اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/omima/87.htm?print_it=1

لعلهم لا يعلمون

د. أميمة بنت أحمد الجلاهمة
أ
كاديمية سعودية .. جامعة الملك فيصل الدمام

 
القرآن الكريم مليء بالشواهد الدالة على عظم مكانة عيسى ومريم عليهما السلام، ولكن الباحث إذا ما حوَّل ناظريه للتعاليم اليهودية فسيجدها تتحدث عنهما بشكل فاضح لا يملك أمامها إلا العجب والاشمئزاز...

حدث في طفولتي المبكرة وفي حديث لي مع الوالد رحمه الله، أن أشرت إلى النبي عيسى عليه السلام، فذكرت اسمه مجردا، عندها قاطعني مستنكرا: (أن المسلم مأمور بتوقير أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، فهم صفوة خلقه سبحانه اختصهم بتبليغ الرسالة..) إلى هنا قد يكون الأمر عاديا لا يستلزم الإشارة إليه.. فجميع المسلمين يدركون أن الإيمان بالأنبياء عليهم السلام وتوقيرهم من أركان الإيمان..

لكن الذي دفعني للحديث عن هذه القضية هو الفرق الشاسع بين حديث التعاليم اليهودية،عن عيسى وأمه عليهما السلام وتعاليم الإسلام، فالقرآن الكريم مليء بالشواهد الدالة على عظم مكانتهما، وما إطلاق اسم مريم عليها السلام على إحدى سوره إلا دلالة واضحة على مكانتها الرفيعة في هذا الدين العظيم، الدين الذي أعلن إيمانه بطهارتها من كل دنس، كما أن حديث القرآن الكريم عن المعجزات التي أجراها المولى سبحانه على يدي عيسى الشريفتين فاق كل ما ذكر في العهد الجديد كتاب النصارى المقدس،هذا هو نفس المنهاج الذي سارت السنة الشريفة في حديثها عنهما عليهما السلام، ولكن الباحث إذا ما حوَّل ناظريه للتعاليم اليهودية فسيجدها تتحدث عنهما بشكل فاضح لا يملك أمامها إلا العجب والاشمئزاز..

وفي هذا الشأن أورد دوغلاس ريد بعض ما ورد في الموسوعة اليهودية، التي جاء فيها: (إن ما جاء في الأساطير اليهودية، وفي التلمود.. وفي المواعظ داخل المعبد، وفي كتاب "حياة المسيح" كل هذه المصادر تمتلكها نزعة عدائية، بدئ باستخدامها في القرون الوسطى، وتهدف للانتقاص من شخصية السيد المسيح - عيسى عليه السلام - وتلصق به تهمة الولادة غير الشرعية، الساحر، وتسميه "هذا الذي ليس له اسم" و"الكذاب" و"المدعي النبوة" و"ولادة غير شرعية".. "مختل العقل" و"عابد الأصنام" و"كافر عديم التقوى") و"ابن الحطاب" و"كلب ميت" كما بين أن كتاب "حياة المسيح" ينص: (على أن عيسى عليه السلام سيتم تعذيبه في جهنم بغطسه في ماء مغلي ووسخ ملوث)، ويقول التلمود: (يسوع الناصري ابن غير شرعي، حملته أمه وهي حائض سفاحا من العسكري بانذار) كما يقول: (مات يسوع كبهيمة ودفن في كومة زبالة) ومما قال: (يجب على كل يهودي أن يلعن كل يوم النصارى ثلاث مرات، ويطلب أن يبيدهم ويفني ملوكهم وحكامهم) وذكر أيضا: (إن اليهودي الذي ينتابه شعور نبيل تجاه المسيح يفقد يهوديته) و(من يفعل خيرا للمسيحيين فلن يقوم من قبره قط، لذا يجب السعي دائما لقتل المسيحيين).

كما يذكر التلمود (عندما يحتاج النصراني إلى درهم، فعلى اليهودي أن يستولي عليه من كل جهة، ويضيف الربا الفاحش إلى الربا الفاحش حتى يرهقه ويعجز عن إيفائه ما لم يتخل عن أملاكه، أو حتى يضاهي المال مع فائدته أملاك المسيحي، عندئذ يقوم اليهودي على مدينه، وبمعاونة المحاكم ليستولي على أملاكه، وبهذا الطوق يخنقه وينتزع قلبه من جسده حتى يميته) و(عندما يركض اليهودي ويبحث في كل مكان طول الأسبوع عن نصراني ليغشه، فإن عمله يماثل يوم السبت المقدس ويحق له أن يفاخر بعمله).

ويقال: إن معظم هذه النصوص اختفت من التلمود في طبعاته الجديدة، إثر فتوى دينية أطلقها الحاخامات في القرن السابع عشر، والتي تضمنت الآتي: (نأمركم تحت خطر التحريم، بعدم طبع أي شيء من الإصدارات اللاحقة كما هي "المشنا" وكذلك "جماره" حسنا أو سيئا عن أعمال المسيح الناصري، وإلى جانب هذا كونوا مثل الحلقة على شكل (o) لتحذير الحاخامات ومعلمي المدارس، والتأكيد على أن هذه النصوص يجب أن تدرس التلاميذ الشباب فقط شفهيا، وهذه التحذيرات تمنع اتباع يسوع الناصري بكل الإمكانات المتاحة من الهجوم علينا في هذه المسألة) {مرسوم المجلس اليهودي "سينواد" في بولونيا لعام 1631 في بولونيا}.
وهكذا ظهر التلمود حاملا صفحات كثيرة بيضاء، ودوائر هندسية لا سيما في طبعاته في المئتي سنة الأخيرة، ولم يبق من النسخ القديمة منها إلا مخطوطات عدة،منها نسخة ميونيخ، لتلمود بابل التي كتبت عام 1369م، وأخرى في فلورنتين، نسخة عام 1175م،أما تلمود أورشليم فيوجد مخطوط قديم له في ليدن بهولندا، كما توجد مخطوطات أخرى ناقصة في متاحف عديدة في العالم.
وإن كان لدوغلاس ريد رأي آخر فهو يؤكد أن تلك النصوص موجودة حاليا، فيقول: (أعيدت هذه النصوص..حسب معلوماتنا كاملة في إصدارات التلمود باللهجة اليهودية القديمة).

وحتى لا يقال: إن ما ذكر هنا محض أساطير دست على التاريخ اليهودي، أذكر جزءاً من مقال للحاخام عوفيديا يوسف، الأب الروحي لحزب شاس، قام بكتابته بتاريخ 18-سبتمبر - 1989، في صحيفة (ياتيد هانعمان)، ففيه إشارات واضحة لهذا الحقد المبطن ضد الديانة المسيحية، حيث جاء فيه: (بما أن إسرائيل ضعيفة جدا لدرجة أنها لا تستطيع تدمير كل الكنائس المسيحية في الأرض المقدسة، فإنها اضعف من أن تحتفظ بكل الأراضي التي قامت بفتحها).
إن الاستدلال على ضعف قوة الكيان الصهيوني من وجهة نظر هذا الحاخام الحاقد والمعتبر عند اليهود، هو قدرة الصهيونية على تدمير الكنائس المسيحية في فلسطين المحتلة والتي نالت تحت الحكم الإسلامي الرعاية والحماية.
الغريب في هذا كله أننا كمسلمين أشد غيرة على عيسى وأمه عليهما السلام من كثير ممن يدينون بالنصرانية، أو لعلهم لا يعلمون..
 

أميمةالجلاهمة
  • مـقـالات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط