اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/314.htm?print_it=1

حوار على نار هادئة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


غني عن البيان أن الإعلام وبشكله العام لم يعد ترفا بل أصبح ضرورة ملحة لا يمكن للمجتمعات الاستغناء عنه، أما الإعلام الوطني فله شأن آخر،إذ إن دوره في بناء وحماية الإنسان وتثقيفه وتوعيته لا يخفى على أحد، وبالتالي وجب على هذا الإعلام بالذات الجمع بين الأصالة والمعاصرة، ووجب عليه أيضا خدمة خصائص المجتمع الدينية والوطنية، والعمل الجاد على إعلاء الوطن والمواطن، ودون تحيز إلا لخدمة خصائصنا الدينية والوطنية، فالإعلام النزيه لا يتحيز للدفاع أو الترويج لفكر دون آخر.
ولأننا لن نجد في أيامنا هذه ما هو أقوى سطوة من الكلمة سواء خدمت الفكر أو الثقافة أو الإعلام، فهي تؤثر بشكل أو بآخر على المجتمع وعلى حياة الأفراد، علينا أن نعترف أن الكلمة قد تكون أداة بناء تحفز ألهمم للمعالي والإبداع، وتخدم الوطن والمواطن، وقد تكون أداة هدم عندما تصور الأمور على غير حقيقتها، فتضخم السلبيات وتحجم الايجابيات، أو حتى تتجاهلها، نعم قد تكون أداة هدم عندما تعمد إلى تشويه القيم الدينية والوطنية.. وبالتالي فللإعلام القدرة على بناء القناعات وتغيير التوجهات، بل إن تأثيره على الطفولة في مهدها، وسواء حدث هذا التأثير بطريقة مباشرة أو تحقق بطريقة تراكمية عبر الامتداد الزمني، ولا شك أن كلا الطريقتين قد تغير من اتجاهات وسلوك المواطن، فقد ترفع – بفضل الله سبحانه - من أدائه واعتزازه بوطنه، أو قد تشعره بالإحباط واليأس، وقد تغير مساره يمنة أو يسرة.
والإعلام الوطني رغبة في الإصلاح قد يتحدث عن حالات سلبية لا ننكر وجودها بيننا كحالات فردية، إلا أن تضخيمه لها والتعامل معها على أنها حالة عامة، لن يحقق الإصلاح الاجتماعي، بل سينتهي إلى تشويه صورة الوطن، فالإعلام العالمي الذي يتهافت على نقل هذه الصور السلبية، ينقلها على أنها تمثل المجتمع السعودي، حكومة وشعبا، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجده يتخذ - وبحرفية عالية- المرأة السعودية سبيلا للنيل من ديننا الإسلامي ومن وطننا ومجتمعنا، إذ يصورها إنسانا لا حول له ولا قوة، لا رأي له، فرداً مهمشاً ممتهناً من قبل المجتمع السعودي، فهي فيه إنسان عديم الإرادة، قليل الفاعلية، جاهل مقيد الحركة!!.
كما أنه في الوقت نفسه يغض الطرف عن كل إنجاز وطني سواء كان فرديا أو جماعيا، ذكوريا كان أو أنثويا، وفي حال وجد نفسه مضطرا للاعتراف بأي إنجاز للإنسان السعودي، فلن يلحقه بالمجتمع السعودي، بل سيلحقه بصاحب الإنجاز دون الإشارة إلى انتمائها أو انتمائه الوطني، هذه الحقيقة مشاهدة ولا يمكن لأحد إنكارها.
إن الواجب يحتم على إعلامنا الوطني الاهتمام بالتوظيف والتركيز على النماذج المشرفة والمضيئة للإنسان السعودي سواء كان لذكر أو لأنثى، وفي شتى المجالات العملية والعلمية، فهو بذلك يساهم في التصدي للإعلام الخارجي المضاد الذي امتهن على الأغلب النيل من المجتمع السعودي حكومة وشعبا رجالا ونساء، من خلال تتبعه للأخبار التي ينشرها إعلامنا المحلي دون دراسة للآثار الاجتماعية الإيجابية والسلبية المترتبة على نشرها، إعلام قد يسعى من خلال هذا النشر للتفرد والانتشار.
وهذه المهمة لم ولن تكون سهلة، إلا أنها ليست مستحلية - بإذن الله- وهي تستلزم إعداد دراسة متأنية، لعلنا نتمكن من توضيح أبعاد هذه الصورة بشتى زواياها، لعلنا نؤكد ما على الإعلام السعودي من واجب وطني نتطلع لإتمامه كما يجب، لعلنا نؤكد أن الإعلام الخارجي غير محايد يتبع أجندة خاصة به، يتعامل بها ومن خلالها، ومن جانب آخر علينا كمواطنين إدراك أهمية الإعلام في إظهار الصورة الحقيقية لكياننا الوطني، والسعي للتعامل معه على أنه خصم فاعل لا خصماً هادماً، ولعلنا من خلال دراسة كهذه نستطيع اعتماد خطة إعلامية استراتيجية لإعلامنا، خطة محددة وملزمة أدبيا لإعلامنا الوطني وللعاملين فيه.
وأخيرا أود طرح فكرة آمل أن تفعل من قبل المؤسسات الوطنية المعنية بالإعلام، وحبذا لو نالت رعاية الدولة لها، والفكرة تتلخص في تكريم المؤسسات الإعلامية الوطنية المرئية منها والمسموعة والمقروءة، وحتى الصحف الإلكترونية، التي تعمل على إظهار الصورة الحقيقية للوطن دون تزييف أو تضخيم أو تحجيم، والتي تعمل على توعيه المواطن بواجباته وحقوقه، وتحفزه ليكون فاعلا متفاعلا منتجا، على أن يكون هذا التكريم بشكل دوري، ويحضر له بشكل يليق بالمجتمع السعودي والمرأة السعودية، ولعل إحدى المؤسسات الوطنية للمجتمع المدني تتبنى هذه الفكرة مشكورة.
ويجدر بي هنا أن أبين أني قد أشرت لهذه الأفكار من خلال ندوة(دور الإعلام ومدى تأثيره في توعيه وتثقيف سيدة الأعمال السعودية)، التي تمت منذ أيام على أرض الغرفة التجارية والصناعية بالرياض، فمن خلال مشاركتي لمساجلة حوارية تمت بين ثلاثة أقطاب إعلامية للثقافة السعودية، هم الدكتور حمد بن عبد الله القاضي، والدكتور فهد العرابي الحارثي، والدكتورة نورة بنت عبد الله العدوان، استطعت أن استوعب قدرة الإنسان السعودي على طرح كافة الرؤى وبشكل بعيد عن الاستفزاز والمهاترات، فشكرا للقسم النسائي لغرفة الرياض على تشريفها لي من خلال دعوتها للحديث عن: (دور الإعلام في إظهار الصورة الحقيقة للمرأة وتأثيراتها)، فقد تعلمت على أرضها كيف يمكن أن يكون الحوار على نار هادئة.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط