صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







وغزا الشواذ ساحة الفاتيكان وعقيدته

أ. د. زينب عبد العزيز
أستاذة الحضارة الفرنسية



نعم، لقد غزا الشواذ ساحة الفاتيكان.. بل لقد توغلوا حتى غزوا نصوص كتابه المقدس الجاري تعديلها رسميا! ذلك هو ما نخرج به من المقال المنشور في موقع "ميديا برس إنفو" التابع للفاتيكان، في مقال طويل نُشر يوم 5/4/2022، حول اجتياح الشواذ للفاتيكان بل واقتحامهم نصوصه وقوانينه والعمل على تعديلها. فلقد أصبحت الكنيسة المجمعية، والمقصود بها كنيسة ما بعد مجمع الفاتيكان الثاني (1965)، الذي قرر تبرئة اليهود من دم المسيح، واقتلاع اليسار، واقتلاع الإسلام، وتنصير العالم، وفرض المساهمة في عملية التنصير على كافة المسيحيين رجالا ونساءً، في جميع بلدان العالم أينما كانوا.. وكل ذلك صادر بنصوص موثقة ثابتة لا يمكن انكارها. لذلك تمثل هذه الفقرة خلاصة الإطار العام لهذا الموضوع.

ولا يغفل المتابع لهذا الموضوع أن هذه الكنيسة المجمعية باتت مرنة إلى درجة التسيّب، ومتغيرة التطور بصورة لافتة للنظر، بل وشاذة في ميولها وفي تصرفاتها التي لم تعد بخافية. فما كان يتم تجريمه بالنصوص، أصبحت الكنيسة ترفعه كأساس لكيانها وتطورها لكي تؤقلم العقيدة وفقا لأهواء المتغيرات الجنسية ورغبات الشواذ الذين استطاعوا اجتياح تلك الجدران العتيدة.. جدران اغتالت الملايين من البشر عبر التاريخ لتحافظ عي نصوص زعمت أنها منزلة من عند الله، لكنها في واقع الأمر تصاغ ـ كما نشاهد الآن ـ وفقا للرغبات والأهواء على مر الزمان. وأكبر دليل علي ذلك انحصار المسيحية من الغرب، من كثرة ما كتبه الأمناء من أبنائها ليفضحوا اكاذيبها. لذلك يركزون حاليا على غرسها في الشرق الأوسط..

وليس بخفي أن الموضة الرائجة حاليا تابعة للشواذ ورفع رايتهم أعلي قمة الصليب، كما سبق وأوضحته بالصور في مقال سابق بعنوان "الشواذ بأنواعهم يُخضعون الصليب لرغباتهم"، بتاريخ 23 مايو 2021.. أي إن الموضوع تم الإعداد له لتنساب هذه الموجة الكاسحة لكل القيم الإنسانية والدينية، وذلك بزعامة الكردينال الألماني رينهارت ماركس وشقيقته نتالي بيكار، للوصول إلى فرض حياة انفلاتيه صاخبة الألوان والأطياف على العالم أجمع رسميا..

والطامة الكبرى التي ستطول الكتاب المقدس وتكشف الكثير عن خباياه، أن الكردينال رينهارت ماركس يطالب بتغيير نصوص كتاب التفسير الديني الذي أقره البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، وفك الحصار المفروض شكلا على الشواذ بأنواعهم، وتبرئة الشذوذ الجنسي من أية خطيئة. والمسرح الذي من المفترض أنه سيشهد هذه الخديعة الكبرى ويقوم بفرضها علي العالم هو: السينودس الذي قرر البابا فرانسيس إقامته تحت عنوان "سينودس السينودسية"، وهي عبارة أشبه ما تكون بقول "مجمع المجمعية"! إلا أن معني تغيير نص كتاب شرح النصوص، يعني ضمنا، تغيير النص الأساس، الذي هو هنا الكتاب المقدس، دون الإفصاح عن ذلك علنا أو رسميا.

وقد أعلن البابا فرانسيس عن إقامة هذا السينودس من أكتوبر 2021 إلى أكتوبر 2023.. عامان من الزمن، يجتمع خلالها كل أساقفة الكنائس الكاثوليكية في العالم، بمختلف فرقها، ليتدارسوا كيفية تبرئة الشذوذ الجنسي من أية ادانة، وفرضه على العالم بكل أطيافه على أنه حلال يباركه الرب. ذلك هو ما يؤكده المقال الذي "تسلل" وتم نشره في المواقع الفاتيكانية.

وعبارة "الحب هو الحب"، هي الحجة التي استخدمها الكردينال الألماني، أسقف ميونخ وفرايزنج، لكي يفتح الباب على مصراعيه لشواذ العالم الكاثوليكي وفرضه على الجميع. وفي تصريح لجريدة "شترن" الأسبوعية يوم 30 مارس الماضي، أعلنت أن كتاب التعليم الديني، الذي يفسر الكتاب المقدس للمسيحيين "ليس منقوشا على حجر"، أي أنه يمكن تغييره.. "وأنه من الطبيعي أن نتشكك في محتواه، ـ الأمر الذي يستوجب تعديله".. (نعم، قالها بهذا الوضوح)، ثم استطرد قائلا ان تقييمه هو شخصيا لهذه العلاقة يعتمد "على احترام الطرف الآخر.. بينما قيمة الحب فتتضح في العلاقة ذاتها: أي ألا نقلص الطرف الآخر إلى مجرد شيء أو أن نهينه، وإنما أن نكون أوفياء ومنتمين لبعضنا بعضا".

ثم استطرد الكردينال مؤكدا: "إن الشذوذ الجنسي ليس جريمة. إنه تصرف مسيحي دون تمييز للجنس، أن يحتمي كلا منهما في السعادة والألم". أي إن ما يطرحه ويؤكده ذلك الكردينال المنفلت، هو تأكيد "أولوية الحب، خاصة في العلاقة الجنسية مع أي كائن كان شريطة احترامه". فقد أضاف موضحا: "منذ عدة سنوات أشعر بأنني أكثر حرية للتعبير عما أود قوله، وأريد أن يتقدم التعليم الكنسي. فالكنيسة أيضا تتغير مع تغير العالم: إن الأشخاص الشواذ بكل أطيافهم هم جزء من الخليقة والرب يحبهم، ونحن أمام تحدي الصراع ضد التفرقة العنصرية". أي إن رفض الشواذ أو رفض انتشار الشذوذ يعد في نظر الكردينال "تفرقة عنصرية مرفوضة"، ولم يبق له إلا إضافة "ويعاقب عليها القانون!".

بل والأدهى من ذلك لقد اعترف الكردينال أيضا بأنه قد بارك زيجة شخصان من الشواذ.. أي أنه قد قام شخصيا برتبته العالية، التي يتم منها اختيار البابوات، بتزويجهما. وحينما تقر مثل هذه الرتبة الكنسية ذلك الإنفلات فهذا يعني أن الطريق قد تم تمهيده رسميا.

وفي مقال بموقع "لا نوڤا بوسّولا كوتيديانا" الإيطالي (أي البوصلة الجديدة اليومية)، تم نشر مقالا بتاريخ 2/4/2000 حول نفس الموضوع، بقلم ريكاردو كاتشيولي، بإضافة لها مغزاها، إذ بعد أن أوضح أن مطلب الكردينال قد تم رفعه رسميا للسيدة ناتالي بيدار، وكيل الوزارة المساعد للسينودس، وقد أدرجت مطلب الكردينال رسميا في جدول الأعمال لإقراره أثناء انعقاد السينودس.

أما الجديد الذي نتعلمه من هذا المقال الإيطالي، ان من سبق وقال عبارة "الحب هو الحب"، بمعني أن للحب أحكامه ومتطلباته وضروراته، هو الرئيس السابق باراك أوباما في يونيو 2015، بعد أن قامت المحكمة العليا بالولايات المتحدة بالاعتراف رسميا بالزواج المثلي.. أي إن الكردينال رينهارت ماركس لم يأت بها من فراغ، وإنما من القيادة العليا لذلك المجتمع الفاسد الذي يقود العالم إلى الدمار الإنفلاتي في كافة الميادين. لذلك راح يطلب بملء فمه مطالبا بتغيير تعاليم كتاب التفسير الديني فيما يتعلق بمجال الشذوذ الجنسي!

واللافت للنظر فيما تقدم أن الكردينال رينهارت ماركس من المقربين للبابا فرانسيس، وهو الذي أحال الموضوع لشقيقته، نائبة وكيلة الوزارة المساعد القائمة بالإعداد لأعمال السينودس القادم. وهو ما يُطلقون عليه أنه انتصار جديد ولا رجعة فيه لمختلف أنواع الشواذ الذين أدخلوا انحرافهم من أوسع أبواب ساحة الفاتيكان، كما هو واضح في الصورة بعاليه، ليتم تعديل نص كتاب التفسير الديني الذي يعني ضمنا تغيير نص الكتاب المقدس دون الإعلان ـ حتى الآن ـ عن هذه الجزئية التي تطيح بالمسيحية والمسيحيين إن قبلوا ذلك الفجور الذي يباركه ربهم.

واللافت للنظر أنه لم يتم اتخاذ أية اجراءات لأقلمة أظافر ذلك الكردينال، أو حتى تأنيبه، بل هو لا يزال يحتفظ بوظيفته الرسمية كمستشار للبابا فرنسيس. الأمر الذي له دلالته الواضحة. وهنا لا بد لنا من أن نتذكر تلك العبارة الشهيرة التي تفوه بها البابا فرانسيس حين سأله أحد الصحفيين عن رأيه في موضوع الشواذ وفضائحهم، وهو عائد من إحدى رحلاته، فتفوه بتلك العبارة الشهيرة التي تعتبر، في واقع الأمر، نقطة انطلاق هذه الجريمة التي يعدون لها:
* "من أكون أنا لكي أدين أحد الشواذ"!
وما أكثر العبارات التي قالها، في مواقف مغايرة، وتدل ضمنا على موافقته لفرض هذه الجرائم الإنفلاتية رسميا على العالم بينما يقوم بتنصيره. فهو لا يكف عن تكرار ضرورة تنصير العالم فحسب وإنما يتخذ التدابير المؤكدة لتنفيذها، إذ أنه يقوم بتجييش الجيوش للقيام بذلك ليتواكب مع ذلك المتمر المجمعي..

ولا غرابة فيما يحدث أو فيما يتم الإعداد له حاليا، وهو ما وصفه المقال بأنه "هرطقة في حق العقيدة"، تلك الهرطقة التي بدأت خاصة بمجمع الفاتيكان الثاني، أي أن لها سابقة.. فقد أطاح بعقيدة قامت عليها المسيحية، بأن اليهود هم قتلة الرب يسوع، وتم ترسيخها وممارستها ألفا عام، ورغمها قام مجمع الفاتيكان الثاني بتبرأة اليهود من دم المسيح وإلقاء تهمة مقتله على المسيحيين الذين لم يكن لهم وجود يوم زعموا أنهم قتلوا المسيح، ليتحالف معهم على اقتلاع الإسلام..

ليرفع ربي تلك الغشاوة من على أعين كل من لا يرى أو لا يدرك معني ما يحيكه الفاتيكان، أيا ما كانت عقيدته أو انتماؤه، فالأمر أصبح متعلق بكرامة الإنسان الرمز.. بذلك الإنسان الذي خلقه الله خليفة له لعمارة الأرض وليس لخرابها وضياعها..


زينب عبد العزيز
9 إبريل 2022

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
 
  • مقالات
  • كتب
  • أبحاث علمية
  • Français
  • الصفحة الرئيسية
  • ملتقى الداعيات
  • للنساء فقط