اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/398.htm?print_it=1

هموم تستطيع الحكومة معالجتها

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


كل القرارات الخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، تصب في مصلحة الوطن والمواطن، إلا أن أهمها على الإطلاق هو استحداث 1200 وظيفة رقابية توزعت على أربعة أجهزة حكومية


لن أتكلم عن مشاعرنا برجوع الوالد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله لنا سالما معافى حفظه الله، ولن أتكلم عن يقيني بأنه يبادل فرحنا بفرح مثله، فكيف أفعل؟! فأنا على يقين بعظم قلقه على دول الجوار وشعوبها واستقرارها، بل وعلى حاجة العالم للنفط في حال انفجر الوضع في ليبيا أكثر مما هو عليه، فأنا لا أستبعد تكرار تجربة العراق وحرق آبارها النفطية، ولا أستبعد احتلالها للسيطرة على نفطها، وبما أن حال عالمنا يتأرجح بين افتقاده للأمن الذي مس الأنفس والأعراض والأموال، لذا أستطيع أن أجزم فرحته برجوعه لنا ناقصة، فهو لا يحمل فقط همنا كمواطنين، فهمه شمل العالم العربي والعالم بأسره، أطال الله في عمره ومده وحكومته بعونه ونصرته سبحانه وتعالى.
لقد كانت الفترة التي كان يفترض أن تكون للنقاهة بعد العملية الجراحية التي نجحت بفضله سبحانه، فترة عصيبة علينا جميعا، ولا استبعد أنه -بارك الله لنا فيه- كان يواصل الليل بالنهار يحاول إيجاد آلية شرعية يمد من خلالها يد العون للأشقاء، فعالمنا العربي يكاد ينفجر..أعاد المولى سبحانه وتعالى إليه الأمن والسلام وأمده بالرخاء والاستقرار، وأدام بعظيم فضله علينا نعمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
إلا أننا في خضم ذلك كله لا بد أن نشكر الوالد القائد وندعو المولى سبحانه أن نكون عند حسن الظن بنا، فهو في خضم هذا الحمل الثقيل لم ينس هموم المواطن، هموم الأرامل وأصحاب الضمان الاجتماعي، هموم المعسرين المسجونين وهموم شبابنا العاطل، هموم أولياء الأمور الذين ضاق بهم الحال بسبب التكاليف الباهظة لدراسة أبنائهم في الخارج، وهموم الشباب الواعد الذي يفتقد التمويل، وهموم من أقبل على سن التقاعد إذ إن تثبيت غلاء المعيشة من شأنه زيادة راتب التقاعد بفضل الله، وحبذا لو ثبت هذا البند للمتقاعدين الحاليين.
ولأننا كمواطنين كنا على يقين أن الوالد سيجلب لنا معه الخيركعادة المسافر القادم على أهله المحب لهم، ومع يقيننا أن هذا الخير لم يكن وليد اللحظة وأن الإعداد له استغرق شهورا، إلا أني أستئذن والدنا الغالي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله،حفظه الله ورعاه، والذي كان وما زال يشعرنا بأبوته وحبه واهتمامه، فأنقل بعض الهموم التي باستطاعة الدولة إن شاء الله وضع حل عاجل لها.
إن العمل في القطاع العام يعد مغريا للغاية في المملكة العربية السعودية فهذا القطاع هو الضامن للحياة الكريمة بإذن الله، إلا أنه من المهم رفع أجور العاملين على بند الأجور وما شابهها من بنود وتثبيتهم، فالقرارات الأخيرة زادت الفجوة بين القطاعين الخاص والعام وبين العاملين تحت هذه البنود، والحل كما أفهم هو زيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى خمسة أو أربعة آلاف لأي موظف في القطاع الخاص والعام.
إن الواجب يحتم علينا تقدير القطاع الخاص المدرك لواجبه الوطني والعامل لرفع أجورالموظفين السعوديين، فنسعى لتقليص الرسوم التي يدفعها للجوازات ولمكتب العمل ولوزارة التجارة وللغرفة التجارية وللبلديات، ولكافة القطاعات الحكومية المرتبطة بنشاطه كوزارة الصناعة إن كان يعمل في المجال الصناعي، وكوزارة التربية والتعليم إن كان يعمل في المجال التعليمي، ووزارة الصحة وهكذا.. فغني عن البيان أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لها دور فاعل في دعم وتنمية الاقتصاد الوطني، وهي تعد الرافد الأساسي للحركة الاقتصادية في أميركا وأوربا، وبالتالي يتوجب علينا الاهتمام بها، والدعم الحكومي يجب أن يصل للمواطن العامل بها من خلال رفع الأجور والبدلات.
ومن ناحية أخرى لا بد أن تفعل الرقابة وبشكل حازم على الأسعار، وإقرار ونشر حقوق المستهلك وإلزام التجار بها كشرط لممارسة أعمالهم في المملكة، الدعم الحكومي للسلع التموينية الأساسية كالرز والحليب والسكر والقمح وغيرها والإعلان عنها ليكون المستهلك على بينة، وهذا معمول به في الكويت على سبيل المثال، كما أن رفع مكافأة طلاب الجامعات ورفع مكافأة الامتياز للدارسين في الكليات الصحية من الأهمية بمكان، فبعضهم وكما أعلم يقينا تمثل المكافئة رافدا أساسيا لأسرته بل هي المبرر لإكمال دراسته وترك العمل، وأعرف طالبة في كلية الطب كانت وبشكل يومي ما إن تنهي دوامها الرسمي حتى تمارس العمل كموظفة استقبال في القطاع الخاص، فعائلتها بحاجة للمال، ولكم أن تتخيلوا حالتها النفسية ومستواها الأكاديمي وهي متذبذبة بين هذا وذاك، كما أعرف طالبا متميزا في كلية الهندسة لم يتمكن من إنجاز مشروعه الهندسي المطلوب تقديمه كامتحان في نهاية العام بسبب ارتفاع تكاليف المواد المطلوبة، وبسبب تأخر المكافأة وقلتها، فهو كغيره يعتمد عليها في حياته بعد الله سبحانه، كما أتطلع إلى دعم الشباب المقبل على الزواج للمرة الأولى من مواطنة، بمنحة وطنية لا تسترد ولتكن ـ مثلا ـ خمسين ألف ريال للمتزوج من مواطنة، منحة تكون عونا له فتكاليف الزواج مهما تقلصت إلا أنها تفوق قدرة الكثير من الشباب، على أن يشترط لمنحها إتمام الزوجين حضور دورات شرعية ونفسية وطبية مكثفة تساعد على التعاطي مع الطرف الآخر، ومعرفة حقوق كل منهما وأبنائهما من جانب، وحقوق المجتمع من جانب آخر، ويمكن الرجوع لتجربة بعض الدول في مجلس التعاون في هذا الشأن، فمن الضروري المساهمة الفاعلة في تحصين واستقرار أبنائنا وبناتنا الشباب.
وفي الختام، إن كل القرارات الخيرة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله حفظه الله، تصب في مصلحة الوطن والمواطن، إلا أن أهمها على الإطلاق هو استحداث (1200) وظيفة رقابية توزعت على أربعة أجهزة حكومية، فقد اعتادت الحكومة تخصيص مبالغ طائلة لتحقيق الرفاهية، ولكننا نرى على أرض الواقع إنجازات لا تتناسب مع المخصصات المالية العظيمة المخصصة لها، وبالتالي فوجود وظائف رقابية ذات مخصصات كبيرة وصلاحيات عالية ستترتب عليها ـ دون شك ـ معاقبة المفسدين والتشهير بهم، فذلك كله يدعم خطط التنمية ويساند تطلعات الوطن حكومة وشعبا .

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط