صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







دكتور رُوان.. ليتك من أبناء ديني!

 أ.سحر المصري


دكتور رُوان ويليامز.. اسمٌ بات يبعث الاحترام في نفس من تابع تصريحه الأخير في برنامج إذاعي بريطاني يطالب فيه السماح للمسلمين بتطبيق بعض أوجه الشريعة الاسلامية في أمورهم الشخصية كالزواج والطلاق والميراث، ويفيد بأن تبني هذا الأمر في بريطانيا “أمر لا مفر منه” كونه حاصل فعلاً ولكن بطريقة غير رسمية.
وهذا ليس بالموقف الأول المُشرِّف لكبير أساقفة كنتربري الذي يرأس روحياً أكثر من سبعين مليون نصراني ينتمون للكنيسة الأنجليكية.. ففي زيارة مفتي مصر الدكتور علي جمعة لبريطانيا قال الدكتور ويليامز أن من حق المؤمنين التعبير عن إيمانهم وتقاليدهم بالطرق التي يرونها مناسبة من دون تدخل لسياسيين أو برلمانيين.. وفي شهر أكتوبر من عام 2006 ساند ويليامز المسلمين والنصارى حين قررت الدولة انهاء مظاهر الرموز الدينية ومنها النقاب والعمامة والصليب واعتبر ذلك من حق الأفراد وليس للدولة أن تتدخّل لتمنع الحرية الدينية للمواطنين. وفي نهاية السنة الماضية هاجم الولايات المتحدة واعتبرها أسوأ مستعمر ثم طالبها بتنظيم مشروع مساعدات للبلدان التي دمّرتها وتوقيف استغلالها الاقتصادي في العالم وكان قبلها قد اتهم حكومة توني بلير بأنها تساهم في زيادة التطرف بسبب سياستها غير المتزنة. كما أنه رفض في سنة 2003 انتخاب ريفيرند جين روبنسون اسقفا لولاية نيو هامبشير الأمريكية لأنه من مثليي الجنس ما يؤثِّر سلباً على الكنيسة وبالتالي المجتمع..

واليوم يقف الدكتور ويليامز وقفةً مشرِّفة مع مسلمي بريطانيا ولا يجد ضيراً من أن يطبّقوا الشريعة في بعض المعاملات بشكل رسمي من أجل الالتحام المجتمعي ما اعتبره البعض في بريطانيا كارثة وخطأ فادح.. كيف لا يكون كارثة وهو يخص المسلمين ويعطيهم بعض مساحة حرية في أمورهم..

فهِمنا القاعدة المنتشرة في زمن انقلاب الموازين.. فكل ما يمتّ للمسلمين بصِلَة يجب أن يكون له نظرة أُخرى! فرسم كاريكاتير للحبيب عليه الصلاة والسلام بطريقة مخزية “حرية رأي“.. انتهاك المقدسات وسلب الأراضي والقتل “ديمقراطية“.. النَيل من كل ما هو اسلامي وتحقيره “حرية تعبير“.. أما طلب تطبيق بعض أحكام الشريعة على المسلمين في بريطانيا فهو كارثة مع أنه لن يطال غير المسلمين منه شيئاً!!
وبالعودة للدكتور رُوان فقد تعرّض لانتقادات لاذعة ودعوات متتالية للاستقالة التي رفض الاذعان لها.. وممّن طالبوه بالرحيل كانت اليسون روف العضو في المجمع الكنسي ويليامز وقالت “لقد ألحق ضررا كبيرا.. إنه رجل طيب لكنه ينتمي الى الأوساط الجامعية ولم يتلق نصائح سليمة” ويكأنهم لم يكتشفوا قصوره وعدم أهليته لهذا المنصب طوال السنين الماضية إلا حين طالب بحق من حقوق المسلمين..
وما لفتني في كلام الدكتور ويليامز تناوله لما هو حاصل فعلاً مع اليهود حيث أن المحاكم اليهودية الأرثوذوكسية تعمل في بريطانيا.. صرّح بهذا ولم يخشَ من تناول هذا الموضوع بهذه الصراحة بالرغم من خلفية هذا الكلام عند اليهود.. وبنظره انّ المحاكم الشرعية الاسلامية ستكون مثل المحاكم اليهودية التي توجد في المملكه المتحدة ومركزها الرئيس في مدينة فنيشلي في شمال لندن ومهمّتها الإشراف على طائفة واسعة من القضايا بما فيها تسويات الطلاق ومنازعات الايجار وعقود التجار وغيرها..
حقيقةً تابعتُ حديثه الصوتي في موقع أخبار البي بي سي الانكليزية ولفتني هدوءه وطريقة عرضه لأفكاره واقتناعه بها ما جعلني رغماً عني أطيل التفكير في أمر قد يؤاخذني البعض عليه..
منذ زمن وأنا أتساءل ما هو دور رجال الدين في مجتمعنا العربي غير أن يعتلون منابر الجمعة للإرشاد ويستضيفون الزوار والوافدين من الخارج ويحدِّدون أيام الأعياد ورمضان.. ثم ماذا؟
نحن نفتقر إلى “الرجال” الذين يصدحون بالحق ولا يخافون في الله لومة لائم.. ويقولون كلمة الحق ولو عند سلطان جائر الذي هو أفضل الجهاد.. إلى متى يبقى معظم مشايخنا يتمسّحون بالسياسي الفلاني أو رجل الأعمال العلاني ليقتاتوا بعض دنيا نتنة؟ إلى متى يجترحون السيئات ويحسبون أنهم على هدى؟!
متى تعلو أصواتهم ليطالبون الحكام بأن يحكموا بشرع الله جل وعلا ويساندون من تمتلئ بهم بطون السجون وما من جريمة اقترفوها إلا انهم أرادوا اصلاحاً واسترداد كرامة ضائعة!
غصّة تنهش القلب..
إلى أي منحدر تقهقر المسلمون حتى باتوا يستجدون حقاً من حقوقهم بعد أن كانوا سادة الأمم! بالأمس أرسل جورج الثاني ملك انكلترا والسويد والنروج ابنة أخيه “دوبانت” على رأس بعثة من بنات الأشراف الإنكليز إلى هشام الثالث لتتعلم عند العرب وتعود لنشر ما تعلّمته في بلادها التي أحاط بها الجهل..
واليوم نستجدي تطبيق “بعض” أوجه الشريعة!!
متى ينتفض المارد ونستعيد أمجادنا لنُعيد للدين عزّه؟! والله إنّا لذائبون شوقاً!!
ويا مَن ارتكس في أحضان الشهوة والسلطة والمال والتَحَفَ الجبن والخوف والذل وتسوّده حاكم أو كرسي.. هذا موقف جليل من اسقف لا يدين بما ندين به.. ولكنه قال كلمته التي يؤمن بها.. فهل ستقبل أن يكون حجّة عليك؟!
اللهم اهدِه للإسلام.. وأجرِ الخير على يديه..
وسيعود غريباً.. كما وعد!
فقد بدأت ارهاصاته!


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سحر المصري
  • اجتماعية
  • أُسرية
  • دعوية
  • بوح روح
  • جراح أُمّة
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط