صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







صديقتي (2)

سارة بنت محمد حسن


صديقتي (1)

نكمل قصتي و
صديقتي
..

لا أدري بالتحديد متى بدأتُ أقتنع أن هذا الكائن
البارد يصلح لتبادل المعلومات والأفكار!!
ولا أدري أيضا متى قررت هي ذلك
..
فقط وجدنا أنفسنا
أصدقاء..!!
وأصدقاء بين النساء يعني الكلام...الكثير من الكلام...كلاما كثيرا...كلام من بعده كلام...كلام ...كلام...

ولأنه يفترض أننا أخوات نرغب أن نكون على (الجادة)..فلم يكن الكلام مثل أي كلام..!

فأكثر الكلام الذي كان بيني وبين صديقتي هو من موقف فعلْتُه أو موقف فعَلَتْه..ثم نقيمه وننقحه ونفنده ونحقق في نوايانا ونقرر منه ما وافق الشرع وما خالفه وما الذي يحسن إن تكرر أن نفعله!!

وكم استفدت من هذا الحوار..

وكم قعدنا من قاعدة شرعية !!

وكم وأصلنا من قواعد دعوية !!

نعم ((قعدنا)) القاعدة وأصلنا المسألة ..وأشهر قواعدنا !! التي اكتشفنا بعدُ أن لها أصلا في الشرع (تخيلن!!) هي قاعدة: الضرر يختلف عن المفسدة!! ولها قصة أخرى..

وهذا رزقي من الخلان..

فخير الإخوان في الله من يناقشك فيتأدب..

ويعارضك فيتلطف..

ويخطئك فلا تغضب ...

لا سيما أن لي ولها مواقف تحسب على أهل الجنون أشد جنونا ...

ولكل موقف قصة ..لا أدري بأيتها أبدأ ..

ترى...بأيتها أبدأ ؟
!

* * *
 
صديقتي
!

هل كنا ننتمي إلى حزب الجنون عندما فعلنا ذلك؟!

وهل كانت البداية عندما قررتُ لك القاعدة المفضلة: أن الضرر يختلف عن المفسدة؟

أم كانت البداية عندما ذهبتُ مع أهلي إلى الحديقة؟!

* * *

لا شك أننا يا صديقتي كنت مصابين (بشيء ما) لا يخفى على العقلاء!!

أتذكرين أنك طالما أوقفتك أخت في الشارع لا تعرفينها ولا تعرفك لتسألك سؤالا واحدا:

أختي لقد رأيت رؤيا! هل يمكنك تفسيرها؟!

وكأنها عرفت أن صديقتي ممن يهتم بهذه الأمور!!

لتنطلق صديقتي في محاضرة طويلة أن تفسير الرؤى يكاد يكون فتيا ولا يصلح لها كل الناس، وأنها إذا فسرت وقعت كما في الحديث.
أذكر وأنت تقصين عليّ محاولة إيقافك حركة لسان متدخلة فضولية انطلقت بأريحية لتفسر الرؤيا دون أن يطالبها أحدهم بذلك!!

أتذكرين أنني طالما التفتت لي فتيات لا يرتدين ما يستر العورات، ولا يعرفن من أنا ليسألنني:

هل النقاب فريضة؟!


أكنتُ عجبا عندما شكوت لمعلمتي هذا (الشيء ما) الذي أتفاجأ به كل مرة، وشكوت لها عجزي عن الرد، فإنني إن قلتُ فرضا فقدتُ فرصة الدعوة لمن أتتني راغبة، وإن قلتُ ليس بفرض عجزت عن النظر في المرآة بعدما فقدتُ احترامي لنفسي!

أكنتُ عجبا حينما لم تصدقني، وجمعتنا يوما حلقة علم كانت هي المتصدرة فيها، لتلفت بعد انتهائها احدى الفتيات إليّ تحديدا وتخصيصا دون غيري متجاهلة الأستاذة المتصدرة لتسألني سؤالا واحدا:
هل النقاب فريضة؟؟!

لننطلق في ضحك مستمر ونضرب الأكف عجبا: أقد كتب على جبيني سلوها عن النقاب دون غيره؟

أكان يومها حسنُ الإجابة أن ألفت نظر السائلة إلى البدء بما هو أولى لها من ستر ما قد بدا من المفاتن الحاسرات ثم البحث بعدها عن حكم ستر الوجه

أم أن ألقي أحجاري فلا تنتفع مني بشيء؟! ولا تتعلم كيف تتدرج في سلم الطاعة فتسقط بسببي على أم رأسها؟؟!


هذه لمحة عن صديقتي وأنا!
* * *

عندما ذهبتُ إلى الحديقة مع أهلي لأول مرة من زمن تلبية لدعوة الأخوال والخالات للترفيه عن أبنائهم وأنفسهم!

وكانوا يعرفون ميلي للعزلة وعدم رغبتي في الخروج

وبعد إلحاح وإلحاح وإلحاح

خرجت معهم أؤمل في يوم من القراءة بين الخضرة وتحت الأشجار ممنية نفسي أن الحديقة واسعة جدا ولن يحدث شيء...لن يحدث شيء

لن يحدث....

وما كل ما يتمناه المرء يدركه....تأتي الرياح بما لا يشتهي السَفنُ!!

فماذا حدث؟
!

* * *
 
مرت الساعات لطيفة مريحة ..

أن تجلس في مكان أخضر مزهر،

..إنها لنعمة لو تعلمون!

حديقة متسعة غناء، يمكنك أن تختار مكانا ظليلا وتشعر فيه بشيء كبير من الخصوصية!! وهذا أمر نادر في بلادنا ولكن لعل ذلك يرجع إلى التوقيت!

ثم أُذّن لصلاة الظهر فقمتُ أبحث عن مسجد..

وفي الطريق من مكاني الظليل الجميل..إلى المسجد

وجدت ما لم أتخيل وجوده في الحديقة الغناء!

فتى وفتاة...ثم على مقربة أو مبعدة..فتى وفتاة...وهكذا دواليك...

في جلسة شاعرية ...بعضهم قد تجاوز قليلا أن تكون الجلسة "مجرد" جلسة ...وأبى إلا أن يجعلها جلسة وأشياء أخرى

وطول الطريق إلى المسجد تدور الأفكار في ذهني...

ماذا ينبغي أن أفعل؟؟!!

ذهبت للصلاة متأثمة...يدور في ذهني فكرة واحدة!

إذا قضى ربي نزول العذاب فإني معهم من المعذبين!!

ولم لا أنكر المنكر؟؟!

أنهيت الصلاة لأجد خالتي تنتظرني لنعود معا! فأشرت إليها أن تقدمي واسبقيني فإني سأمكث وقتا ما..

ثم أخذت دورة واسعة حول المسجد أتفقده وأسترد شيئا من نفسي بعد أن زهقت روحي زهوقا عندما أشعرتها أنني لما خططت إليه فاعلة وعلى ما عزمت عليه متقدمة..!

ثم استعنت بالله وتوكلت عليه وأقبلت على أول اثنين

وما أن رأياني مقبلة حتى اعتدلا في مجلسهما ورفعا إليّ أعين هلعة، وانسحبت الأيدي المتشابكة بسرعة..وكأن الوجوه صارت صفراء شاحبة

فأكملت مسيرتي في اتجاههما وما أرى من مظهرهمها إلا وكأنهما ينظران لشبح!

فقلت بصوت شاحب كوجهيهما: فقط أريد أن أقول لكما إن الله يراكما!

ولم أزد كلمة ثم انصرفت مسرورة شاعرة أنني أنكرتُ منكرا، ووعظت وعظا بليغا، لا أدعي فيه أنني كنت من المخلصين لكن ظللت أذكر نفسي أن عسى الله أن ينفع بتلك الكلمة.

وأعجبتني الفكرة فأخذت جولة أوسع فمنهم من يرد عليّ ردا ساخرا، ومنهم من لا يعقب، ولكن رعبي كان قد زال وهدأت نفسي وذهبت انتفاضة روحي!


وأعجبت صديقتي الفكرة وكدنا نجعلها "سنة" كل أسبوع

ثم أنقذنا الله بشيخ ثقة علمنا أن إنكار المنكر مرتبط بما إذا رآه اتفاقا وليس بمن جعل يوما ينكر فيه المنكر ثم مكث سائر أيامه لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا!!

فمكثنا في بيوتنا نحمد ربنا على نعمة الهدى، ونقر أن القرار في البيوت خير لمن اهتدى، لا سيما إن كانت من النساء العاقلة..

ثم صار لدينا شيء من هذه العادة

وصرنا ننكر ما نراه منكرا، واقتصرنا على الأخوات - لا سيما في طريق الذهاب والإياب من الجامعة وذلك على هيئة ثرثرة نسائية وهو شيء تستطيعه كل النساء بجدارة.
ولا أخفي عليكنّ أن من الصولات ما كانت توصف بالجنون!! بل الجنون يستحي ..!

ولكن التقصير حليفنا ولا ريب وإني والله نادمة على كل ما فوتناه على أنفسنا من خيرات وليس لنا أن نقول إلا قدر الله وما شاء فعل...ولعل الله أن يرفع عنا الوهن

ومن هنا وغير ذلك نشأت قاعدتنا أن الضرر يختلف عن المفسدة :

فكون المرء يفعل عبادة يترتب عليها ضرر لنفسه تختلف عن خير يظنه، يترتب عليه من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله

ولكل طاقته وقد يتفق الضرر مع المفسدة كثيرا

والقاعدة تحتاج لاستطراد طويل يرجع إليها في كتب أهل العلم والدين، لا سيما الكتاب الماتع والبرق الساطع : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لشيخ الإسلام ابن تيمية

ففيه يفرق بين المفاسد ويعلم المرء كيف يقدم درء المفاسد على جلب المصالح وكيف أن درء أعلى المفسدتين مقدم على الأقل

ولا ريب أن الموازنة بين المصالح والمفاسد حكمة يؤتيها الله من يشاء

ولكن ليس كل ضرر مفسدة!!

إلى هنا وأتوقف عن استكمال الموضوع لنبدأ موضوعا آخر بعنوان آخر بإذن الله


وأحتفظ بما بقي من ذكريات لنفسي وحدي : ))

 


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سارة بنت محمد
  • الأسرة
  • وسائل دعوية
  • درر وفوائد وفرائد
  • تربية الطفل المسلم
  • قضايا معاصرة
  • عقيدة
  • رقائق
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط