صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







السعودي مواطن من الدرجة الأولى

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


الأجهزة الأمنية في الدول التي أرسل إليها أبناؤنا للابتعاث لا تولي أبناءنا الاهتمام اللائق، ولا تكفل لهم الحماية، بل تستهين في ضمان حقوقهم، وقد تساهم في إيقاع الضرر عليهم.

أبناؤنا المبتعثون إلى أي مصير هم سائرون.. إلى العلياء أم إلى المقابر والسجون؟! استفسار أطرحه على دول وجدت في ابتعاث أبنائنا غايتها، فبهم بعد الله تحركت عجلة اقتصاد صدئت وأبت الحراك، إذ أصبحت معظم جامعات تلك الدول القبلة التي توجه إليها آلاف من أبنائنا آمنين مطمئنين، ولنفاجأ وبشكل يكاد يكون دوريا بما يؤكد المعاناة التي يواجهونها في غربتهم.. فذاك مطعون وهذا سرق وطرح أرضا، وهذا أهدرت كرامته وسيق إلى السجن بتهم باطلة وآخر اختفى أو قتله مجهول.
مع ذلك علينا إحقاقا للحق أن نذكر أن الكثير منهم وجد في هذه الجامعات الرعاية والاهتمام والعلم النافع، فالمشكلة على الأغلب نابعة من تهاون الأجهزة الأمنية في تلك الدول التي تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في المساس بأمن أبنائنا، فالضرر الذي يتعرضون له لا يكون في الغالب من إدارة تلك الجامعات، فهم عادة يثنون ويشيدون بنظامها الأكاديمي متحسرين في الوقت نفسه على ما آلت إليه بعض جامعاتنا، بل يقبع خلفه تهاون الأجهزة الأمنية التابعة لتلك الدول، فهي لا تولي أبناءنا الاهتمام اللائق ولا تكفل لهم الحماية، بل تستهين في ضمان حقوقهم، وقد تساهم في إيقاع الضرر عليهم، متجاهلة أننا عندما أرسلنا أبناءنا إليهم كنا نتطلع لرجوعهم إلينا مسلحين بالعلم، آملين أن يساهموا في بناء وطنهم، لا لاستقبال جثثهم أو استجداء تراخيص سفر من سفاراتهم، لعلنا نستطيع متابعة إجراءات قضائية نصبت للإطاحة بفلذات أكبادنا، أو لزيارتهم وراء قضبان السجون.
وكنموذج لما يتعرض له أبناؤنا المبتعثون من إجحاف؛ سأتوقف عند اختفاء الابن "حمزة الشريف" في كندا، وعند سجن الابن "خالد الدوسري" الذي سجن في أميركا بتهمة الإرهاب، فهناك عنصر هام يجمع بينهما لا بد أن نتأمله قليلا.. فكلاهما مبتعث من شركة سابك، وكلاهما تخصص في الهندسة الكيميائية، وكلاهما على درجة عالية من التميز لدرجة أن شركة "سابك" التي أبدعت في الاستثمار وجدت فيهما أرضا خصبة، وهكذا بعثتهما ليدرسا على حسابها، على أمل أن يعودا بالخير عليها وعلى الوطن، وهما في الحقيقة مؤهلين لذلك كله، فهما جادان ويملك كل منهما الطموح والإرادة، والذي آمل التوقف عنده في قضية حمزة وخالد هو التحصيل العلمي لكليهما وأبحاثهما التي قاما بها حول "الهندسة الكيميائية" ونتائج هذه الأبحاث وعلاقتهما بالكادر الأكاديمي، وهل ظهر تميزهما الأكاديمي بشكل ملموس خلال دراستهما، وعلينا ألا نستهين بحداثة سنهما وضآلة خبرتهما، فالتميز لا يقف عند سن معينة.
وجدير بالإشارة هنا بيان ما تمتاز به شركة "سابك" محليا وعالميا، فهي من الناحية العالمية أثارت غيرة شركات عالمية فرفعت ضدها الكثير من القضايا في آسيا وفي أوروبا، وانتهى معظمها بحول الله ومنته لصالحها ضد خصومها، وهذه القضايا في مجملها تتمحور حول اتهامها بإغراق الأسواق بمنتجات رخيصة مقارنة بالمنتجات المماثلة في تلك الشركات الوطنية، ولكن السبب الحقيقي لتوجه المستهلكين لشراء منتجاتها السعودية دون غيرها ليس انخفاض أسعارها فقط، بل الجودة العالية التي تمتاز به منتجاتها، والتي تعد تهديدا صريحا للمنتجات المحلية الأقل جودة والأغلى سعرا في تلك الدول، ولذا حوربت "سابك" ورفعت قضايا إغراق ضدها وطالبت شركات عالمية بفرض رسوم إغراق على منتجاتها، وهذا التحرك لا يتوقف عند دول معينة فمن الهند إلى الصين إلى المفوضية الأوروبية إلى غيرها وقد انتهى معظمها لصالح الصناعة السعودية بحمد الله كما ذكرت.
وقد بحثت عن أهمية "الهندسة الكيميائية" كتخصص فوجدت أن له علاقة مباشرة بصناعات حيوية وهامة في حياة الإنسان العادي، فهي تدخل في صناعة البرتوكيماويات والبترول، وتحلية المياه، وحماية البيئة وإعادة تصنيع القمامة، وصناعة الورق، وصناعة الأطعمة المعلبة والمثلجة، وصناعة الأدوية بكميات هائلة وبأسعار زهيدة، وتطوير صناعة البلاستيك العازل للكهرباء، وتطوير صناعة الأنسجة على اختلافها، والأسمدة الكيميائية عالية الجودة، وغيرها من الصناعات، كما ظهر أنه على أهمية "الهندسة الكيميائية" كعنصر أساسي في الصناعات الحيوية يعد تخصصا نادرا على المستوى العالمي إذا ما قارناه مع عدد المتخصصين في بقية التخصصات الهندسية الرئيسة وهي الهندسة الميكانيكية والكهربائية والمدنية والكيميائية.. فمن ناحية هو تخصص نادر جدا، ومن ناحية أخرى هو عنصر أساسي في تطوير أهم الصناعات الأساسية.
إن قضية حمزة وخالد تثير الكثير من التساؤلات.. فالأول لا نعرف أين هو! والجهات الأمنية في كندا إما أنها تغض الطرف أو هي عاجزة، وكلا الأمرين أسوأ من الآخر، ولذا نحن مطالبون بتوجيه الاتهام إلى الجهات الأمنية الكندية بالتقصير في حفظ أرواح أبنائنا ومعرفة مصير ابننا حمزة الشريف، فأرواح أبنائنا ليست بالأمر الهين، أما ابننا خالد فالأمر يدعو للتعجب، فهو طالب مجد، وشراؤه لمواد كيميائية طبيعي.. ففي مجال تخصصه يفترض إجراء التجارب المعملية، خاصة أنه اشتراها بطريقة شرعية ولم يخف الأمر ولم ينكره.
وجدير بالإشارة هنا أن وزارة الخارجية تتابع القضيتين كغيرها من القضايا التي تتعلق بأبنائنا في الخارج، وقد وكلت المحامين ورفضت الاستسلام لكافة التوقعات السلبية، ولكن المطلوب تصعيد الأمر وبشكل كبير على المستوى السياسي والشعبي والإعلامي.. فعلى فرض أن مواطنا أميركيا أو كنديا اختفى في المملكة العربية السعودية فكيف ستتصرف سفارتا هاتين الدولتين؟
السعودي مواطن من الدرجة الأولى، وحقه لا يهدر، هذا ما يجب أن يفهمه العالم بأسره.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط