اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/75.htm?print_it=1

هيئة الإغاثة.... أيام كالدهر!

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
المسلمون في أنحاء المعمورة يتطلعون لهذه الهيئة وللبدء في نشاطها أكثر من تطلعنا كمواطنين، وكيف لا يكون هذا حالهم وأبواب الخير التي كانت دوماً مفتوحة لهم بدت هذه الأيام موصدة في وجوههم، أبواب كان الأجدر بها اليوم قبل الأمس أن تمد يد العون وبشكل فاعل ونشط لفلسطين المشردة على أرضها وللعراق التي تحترق بأهلها

لا أعتقد أني قادرة على توضيح زاوية واحدة من صورة، ظهرت لي واضحة المعالم، ولا أعتقد أني قادرة على الصمت لأن الأغلبية صامتة، كما لا أعتقد أننا جبناء، أو أننا أمة خرجت عن القانون،وبالتالي أرفض أن نعامل وكأننا كذلك... كما أرفض أن تنسب لأحدنا الخيانة، لمجرد وجود شبهة ظنية... قد تدفعنا للبحث عن أسباب ومسببات وجودها، ولكنها وبالتأكيد... وفي كل أحوالها ستبقى ظنية، والظن لا يغني من الحق شيئا، وبالتالي فمن المحال أن يكون الظن دليل إثبات....
تهمة الإرهاب لم تلحق بنا كأفراد، بل كمؤسسات تعليمية واجتماعية بل وحتى خيرية، بل تعدت ذلك كله لتصل لاتهام الوطن بكل رموزه الدينية والسياسية والثقافية المعتبرة، تهمة استوجبت من بعضنا- مع الأسف - السعي الحثيث لرفعها ولو اقتضى ذلك التشبه بالآخر، في حين واجهها آخر باستسلام مذل، استسلام لا يليق بصاحب الحق، أما ذاك الواقف بعيداً، فأخشى أن يبقى بعيدا، فنفقد ببعده إخلاصاً وتفانياً ووفاءً، وتميزاً يحاول البعض تشويه ملامحه، وإطفاء بريقه، أخشى أن نخسر ببعده لسان الحق، أخشى أن نصم آذاننا، لنصاب في نهاية الطريق بعمى الألوان لا نفرق معه بين الأبيض والأسود...

إن الحرب الإعلامية المنظمة ضد المملكة العربية السعودية بكافة مؤسساتها السياسية والتعليمية بشكل عام، والخيرية بشكل خاص بزعم دعمها للإرهاب تهدف وكما أكد الدكتور محمد بن عبد الله السلومي، في كتابه (القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب) لقطع تواصل وطننا مع الشعوب والدول الإسلامية...وللقضاء على قوة الروابط المشتركة بين المملكة العربية السعودية وبين العالم الإسلامي وشعوبه، فتلك الحملات أيا كان مصدرها لا تخرج عن محاولات فصل السعودية عن مكانتها الدينية والعلمية والدعوية والإغاثية وللحيلولة دون تدعيم قوتها السياسية، التي تتمتع بها في العالم الإسلامي وغيره، كما أكد أن هذه الحملة لم تفرق بين المؤسسات المعنية بالداخل أو بالخارج، فالكل نال نصيبه من الحملة حسب قوة مؤسساته الخيرية سواء المعنية بالداخل أو الخارج.

لا شك أن كثيراً منا سمع عن (الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية في الخارج) التي صدر القرار بإنشائها في 6/ 1/ 1425هـ، للقيام بجميع الأعمال الخيرية والإغاثية في الخارج، الهيئة التي وعدنا بالاطلاع على نظامها وكيفية عملها فور الانتهاء من إجراءات تأسيسها، على ألا يستغرق ذلك التنظيم الإداري سوى أسابيع، الفترة التي بدت للكثيرين كالدهر في طوله، فالمسلمون في أنحاء المعمورة يتطلعون لهذه الهيئة وللبدء في نشاطها أكثر من تطلعنا كمواطنين، وكيف لا يكون هذا حالهم وأبواب الخير التي كانت دوماً مفتوحة لهم بدت هذه الأيام موصدة في وجوههم، أبواب كان الأجدر بها اليوم قبل الأمس أن تمد يد العون وبشكل فاعل ونشط لفلسطين المشردة على أرضها وللعراق التي تحترق بأهلها.

وأنا هنا آمل من القائمين على إعداد نظام إداري لهذه الهيئة الأخذ بعين الاعتبار نجاح معظم جمعياتنا الخيرية المميز في مجال الإغاثة والدعوة في الخارج ؟ نجاح من الصعب التهاون به أو التقليل من قدره، آمل منهم أن يعمدوا على إعداد شكل إداري لا يلغي نشاط هذه الجمعيات بل يقوم على تنظيمها والإشراف عليها ولو بشكل مباشر، فلا بأس أن يشترط في العاملين فيها الحصول على ترخيص رسمي للعمل في المجال الإغاثي والدعوي، ولا بأس في تنظيم انخراطهم في مجال الإغاثة الخارجية بشكل رسمي، ليكونوا كغيرهم من العاملين في المؤسسات الحكومية الخارجية، ولا بأس أن يحوي مجلس إدارتها رؤساء تلك الجمعيات، ولا بأس بعقد اجتماعات دورية لها، ولا بأس باستدعائها لمن تشاء من القائمين على أنشطة هذه الجمعيات لمناقشة إيراداتها ومصاريفها،ودراسة توصياتها، وتسهيل مهماتها، ولا بأس في تخصيص كل جمعية منها بدول معينة، أو بنشاط معين، لا بأس بكل هذا، أما الرأي الذي يذهب لإلغائها تماما من الوجود وكأن لم تكن، فهو يعني إلغاء جهود مميزة وفريدة استمرت سنوات، يعني إلغاء خبرات أثمرت خيراً عظيماً...يعني تعطيل قدرات مميزة لرجال مميزين في وطننا الغالي، رجال اتخذوا من العمل الإغاثي على ما فيه من تضحيات سبيلاً للحياة..

آمل أن تكون هذه الهيئة القلب النابض لكل نشاط خارجي يخرج من بلادنا، القلب الذي لا يتوقف عن العطاء، فتوقفه يعني الموت للكثيرين من المسلمين الذين ربطوا حياتهم بعد الله، بعطاء أرض الحرمين، كما آمل ألا يكون مصير هذه الهيئة الخيرية، كمصير كثير من مؤسساتنا الحكومية محكوم بروتين معطل وقاتل لآمال عظام، آمل أن نقبل على الخير كما كنا وبشكل أكثر فعالية، وأخيراً آمل أن ترفع هذه الهيئة اللثام عن وجهها قريباً، لعل أرواحنا تستريح وتستكين...
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط