اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/316.htm?print_it=1

شكرا جزيلا أوباما... ولكن!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام


سيادة الرئيس.. بما أنكم أعلنتم في خطابكم الذي بث للعالم من القاهرة: أن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهم بأسلوب سلمي يراعي القانون حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا، وبالتالي فحديثي اليوم نابع من احترامي لشخصكم وللشعب الذي أوصلكم لمنصة الحكم.
شكرا.. سيادة الرئيس.. لإعلانكم للعالم أنكم تسعون لبداية جديدة قائمة على المصالح المشتركة بين عالمينا، نعم.. سيادة الرئيس الإسلام لا يتعارض مع أمريكا، فالقواسم الإنسانية عديدة تجمع بينهما كالعدالة والتسامح وكرامة كل إنسان، وأن الإسلام هو جزء لا يتجزأ من شعبكم، وشكراً.. لأنكم كررتم تصريحكم السابق من أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام. أما ترحيبكم وإشادتكم بمبادرة خادم الحرمين الملك عبدالله المتمثلة في حوار الأديان، فأمر متوقع من رجل مثقف واسع الاطلاع يدرك بواطن الأمور، ويدرك قيمة مبادرة كهذه تصدر من رجل له قيمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
كما أشكركم .. يا سيادة الرئيس.. لاعترافكم بفضل وإنجازات الحضارة الإسلامية على العالم كافة، وعلى تعهدكم كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية بالتصدي للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت، وثق أننا عندما نضع صوراً نمطية عن أمريكا نحصرها في السياسات الأمريكية التي تعاملت مع قضايانا بفوقية نرفضها جملة وتفصيلاً، وهذه الصور لا تلحق بمعظم الشعب الأمريكي الذي نحترمه، والذي أنتم تمثلونه اليوم عن جدارة واستحقاق.
يا سيادة الرئيس.. نحن قد نقدر الدوافع الكامنة خلف إشارتكم للاضطهاد الذي مورس على اليهود عبر قرون متكررة، والتي ظهرت على الأرض الأوروبية كما أشرتم في خطابكم، لكن.. ألا ترون أنه كان من الأجدى أن تكفر القارة الأوروبية و الولايات المتحدة الأمريكية أيضا عن مواقفها العدائية من اليهود، لا أن يدفع الفلسطينيون والعرب ثمن هذا الاضطهاد الغربي، فتسلب ديارنا وتدنس مقدساتنا، وتهدر حقوقنا وكرامتنا؟
وشكرا.. لأنكم اعترفتم بمعاناة الفلسطينيين التي لا تطاق على مدى أكثر من 60 سنة، وبتحملهم الإهانات اليومية الناتجة عن الاحتلال، كما أشكر اعترافكم بأن حماس تحظى بدعم بعض الفلسطينيين، لكن.. حديثكم عن صواريخ المقاومة.. كان يمكن أن يكون مقبولا لو تحدثتم عن محرقة غزة واستخدام الصهاينة للأسلحة المحظورة، وعن الإبادة الجماعية لقطاع يعد الأكثر كثافة سكانية في العالم، فلا ماء ولا طعام ولا دواء يصل إليهم، أفلا ترى يا سيادة الرئيس.. أن الظلم لا يبرر الظلم وما تعرض له اليهود على يد النازيين لا يبيح لهم ممارسة شتى أنواع الإجرام في حق الفلسطينيين الذين لا يملكون إلا صواريخ لا تغني ولا تسمن من جوع!! ومع ذلك لا بد أن نشكركم على رفضكم استمرار بناء المستوطنات الإسرائيلية، حيث بادر وزير الحربية الصهيوني بالرد على موقفكم هذا، معلناً أنهم لن يوقفوا ما سماه بالامتداد الطبيعي للمستوطنات الحالية، التي هي جزء من إسرائيل!!
أما قولكم.. أنه يجب على الدول العربية أن تعترف بأن مبادرة السلام العربية كانت بداية هامة وأن مسؤولياتها لا تنتهي بهذه المبادرة، فلا أعلم لماذا أغفلتم سيادة الرئيس.. الإشارة إلى دور الصهاينة من هذه المبادرة ورئيس وزرائهم ووزير خارجيته اللذين أعلنا رفض حكومتهما التام لبنودها، كما أعلنا أن حكومتهما ليست ملزمة بأي معاهدات وقعت مع الحكومات السابقة، وهذا بطبيعة الحال يشمل المعاهدات التي وقعت برعاية أمريكية وعالمية.!! كما لا أفهم الهدف من إشارتكم إلى تطلعاتكم لمدينة القدس على أنها وطن دائم لليهود والمسيحيين والمسلمين، فهل ستكون حينذاك عاصمة للدولة الفلسطينية؟! استفسار آمل أن أجد إجابته، أما الأسلحة النووية فقد نثمن إشارتكم المبطنة للصهيونية ولكننا لا نفهم لما لم تكن إشارتكم لإيران مبطنة أيضا..!
كما أشكركم جزيل الشكر.. يا سيادة الرئيس.. على إيمانكم أن التسامح تقليد عريق يفخر به الإسلام، لكن.. آمل أن تولوا الجالية المسلمة في أمريكا ما تستحقه من التسامح، فهي ما زالت تعاني من جراء سياسة سلفكم، فكما قلتم يا سيادة الرئيس لا تستطيعون التظاهر بالليبرالية عن طريق التستر على معاداة أي دين.
كان رائعا يا سيادة الرئيس.. أن تعلن احترامك للدين الإسلامي وللحجاب الإسلامي وأن تقرر أن في أمريكا وفي غيرها من بلدان العالم ما زالت المرأة تكافح من أجل المساواة، ولكن علينا أن نذكر بما قلتم من أنه لا يمكن ولا ينبغي على أية دولة أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى، نعم يا سيادة الرئيس.. ليس من المقبول أن تصدر إلينا حلول جاهزة لفرضيات غربية أو أمريكية، فلكل منا رؤية خاصة لجانب معين، وما يصلح لكم ليس بالضرورة يصلح لنا والعكس صحيح.
وأخيرا.. يا سيادة الرئيس.. من أنصت إليكم وأنتم تتحدثون إلينا يدرك أنكم تتمتعون بخصائص قيادية ونفسية متميزة، فأنت قبل أن تكون رجل دولة عظمى تحمل هم شعبكم، أنتم الإنسان والأب الذي يخشى على أسرته، من الحداثة التي قد تؤدي إلى فقدان السيطرة على خيارات الشعوب الاقتصادية والسياسية والأهم من ذلك على الهوية، وهي الأشياء التي نعتز بها جميعاً في مجتمعاتنا وفي أسرنا وفي تقاليدنا وفي عقيدتنا. فشكرا لكم
سيادة الرئيس.. لم يكن بالإمكان إلا أن يصفق العالم لخطابكم بحرارة لا لأنه حمل العلاج للوضع العالمي الراهن والمتردي، بل لأنه حمل بين طياته وصفات قد نجد فيها بعض الوقاية من عداء يتنامى يوما بعد يوم، بين شعوب قدر لها الله أن تعيش على أرض واحدة وتتنفس الهواء ذاته.

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط