صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قرارات الملك تجاه المرأة والتأصيل الشرعي

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


آمل أن يسخر علماؤنا ورجال القانون والمستشارون السنوات الباقية في الدورة الحالية لمجلس الشورى لدراسة الكيفية الشرعية والقانونية التي من خلالها يمكن تطبيق قرار خادم الحرمين الشريفين وفق الضوابط الشرعية


لا أشك أن القاصي والداني في هذا الوطن بل في شتى أقطار المعمورة انبهر بقرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في خطبته أمام مجلس الشورى، والتي بينها في خطابه الذي ألقاه قبيل افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى يوم الأحد الموافق 27/ شوال /1432، فقد انصب اهتمام العامة والخاصة حول ما جاء فيه من الدور المرتقب للمرأة السعودية في السنوات القادمة بإذن المولى سبحانه، وحدد هذا الخطاب مساهمة المواطنة السعودية في التنمية الوطنية، ونقلها نقلة نوعية فاقت الكثير من تطلعاتها الحالية، وتطلعات بعض لجان حقوق الإنسان العالمية، لجان أجزم أن منها من سيحاول التقليل من أهمية القرارات التي حملها هذا الخطاب، والتي أفسحت المجال للمرأة السعودية للمشاركة في مجلس الشورى عضواً اعتباراً من الدورة القادمة وفق الضوابط الشرعية، كما أفسح لها المجال اعتباراً من الدورة القادمة لترشح نفسها لعضوية المجالس البلدية، وترشيح المرشحين، على أن يكون ذلك كله وفق ضوابط الشرع الحنيف.
والذي أود التوقف عنده هو أن قرارات ولاة أمرنا في المملكة العربية السعودية كانت وستكون بإذن المولى سبحانه مستندة وبشكل مباشر على التأصيل الشرعي، ولو تتبعنا كلمة والدنا خادم الحرمين الشريفين في هذا اليوم للاحظنا حرصه التام على التأكيد أن سياسة البلاد لا يمكن أن تخرج عن نطاق التأصيل الشرعي، الذي حفظ حقوق الإنسان ورفع قدره، ذكرا كان أو أنثى ، فقد ذكر بعد أن بين أنه يرفض تهميش دور المرأة في المجتمع السعودي؛ أن الشرط الوحيد الذي وضع قيد التنفيذ عند قيامها بتلك المهام هو الالتزام بالضوابط الشرعية، كما حرص على بيان أن مشاورات عقدت مع كثير من علمائنا في هيئة كبار العلماء ومن خارجها حول هذا الدور، مؤكدا حفظه الله أنهم استحسنوا هذا التوجه، بل وأيدوه حفظهم الله جميعا، وبناء على ذلك أصدر قراره السامي.
لقد كان الملك عبدالله واضحا للغاية من أن المرجعية الدينية هي الأساس الذي استند إليه في إصداره لقراراته، إذ حرص في خطابه السامي على التأكيد ولأكثر من مرة أن حراك المرأة السعودية في هذا المجال ـ كما في غيره وكما هو حراك الرجل السعودي بطبيعة الحال ـ لن يقبل إلا وفق الضوابط الشرعية، بل حذر المخالفين والمخالفات، فوصف من يخرج عن نطاق الشرع وثوابت الدين بالمكابر الذي سيتحمل مسؤولية تصرفاته.
ومن هنا أطالب بتدريس مضامين هذه القرارات الملكية وكيفية تطبيقها لأبنائنا وبناتنا في الجامعات، بل في المرحلة الثانوية من التعليم العام، فهي تحمل سياسة جديدة قد يرفضها البعض وقد يقبلها البعض الآخر، إلا أن هذا وذاك لا يخرجها عن تأصيلها الشرعي ولا عن قانونيتها، قرارات سامية تعد اليوم أمرا واقعا أضاف الكثير لبلادي التي لا تنتظر توجيهات من هنا أو هناك لتقدم خطوات فيما هو من صالح البلاد.
كما آمل أن يسخر علماؤنا ورجال القانون والمستشارون السنوات الباقية في الدورة الحالية لمجلس الشورى لدراسة الكيفية الشرعية والقانونية التي من خلالها يمكن تطبيق قرار خادم الحرمين الشريفين وفق الضوابط الشرعية، فالقرار السياسي أفسح مجالا كافيا بحول المولى سبحانه للعمل على مثل هذه الدراسات والخروج بتوصيات قابلة للتطبيق، وحبذا لو تعقد شراكة بين هيئة كبار العلماء والجامعات واللجان المختصة في مجلس الشورى لهذه الغاية.
كما أن المتابع لنشاط مجلس الشورى السعودي يدرك أن هذا القرار الملكي كان مطروحا منذ سنوات، بدليل أن خادم الحرمين الشريفين اطلع في نهاية الدورة الرابعة لمجلس الشورى التي كانت برئاسة معالي الدكتور صالح بن حميد، على مجسم ومخططات مشروع توسعة مقر المجلس والمقام في محيط مجمع الديوان الملكي بالرياض؛ لاعتمادها، وكان من أبرز أقسام المشروع إقامة قسم نسائي خاص ومتكامل الخدمات، وفي ذلك إشارة واضحة للرغبة الملكية المعلن عنها في خطاب الملك أمام مجلس الشورى.
نحن نتطلع لتحفيز وزارة المالية لتخصيص الموارد المطلوبة لتنفيذ القرار، لعله يكون جاهزا للاستخدام مطلع الدورة السادسة، إذ إن التدرج في إصدار القرارات الملكية في المملكة العربية السعودية لم يكن يوما اعتباطا أو ارتجالا، ومن واجب القائمين على الأمر العمل بشكل يتناسب وتطلعات القيادة السعودية الحكيمة.
وفي الختام آمل أن يوفق المولى سبحانه القطاع النسائي في هذه البلاد الخيرة، فيتمكن من خدمة الدين والوطن بصورة تليق بالثقة الملكية وتطلعاتها، وبحمد الله توجد لدينا في المملكة العربية السعودية كوادر نسائية كثيرة ومتعددة التخصصات، وهن دون شك سيعملن على خدمة دينهن ووطنهن بشكل مشرف على اعتبار أن هذا القرار الملكي يعد تكليفا لهن قبل أن يكون تشريفا



 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط