صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







عقول ملوثة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
جاءتني رسالة من أخت غالية تخبرني بضرورة متابعة نشرة أخبار المساء فهناك ما يستدعي اهتمامنا جميعا، والواقع أني لم أتمكن من الانتظار وقت النشرة، فقد أخذ مني الفضول كل مأخذ، وهكذا اتصلت بها: (السلام عليكم.) (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، كيف حالك؟) (بخير) ثم بادرتها بقولي( خير إن شاء الله، ما الخبر الذي أخبرتني عنه؟ لقد بدا لي هاما للغاية ؟) (نعم..إنه كذلك، لقد قبضت وزارة الداخلية على خلية إرهابية يصل عدد أفرادها إلى ما فوق الخمسمئة.) (ماذا.. فوق الخمسمئة يا إلهي !!).
الحقيقة ما إن سمعت العدد حتى انتابني الوجوم، فأنا لم أستوعب الضلال الذي يحاول هؤلاء تجميله، ولا كيف يحلو لهم قتل الأبرياء واستباحة الدماء والأموال، فخطط هؤلاء تؤكد أن أصحابها لا يملكون عقول الضالة، فعقولهم ملوثة ومضلة بامتياز!! فلا أرضية دينية تنظم تحركاتهم، فمن العلوم أنه ليس لديهم مراجع فقهية مؤهلة للإفتاء الشرعي،، فرموزهم الفكرية نابعة من خلفية تعليمية بعيدة عن العلم الشرعي، فقد نجد بينهم المهندس والطبيب إلى غير ذلك من المهن التي كان يفترض أن يكون أصحابها شرفاء، لا مجرمين متمرسين والعياذ بالله، لكننا بالتأكيد لن نجد من هذه الرموز المضللة فقيها إسلاميا، بل حتى الشيخ عزام رحمه الله،الذي كان يوما في صفهم، تركهم قبل موته، ما إن أدرك أنهم استهووا الحروب، وأعلنوا تكفير المسلمين، لدرجة أنه يهيأ لمتابع تحركاتهم أنهم امتهنوا ترويع الناس وسفك الدماء.
ولكن علينا أن نعترف، فنحن كمجتمع نتحمل جزءا مما مكنوا منه، فحماسنا الديني استثمرناه في غير محله، أليست صلاتنا منظمة وصيامنا منظما وقيامنا منظما، وحتى تناولنا للطعام منظما، وحياتنا كلها يفترض أن تكون منظمة، فلما لا تكون مساهماتنا الخيرية منظمة أيضا؟ لِمَ يحلو لكل منا المبادرة في تقديم الدعم ولو لجهات مجهولة تماما،فإذا جاء أحدهم وقال لنا، هناك قرية في أفريقيا أو آسيا تفتقد لمسجد، أو لمدرسة، أو لمستوصف، لبادرنا بتقديم المساعدة ما كثر منها وما قل، ولتملكنا الشعور بالرضا، فقد ظننا أننا أرضينا المولى سبحانه وتعالى وساهمنا في تدعيم حياة مسلمين ضعفاء، ثم نحن نعتقد أن الأفضل إبقاء أعمالنا الخيرية طي الكتمان، عندها قد ننال الأجر مضاعفا، ولكننا لا نشك مطلقا أننا بهذا الدعم قد نكون ساهمنا في تثبيت أنياب هؤلاء في أجساد أطفالنا - حماهم الله -. نعم بهذا الدعم قدمنا لهم المال الذي به يجدون من يبيعهم السلاح، ويمكنهم من تأجير أو امتلاك الأماكن التي يتوارون فيها كالفئران، ومن تجنيد مرتزقة،لا يحركهم بكاء الأطفال ولا عويل النساء، نعم هم لم يتورعوا عن قتلنا، فنحن بالنسبة لهم وسيلة لغاية اعتقدوا أنها أسمى!! غاية شيطانية تبيح الدماء والأموال وتروع الآمنين، غاية أحلت لهم تكفيرنا حكومة وشعبا.
وكشعب علينا أن نجرم كل من يقدم لهؤلاء ولو كوب ماء، فهؤلاء لم يريدوا لنا إلا الموت وخراب الديار وضياع المقدرات، هؤلاء لم يراعوا حرمة مكة المكرمة ولا المدينة المنورة، هؤلاء سرقوا أموال الحجاج والمعتمرين ليشتروا بها رصاصا ليفجروه في وجهوهم، ويقطعوا به أجسادهم، وبالتالي فلتكن مساهماتنا الخيرية منظمة وغير محفوفة بالمخاطر، ولتكن موجهة للمنافذ الخيرية الرسمية، لا لشخصيات مجهولة، قد يكون بعضها طيب السريرة، محبا للخير، ساعيا له، باذلا في سبيله الغالي والنفيس، إلا أن هؤلاء المجرمين أخذوا الطيبين بجريرتهم، فليعذرني الطيبون فيما قلت، فالحذر واجب، والتريث فطنة، وهؤلاء المضللون قد يكونون بيننا وقريبين منا.. فلنقفل الأبواب في وجوههم، ولنمنعهم من الاقتراب من أسوارنا.. ولنصم آذاننا عن سماع صراخهم، ففي ذلك السلامة لنا ولأسرنا ولأوطاننا ولمقدراتنا، وللمستأمنين بيننا.
وقبل الختام يتوجب علي اليوم وكل يوم، أن أوجه عظيم الشكر والتقدير لأبنائنا رجال الأمن حفظهم الله وحفهم برعايته وتوفيقه، على ما بذلوه ويبذلونه على مدار الساعة، في سبيل أمننا وراحة بالنا، وإن كنت أعلم أن عملهم هذا لا يقدر بالكلمات ولو سطر فيه الآلاف والآلاف منها. فجزاهم الله عنا خير الجزاء، وبارك بهم وبجهودهم.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط