اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/635.htm?print_it=1

ليخرج من سورية على أية حال

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
@OmaimaAlJalahma
اكاديمية سعودية في جامعة الدمام


دأبت أميركا وغيرها من دول العالم على شجب المافيا السورية وقائدها بشار، وهم باكتفائهم بهذا الشجب إنما يصبون الزيت على النار، مستمتعين بتلك الأجساد التي تقتل على مرأى من العالم.


من كانت المشكلة متحققة بذاته لا يمكن أن يكون جزءا من الحل، هذه هي حالة بشار الأسد الذي كان السبب في قتل مئات الألوف وتشريد الملايين من السوريين، الذي استخدم الأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا ليقتل ويشوه مواطنيه.

لقد ظل فقيدنا الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السابق -يرحمه الله- يجوب العالم لسنوات موضحا خطورة بشار على مواطني بلاده. فلم ينل من الدول العظمى إلا وعودا وتسويفا استمر إلى يومنا هذا، ليتفاقم الوضع السوري من سيئ إلى أسوأ، ولتتسع المشكلة وتتشعب وبشار ما زال قابعا على أنفاس الشعب السوري.

واليوم يكمل وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مسيرة الأمير سعود الفيصل، ويؤكد ثبات المملكة على موقفها من أن رحيل بشار أمر مؤكد سواء أكان ذلك عن طريق تحركات سياسية أو عبر هزيمة عسكرية، فليخرج من سورية على أية حال، هذا الموقف أكده الوزير الجبير في موسكو وبريطانيا وهنا وهناك.. لكن العالم بما فيه الدول التي يحلو لها تسميتها بالدول العظمى أصابها العمى والصمم والبكم. لا ترى ولا تسمع ولا تستطيع النطق إلا بما يثبت أنها كائنات معاقة أخلاقيا.

دأبت أميركا وغيرها من دول العالم على شجب المافيا السورية وقائدها بشار، وهم باكتفائهم بهذا الشجب يصبون الزيت على النار مباركين ازدياد اشتعالها، مستمتعين بتلك الأجساد التي تقتل على مرأى من العالم.

وبعد هذه السنوات أصبحت أتهرب من أي مواطنة سورية؛ ففي بداية الأزمة كنت أقف لأسلم عليها وأستفسر عن أحوال أهلها في سورية وأدعو لهم بالنصر القريب، ولكني اليوم إما أن أكتفي بالدعاء لهم أو أعمد إلى التهرب منها؛ إذ لا أملك النظر في عينيها ولا التحدث معها حول الوضع الذي تضخم إلى درجة تجعلنا نخجل من عجزنا عن نصرة المظلوم. وأتساءل: هل سيغفر لنا معشر العرب من مات أو جرح من هذا الشعب الأبي، وهل سينسى الطفل الذي فقد والديه وعاش يتيما، أننا عجزنا عن تحريك العالم الذي يحلو له البقاء على حاله من السبات الشتوي؟!

أعلم أن مهمة الوزير الجبير صعبة للغاية في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها المنطقة، فعدونا الصفوي الإيراني يترصد لدول الإقليم ولنا خاصة، كما قال الدكتور عبدالله الطاير في برنامج (استديو 24) الذي بث في الأيام الماضية، موضحا أن إيران منذ ميلاد الثورة الخمينية قبل أكثر من ثلاثة عقود بدأت تولد وتحشد وتغزو الخلايا النائمة في دول المنطقة، من خلال تشكيل أحزاب وميليشيات وإعلام مضاد وممن يطلقون على أنفسهم حقوقيين وأن ايران عمدت إلى استثمار هذه الخلايا لسنوات، وهذا ما يؤكده الواقع في لبنان والبحرين واليمن وحتى الكويت والعراق، فهؤلاء جنود إيران في دولهم الأم.

وقد نبه الدكتور في تلك المقابلة إلى ضرورة اهتمام دول الخليج بما أطلق عليه أدوات السياسة الناعمة كالقنوات التلفزيونية الناطقة بالفارسية على سبيل المثال، وأنا أضيف أنه من الضروري استخدام قنوات للتواصل الاجتماعي لنسمع صوتنا من خلالها لكل من الكيان الصهيوني ولإيران والعراق واليمن، كل بلغته الخاصة، إذ إن مواقع التواصل الاجتماعي (توتير وفيسبوك) وغيرهما هي الآن في متناول الإنسان المعاصر، وانتشار المعلومة من خلالها أبسط بكثير من التلفزيون ومحطات الإذاعة.

كما أتفق مع الدكتور عبدالله فيما أشار إليه من أن إيران الداعمة لبشار تجند السنة وغيرهم من خلال محاولاتها إظهار نفسها للعالم على أنها تمثل الإسلام الحقيقي؛ فقد استضافت القاعدة ولا أستبعد دعمها لداعش والذي قد يكون عن طريق سماسرة سلاح، وهي لن تترك بابا تدخل من خلاله لزعزعة أمن دول الخليج إلا واقتحمته.. فقد أحرقت سورية على يد خادمها بشار الأسد، كما فعلت قبلها في العراق، ثم عمدت إلى استعباد اليمن كما فعلت في لبنان، وهي الآن تتطلع إلى البحرين والكويت؛ تمهيدا لتهديدنا في عقر دارنا -رد الله كيدها في نحرها- بل أعتقد أنها سهلت تمويل داعش بالسلاح سواء كان دعما مدفوع الثمن أو لم يكن، ولا أستبعد أن مقربين من التنظيم الداعشي يدركون ذلك، وإلا لم لا نتابع تحركات إرهابية داعشية عراقية في إيران مماثلة لما يقع على أرضنا، مع أن حدود العراق ملاصقة لحدود إيران؟! ولا أشك مطلقا أنهم استطاعوا تجنيد شبابنا المغيب ليوجه طلقاته إلى صدرونا، تاركا إيران تتابع تحركاته وتموله بالسلاح والمال وبالتدريب أيضا.

إيران لن تتخلى عن بشار لا لأنها مخلصة له، بل ليكون نموذجا لكل من جندته، فهي كالكيان الصهيوني لا تتخلى عن عبيدها ليس حبا فيهم بل حبا في نفسها، ولتضمن ولاءهم المطلق، وبالتالي أفهم إصرار بلادي على رفض أن يكون بشار جزءا من الحل ليس فقط لأنه هو بحد ذاته لب المشكلة السورية، بل لأن الجلوس معه على طاولة تجمعنا والمجتمع الدولي يعد اعترافا بوجوده الاعتباري كممثل للنظام السوري، وهذا بالتأكيد سيحسب لصالح الحكومة الإيرانية وسيعد نجاحا للسياسة الصفوية. فإيران وأعوانها كالسبحة إذا انقطعت تساقطت وحلفاؤها الواحد تلو الآخر.


 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط