اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/495.htm?print_it=1

"مو كل مرة تسلم الجرة"

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام



أتمنى تكريم شباب كانت وجوههم وأجسادهم حاملة للهم العام، بذلوا كل طاقتهم لمساندة رجال الدفاع المدني والقطاع الصحي فبارك الله لنا بهم وأكثر من أمثالهم


أحمد المولى سبحان اللطيف الحفيظ الذي لطف بنا فوافق انفجار الرياض صباح يوم من أيام الإجازة.. إجازة عيد الأضحى ونهاية الأسبوع، فلنتخيل معا عظم الكارثة لو حدثت صباح يوم من أيام الدوام الرسمي، ولأنه ـ وكما يقول المثل الشعبي ـ: (مو كل مرة تسلم الجرة)، لا بد من الوقوف بحزم أمام تهور سائقي الشاحنات وعدم التزامهم بقواعد المرور وأنظمته، وبدلا من أن يصب ساهر غضبه على سيارات الأفراد، ليته يبرمج عينه الساهرة لتلتقط المخالفات المتكررة التي تتسبب فيها الشاحنات دون رقيب حتى في وقت الذروة.
وعندما أعلن هنا حدوث هذه المخالفات فلأني عايشتها كغيري، ففي الساعة السابعة والنصف ستتوقف سيارتك في شارع الدمام الخبر البحري الموصل لجامعة الدمام مرارا وتكرارا، لا بسبب الزحام المعتاد في مثل هذا الوقت، بل بسبب تزاحم الشاحنات وإعاقتها لحركة سيارات الأفراد، فهي وبكل استخفاف تراها تتوجه لمنتصف الطريق تارة وليمينه أو يساره غير آبهة بما تحدثه من فوضى، والغريب أني لا أرى رجال مرور يشرفون على تنظيم الطريق في وقت يعد أشد أوقات الذروة، ولا أفهم كيف لهذه الشاحنات أن تفعل وأنظمة المرور واضحة في منع تحرك أي شاحنة في وقت الذروة تقديرا منها للزحام الشديد، كما أن القوانين تلزم كافة الشاحنات التزاما تاما بالسير في الجهة اليمنى من الطريق، فلم تستهين بأرواحنا وأوقاتنا في الصباح الباكر، ولم تتعمد تغيير مسارها يمنة ويسرة دون مراعاة لأي سيارة على الطريق؟
أما قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله ـ حفظه الله ـ بعلاج المصابين في المستشفيات الحكومية وعلى حساب الدولة، فهذا قرار متوقع قبل صدوره من قيادتنا ولله الحمد، ولكني أستفسر عن موقف شركات التأمين من هذا القرار، والتي يفترض أنها المتكفلة بعلاج العمالة الوافدة، فماذا ستقدم للمصابين؟ وهل ستقدم دعمها للمستشفيات الحكومية أم أنها ستنأى بنفسها عن ذلك كله؟! علينا إلزام شركات التأمين بجزء من مهامها على الأقل.
ثم على شركات الغاز وغيرها من الشركات التي تستخدم الشاحنات التأكد من عدم تكليف سائقين العمل أكثر من ساعات العمل المحددة رسميا وهي ثمان ساعات يوميا، واستخدام نظام المناوبة بدل ساعات العمل الإضافية، التي يتجه إليها العامل رغبة في الحصول على دخل إضافي، ولنحصد نحن الخسائر البشرية والمادية.
ومن هذا المنبر الإعلامي أوجه كلمة فخر لشبابنا الذين أظهرت هذه الكارثة معدنهم الخير، إذ وقف الكثير منهم صفا واحدا في محنتنا تلك، فكان بعضهم يساعد رجال الدفاع المدني وآخرون يقدمون الإسعافات الأولية وآخرون يقدمون دماءهم لعلها تساعد في إنقاذ أرواح المصابين، والشكر موصول لتلك الأسر التي زرعت في نفوسهم نخوة الرجال، ولكني أخجل من صورة أخرى ظهرت على الساحة في يوم أحزننا جميعا، صورة شباب متهور فاقد لأي إحساس بالمسؤولية سارع لنشر الفوضى وعلى مرأى العالم، ودون أي إحساس بالحياء، واستفسر منهم ماذا سيقول كل منهم لأمه ووالده ولإخوته ولأبنائه عندما تتناقل شبكات الإنترنت صورته وهو يبحث في الحطام.. لا على أرواح ينقذها بل على فتات يسرقه، هؤلاء عليهم تحمل قبح أعمالهم، ونيل عقوبة تصرفهم الذي يخلو من أي إحساس بالإنسانية، فهم لم يكونوا جوعى يبحثون عن فتات يقتاتونه، بل كانوا وكما أظهرت صورهم من أسر سعودية متوسطة، شباب يهوى المغامرة والهزل وفي وقت الجد، وكما أطالب بمعاقبة هؤلاء أتمنى تكريم شباب كانت وجوههم وأجسادهم حاملة للهم العام، بذلوا كل طاقتهم لمساندة رجال الدفاع المدني والقطاع الصحي فبارك الله لنا بهم وأكثر من أمثالهم.
ومن المهم جدا أن تعمل وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي على إدخال مبادئ الإسعافات الأولية ضمن مناهج التعليم، وعدم تخصيص ذلك بالبنين دون البنات، فالحوادث محتملة الوقوع وعلينا أن نكون مستعدين دوما لتقديم العون، وقت الحاجة لا سمح الله، علما أن الإسعافات الأولية جزء لا يتجزأ من مواد التعليم في مراحل التعليم في كثير من دول العالم الغربي والشرقي، ومن المفيد جدا الأخذ بهذه السياسية وتفعيلها على أرض الواقع.
وأكرر تساؤلي؛ أين عين ساهر من ذلك كله؟
أطالب بتشديد الرقابة وتعظيم الغرامة لتصل إلى منع السائق والشاحنة من العمل، وتغريم الشركة المالكة مبالغ مالية عظيمة، لعل ذلك يمنع أي شاحنة من التحرك داخل المدن في وقت الذروة، سواء في هذا الشارع أوفي غيره، فحجم كارثة الرياض على عظمها كانت هينة مقارنة بما كان سيحدث -معاذ الله- لو حدثت في السابعة صباحا في يوم من أيام الدوام الرسمي، رحم الله الموتى في انفجار الرياض وفي حادثة بقيق، وألهم أهلهم الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه .

 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط