صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مستقبل الكيان الصهيوني

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
آمل أن يضع القارئ نصب عينيه وهو يقرأ هذه الأفكار المتعلقة برغبة وسعي الصهاينة في تقسيم العراق، ظهورها للساحة عام 1997م، أي قبل سنوات من الآن، هذا إذا لم يسبق صهيوني آخر (إفرايم سنيه) في إعلانه لهذه الرغبة..!

أنوي اليوم عرض بعض ما جاء به كتاب تم نشره عام 1997، (إسرائيل بعد العام 2000) الكتاب الذي نال حظاً من اهتمام بعض الأوساط الإعلامية العربية، خاصة الخليجية منها، أما السبب وراء عرضي لبعض ما جاء فيه، ونحن في عام 2004، فيرجع لأهمية كاتبه ومحتواه هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن الاهتمام الإعلامي العربي بمضامينه لم يرق لأهميته..وهذا ما آمل بيانه هنا.
لقد عمد الكاتب الجنرال الدكتور(إفرايم سنيه) في كتابه (إسرائيل بعد العام 2000) لتوضيح رؤيته فيما يأمل أن يكون عليه حال الكيان الصهيوني بعد أعوام، الحال الذي لن ينتهي كما يشتهي إلا بالتخطيط والعمل الجاد الدؤوب، والذي يجب أن تتحد لأجله كافة الاتجاهات الصهيونية الداخلية منها والخارجية..
وقبل إلقاء الضوء على محتويات هذا الكتاب... أرى أن من الواجب التوقف عند السيرة الذاتية لصاحبه، لعلنا نفهم الأهداف التي دفعته لتأليف هذا الكتاب ومن ثم نشره..

ولد (إفرايم) في فلسطين المحتلة عام 1944، إبان الانتداب البريطاني، ودرس الطب فيها، وفي مرحلة دراسته تلك التحق بالجيش الصهيوني كطالب، ثم كطبيب بعد تخرجه، شارك في عدة حروب، وبعد إنهائه للخدمة العسكرية تم انتخابه كعضو في الكنيست عن حزب العمل، وعمل في اللجنة الخارجية والأمن، أهم اللجان البرلمانية الصهيونية حسب زعمه، كما عين وزيرا للصحة في حكومتي رابين وبيريز.... وجدير بالملاحظة أنه ما زال عضواً في الكنيست الحالي...
أما السبب المباشر وراء كتابته لهذا الكتاب، فأفضل ترككم وتبريراته التي أعلنها هو نفسه، ففي عرض حديثه عن أوضاع جيش الكيان الصهيوني إبان مجريات حرب 1973م قال: (واجهتنا أيام كنا ننسحب خلالها عاجزين، بينما تطالعنا مشاهد مخجلة من التراجع والفزع... واجهتني ليال لم استطع النوم خلالها، فبسبب انهزامنا كنت أمضي الليل متسائلا: (كيف حدث كل هذا لنا؟) ثم أضاف أن الدرس الذي أستخلصه من هذه التجربة هو: (علينا ألا نتذوق مرة أخرى طعم العار والهوان... وعلى الجيش الإسرائيلي ألا يهزم أبدا)..!!

كما صرح (إفرايم) أن هذا الكتاب هو التعبير عن وجهة نظره في أقرب الموضوعات إلى قلبه وأهمها، وهو مستقبل الكيان الصهيوني، كما أكد أنه وعلى فرض وجود اتفاقات سلام فإن ذلك لن يكون كافيا لتحقيق الأمن، فالسلام لن يحقق- بزعمه - الأمن للكيان الصهيوني دون اقترانه بتفوق عسكري لإسرائيل... مؤكدا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن الاعتراض على وجود دولة يهودية في هذا المحيط العربي الإسلامي، حتى وإن خف أو استكان لسنين طويلة، فهو قابل في يوم ما لأن يستيقظ وينهض، كما أشار إلى أن على الكيان الصهيوني ألا يتخلى عن رغبته وسعيه واستعداداته لإعادة تشكيل المنطقة حسب احتياجاته الخاصة، وهذا ما سيتحقق بحسب رأيه لو أنه حرص على تأمين نفسه من الأخطار حتى البعيدة عنه، وعمد على تثبيت ثقته بقدراته كقوة إقليمية عظمى من الناحيتين العسكرية والتقنية...!

واللافت للنظر أنه تحدث في كتابه هذا عن مواقف الكيان الصهيوني من بعض دول المنطقة فتحدث عن الأكراد والعراق وإيران وغيرهم، مبينا الخطط الصهيونية المتعلقة بسعيها لتغيير الساحة السياسية للمنطقة، الخطط التي يأمل أن ترى النور فيما بعد عام 2000، فعن أكراد العراق قال: إنها مشكلة ليس من المستحيل حلها، ثم تساءل: هل هناك مصلحة للكيان الصهيوني في حل مشكلة الأكراد؟ مجيباً بالإيجاب على هذا السؤال... فقد وضحت وتحددت هذه المصلحة خلال سنوات الستينيات والسبعينيات الماضية، إذ ساعد ضباط إسرائيليون في تلك السنوات قوات (الملا مصطفى البرزاني) في حربه ضد الجيش العراقي... ثم أعقب كلامه بقوله: (نحن ندرك أننا قادرون على خلق حليف فعال في الأيام القادمة) ولم يكتف بذلك بل وضح أنه لا يشك ألبته أن ما بعد عام 2000، ستشهد المنطقة وجود كيان كردي مستقل أو ذي حكم ذاتي، وإذا أخذنا بعين الاعتبار العلاقات الماضية بين يهود كردستان وجيرانهم والدعم الإسرائيلي للأكراد في الماضي، يمكن الافتراض بأن كيانا كرديا كهذا سيكون صديقا لإسرائيل، ولذلك يجب علينا أن نساعد الأكراد... للإسراع في إقامة كيان كردي...!
وهنا يجوز لي ترك التعليق على حديث الجنرال الدكتور (إفرايم) عن إمكانية حل المشكلة الكردية... وكيفية حلها، والنتائج الإيجابية المترتبة على هذا الحل من الوجهة الصهيونية، لأبسط متابع لتحركات مجلس الحكم المحلي في العراق... وممثليه !! وللمجلس الذي تتحرك معظم أبجدياته بيد سلطة المحتل الأمريكي، الحليف الأول للكيان الصهيوني..! كما آمل أن يضع القارئ نصب عينيه وهو يقرأ هذه الأفكار المتعلقة برغبة وسعي الصهاينة في تقسيم العراق، ظهورها للساحة عام 1997م، أي قبل سنوات من الآن، هذا إذا لم يسبق صهيوني آخر (إفرايم سنيه) في إعلانه لهذه الرغبة..!

كما تحدث الدكتور(إفرايم) وبوضوح إلى أنهم عندما يتحدثون كإسرائيليين، عن إسرائيل في العشر سنوات القادمة: (يجب أن نفكر جيداً في علاقتنا مع العراق بعد صدام، فالعراق عندها سيكون مختلفاً وديمقراطياً، ذا هيكل سياسي اتحادي (فيدرالي) من الجنوب شيعي... ووسط سني... وشمال كردي..) !!
يبدو أن (إفرايم) هنا تجاهل عن عمد حقيقة واضحة تتعلق بالعراق كما يعرفها العالم، فالعراق وعلى مر عصورها كانت كياناً واحداً، صارعت وكافحت لتبقى واحدة... ولا أعتقد أن تقسيمها ولو بشكل اتحادي مقبول..

ومن الطبيعي أن يتطرق (إفرايم) للعلاقات الصهيونية الأمريكية على اعتبارها الحليف القوى لكيانهم الصهيوني، و كمزايد على قوة تلك العلاقة قال: (يجب مناشدة واشنطن بدون توقف من أجل القيام بدورها كدولة عظمى وحيدة لقيادة عملية كبح إيران وسد الطريق النووي أمامها) مؤكداً أن مواقف واشنطن تجاه إيران والتي تتسم بالصلابة غير كافية، قائلا: (فمن جميع التحديات المشتركة المرتقبة لإسرائيل والولايات المتحدة في العقد القادم، يبدو الخطر الإيراني هو الأكثر أهمية، ولذلك يجب الاستعداد له منذ الآن)!! معلنا أنه - أي الكاتب - كان أول عضو كنيست طرح على جدول الأعمال خطر إيران القومي على إسرائيل وذلك عام 1996...
ثم أكد أن التفوق النوعي حسب زعم الكاتب يعني امتلاك إسرائيل القدرة على تطوير وإنتاج أنظمة التسلح، التي من شأنها منحها أفضلية إضافية في ميدان المعركة، كما يعني امتلاكها القدرة على تحقيق المفاجأة، مبينا أن هذا التفوق هو الذي سيأتي بالعرب على موائد المفاوضات وهو الذي سيفرض عليهم قبول أطماعها...!

وقبل أن أختم حديثي هذا أود أن أطرح ما طرحه في كتابه من واقع رائع... أن يعترف به أحد ساسة الكيان الصهيوني فقد قال: (إن إسرائيل المحتلة من البداية إلى النهاية... كيان صغير... بل ضئيل محدود المساحة... والسكان... والإمكانيات، ومهما يكن ما حققه فإن القزم لا يستطيع أن يصير عملاقاً،ومهما كان تقدمه العلمي والتكنولوجي فإنه عاجز عن أن يجعل الأرنب فيلاً سواء بالهندسة الوراثية... أو غير الوراثية..) !!

ألا تتفقون معي في أن (إفرايم) يتسم بعد كل ما قال... بواقعية تحجم من تطلعاته، وتطلعات الكيان الصهيوني، فكيف للأقزام مناطحة العماليق، وكيف للأرانب الوقوف أمام زحف الفيلة...!؟

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط