صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







قليل من التوجيه لا يضر

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


النساء لا ينصتن ولا ينصرفن، ويخيل إليك أنهن يعتقدن يقينا أن خطبة العيد خصصت في الأصل لتبادل السلام وتوزيع الحلويات، فترى الواحدة منهن تمر أمام المصليات كافة مادة يدها للسلام عليهن وقد يرافقها في هذا المشوار طابور من النساء

بعد صلاة العيد جلست أنصت لما سيقوله الإمام وأمني نفسي أن تكون خطبة العيد لهذا العام مغايرة لما أسمعه عادة في مثل هذا اليوم في بعض مساجدنا، ومن جهة أخرى كنت أمني نفسي بصمت المصليات والأطفال بعد الصلاة، لعلي أتمكن من سماع ما سيقوله الإمام دون بذل جهد اعتدت بذله في مثل هذا الوقت، إلا أنني مع سعادتي بالصلاة في مسجد خالد الدبل رحمه الله وهو مسجد يمتاز بالنظافة والرائحة العطرة، إلا أن الضوضاء عمت أجواء القسم النسائي- كالعادة - ما إن انتهت صلاة العيد، وبالتالي كنت أبذل جهدا عظيما للتركيزعلى ما يقوله الإمام، إلى درجة أنني وضعت يدي على جبيني في محاولة مني للتركيز، عندها توقفت أمامي إحدى المصليات مادة يدها – حفظها الله - للسلام ولتقول: سلامتك هل أنت مريضة، فلم أملك إلا الرد بابتسامه فلا مجال للشرح هنا!
أعلم أن الفقهاء أكدوا أن الإنصات لخطبة العيد سنة وليس واجبا، استنادا لحديث عبد الله بن السائب الذي قال فيه رضي الله عنه: (شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب) إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام بين أن من لا يرغب الإنصات للخطبة عليه أن يذهب، لكن ما يحدث في المكان المخصص لصلاة النساء مخالف لذلك.. فالنساء لا ينصتن ولا ينصرفن، ويخيل إليك أنهن يعتقدن يقينا أن خطبة العيد خصصت في الأصل لتبادل السلام وتوزيع الحلويات، فترى الواحدة منهن تمر أمام كافة المصليات مادة يدها للسلام عليهن وقد يرافقها في هذا المشوار طابور من النساء !.
والواقع أن السلام في صباح يوم كهذا أمر مبهج ومطلوب ومأجور من فعله بإذن الله سبحانه، لكن التوقيت هو ما أجده مزعجا للغاية فقد جلست من جلست منهن بعد صلاة العيد رغبة في سماع الخطبة، خاصة أننا معشر النساء لسنا ملزمات بصلاة الجمعة كإخواننا الرجال وبالتالي لا نسمع مثلهم خطبا أسبوعية .
ولا بد أن أبين أنه من حسن حظي كنت أقرب الصفوف لقسم الرجال وهكذا استطعت سماع الخطبة والتي كانت في مجملها رائعة للغاية، في حين كانت بناتي في الصفوف الخليفة، ولذا أظهرن اعتراضهن فالضجيج منعهن من سماعها بالكامل، ولذا أعتقد أن قليلا من التوجيه في هذا الشأن ينفع بإذن الله ولا يضر.
وما أعجبني في الخطبة هو قول الخطيب إن العيد هو يوم فرح، ثم طالب أولياء الأمور بنشر الفرح في بيوتهم وبين أفراد أسرهم، كما تحدث عن حق القرابة والجيران، والمكانة العظيمة للمرأة في الأسرة المسلمة، وحق الأم على أبنائها يماثل ثلاثة أضعاف حق الآباء، ودورها الفاعل في إعداد رجال الأمة، جزا الله سبحانه الخطيب عنا خير الجزاء، فقد أسعد قلبي وقلب بناتي بخطبته، في حين كنت أخشى أن أسمع ما سمعته أكثر من مرة في خطب العيد السابقة من تهديد ووعيد لنا معشر النساء، فأخرج من الصلاة وأنا مستاءة من إمام لم يذكرنا بخير في يوم شرع للفرح، فعن أنس رضي الله عنه قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) فالعيد شرع في الأصل لفرح المسلمين ولاحتفالهم بإتمامهم شعائر دينهم من صوم وحج، لا لوعيد يصوب على النساء دون الرجال، وكأن الرجال بمجملهم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون!
آمل أن يراجع خطباؤنا حفظهم الله خطبة الوداع والتي كانت على قصرها وافية جامعة، ونالت منها النساء الخيرالكثير فقد كرر رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام فيها قوله: {اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء.. } وما تكراره هذا إلا دليل واضح على عظم مكانة المرأة في هذا الدين الحنيف وحرصه عليها وعلى كرامتها، والمؤلم أني قلما سمعت مثل هذه التوصية في خطب العيد، بل أسمع في أكثرها أنهن الجالبات الفتنة، وكأن النساء اللائي ذهبن للصلاة فعلن ذلك بدافع الضلال ورغبة في الإفساد...
ويجدر بي والحديث هنا يتعلق بخطبة العيد التي سمعتها منذ أيام أن أتوقف عند ما قاله الإمام في نهاية خطبته، فقد بين حفظه الله خلاف الفقهاء في خطبة العيد، هل هي اثنتان أم واحدة؟ فذكر أن عامة الفقهاء ذهبوا إلى أن خطبة العيد خطبتان، يفصل بينهما بجلوس واستندوا في ذلك على أحاديث ضعيفة، ثم بين أن الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – الذي قال إنها واحدة، وبعد البحث وجدته رحمه الله أفتى بقوله إن: (المشهور عند الفقهاء أن خطبة العيد اثنتان لحديث ضعيف ورد في هذا، لكن في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلا خطبة واحدة، وأرجو أن الأمر في هذا واسع)، وقد اختارالخطيب العمل بقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فخطب خطبة واحدة، جمل صباحنا بها بارك الله به.
وأخيرا ما قلته هنا هو من باب السرور تارة ومن باب العتاب تارة أخرى، فقد سررت بنظافة المسجد وبموضوع الخطبة وشمولها، ولكني أعتب على علمائنا لإهمالهم بيان أن الإنصات لخطبة العيد سنة لا يلتزم بسماعها المصلون كافة ومن حضر الخطبة عليه الإنصات لها، علما بأن المصلين من الرجال ينصتون للخطبة ومن لم يرغب منهم بذلك يغادرالمسجد.. ولكن المصليات يظهرلي أنهن لا يفقهن ذلك، وهن بحاجة لتوجيه، لعلي أحضر العام القادم خطبة العيد بسلام.. وعيدكم مبارك.


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط