصر المتحضر في هذه المحادثات، فهي التي تدفع الكثير ثمنا لتحقيق السلام، وفي الوقت نفسه تضيق من خلال عقد اتفاقيات متفرقة على من بقي خارج اللعبة، والتي تخطط دون شك للانقضاض عليه في آخر المطاف. ولن يكون إلا ذاك الإنسان الفلسطيني الذي سلبت أرضه وحياته وكرامته.
وهكذا نفهم رفض الكيان الصهيوني لمبادرة السلام العربية، نفهم رفضه لقيام الدولة الفلسطينية بحدود (67م)، نفهم رفضه التسليم بالقدس عاصمة لهذه الدولة، ورفضه الإقرار بحق عودة اللاجئين.. وأخيرا سعيه لعقد اتفاقيات ثنائية متفرقة مع كافة الأطراف المتنازعة.

* أكاديمية سعودية في جامعة الملك فيصل

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط