اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/saharlabban/7.htm?print_it=1

طرقات على الباب

أ.سحر عبد القادر اللبان

 
همّت ليلى كعادتها بالسؤال عن القادم ،لكنّ احساسا خفيا أشار إليها أن تسترق النظر من عدسة الباب السحرية.
إنّها الأخت أم محمد ،شيختي، هتفت ليلى بلا صوت ،ماذا أتى بها إلى المدينة ؟؟؟ يااااإلهي.....
كعادتها الأخت امّ محمّد كانت متى نزلت المدينة تلجأ إلى بيت ليلى للمبيت عندها،فهي لا تعرف أحدا فيها سواها،وبينهما حبّ في الله قديم، فليلى تتلمذت على يدي أم محمد في القرية ،ونهلت من معين الدين والشرع حتى شبّت، وشاء الله تعالى أن تتزوّج برجل من المدينة وتسكن فيها.
تلفتت ليلى حولها بارتباك فهالها ماهي فيه وانتابتها الأفكار :
كيف ستفتح لها؟
ماذا ستقول لو رأت الدشّ والقنوات الفضائية العابثة التي باتت وزوجها عاكفين أمامها كل ليلة؟
بماذا ستجيب لو سألتها عن الصلوات في وقتها؟ وعن قيام الليل؟ وعن تلاوة القرآن وحفظه؟
وماذا ستفعل لو سمعت الأخت أصوات الموسيقى الصادحة من غرفة الأولاد ؟ وعندما ترى ملابسهم الغربية وقصّات شعرهم الغريبة التي يتباهون بها؟
هزت ليلى صارخة دون صوت:
لا أستطيع...لن أفتح لها...لا...لا...لا.
وسرحت بالعهد الذي قطعته على نفسها أمام الله وأمام شيختها،هذا العهد الذي أصرت شيختها عليه وهي تودّعها يوم زفافها،وهي أن تكون زوجة مسلمة مخلصة،تعين زوجها على أمور دينه قبل دنياه،وأن تكون أمّا صالحة تربي أولادها على حبّ الله تعالى وعلى حبّ رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه.
كيف ستواجهها إن ذكرتها شيختها بهذا العهد ؟وكيف ستبرّر ما آل إليه بيتها بعد أن جرفتها وعائلتها الدنيا بمفاتنها،هذا البيت الذي كان من الممكن أن ينشأ منه صلاح دين ثان وخنساء أخرى.
ويعود صوت شيختها الحبيبة وهي تنادي عليها ،افتحي يا ليلى ...وتزداد الطرقات على الباب ،وتزداد معها الطرقات في قلب ليلى.
كم اشتقت إلى صوتها الرزين الخافت ،وكم أنا محتاجة إلى حضنها الحنون الدافئ ،وإلى نصائحها الطيبة.
كم أحبك يا شيختي ،ولكن سامحيني ، لا اقدر على مواجهتك ،أنا أضعف من ذلك ،لن أفتح لك ،لا أستطيع ... لا ...لن افتح،لن أفتح...
ويرتفع صوت الشيخة مناديا ، وتزداد الطرقات قوة وعنفا....
ويزداد توتر ليلى ،فتنطلق صرخة من فمها دون ارادة منها .
وإذ بيد حنيّة تهزّها بهدوء,استيقظي يا حبيبتي ،لا تخافي ،إنه مجرد كابوس مزعج، هو مجرد حلم...
فتحت ليلى عينيها ،فركتهما ،تلفتت حولها...
أين هي؟أين اختفى صوت قرع الباب ،وماذا حل بصوت شيختها ؟
جلست على السرير تحاول التركيز ،ولمحت وجه زوجها الحبيب يبتسم لها مهدئا،شعرت بدفء يديه وهو يربت عليها بحب..
وعاد رجع صوته يتردد في اذنيها مذكرا إياها انها كانت في حلم مزعج.
مجرّد حلم؟؟ إنّه مجرّد حلم ؟ الحمد لله ،اذن الشيخة لم تزرني ،الحمد لله ،الحمد لله.
الحمد لله،كان حلما مزعجا.
تنفسّت ليلى الصعداء ،هي لم تعد مضطرة لمواجهة شيختها ،الشكر لك يا الله ، أنقذتني من الاحراج ،كيف كنت سأواجهها؟
وفي المساء...وبعد أن تناولت الاسرة طعام العشاء ، جلست ليلى مع زوجها ،وقصّت عليه الحلم .
وقالت له:لم يغب وجه شيختي عن فكري طيلة النهار ،ولا ارتباكي من مواجهتها
حبيبي..انه ليس مجرد حلم ،بل هو رسالة من الله تعالى ،انذار لنغير ما نحن فيه .
خجلت من مواجهة شيختي ،والأحرى بي أن أخجل من الله تعالى.
نظر اليها زوجها مليا ،وحمد الله تعالى على أن رزقه هذه الزوجة .
وتبسّم موافقا لكل ما قالته وما ستقوم به من تغيير.
رب ساعدني وساعد كل مسلم ومسلمة أخذتهم الدنيا فانجرفوا فيها ،ساعدنا للعودة إلى محرابك ،أعنّا على ترك معاصيك،فترك المعصية أصعب من الاتيان بالطاعة.
رب ارحم بناتنا وشبابنا ويسر الهدى لهم ،نور دروبهم بأنوار الإيمان
رب ارحمنا واغفر لنا وتب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم.
اللهم آمين.

 

سحر لبّان
  • مقالات
  • قصص
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط