اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/32.htm?print_it=1

مهر الحبيبة... قنابل محظورة

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
لا أدري على أي مسوغ اعتمد بعضنا في لومها، أليست الواثقة بأن الحبيب لم يعد يرى إلا سحنتها، ولم يعد يسمع إلا نبضات قلبها... بل لم يعد يأبه إلا لتنفيذ أوامرها، ولو كانت تتضمن التضحية بأهله وعشيرته، ولو كانت بقذف القنابل المحظورة على رؤوس أطفال ونساء وشيوخ العراق!.

أشعر بمزيد من الأسى على الولايات المتحدة الأمريكية التي نصبت نفسها شرطي مرور، عفوا شرطي آداب، عفوا يبدو أن الصداع الذي لازمني أخيراً جعلني أخلط الأوراق، اقصد أنها نصبت نفسها...! في الحقيقة لا أدري هذا أم ذاك... فلم أجد من المصطلحات ما يناسب هذا الفعل المتهور... عفوا مجددا أعني البطولي...
ثم يا أخي... ويا أختي... لماذا العجب، فللبطولة في عصرنا الحالي مدلولات مغايرة، عن تلك التي نشأنا نحن أبناء العصور الوسطى وأمثالنا عليها، مدلولات لا نستبعد أن تكون غداً ضمن مناهج التدريس داخل أروقة الأكاديميات العسكرية في بلاد العم سام...!
فالشجاعة كل الشجاعة تكمن اليوم في التدليس، والغدر، وخداع جنود الحلفاء أولاً، والعالم ثانياً، وخداع النفس قبل هذا وذاك، كل ذلك من أهم أسس تلك البطولة الرائعة....! وأمريكا بحق رائدة هذه المدرسة الأخلاقية للعسكرية الحديثة، هذا إذا ما استثنينا رأس الأفعى... يا إلهي ما الذي أصابني اليوم لم أعد قادرة على ترويض أفكاري، المعذرة فقد قصدت... إذا ما استثنينا معشوقتها المدللة...!
ثم إن أمريكا الفدائية المسكينة...! التي ضحت بشبابها من نساء ورجال أبرياء، هي في حقيقة الأمر، والواقع... مهضوم حقها، فقد أضناها الشوق للحبيب الأوَّلِ، وهي ما تزال بعد فتيَّة...!
واقع مرير لعاشق مسكين، رقق حاله قلب المعشوقة المدللة، فصرحت يدفعها حياء العذارى‍... شرطها لفوز الحبيب بالوصال، مهر بسيط لا يتناسب وعظم حسنها وغنجها، مهر لا يتعدى مطلقاً بضعة آلاف من القرابين البشرية، تقدم بكل إجلال على مائدتها المخملية، عربون صدق من محب مخلص...! حقاً... يا لرقة المشاعر...!
ثم كيف نجرؤ نحن أصحاء البدن والعقل... أقصد الغافلين عن جنون العشق الأعمى... المعذرة مرة أخرى كيف نجرؤ نحن ـ الجاهلين المتخلفين ـ على لومها...؟، فأمريكا قد أضناها الشوق، وأفقر حالها وهدد بنيانها...!
لذا فليس عجباً أن نجدها قد قررت وأعلنت بكل شجاعة أنها ستموت فداء لقلبها الولهان، فلا بأس إذا ما رمت شبابها في مستنقع الموت، ولا ضير لو قامت بتصوير الأمر لشعبها وللعالم على غير حقيقته... ولا مانع لو قلبت الحقائق...!
يا إلهي كم أشعر بالخجل من نفسي ومنكم جميعاً... ما الذي أصاب قلوبنا كيف أصبحت بين ليلة وضحاها قاسية لهذه الدرجة، أين مشاعرنا التي ندَّعي أنها إنسانية، أَوَ لا يجدر بنا نحن، ومن جلس معنا، وشاركنا أفكارنا وأحزاننا، بدلاً من الشجب والندب والعويل، أن نحاول، بل نساعد على إتمام الوصال، ونشارك بتقديم القرابين البشرية... ها أنذا أخطئ التعبيرـ مجددا... أعني الذبائح...!
ثم لمَ لم أسمع أصواتنا تطلق الأهازيج فرحاً بشجاعة العاشق الولهان، ثم أين شعراءنا المفوهين...؟ هل هم نائمون أم يتناومون! أَوَ لم تحرك مشاعره الرقيقة قريحتهم، ليتهم ينظمون القصائد في ذلك العشق الأفلاطوني... لعل إحداها تنال رضى العاشق المتيم فيختارها على استحياء لتكون نشيده الوطني، نشيد يذكر العالم بحبه الأفلاطوني، عشق من طرف واحد، لمعشوقة لا يكفيها مهراً أن يبذل المحب في سبيل إرضائها كل ما يملك... عظم جاهه... أو جل ماله... لذا طالبته...
وحق لمثلها أن تفعل...! بدليل أعظم على هيامه بها، طالبته ببذل دماء رجاله ونسائه...
ولا أدري على أي مسوغ اعتمد بعضنا في لومها، أليست الواثقة بأن الحبيب لم يعد يرى إلا سحنتها، ولم يعد يسمع إلا نبضات قلبها... بل لم يعد يأبه إلا لتنفيذ أوامرها، ولو كانت تتضمن التضحية بأهله وعشيرته، ولو كانت بقذف القنابل المحظورة على رؤوس أطفال ونساء وشيوخ العراق!.
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط