صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







معاهدات نقل السجناء

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


بدأت الحكومة الأمريكية عام 1977م، التفاوض في سلسلة من المعاهدات الدولية، حول نقل السجناء من البلدان التي أدينوا فيها بارتكاب جرائم إلى بلدانهم الأصلية


بدأت الحكومة الأمريكية عام 1977م، التفاوض في سلسلة من المعاهدات الدولية، حول نقل السجناء من البلدان التي أدينوا فيها بارتكاب جرائم إلى بلدانهم الأصلية، وقد أعلنت وزارة العدل الأمريكية في موقعها الرسمي، أن الهدف من نقل السجناء من وإلى تلك البلدان هو لتخفيف بعض المصاعب الخاصة التي تقع على عاتق المجرمين المسجونين بعيدا عن الوطن، وتسهيل إعادة تأهيلهم.
كما بين الموقع المعني بعض الإيجابيات التي تتحقق من نقل السجناء لأوطانهم، إلا أن الأساس المنطقي وراء نقل السجناء الأجانب إلى بلدانهم الأصلية يكمن في تسهيل إعادة تأهيل السجين اجتماعيا، وهذا التأهيل يعد واحدا من المقاصد الرئيسية للسجن في المجتمعات المتحضرة. كما نص الموقع صراحة على أن هذا الهدف كتب في أغلب معاهدات نقل السجناء التي وقعتها الحكومة الأمريكية.

ويلاحظ الباحث أن موقع وزارة العدل الأمريكية كرر اعتقاده الافتراضي من أن إعادة التأهيل الاجتماعي للسجين تتحقق أكثر في وطنه، حيث يكون أقرب إلى أسرته وضمن ثقافته الخاصة، فالعلاقات الاجتماعية في البلدان المرسلة والمستقبلة تشكل أهمية قصوى لسببين، الأول: برنامج نقل السجناء وإعادة تأهيل السجين اجتماعيا يكون على الأرجح أكثر فاعلية ونجاحا في حال قرب السجين من أسرته، والسبب الثاني: يتعلق بسلوك السجين، فبعد الإفراج عنه سيحاول على الأغلب جمع شمل عائلته والتي على الأغلب تكون مستقرة في وطنه، ومن جانب آخر لو أعيد تأهيل السجين في السجون الأمريكية فمحاولة عودته لوطنه ولأسرته فور الإفراج عنه محتملة، بل وبقاؤه في وطنه بسبب أسرته ممكن جدا، وهذا يلغي أي فائدة للمجتمع الأمريكي من إعادة التأهيل، وبالإضافة إلى ذلك، فالعديد من السجناء الأجانب سيتم ترحيلهم إلى أوطانهم حال قضاء عقوباتهم، وبالتالي فلا معنى لتأهيلهم اجتماعيا في سجون أمريكا، فالقانون لن يسمح لهم بالبقاء في أمريكا بعد الإفراج عنهم.

ومن جانب آخر جعلت وزارة العدل الأمريكية من بعض القضايا الإنسانية كمرض السجين بمرض عضال، أو مرض أحد أفراد أسرته، من المبررات المقبولة لديها لنقل السجين، إلا أن وزارة العدل الأمريكية وفي هذه النقطة بالذات أشارت أن ذلك يتحقق في حال عدم انتهاك هذا النقل لبنود المعاهدة المعتمدة بين الدولتين.. وهذه الإشارة مهمة للغاية، فقد تهمل أي معاهدة التوقف عندها، وبالتالي يفقد السجين المريض ولو بمرض عضال الحق في نقله لوطنه.

الواقع يؤكد أن هذه الاتفاقيات لو دخلت حيز التنفيذ قد تكون بحيثياتها الإيجابية سبيلا لصلاح مجتمعنا وغيره من المجتمعات، وحبذا لو سعت المملكة العربية السعودية لمثل هذه الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية ومع غيرها من الدول، فقد ينتج عن ذلك الكثير من الخير للمواطن السعودي سواء كان جانياً صدر في حقه حكم في خارج وطنه، أو للأسر التي قد يحال بينها وبين الاطمئنان على ابنها السجين في الخارج، فبعد المسافة والإجراءات القانونية المعقدة قد لا تفسح المجال لزيارة ابنهم السجين، وقد يمنعون من الحصول على التصاريح الخاصة بزيارة الدولة المعنية بسجن ابنهم.

إلا أنه من المهم دراسة الشروط التي ذكرتها وزارة العدل لقبولها نقل السجين لوطنه الأم، فهي تؤكد على أن موافقتها على نقل السجين تستلزم عدة أمور منها إقراره بالذنب، وإذا كان الجرم المدان فيه خطيرا من وجهة نظرهم فلن يسمحوا بنقله وسيقضي كامل مدة العقوبة أو معظمها في السجون الأمريكية، إذ إن نقله إلى وطنه قد يؤدي إلى التسهيل في تطبيق العقوبات أو إلى إنهاء سجنه بفترة أقل. وكانت الوزارة في موقعها حريصة على بيان أن إعادة التأهيل الاجتماعي ليست هي الغرض الوحيد من السجن، وبالتالي لا يمكن أن يكون الاعتبار الوحيد في تقييم طلبات نقل السجناء أو تكون له الأولوية على جميع الأهداف الأخرى. ويجب أيضا تطبيق القانون والعدالة، فعندما يتم نقل السجين تحت معظم المعاهدات الثنائية، يتولى البلد المتلقي تطبيق الحكم على السجين في إطار القوانين والأنظمة المعمول بها في البلد المتلقي، بما في ذلك الحد من مدة الحبس وإطلاق السراح المشروط أو غير ذلك.. إلا أنه لا يمكن تحويل مدة السجن إلى غرامة.

وغني عن البيان أننا في المملكة العربية السعودية أرسلنا حوالي خمسين ألف طالب وطالبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقي العلم، والآلاف إلى غيرها من الدول، وأبناؤنا ليسوا ملائكة وقد يكون من بينهم مذنب يستحق العقوبة إلا أن تطبيق العقوبة عليه في الوطن بين أهله أصلح له وأرحم بأهله، كما أن معظم دول العالم المتحضر وقعت على مثل هذه المعاهدات الثنائية، والدراسات تؤكد جدواها على أرض الواقع، وحاجة المجتمعات لها، والسؤال المطروح هنا، متى نرى هذه المعاهدة بيننا وبين أمريكا وبين غيرها قد اعتمدت ونفذت؟ قيل لي قريبا إن شاء الله، وأنا أقول عاجلا غير آجل بإذن الله .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط