اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/daeyat/zainab/160.htm?print_it=1

إجرام وقح !

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية



كثيرا ما تكون الصور أسرع تعبيرا من مقالات مطولة، فكل شئ يخص الموضوع وارد فى هذا الرسم الكاريكاتورى : نتنياهو السفاح، الممسك برقبة من يقود العالم، جدار العار، رشق غزة باليورانيوم، الأنقاض، الأطفال الذين تم قتلهم أو تمزيقهم، أنقاض دولة منهوبة، وصمت العالم المتحضر !

إن الأخبار المنفّرة التى تتواصل منذ أربعة أسابيع تقريبا، والمتعلقة بالهجوم الوحشى الذى يقوم به الكيان الصهيونى المسمى ورعا "إسرائيل" والذى يصعب وصفه، ضد الفلسطينيين، ، ليس به ما يدهش... فقد بدأ كل شئ بكذبة مفتعلة : قتل ثلاثة شبان يهود بأيدى يهود، لتبرير توجيه ضربة جديدة ضد الأصحاب الحقيقيين لأرض فلسطين، هو عرف متبع فى التاريخ الدموى الدامى لذلك الكيان االوحشى، الذى ينقض بشراسة على مليون وثمانمائة الف فلسطينيا يعيشون تحت الحصار القاتل الممتد لقرابة عشر سنوات..

ولقد نخرت عظامهم الكراهية والعنصرية حتى النخاع، فذلك الكيان الصهيونى يضم جماعات إرهابية عنصرية تصيب أفعالها وشعاراتها المرء بالقشعريرة والفزع.. نذكر منها على سبيل المثال أولئك الذين أرغموا شابا فلسطينيا، يوم 2 يوليو، على تجرع مواد قابلة للإشتعال ليحرقونه حيا من الداخل والخارج فى نفس الوقت ؛ أو أولئك الذين تغنوا سكرا ونشوة فرحين بقتل أطفال فلسطين قائلين : "لن تفتح مدارس فلسطين غدا فقد قتلنا كل الأطفال" !
وفعلا، لم يحدث أن يتم قتل هذا الكم من الأطفال عمدا مثلما فعل هؤلاء الصهاينة الملعونين، الذين لعنهم الله لعصيانهم الوقح، والذين يعيشون فى شهوة القتل تحت مزاعم كاذبة.

ويا لغرابة اللوم الذى تلقوه : فقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتزويدهم بالذخيرة بعد ساعات قليلة من إدانتها لضرب إحدى المدارس التابعة لهيئة الأمم فى غزة ! ولم يكن القرار بحاجة إلى موافقة البيت الأبيض، كما قيل، لأن التصرف كان مطابقا لتعهد الولايات المتحدة بضمان أمن إسرائيل ! ألم يعلن جون كيربى قائلا: "إن الولايات المتحدة ملتزمة بضمان أمن إسرائيل، وأنه أمر حيوى بالنسبة للمصالح القومية الأمريكية أن تساعد إسرائيل على تنمية القدرة الدفاعية والحفاظ عليها وتزويدها" ؟! وسرعان ما تم دك مدرسة ثانية تابعة لهيئة الأمم لتنفجر معها رؤوس الأطفال الذين تحويهم...

وتناثرت بعض الإحتجاجات على استحياء، ثم أطبق نفس الصمت العتيد من القادة الشديدى التحضر على هذا الكوكب !

وبالفعل، ويا له من منطق مِعْوِج غريب، فإن القطاع الذى يخضع للحصار القاتل منذ تسع سنوات، والذى يعانى فعلا من نقص أبسط الضرورات الحياتية اللازمة، والذى تم ضرب محطة الكهرباء الوحيدة الباقية، هذا الكيان الشاحب، يقولون أنه بإمكانه أن يشل حياة الصهاينة، كيان إحدى القوى الرئيسية فى النصف الجنوبى من العالم، المزود بأحدث الأسلحة المتحذلقة الحديثة، والدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمتلك أكثر من مائتين رأس نووية، والدولة الوحيدة التى تنعم بالمساعدات المالية والعسكرية والمعنوية من جانب الغرب المسيحى المتعصب ، ومع ذلك فإن ذلك الكيان الجبار يخشى أطفال فلسطين، لذلك يقوم عمدا بتفجير رؤوسهم !!

وطوال هذه الأسابيع الأربعة من حرب عديمة التوازن بين الجبهتين، تم إغتيال أكثر من الف وخمسمائة فلسطينيا وتمزيق أجسادهم وتفجير وؤوسهم، وكان نصفهم تقريبا من المدنيين والنساء والأطفال. ويتزايد العدد مع القسف المتواصل ومع إكتشاف المزيد من الجثث والأشلاء المبتورة بين الأنقاض. إلا أن هذا الكيان الذى يعطى لنفسه وقاحة حق قيادة العالم يجاهد لزيادة الحصار برئيس دولته الجديد ، الذى أعلن ميله إلى "الحل النهائى" مع الفلسطينيين، وهى عبارة تعنى أنه مع إبادتهم جميعا ! وكالمعتاد، العالم السياسى المتواطئ يلتزم بصمت القبور..

ولم نعد الآن حيال عدم إكتراث دبلوماسى، وإنما أمام تواطوء حقير ومزرى من جانب قادة العالم المتحضر، قادة يحنون رؤوسهم أمام وقاحة إجرامية مرفوضة لحفنة من الصهاينة :

* الولايات المتحدة، وقد رأينا موقفها ؛
* الإبنة الكبرى للكنيسة، بلد حقوق الإنسان ، الحرية والعدالة والإخاء، ذات الماضى الإستعمارى المشين التى تعيش إنحلال ذهنى ومعنوى حيال إعتداء الصهاينة، فهى تعاونهم بإرسال أبنائها للقيام بالخدمة العسكرية فى إسرائيل ؛
* والبابا برجوليو يحث "المتحاربين على السلام فى الشرق الأوسط" واضعا كل الصراعات، المعتدى والمعتدى عليه فى سلة واحدة، وقد تمادى فى المغالطة إلى درجة إستثناء اليهود من عملية تنصير العالم التى يقودها بجنون ؛
* وألمانية تقوم بتعويض الصهاينة عن المحرقة المزعومة الأرقام، والتى لم يقترفها الفلسطينيون لأنهم على الطرف الآخر من الدنيا ؛
* وإنجلترا تفضلت بمنح أرض دولة لا تمتلكها ولا تخضع لها، لقوم ليس لديهم أى حق فى الإستيلاء عليها !

فبدلا من حشد هذا الكيان الإرهابى إلى حد التخمة ، ألم يحن الوقت لإدراج إسرائيل على قائمة الدول الإرهابية والإحتجاج ضد العمليات العسكرية الإبادية التى تقوم بها فى غزة، مثلما فعل إيفو مورالس رئيس بوليفيا يوم الأربعاء الماضى ؟ وقد تبعته كل من البرازيل والإكوادور وشيلى وبيرو والسلفادور الذين سارعوا بإستدعاء سفرائهم. فهى بلدان تعرف معنى الإحتلال العسكرى كما تعرف معنى الإستقلال والحرية.

ألم يحن الوقت بعد كل ذلك الإجرام الوقح أن يقوم قادة القوى العظمى وباقى قادة العالم بما فيهم قادة المسلمين والعرب بإستدعاء سفرائهم، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وإلغاء خطوط الطيران معها، وإلغاء كافة التعاقدات التجارية مع ذلك الكيان الإجرامى المعتدى، وفرض إنسحاب هؤلاء اللصوص الذين ليس لهم أى حق دينى أو تاريخى على أرض فلسطين التى استولوا عليها بكل جبروت وبلا أى حرج ؟!

إلا أن الوقاحة الإسرائيلية، الواثقة من أنها لن تعاقَب، وواثقة من المساندة الغاشمة الدولية لها، تعلم أنه يمكنها فعل أى شئ.. أى شئ ! فالمسألة ليست مجرد مسألة إقتصادية، والإستيلاء على الغاز والبترول أو حتى على إستعمار أراض جديدة : إن الصهاينة يمتلكون فى أيديهم ما يهدم العالم المسيحى، بكنيسته وفاتيكانه، وذلك بكشف ما يمتلكونه من مخطوطات قمران، البحر الميت، التى تثبت يقينا تحريف المسيحية.

لذلك يصمت العالم المسيحى المتواطئ والمتعاون، وينحنى ، ليترك تلك الوقاحة البغيضة تعربد كما يحلو لها.

1 أغسطس 2014
 

Une criminalité arrogante !

 

الدكتورة زينب
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط