اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/497.htm?print_it=1

القطاع الخاص.. وراتب1500

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام



القطاع الخاص، قطاع ذو شجون فيه كثير من الخير، كما فيه كثير من الظلم، فقد ينال الموظف فيه راتبا يحمل خمسة أصفار وأكثر، وقد ينال العامل فيه بضع عشرات


منذ أيام، جلست أمامي سيدة فاضلة أعرفها منذ سنوات طالبة التحدث معي على انفراد، عندها عرضت مشكلة عايشتها وزميلات لها يعملن في شركة خدمات خاصة، بينها وبين (جامعة الدمام) عقد عمل، مبينة أنها ولمدة تجاوزت خمس سنوات تعمل براتب 1500 ريال، وحالها هذا هو حال زميلاتها، في حين وظفت الشركة مؤخرا موظفات براتب 2000 ريال، وهنا استفسرت عن مؤهلاتهن وخبراتهن فلعلهن يتفوقن عليهن في ذلك، فأكدت أنهن مثلها يحملن شهادة الثانوية، بل لم يسبق لهن العمل من قبل، أي يفتقدن الخبرة، ثم أشارت إلى أنها وزميلاتها ومنذ قرابة العام تقدمن للشركة بطلب رفع رواتبهن لتكون 2000 كمستحق (حافز)، فاعتذرت الشركة مبررة بأنها لا تملك الإمكانية لرفع رواتبهن، وبالتالي صبرن خوفا! كنت مدركة أن الحاجة كانت وراء ذلك الخوف الذي ألجم ألسنتهن، خوفهن من خسارة ذاك العمل المجحف، هذا هو السبب الكامن وراء صبرهن.
هذه الشابة أحترمها جدا وأفخر بها، وأعرف يقينا تفانيها في العمل وحرصها عليه، بل سخاءها في تقديم خدماتها، وأعرف يقينا أنها تملك من الدورات ما يؤهلها لتكون إدارية، إذ حازت على دورات في الإدارة والتقنية، وقد سبق أن طلبت ولأكثر من مرة مساندتها في تركيب وتشغيل وتعديل مسار أجهزة كمبيوتر اعتادت التمرد، فتفعل وكأنها لم تفعل.. تدخل هونا لتصلح الخلل وتخرج هونا، هذا هو ديدنها دوما، وفي أي عمل يطلب منها بارك الله بها.
هذه الشابة بهذه النفسية وبهذا الصوت الهادئ المستكين، وبتلك الابتسامة التي لا تفارقها، أتت تطلب استشارة حول ما يمكن لها ولزميلاتها القيام به تجاه هذا الموقف، فما الذي يمكن لي أن أقدمه لها؟!
وهنا وجدت نفسي اتصل بالجهاز المالي للشركة المعنية، فطلبت المسؤولة فيها خطابا يضم طلبهن رفع رواتبهن وقائمة بأسمائهن وأرقامهن الوظيفية، على أن تحول للدراسة من قبل الجهات المعنية في الشركة، ولا أعلم إن كانت تلك الإجابة بشارة خير أم تسويفا ينتهي إلى ما لا نهاية، على أي حال بينت لزائرتي أن عليها كتابة خطاب... إلخ، فأكدت أنها ستتوجه على الفور لأقرب جهاز كمبيوتر لكتابة الخطاب المطلوب مع جدول يحمل أسماء العاملات وأرقامهن، وهكذا غادرت المكتب.. مبتسمة كما دخلته.
بقيت في المكتب أفكر ما الحل لمثلها وزميلاتها اللائي أتمنى أن يكن مثلها في إخلاصها؟ لقد استشعرت قدر الظلم الذي غلف مشاعرها وزميلاتها، عملن لسنوات دون حوافز ودون زيادة في رواتبهن ودون أمل في الحصول على زيادة، فراتب كل منهن لا يتجاوز 1500 ريال، ولو كن يعملن في القطاع العام لما كانت هناك مشكلة في الأصل، فالأوامر الملكية حددت – بحمد الله - الحد الأدنى للأجور ضعف الراتب الذي يحصلن عليه.. أي (3000) ولكن هذا الأمر لم يشمل القطاع الخاص.
آه من القطاع الخاص.. قطاع ذو شجون فيه كثير من الخير، كما فيه كثير من الظلم، فقد ينال الموظف فيه راتبا يحمل خمسة أصفار وأكثر، وقد ينال العامل فيه بضع عشرات، وقد يكون تقييم الموظف صحيحا وعلى أسس واضحة المعالم فيكافأ المستحق وينذر المتهاون، وقد يدلل شبابنا فيه، وقد تستغل حاجتهم للعمل أبشع استغلال، وقد يتعامل معهم بمهنية عالية، وقد يحتال لاستنزافهم دون مقابل، وقد يستخف بهم ويتم ترويعهم.
ومن هنا، أطالب وزارة العمل بالإعلان عن صحة الخبر الذي قيل إنها مصدره، والذي تحدث عن وجود ترتيبات خاصة لرفع الحد الأدنى لرواتب القطاع الخاص ليتعدى حاجز الـثلاثة آلاف ريال، وأتمنى أن تفعل هذه الترتيبات بأسرع وقت، على أن تنظم آلية للرقابة على هذا القطاع، وأن توضع ـ في المقابل ـ تسهيلات تقدم للقطاع الخاص تكون كحافز له للتنفيذ.
وفي المقابل، أتطلع لأبنائنا وبناتنا العاملين والعاملات، أو الراغبين في العمل في القطاع الخاص الإقبال على برامج التدريب، والحرص على أداء العمل على أكمل وجه مهما كان العمل بسيطا، فالجد والاجتهاد يرفعان- بإذن الله - من قيمة الموظف، ويفرضان احترام الآخرين له، وبإمكان القطاع الخاص توفير برامج تدريبية لموظفيه تهدف لرفع مؤهلات الموظف، على أن يسدد رسوم التدريب في حال تركه الوظيفة دون سبب وجيه، ومن المهم جدا معرفة موظفي القطاع العام والخاص بحقوق كل منهما وواجباته، وعدم خجل الموظف من طلب الاطلاع عليها والاستفسار عن المبهم منها.
ولا بد عند الحديث عن ضوابط الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، المرور دون التوقف عن (صندوق تنمية الموارد البشرية) والذي يسعى إلى توفير الأمن الوظيفي لموظفي القطاع الخاص، فهو يتحمل نسبة من راتب من يتم توظيفه في منشآت القطاع الخاص بعد تأهيله وتدريبه، وكذلك من يتم توظيفه في هذه المنشآت بالتنسيق مع الصندوق، على أن يدفع صاحب العمل النسبة المتبقية من الراتب، ويكون تحمل الصندوق لهذه النسبة لفترة لا تزيد على سنتين، وهو المشرف على تنفيذ الأمر الملكي والقاضي بزيادة رواتب المعلمين والمعلمات في المدارس الأهلية بحيث يبدأ بـخمسة آلاف ريال بالإضافة إلى ستمائة ريال بدل نقل، وبدعم من الصندوق بـ(50%) من تلك الرواتب، ولفترة تستمر لمدة خمس سنوات، وأجد أنه من المناسب جدا إنشاء إدارة في كل من (وزارة العمل) و(صندوق تنمية الموارد البشرية) لوضع خطط قابلة للتنفيذ تكمل بعضها بعضا وتصب في مصلحة الموظف وصاحب العمل على السواء .



 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط