صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وهل يصوم القلب ؟!
إعداد القسم العلمي بمدار الوطن .

انتقاء الأستاذة : زاد المعاد

 
بسـم الله الرحمـــن الرحـــيم

وهل يصوم القلب ؟

الحمد لله , الصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد :

سألتة : ما الصيام عندك ؟

قال : كف البطن عن الطعام والشراب , والفرج عن قضاء الشهوة .

قلت : هذا أهون الصيام عند السلف .

قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .

قلت : ونسيت القلب ؟

قال : وهل يصوم القلب ؟

قلت : يصوم أعظم صيام .

قال : اشرح لي ذلك .

قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية , وبكفه عما سوى الله بالكلية .

قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟

قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة , وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة .

قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟

قلت : قولة تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 , 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب و إذا سلمت القلوب سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله , واجتنبت معصيتة ونواهي.

وقال النبي صلى الله علية وسلم : ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد , وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب " ( متفق علية ) .

فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل عنها كثير من الناس .

قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شئ أنفع من إصلاح خواطر القلوب .

وقال أحمد بن خضروية : القلوب أوعية , فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح , و إذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .

" صــــفة القلــــب الصائــم "

والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها , طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة .

قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها لجالت في الملكوت , ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد .

والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز وجل .

قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة , حينئذ تحدث الغفلة في القلب .

والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم .

وقد سئل ابراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب , ويهب لمن ظلمة حقه " .

والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شئ من الكبر والغرور والعلو في الأرض .

قال النبي صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواة مسلم ) .

والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله , ولا يطلب إلا رضى الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته .

قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر واخراج ما سوى الله عز وجل من القلب .

وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته , ولا يأملون في الآخرة من كرامة , الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم .

فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟

و أين أرباب تلك الهمم العليّة ؟

ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟

" عـــــــلاج القلــــــوب "

و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداوته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها :

1 ـ ترك الذنوب :

ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب , كانت نكتة سوداء في قلبة , فإن تاب ونزع واستغفر صقُل قلبه , و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه , فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابة ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " ( المطففين ) ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) .

وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها .

وترد الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عيانها .

2 ـ رحمة الخلق :

فقد شكا رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال لة " امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد وحسنة الألباني )

وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )

3 ـ ذكر الله :

قال تعالى : ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) ( الحج : 35 ) .

وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه من الذكر .

4 ـ الدعاء : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواة مسلم )

وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة الترمذي ) .

5 ـ علاجات متفرقة :

سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت .

وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام , فإن وجدت قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام .

وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة .

وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق .

وقال ابراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ،،،، .


" أعيـــــاد الصائــــمين "

قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا , فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته . كما قيل :

أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب .

والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب .،،،،،، .
 

-----------------------
( ،، ) أي العزلة عن الشر و أهلة .
( ،،،، ) المنتقى من ذم الهوى : ( ص 25 ) .
( ،،،،،، ) لطائف المعارف : ( ص 220 ) .

 

اللهم اجعل قلوبنا تصوم في كل وقت وحين ...... وكل عام وأنتم بخير

أختكم
زاد المعاد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
الأخت زادالمعاد
  • مـقـالات
  • مختارات
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط