اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/fatwa/f41.htm?print_it=1

إلقاء الضوء على حكم التعامل مع شركة ( بزناس ) ومثيلاتها

 

حكم التعامل مع شركة بزنس كوم
د.سامي السويلم

حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
محمد صالح المنجد

حكم التعامل مع شركة (بزناس كوم)
د/ أحمد بن موسى السهلي

التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي
إبراهيم أحمد الشيخ الضرير

بزناس وما شابهها قمار
مجمع الفقه الإسلامي بالسودان

فتوى بزناس
الدكتور عبدالحي يوسف

حكم التعامل مع بزناس
الشيخ يحيى الزهراني

 

 


حكم التعامل مع شركة بزنس كوم
أجاب عليه : د.سامي السويلم
موقع الإسلام اليوم

السؤال:
ما حكم التعامل مع شركة بزنس كوم biznas.com بالطريقة المشهورة عندهم؟

الجواب:
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي
بعده، محمد وآله وصحبه، وبعد:

هذه الشركة، وغيرها كثير، تعمل وفق مفهوم "التنظيم الهرميpyramid scheme"، ويسمى أحياناً التسويق الشبكي " network marketing" أو التسويق متعدد الطبقات "multi-layer marketing--MLM". وهذا النوع من التسويق يصنف من حيث المبدأ ضمن صور الغش والاحتيال التجاريbusiness fraud . وقد تناولته دراسات وأبحاث وكتب، تحذّر من هذه الشبكات والوهم والتغرير الذي توقع فيه أتباعها، فتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودة. وفي نهاية الأمر تصب هذه المبالغ في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب. ولذلك تمنع قوانين العديد من الدول التنظيم الهرمي بشكل أو بآخر. كما تحذر الأجهزة الرسمية الجمهور من الوقوع في مصيدة هذه الشبكات بعد تغليفها بصورة جذابة من خلال الزعم بأنها فرصة لتسويق منتجات مفيدة للجمهور، تعليمية أو غير ذلك.
ومن المهم للقارئ أن يعلم أن هيئة الأوراق المالية بباكستان قد حذرت الجمهور من التعامل مع شركة بزناس العاملة هناك. وقالت في تحذيرها الذي صدر في أغسطس من هذا العام إن الشركة المذكورة وجد أنها "تضطلع بممارسات غير مشروعة وتحايلية وغير أخلاقية" حسب ما جاء في التحذير.
(انظر موقع الهيئة: http://www.secp.gov.pk/otherlinks/Biznas/Biznas.com.htm).
كما أن هناك شركة تعمل في نفس المجال، تسمى سكاي بز skybiz.com ، وهي شديدة الشبه بشركة بزناس من حيث نوعية المنتجات وآلية التسويق ونظام العمولات، مقرها الولايات المتحدة ولها فروع عبر العالم. هذه الشركة رفعت وزارة التجارة الأمريكية ضدها قضية تتهمها فيها بالغش والاحتيال على الجمهور، وصدر قرار المحكمة بولاية أوكلاهوما في 6/6/2001م بإيقاف عمليات الشركة وتجميد أصولها تمهيداً لإعادة أموال العملاء الذين انضموا إليها. (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية: http://www.ftc.gov/opa/2001/06/sky.htm ). 
إن هذا الموقف ضد شركات التسويق الهرمي مبني على قناعة في معظم دول العالم بأن هذا النمط من التسويق ما هو إلا صورة من الصور الاحتيال والتغرير بالناس. سنبيّن فيما يلي كيفية عمل هذه الشبكات، ثم نبيّن مكمن الخلل فيها.

أولا: آلية العمل
الفكرة الجوهرية للتسويق الهرمي بسيطة. وتتلخص في أن يشتري الشخص منتجات الشركة مقابل الفرصة في أن يقنع آخرين بمثل ما قام به (أن يشتروا هم أيضاً منتجات الشركة)، ويأخذ هو مكافأة أو عمولة مقابل ذلك. ثم كل واحد من هؤلاء الذين انضموا للبرنامج سيقنع آخرين ليشتروا أيضاً، ويحصل الأول على عمولة إضافية، وهكذا. فأنت تدفع لزيد على أن تأخذ من عمرو وعبيد.
وفيما يلي مثال عملي يوضح ذلك.
لنفترض أن "زيداً" قرر أن يشتري منتجات الشركة المذكورة مقابل 100 دولار. تعطيه الشركة بناء على ذلك الحق في أن يسوق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة. يقوم زيد بإقناع شخصين بالانضمام للبرنامج، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة، ويكون لهما الحق في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك. ثم يقوم كل من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا. ستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرمي. (انظر الشكل).

لاحظ أن عدد الأعضاء في كل مستوى يساوي ضعف العدد في المستوى الذي قبله، وأن عدد أعضاء المستوى الأخير يزيد قليلاً عن مجموع أعضاء المستويات السابقة كلها. لاحظ أيضاً أن عدد الأعضاء ينمو أسياً، بمعنى أن عدد الأعضاء في المستوى الرابع =42 = 16، وعدد الأعضاء في المستوى العاشر = 102
= 1024، وهكذا.

طريقة احتساب العمولات
تشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال زيد ومن يليه في الهرم عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء في كل فرع عن 3). وتبلغ العمولة 55 دولاراً. ثم بعد ذلك يتم صرف العمولة لكل 9 أشخاص (ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة"). ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للهرم، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير. إذا افترضنا أن الهرم ينمو كل شهر، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم (كما هو افتراض الشركة في موقعها)، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر (انظر الجدول).

الشهر الأعضاء مجموع الأعضاء العمولة بالدولار
1 2 2 0
2 4 6 0
3 8 14 55
4 16 30 110
5 32 62 65
6 64 126 440
000 000 000 000
12 4.096 8.190 25.080
18 262.144 524.286 1.602.040
24 16.777.216 33.554.430 102.527.480
30 1.073.741.824 2.147.483.646 6.561.755.640

ويتم حساب العمولة كالتالي: ينظر عدد الدرجات في مجموع الأعضاء، ويتم صرف العمولة بناء على ذلك بعد إسقاط الدرجات في المستوى السابق. في المستوى الثالث يبلغ المجموع 14، وهو يتضمن درجة واحدة (أي تسعة واحدة فقط)، فيصرف للعضو عمولة واحدة. في المستوى الرابع يبلغ المجموع 30، وهذا يتضمن 3 درجات، تخصم منها درجة واحدة صرفت في المستوي السابق، يتبقى درجتان، فتصرف عمولتان = 110 دولار. في المستوى الخامس يبلغ المجموع 62، وهذا يتضمن 6 درجات. تخصم منها الدرجات في المستوى السابق وهي 3، فيبقى 3 درجات، فيصرف 3 عمولات، أي 3×55=165، وهكذا.
لاحظ أن العضو لا يحصل على أي عمولة قبل الشهر الثالث، أي أنه لا بد من نمو الهرم تحته بثلاثة مستويات قبل أن يحصل على العمولة. ولكن مقدار العمولة، وهو 55 دولار، أقل من المبلغ الذي دفعه وهو 100 دولار. فلا بد إذن من أجل تحقيق أي ربح من نمو الهرم إلى أربعة مستويات تحت العضو على أقل تقدير.
إذا تابعنا نمو الهرم شهرياً (حسب الافتراض المنشور على موقع شركة بزناس)، سنجد أنه في نهاية السنة تتجاوز العمولة الشهرية للعضو 25000 دولار. وبعملية حسابية بسيطة نجد أن العمولة في منتصف السنة الثانية (الشهر 18) تتجاوز مليون وستمائة ألف شهرياً، بينما تتجاوز في نهاية السنة الثانية مائة مليون دولار شهرياً.
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج الهرمية: مقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار، يحصل المشترك على آلاف بل ملايين أضعاف المبلغ. ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم.

أين الخلل؟
إن مكمن الخلل في هذا النظام هو أنه غير قابل للاستمرار، فلا بد له من نهاية يصطدم بها ويتوقف عندها. وإذا توقف كانت الطبقات الأخيرة من الأعضاء هي الخاسرة، والطبقات العليا هي الرابحة. والطبقات الأخيرة تفوق في العدد أضعاف الطبقات العليا، وهذا يعني أن الأكثرية تخسر لكي تربح الأقلية. ولذلك فإن هذه البرامج في حقيقتها تدليس وتغرير وبيع للوهم للجمهور لمصلحة القلة أصحاب الشركة.
لتتضح الصورة لنتابع نمو الهرم حسب الجدول السابق. في الشهر الثلاثين، أي منتصف السنة الثالثة، يبلغ مجموع أعضاء الهرم أكثر من 2 مليار شخص، أي ثلث سكان المعمورة. في الشهر الذي يليه يبلغ المجموع 4.3 مليار، وفي الشهر الذي يليه (الثاني والثلاثين) 8.6 مليار.
لكنا نعلم أن سكان الكرة الأرضية لا يتجاوز عددهم 6 مليار نسمة، وهذا يعني أن الهرم لا بد أن يتوقف قبل المستوى أو الشهر 32، أي قبل نهاية السنة الثالثة، حيث يتجاوز مجموع الأعضاء 8 مليارات. فإذا توقف النمو، فإن أعضاء المستويات الأخيرة لن ينجحوا في تحقيق أي مبيعات إضافية أو انضمام أعضاء جدد، فهم قد دفعوا ثمن الانضمام للبرنامج دون مقابل. هذه المبالغ تمثل خسارة على هؤلاء وربحاً للمستويات العليا.
إن حال الهرم يشبه إلى حد كبير حال نمو الورم السرطاني في الجسم. فالخلية السرطانية تنقسم باستمرار، وبهذا يتضاعف حجم الورم في كل مرة. ونظراً لأن الورم هو أكثر الخلايا نمواً في الجسم، فإنه يستهلك من طاقة الجسم أكثر من بقية أجهزة الجسم العضوية. ومع النمو المتضاعف، يستأثر الورم بالطاقة دون بقية الجسم، لتكون النتيجة توقف أجهزة الجسم عن إنتاج الطاقة، ومن ثم وفاة الجسم. وإذا توقف إنتاج الطاقة فليس بمقدور خلايا الورم النمو، فتموت هي أيضاً. أي أن النمو المضاعف للورم هو نفسه سبب هلاكه في النهاية. وهذا هو الحال في التسويق الهرمي. فالنمو الأسّي للهرم يستدعي دائماً انضمام أعضاء جدد ضعف أعضاء المستوى الأخير، وهذا يجعل حجم الهرم الكلي يتضاعف كذلك كل مرة. وكلما كبر الهرم كلما تضاعف العدد المطلوب للاستمرار. ولكن توافر هذه الأعداد الهائلة متعذر، فتكون النتجية الحتمية هي انهيار الهرم ونهايته، كما كانت نهاية الورم السرطاني.
ومن الناحية العملية سيتوقف الهرم قبل استنفاد الأعداد المطلوبة بكثير، إذ لا يمكن للسوق أن تستوعب هذا العدد الهائل من المبيعات. ومن المعروف في علم التسويق أن لكل منتج درجة معينة من المبيعات تبلغ السوق بعدها درجة التشبع (saturation)، فيتعذر بعدها تحقيق أي مبيعات إضافية، ومن ثم يتعذر نمو الهرم بعدها.
لنفترض أن التسويق توقف عند المستوى 18، حيث يبلغ أعضاء هذا المستوى أكثر قليلاً من ربع مليون. بناء على ما سبق فإن العضو لا يحصل على أي عمولة حتى يبلغ عدد المستويات تحته 3 مستويات. أي أن المستويات الثلاثة الأخيرة (16، 17، 18) لن تحصل على أي عمولة، بينما سيحصل أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (المستوى 15) على عمولة لكنها أقل مما دفعوه (العمولة 55 دولار بينما كل منهم قد دفع 100 دولار). وإذا كان أعضاء المستوى الأخير نحو ربع مليون، والذي قبله 131 ألف، والذي قبله 65 ألف، فهذا يعني أن نحو 450 ألف عضواً قد دفعوا نحو 45 مليون دولار بدون أي مقابل. أما أعضاء المستوى الرابع من الأسفل (وعددهم نحو 32 ألف) فسيحصل كل منهم على عمولة أقل من ثمن المنتجات التي اشتراها لينضم إلى البرنامج.
لاحظ أن نسبة أعضاء المستويات الأربعة الأخيرة (المستويات 15-18) إلى مجموع أعضاء الهرم تعادل 93.8 %. أي أن نحو 94% من أعضاء البرنامج خاسرون، بينما 6% فقط هم الرابحون.

وحتى لو فرض جدلاً استمرار البرنامج الهرمي في النمو، فإن واقع الهرم أن المستويات الأربعة الأخيرة دائماً خاسرة، ولا يمكنها الخروج من الخسارة إلا باستقطاب أعضاء جدد ليكوّنوا مستويات دنيا تحتهم، فتكون المستويات الجديدة هي الخاسرة، وهكذا. فالخسارة لازمة لنمو الهرم، ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً بحال من الأحوال.
وبهذا يتبين أن البرنامج الهرمي وهم أكثر منه حقيقة، وأن الأغلبية الساحقة من المشاركين في هذا البرنامج يخسرون لمصلحة القلة القليلة. ولهذا صدرت دراسات وكتابات كثيرة تحذر من هذه البرامج، وسيجد القارئ في نهاية البحث بعض المراجع لهذه الكتابات.

موقف القانون من البرامج الهرمية
تمنع القوانين في أكثر دول العالم برامج التسلسل الهرمي (pyramidshemes) حيث يدفع المشترك رسوماً لمجرد الانضمام للبرنامج، دون وجود أي منتج أو سلعة يتم تداولها. أما إذا كانت هناك سلع، فإن القانون الأمريكي حالياً لا يمنع منها، وهذه نقطة ضعف انتقدها كثير من الكتاب الغربيين بناء على أن السلعة في هذه البرامج هي مجرد ستار وذريعة للبرامج الممنوعة، إذ النتيجة واحدة في الحالين. ومع ذلك فإن وزارة التجارة الأمريكية تحذر الجمهور صراحة من أي برامج تسويق أو مبيعات تدعو لجذب مسوقين آخرين (انظر موقع وزارة التجارة الأمريكية:
http://www.ftc.gov/bcp/conline/edcams/pyramid/index.html ). وما القضية المرفوعة ضد سكاي بز، وهي شديدة الشبه ببزناس، إلا مثال عملي لرفض استخدام المنتجات ستاراً للتحايل على الجمهور. وسيأتي مزيد حول هذه النقطة لاحقاً.

ثانياً: التقويم الشرعي
الإسلام هو دين الفطرة، والشريعة الإسلامية قائمة على العدل ومنع الظلم، فإذا أدرك العقلاء ما في هذه المعاملة من الغش والاستيلاء على أموال الآخرين بغير حق ودعوا من ثم إلى منعها، فالإسلام أولى بذلك.
ويمكن تعليل القول بحرمة الاشتراك في هذا النوع من البرامج بالأسباب التالية:
1. أنه أكل للمال بالباطل.
2. ابتناؤه على الغرر المحرم شرعاً.

أكل المال بالباطل
تبين بوضوح مما سبق أن هذا النوع من البرامج لا يمكن أن ينمو إلا في وجود من يخسر لمصلحة من يربح، سواء توقف النمو أم لم يتوقف. فالخسارة وصف لازم للمستويات الأخيرة في جميع الأحوال، وبدونها لا يمكن تحقيق العمولات الخيالية للمستويات العليا. والخاسرون هم الأغلبية الساحقة كما سبق، والرابحون هم القلة. أي أن القلة كسبوا مال الأكثرية بدون حق، وهذا أكل المال بالباطل الذي نـزل القرآن بتحريمه. ويسمى هذا النمط عند الاقتصاديين: تعامل صفري (zero-sum game)، حيث ما يربحه البعض هو ما يخسره البقية.

الغرر
أصل الغرر المحرم: هو بذل المال مقابل عوض يغلب على الظن عدم وجوده أو تحققه على النحو المرغوب. ولذلك قال الفقهاء: الغرر هو التردد بين أمرين، أغلبهما أخوفهما (انظر الغرر وأثره في العقود، د. الصديق الضرير، ص 30). والذي ينضم إلى هذا البرنامج يدفع مبلغاً من المال مقابل أرباح الغالب عدم تحققها.
ولبيان هذه النقطة أكثر، لنفترض أن احتمال نجاح العضو في إقناع آخر بالانضمام للبرنامج هو 80 %. بمعنى أن العضو إذا عرض على شخص شراء بضاعة من الشركة والانضمام إلى التسلسل الهرمي في التسويق، فالغالب أن هذا الشخص سيقبل العرض وينضم للبرنامج. لاحظ أن هذه النسبة أعلى بكثير من الواقع، لكنا نفترض تنفيذ البرنامج على أفضل الأحوال.
ما هو احتمال حصول العضو على عمولات تعوض ما دفعه؟ إذا كان احتمال نجاح كل عضو في الهرم في ضم شخص آخر إليه هو 80 %، فإن احتمال تحقق 18 عملية (لكي يسترد المشترك رأسماله) يساوي: (80 %)18 = 1.8 %
أي أنه احتمال تافه من الناحية العملية. أما تحقيق عمولة تساوي 25000 دولار شهرياًفيتطلب انضمام 8190 شخصاً، واحتمال وقوع ذلك هو: (80 %)8190= صفر. أي أنه بمنطق الاحتمالات الإحصائية يتعذر تحقيق هذه العمولة.
لاحظ أن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة الفوز باليانصيب (lottery)، حيث تبلغ النسبة مقلوب مقدار الجائزة. فلو كانت الجائزة عشرة ملايين دولار، لكان احتمال الفوز للتذكرة الواحدة أقل قليلاً من واحد من عشرة ملايين، وهذا الاحتمال أكبر من احتمال تحقيق المسوّق للأحلام التي يعدونه بها. واليانصيب أفضل من التسويق الهرمي من وجه آخر، وهو أن صاحب التذكرة لا يحتاج لبذل أي جهد أو عمل بعد شراء التذكرة. أما المسوّق فهو يتعب ويكد نفسه ويخسر من ماله الخاص أكثر مما دفعه للانضمام للبرنامج الهرمي، مع أن احتمال ربحه وفوزه أقل بكثير من احتمال الفوز باليانصيب. فاليانصيب أكثر احتمالاً بالفوز وأقل كلفة. فإذا كان مع ذلك محرماً، فالتسويق الهرمي أولى بالتحريم.

وإذا علمنا أن الهرم لا بد أن يتوقف مهما كان الحال، فهذا يعني أن الدخول في هذا البرنامج في حقيقته مقامرة: كل يقامر على أنه سيربح قبل انهيار الهرم. ولو علم الشخص أنه سيكون من المستويات الدنيا حين انهيار الهرم لم يكن ليقبل بالدخول في البرنامج ولا بربع الثمن المطلوب، ولو علم أنه سيكون من المستويات العليا لرغب في الدخول ولو بأضعاف الثمن. وهذا حقيقة الغرر المحرم، إذ يقبل الشخص بالدخول على أمل الإثراء حتى لو كان احتمال تحقق هذا الأمل ضعيفاً جداً من حيث الواقع. فالثراء هو الذي يغري المرء لكي يدفع ثمن الانضمام للبرنامج، فهو يغره بالأحلام والأماني والوهم، بينما حقيقة الأمر أن احتمال خسارته أضعاف أضعاف احتمال كسبه.

شبهة وجود المنتج
أما الشبهة التي يتعذر بها المدافعون عن هذه البرامج، وهي وجود منتج حقيقي ينتفع به المشتري ومن ثم لا يعد خاسراً إذا توقف الهرم، فهي شبهة أول من ينقضها المسوّقون والعاملون في هذه البرامج أنفسهم.
وذلك أنهم حين تسويق هذه المنتجات نجدهم يعتمدون على إبراز العمولات التي يمكن تحقيقها من خلال الانضمام للبرنامج، بحيث يكون ذكر هذه العمولات الخيالية كافياً لإقناع الشخص بالشراء. فلو لم يكن الهدف هو التسويق لما لجأ الأعضاء إلى إغراء الجدد بعمولات التسويق. ولذلك لا يمكن أن يسوّق العضو هذه المنتجات دون ذكر عمولات التسويق، فهذا يناقض مصلحة العضو نفسها التي انضم للبرنامج ابتداء من أجلها، وهي: جذب مسوقين جدد على شكل متسلسل لتحقيق الحلم بالثراء الموعود.
ومما يؤكد أن المنتج ما هو إلا ستار وهمي، المقارنة السريعة بين عمولات التسويق وبين منافع المنتجات نفسها. فهذه المنتجات قيمتها لا تتجاوز 100 دولار بحسب سعر الشركة المعلن. أما العمولات فتصل كما ذكرنا إلى 25000 دولار شهرياً، أو ما يعادل 50000 دولار في نهاية السنة الأولى فقط. فهل يوجد عاقل يقصد ما قيمته مائة ويدع خمسين ألفاً؟ لو وجد ذلك من شخص لما كان معدوداً من العقلاء. فالعاقل في المعاوضات المالية يبحث عن مصلحته، والمصلحة هي مع التسويق، فلا بد أن يكون القصد هو التسويق.
إن هذه المنتجات، مهما كانت فائدتها، لا يمكن أن تحقق للمشتري منافع تتجاوز في قيمتها تلك العمولات الخيالية الناتجة من التسويق. والعبرة، كما هو مقرر شرعاً، بالغالب. فقصد العمولات هو الغالب على قصد المنتجات، فيكون الحكم مبنياً على ذلك.
ومما يؤكد أن شراء المنتجات غير مراد: أن البرامج والمواد التدريبية لمنتجات ميكروسوفت، خصوصاً أوفيس، توجد بكثرة على الإنترنت، وكثير منها متوفر مجاناً. وهناك برامج تدريبية متخصصة لجميع برامج أوفيس تتراوح قيمتها بين 20-35 دولاراً. أما إنشاء موقع وبريد على الإنترنت، فهذا يمكن الحصول عليه مقابل 10 دولار في السنة بسهولة. بينما تبيع الشركة منتجاتها بـ 99 دولاراً سنوياً. أي أنها تزيد الثمن عن المتاح فعلياً بما لا يقل عن 55 دولاراً.
وهذه الزيادة في الثمن لم تكن لتوجد لولا برنامج التسويق الهرمي هذا. فيقال في ذلك كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "أفلا أفردت أحد العقدين عن الآخر ثم نظرت هل كنت مبتاعها أو بايعه بهذا الثمن؟" (بيان الدليل، ص 232-233، ط المكتب الإسلامي). فلو أفرد الانضمام عن الشراء لما كان سعر السلعة بهذا المقدار.
ولا يتردد المسؤولون في الشركة في التصريح بأن التكلفة الفعلية للمنتجات تعادل 24 دولاراً، أما المتبقي، وهو 75 دولاراً، فهو مخصص لمصاريف "التسويق." ولكن بدلاً من صرف هذا المبلغ على الدعايات والإعلانات كما هو الحال في المنتجات الأخرى، فإن الشركة تصرفها على عملائها الذين يقومون بشراء منتجاتها. وهذا في نظرهم أفضل لمصلحة العميل من الطريقة "التقليدية" في الإعلان.
والحقيقة أن هذا الزعم يناقض الواقع. وبعملية حسابية بسيطة يتبيّن مدى الغبن الذي يقع على العميل أو العضو المسوّق من هذا الأسلوب. إذ تشترط الشركة أن يستقطب المسوق 9 أشخاص قبل أن تصرف له العمولة، وهي 55 دولاراً كما سبق. ولكن مبيعات 9 أشخاص (عدا المسوّق نفسه) تعني أن الشركة حصلت على ربح فوق تكلفة المنتجات يعادل 9×75 = 675 دولاراً، صرف منها 55، فيبقى 620 دولاراً. أي أنه مقابل كل 9 أعضاء جدد يحصل المسوّق على 55 في حين يحصل أصحاب الشركة على صافي ربح 620 دولاراً. وهذا غبن فاحش، فكيف يقال مع ذلك إن تكاليف التسويق تصرف للأعضاء؟! فهذا المبلغ، وهو 75 دولار، هو في الحقيقة رسوم الاشتراك في البرنامج، ومعظمه كما ترى يذهب لأصحاب الشركة.

ومما يبين أن الهدف من الشراء هو الاشتراك في التسويق وليس المنتجات:
1- أن لوائح وأنظمة الشركة معظمها يتعلق بشروط وأحكام الانضمام وصرف العمولات، وأما مجرد الشراء فتحكمه بضعة فقرات. فهل هذا صنيع من هدفه تسويق السلعة فحسب والانضمام تابع لها أم العكس؟
2- أن الشركة تشترط للاستمرار في البرنامج لأكثر من سنة دفع نفس المبلغ مرة أخرى. وواضح أن هذا لا لشيء سوى استمرار التسويق، فالبرامج تم شراؤها من المرة الأولى، والبرامج الجديدة إن وجدت لا تعادل في القيمة المبلغ المطلوب.
3- لو كانت الشركة تبيع المنتجات فعلاً لكانت توجه دعمها لمنتجاتها، بينما نجد من خلال لوائح وأنظمة الشركة أنها تبيع المنتجات كما هي ودون أي مسؤولية، في حين تقدم الدعم لبرامج التسويق وكسب الأعضاء، كما تنص عليه اللائحة. فهل هذا صنيع من يبيع منتجات حقيقية؟
4- أن الشركة تسمح لمن يرغب في التسويق دون شراء المنتجات، لكنها لا تتيح له الاستفادة من خدمات موقع الشركة على الإنترنت للتسويق، بل من خلال الفاكس. كما أنها لا تقبل أن يكون من دونه في التسلسل الهرمي هم أيضاً مسوقون بدون شراء، بل لا بد من الشراء ممن يليه لكي يحصل على العمولة. وواضح أن هذا تضييق على التسويق بدون شراء. وتجدر الإشارة إلى أن شركة سكاي بز الأمريكية، التي سبقت الإشارة إليها، تملك نفس التنظيم والترتيب لإجراءات التسويق بدون شراء. ومع ذلك اعتبرت وزارة التجارة الأمريكية الشركة مجرد بناء هرمي ولا قيمة للمنتج (انظر التقرير المنشور في:
http://www.mlmsurvivor.com/resources/sky_biz_pvn-vandernat.pdf ).

والحاصل أن المنتجات التي تبيعها الشركة ما هي إلا ستار للانضمام للبرنامج، بينما الانضمام للبرنامج مقابل ثمن من الغرر وأكل المال بالباطل، كما تقدم، ومنعه محل اتفاق بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي. فالتحيل بتقديم المنتج لا قيمة له في الشريعة الإسلامية، لأن العبرة بالمآل، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. فإذا كانت العلة قائمة سواء وجد المنتج أم لم يوجد، فلن يغير وجوده من الحكم شيئاً. وإذا كان القانون الوضعي عاجزاً عن معالجة هذا الاحتيال، فهو لذلك محل انتقاد من المحللين والكتاب الغربيين، إلا أن الفقه الإسلامي بحمد الله أكمل وأقوم، إذ هو مبني على الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولذلك جاءت النصوص الصريحة عن النبي صلى الله عليه وسلم بسد أبواب التحايل المقيت، مثل نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وعن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع. كل ذلك منعاً للالتفاف على أحكام الشريعة المطهرة وإفراغها من مضمونها، فهي شريعة كاملة لا نقص فيها ولا خلل: {ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون}.

الفرق بين التسويق الهرمي والسمسرة
ومن خلال ما تقدم يتبيّن أن التسويق الهرمي ليس مجرد سمسرة كما تزعم الشركة في موقعها، وكما حاولت أن توحي بذلك لأهل العلم الذين سئلوا عنها. فالسمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة. أما التسويق الهرمي فالمسوّق هو نفسه يدفع أجراً لكي يكون مسوّقاً، وهذا عكس السمسرة. كما أن الهدف من التسويق الهرمي ليس بيع بضاعة أو خدمة، بل جذب مسوّقين جدد ليجذبوا بدورهم مسوّقين آخرين، وهكذا. وقد سبق أن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية. فهذا التسلسل باطل لأنه لا بد أن يتوقف. وحينئذ فالمسوّق الأخير خاسر بالضرورة لأنه لم يجد من يقبل الانضمام إلى البرنامج الهرمي. لكن لا وجود لهذا التسلسل في السمسرة أو التسويق العادي. فالتسوية بين الأمرين كالتسوية بين البيع والربا من الذين حكى الله تعالى عنهم في القرآن: {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا}. وهي كالتسوية بين البيع وبين العينة الممنوعة بالنص. فالتسويق الهرمي أخص من مطلق التسويق، وقد تضمن من الخصائص والشروط ما يجعله عقداً باطلاً، فلا يصح قياس أحدهما على الآخر.
ومما يبيّن الفرق بين الأمرين أن السمسرة أو التسويق العادي يتم من خلال ضوابط تنظم العلاقة بين المسوّقين لكي يضمن كل منهم عمولته. فالشركة البائعة للمنتجات تحدد لكل مسوّق (أو لكل موزع لمنتجاتها أو لكل فرع من الفروع) نطاقاً محدداً يختص به، تجنباً لإضرار الموزعين بعضهم لبعض إذا تكدسوا في منطقة واحدة. فهذا التكدس من جهة مضر بمنتجات الشركة لأنه يؤدي إلى تشبع السوق المحلي، كما سبق. كما أنه مضر بالموزعين أو المسوقين أنفسهم، لأنه يحرم بعضهم من البيع ومن ثم من عمولة التسويق.
أما في التسويق الهرمي فلا يوجد أي ضوابط للتسويق، ولا توجد حدود تنظم عمل كل موزع أو كل سمسار. والسبب أن الهدف ليس المنتجات وإنما الانضمام للهرم. والانضمام يتطلب أعداداً متزايدة من الأعضاء الجدد دائماً، ولذلك لا توجد مصلحة من تحديد مجال اختصاص لكل مسوّق، بل هذا مضر بنمو الهرم، ومن ثم بعوائد أصحاب الشركة.
وحقيقة الأمر أن النظام الهرمي يجعل السلعة الحقيقية التي يبيعها الأعضاء هي العمولات الموعودة من الانضمام للهرم، وليس المنتجات التي لا تتجاوز قيمتها 0.2% من عمولات التسويق للسنة الأولى فحسب. أما السمسرة أو التسويق المعروف فهو نيابة في البيع مقابل عمولة. فالعائد الحقيقي للسمسار ينبع من المبيعات المباشرة للمنتجات على المستهلكين الفعليين، وليس من مشتريات المسوّقين الجدد.
ولهذا السبب تشترط عدة ولايات أمريكية أن يكون عائد التسويق المباشر للمستهلك النهائي لا يقل عن 70% من إجمالي عوائد التسويق. بمعنى ألا يزيد عائد التسويق على المسوقين الجدد عن 30% من عوائد الشركة. وما ذلك إلا تأكيداً للفرق بين البيع على المستفيد الفعلي من المنتج، وبين البيع على من يريد الانضمام إلى هرم المسوّقين طمعاً في العمولات الهائلة التي يعدونه بها.

الخلاصة
إن البرامج القائمة على التسلسل الهرمي، ومنها البرنامج المذكور في السؤال، مبنية على أكل المال بالباطل والتغرير بالآخرين، لأن هذا التسلسل لا يمكن أن يستمر بلا نهاية، فإذا توقف كانت النتيجة ربح الأقلية على حساب خسارة الأكثرية. كما أن منطق التسويق الهرمي يعتمد على عوائد فاحشة للطبقات العليا على حساب الطبقات الدنيا من الهرم. فالطبقات الأخيرة خاسرة دائماً حتى لو فرض عدم توقف البرنامج. ولا يفيد في مشروعية هذا العمل وجود المنتج، بل هذا يجعله داخلاً ضمن الحيل المحرمة. والعلم عند الله تعالى.

مصادر مفيدة حول الموضوع
http://www.falseprofits.com
http://www.pyramidschemealert.org
http://www.skepdic.com/pyramid.html
http://www.ftc.gov/speeches/other/dvimf16.htm
http://www.impulse.net/~thebob/Pyramid.html
http://www.mlmsurvivor.com


حكم ( بزناس ) ومثيلاتها من عمليات الخداع
محمد صالح المنجد

السؤال:
ظهرت قبل عدة أشهر شركة تسمى (بزناس) تقوم على نوع من التسويق وتتلخص فكرتها في أن يشتري الشخص منتجات الشركة ـ وهي عبارة عن برامج وموقع وبريد إلكتروني ـ بمبلغ 99 دولارا ويُعطى بعد الشراء الفرصة في أن يُسوِّق منتجاتها لآخرين مقابل عمولات محددة .
ثم يقوم هذا الشخص بإقناع شخصين آخرين بالانضمام للبرنامج ، بمعنى أن يشتري كل منهما منتجات الشركة ، ويكون لهما الحق أيضا في جذب مسوقين آخرين مقابل عمولات كذلك .
ثم يقوم كل واحد من هذين بإقناع شخصين آخرين بالانضمام، وهكذا . فستتكون من هذه الآلية شجرة من الأتباع الذين انضموا للبرنامج على شكل هرم .
أما طريقة احتساب العمولات فتشترط الشركة ألا يقل مجموع الأفراد الذين يتم استقطابهم من خلال المشتري (المشترك) ومن يليه في شجرة المشتري عن 9 أشخاص من أجل الحصول على العمولة (على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحد من الاثنين الأولين عن اثنين ، وتبلغ العمولة 55 دولاراً . ويتم صرف العمولة في مقابل كل 9 أشخاص ( ويسمى كل تسعة أشخاص في التسلسل الهرمي "درجة" ).
ونظراً إلى أن الهرم يتضاعف كل مرة يضاف فيها مستوى جديد أو طبقة جديدة للشجرة، فإن العمولة تتزايد كل مرة بشكل كبير .
إذا افترضنا أن الشجرة تنمو كل شهر ، بمعنى أنه في كل شهر ينضم شخصان لكل شخص في الهرم ( كما هو افتراض الشركة في موقعها ) ، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من خمسة وعشرين ألف دولار في الشهر الثاني عشر ، ويستمر التضاعف في كل شهر
وهذا مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج ، فمقابل مبلغ زهيد لا يتجاوز 100 دولار ، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف المبلغ .
ولذلك تسوّق هذه الشركات برامجها من خلال وعود بالثراء الفاحش في مدة يسيرة من خلال النمو المضاعف للهرم .
السؤال : ما حكم هذه المعاملة خاصة أنها انتشرت بصورة واضحة وتعددت الأقوال فيها ؟.


الجواب:
الحمد لله
الكلام على مثل هذه المعاملات التي يسرع انتشارها ويكثر غموضها والتباسها على العامة ، ويشتد إغراؤها لا بد فيه من أمرين :
الأول : بيان الحكم الشرعي المبني على النصوص والقواعد الشرعية ، وعلى تصور المسألة من حيث حقيقتها ونتائجها وتاريخها .
الثاني : علاج النفس وتوطينها على الأخذ بالحكم الشرعي وعدم التعلق بالشُّبه .

ونظراً لحاجة المسألة إلى إطالة النفس فيها فسنقدِّم بجواب مختصر للسؤال يتلوه ذكر للقواعد الشرعية في هذا المقام وتفصيل للجواب .

الجواب المجمل على السؤال :
بالنظر إلى صورة هذه المعاملة ( بزناس ) وحقيقتها ، وما ذكره مندوبو هذه الشركة من معلومات وشروط عنها ، وكذلك ما ذكره المتكلمون عنها من أدلة وشروط للمنع منها أو إباحتها.

وبعرض كل هذا على نصوص القرآن والسنة وقواعد الشريعة في أبواب المعاملات وأٌقوال العلماء يتبين أن هذه المعاملة محرّمة ، لعدة وجوه أهمها :
1. أن هذه المعاملة مبنية على الميسر وأكل أموال الناس بالباطل وتحوي تغريراً وخداعاً للناس وإطماعاً لهم في المال واستغلالاً لغريزة حب الإكثار منه عندهم . وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) المائدة / 90 ، وقال : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ) البقرة / 188 ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ) مسلم ( 2137 ) وهذا التشبيه في الحديث يجعل هذا التحريم مغلظا جدا .

2. يتبيّن بعد النظر الفاحص أن إدخال السلعة ـ وهي البرامج والموقع والبريد ـ في هذه المعاملة لا يغيِّر من حكمها ، لوضوح كون هذه السلعة ليست مقصودة من قِبَل معظم المتهافتين على الشراء . وإذا ثبت هذا بالقرائن المذكورة في تفصيل الجواب فإن دخول السلعة بهذا الشكل لا يزيدها إلا حرمة لاشتمالها على التحايل المؤدِّي إلى معاملة محرمة من معاملات الميسر .

3. المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة من أوجه متعددة منها : اشتراط دفع مال للدخول فيها بخلاف السمسرة فإنه لا يشترط فيها ذلك ، وكذلك فإنه ليس المقصود فيها بيع سلعة لمن يحتاجها وإنما بناء نظام حوافز شبكي . ولو سُلِّم جدلا بأنها سمسرة فإنها محرمة لاشتمالها على التغرير بالمشتري وتمنيته بالباطل وعدم نصحه وعليه فلا يصحُّ قول من أباحها على أنها سمسرة ، ولعل ذلك لأن المسألة لم تعرض لهم على حقيقتها ، أو لم يتصوَّروها تصوُّرا صحيحا .

وهذا الحكم منسحب في مجمله على كثير من المعاملات الموجودة الآن والتي تشابهها مما يطرح في السوق الآن .

ومن أراد الاستزادة فليراجع تفاصيل النقاط في الجواب المفصَّل وما يسبقه من قواعد عامة .

الجواب المفصَّل :
قبل تفصيل الإجابة على هذا السؤال وتحقيقاً لأمر توطين النفس على قبول الحكم الشرعي لا بدَّ من التقديم ببعض القواعد الشرعية ونحوها التي تعين المسلم ـ المذعن لحكم الله ـ على التعامل باطمئنان وثقة وانشراح مع هذه المعاملة ومع أمثالها من المعاملات التي تفتقت عنها وستتفتق عنها عقول بعض أصحاب المشروعات التجارية ، لاسيما مع توفر خمسة عوامل رئيسية لانتشار مثل هذه المعاملات . هي :

1- ذيوع وسائل الاتصال والدعاية والإعلان .
2- سهولة التواصل المالي عبر البطاقات ونحوها .
3- تزايد الحاجة للمال عند عامة الناس ، بسبب الإغراق في الكماليات .
4- وجود أصل غريزة الطمع وحب المال في النفس البشرية .
5- ضعف التدين وقلة تحرِّي الحلال عند كثير من المسلمين .

وفيما يلي عدة قواعد تعين على التعامل مع هذه المعاملة وما ظهر وما سيظهر من مثيلاتها ينبغي الانتباه لها والاهتمام بها :
1- فتنة المال من أعظم الفتن التي تؤثر على الإنسان في دينه وفي بركة ما عنده من مال وولد فينبغي الحذر والتحرِّي في حلِّ مصادره أشد التحري .
2- اتقاء الأمور المشتبهات ، قاعدة مقررة في الشريعة حتى لو لم يُسلِّم الإنسان بتحريم الأمر المشتبِه ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلَّم : ( الحلال بيِّن الحرام بيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ) البخاري ( 52 ) مسلم ( 1599 ) .
3- ( ما جاءك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه ، وما لا فلا تُتْبعه نفسَك ) رواه البخاري ( 138 ) مرفوعا ، أي لا تجعل نفسك تتعلق بالمال الذي ليس في يدك دفعاً لما يحصل في النفس من حزن وحسرة إذا لم تحصُل عليه . والنهي عن التعلُّق في هذا الحديث ورد في الكلام عن العطية وهي هدية مباحة في أصلها فكيف بالتعلُّق بالأموال المشتبهة ؟ بل كيف بالتعلُّق بالأموال المحرمة ؟ ، فلا بدَّ أن يكون أكثر أثرا سلبيا في النفس وأشد في المنع .
4- ( من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خيراً منه ) رواه أحمد وصححه الألباني ، وهذا يعمُّ مَنْ تَرَك الحرام ومن ترك المشتبه فيه .
5- البَرَكة في المال وإن قلَّ أعظم وأولى بالبحث من كثرته من طريق محرم أو مشكوك فيه .
6- على المسلم أن يكون صادقا مع نفسه تمام الصدق في معرفة مقصده من مثل هذه المعاملات هل هو الرغبة في الوصول للمال والسلعة حيلة لإضعاف لوم النفس والناس، أم أن السلعة مقصودة أساسا ؟ وأن يعلم أن ما يخفيه من مقاصده معلوم عند الله الذي يعلم السر وأخفى ، وأنه سبحانه سائله ومحاسبه عن ذلك .
7- الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، وإخفاء بعض المعلومات عن المفتي لا يبيح الأخذ بفتواه ، ولا يعذر الآخذ بها ما دام يعلم أن المفتي لم تعرض عليه الصورة كاملة ، ولم يطَّلع على حقيقة المسألة .
8- ( البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك ) رواه أحمد ( 17320 ) وقال الألباني في صحيح الترغيب 1734 حسن لغيره .
9- آكِل المال الحرام إذا كان معترفا بوقوعه في الحرمة أخف جرما ممن يأكله مستعملا الخديعة والتدليس والحيل ؛ لأن الثاني قد أضاف إلى أكله للحرام ذنبا آخر وهو مخادعة الله . قال ابن القيم : ( فتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة في المفسدة التي حرمت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله تعالى ورسوله ونسبة المكر والخداع والغش والنفاق إلى شرعه ودينه وأنه يحرم الشيء لمفسدة ويبيحه لأعظم منها ولهذا قال أيوب السختياني يخادعون الله كأنما يخادعون الصبيان لو أتوا الأمر على وجهه كان أهون ) إغاثة اللهفان 1/354 .
10- ما ثبت عند الإنسان تحريمه فعليه أن يقطع تعلُّق نفسه به وأسفه إذا فاته ورآه عند الآخرين وليحمد الله على أن سلَّمه ، وليسألْه سبحانه أن يبغِّض إليه الحرام مهما كثُر ويرزقه دوام اجتنابه ، وأن يعينه على مجاهدة نفسه لقطع هذا التعلُّق .
11- أحكام الشرع مبناها على تمام العلم والحكمة . وهي تراعي المصلحة العامة الكلِّية وإن كان فيها ما يُظن أنه إضرار ببعض المصالح الخاصة ، فعلى المسلم أن لا ينظر إلى ما يحصِّله هو من نفع مادي خاص ويُغفل ما ترمي إليه الشريعة من المصلحة الكلية العامة .

أما تفاصيل الجواب فيمكن حصرها في ثلاث نقاط :
أولا : هذه المعاملة بناءً على تكييفها الاقتصادي فيها مشابهة كبيرة بمعاملة ( التسلسل الهرمي ) أو ( التسويق الهرمي ) وإن كانت لا تماثلها من جميع الوجوه ، وأصل معاملات التسويق الهرمي يقوم على بناء نظام حوافز شبكي هرمي ، ولم ينظر الذين وضعوها في الغرب إلا إلى كسب المال بِغضِّ النظر عن حلِّ المصدر وحرمته . وبعرض هذا النظام على نصوص الشريعة وقواعدها يتبين تحريمه من عدة وجوه منها :
1. بناؤه على أكل أموال الناس بالباطل نظراً لأنه لا بدَّ لهذا التسلسل الهرمي من أن يكون له مستوى نهائي ، وهو آخر من وصل إليهم التسلسل الهرمي ، وهؤلاء خاسرون قطعاً لمصلحة الطبقات الأعلى . ولا يمكن نموُّ الهرم إلا في وجود من يخسر لمصلحة المستويات العليا التي تجني عمولات خيالية ، وآخر طبقتين في كل فرع تكون الأولى منهما كاذبة تُمنِّي التي تليها بالربح ، والطبقة الأخيرة مستغفلة مخدوعة ستشتري ولن تجد من تبيعه ، وقد تقدم ذكر الآيات والأحاديث المشدِّدة في حرمة أكل أموال الناس بالباطل .

2. بناؤه على الميسر وهو أن يدفع شخص مالاً مقابل أن يحصل على مال أكثر منه أو يخسر ماله . وهذا هو واقع من يدخل في مثل هذه المعاملات ، وهذا من أهم وأوضح أسباب التحريم .

3. نظراً لاحتواء معاملات التسلسل الهرمي على تغرير وخداع ومفاسد كثيرة فقد منعته وحرَّمته الأنظمة الغربية الكافرة ـ إذا كان في صورته الخالية من إدخال سلعة فيها ـ مع كونهم يبيحون الربا والقمار والميسر أصلاً ، وحذَّر عقلاؤهم منه ( انظر الموقع التالي والمواقع العديدة المرتبطة به http://skepdic.com/pyramid.html ) .

وبناء على ما سبق فإن معاملة بزناس التي ورد السؤال عنها تدخلها عدة أوجه من أوجه التحريم هنا بسبب مشابهتها للتسلسل الهرمي في أصل الأسباب التي يحرم من أجلها وهي الميسر وأكل المال بالباطل .

ثانيا : إدخال السلعة في هذه المعاملة لا ينقلها إلى الإباحة ولا يزيل أسباب التحريم بل هو أقرب إلى كونه سبباً في تشديد حرمتها . نظرا لكونه تحيُّلا للوصول إلى تمرير هذه المعاملة والإيهام بكون السلعة مقصودة " وتغيير صور المحرمات وأسمائها مع بقاء مقاصدها وحقائقها زيادة على المفسدة التي حُرِّمَت لأجلها مع تضمنه لمخادعة الله ورسوله " إغاثة اللهفان 1/354

ويظهر عدم تأثير السلعة في إباحة المعاملة من خلال الآتي :
1. أهم دافع للشراء عند المشتركين هو التسويق لا السلعة بدليل أن أمثال هذه البرامج والخدمات كانت موجودة قبل هذه الشركة بسنوات ولا تزال ، وبأسعار أقلَّ ! فما الذي جعل التكالب عليها بهذه الكثرة ، ومن هذه الشركة بالذات سوى قصد الدخل المتولد من الاشتراك فيها ؟؟.

2. الاحتجاج بأن المواد نافعة جدا وسهلة ولها تميُّز عن غيرها وتستحق أن يدفع فيها مائة دولار ، على التسليم به في بعض الخدمات إلا أن هذا الكلام مخدوش بأن هذه البرامج غير محفوظة الحقوق في الموقع عن الاستفادة الشخصية عبر من سبق له الشراء دون أن يدفع المستفيد الجديد شيئاً ، بل الاشتراك الواحد يمكن أن يستعمله العشرات ويستفيدوا من كل ما في الموقع من خدمات . وهي غير محفوظة الحقوق إلا عن استغلالها من قبل شركات أخرى . فما الدافع لبذل المال فيها إلا الدخول في هذا التسويق الهرمي (الميسر) ؟.

3. وجود شرط ملجئ للدخول في هذا التسويق الهرمي وهو شرط شراء المنتج بسعر أكثر من قيمة مُماثله ؛ من أجل الحصول على العمولة الأكبر واستعمال موقع الشركة في الدعاية والتسويق . فبتأثير الإغراء يدفع الإنسان هذه الزيادة الباهظة على أمل تعويضها وأكثر منها عبر التسويق الذي هو قصده الأول ، وهذا هو عين الميسر المنهي عنه شرعاً .

4. ذكر العمولات المغرية نظير التسويق هو دافع الناس للشراء والاشتراك ، بدليل عدم شرائهم ـ غالبا ـ إلا بذكرها . وبدليل إمكانية موافقة البعض على الشراء دون الإطلاع على فحوى المواد أو عدم الحاجة إليها من حيث الأصل . وواقع الكثيرين من حيث عدم الاستفادة من أكثر البرامج يزيد تأكيد هذا ، بل البعض لم يستعمل شيئا من البرامج أصلا .

5. المبلغ المطلوب للاشتراك (99 دولارا) يوازي في بعض البلاد راتب شهر أو يزيد ، ويمتنع في عادة الناس دفع مثل هذا المبلغ نظير هذه البرامج إلا مع وجود قصد الربح المؤمَّل تحصيلُه ، ومع ذلك يكثر شراؤها بل قد يقترض الإنسان من أجلها .

6. من اشترى من أجل المنتج ( السلعة ) عندما يعلم بأن الشركة تصرِّح بأن ثلاثة أرباع ما دفعه سيُنفق على التسويق بدلا من شركات الإعلان فإن ذلك سيحفِّزه نفسيا للاشتراك في التسويق لتعويض ما دفعه من زيادة كبيرة على القيمة فيدخل في عملية التسويق ، ثم ينساق وراءها ولا يتوقف عند تعويض خسارته ، بل يواصل العملية .

7. بعض المتهافتين يشتري سلعة هذه الشركة أكثر من مرة ـ ووصلت عند بعضهم كما حدّث بنفسه إلى مائة مرة !! ـ مع العلم أن الشراء مرة واحدة كفيل باستفادة هذا المشترك من كل البرامج في أي جهاز شاء وفي أي وقت ، وهذه الصورة لا يشك أحد في كونها ميسرا ، وفيها دليل واضح على أن قصد هذه المعاملة إنما هو هذا التعامل الميسري .

8. تلزم الشركة المشتركين لاستمرارهم في التسويق واستمرار العمولات المتضاعفة لهم بتجديد الاشتراك سنويا بنفس المبلغ ، زعما بأنها ستضيف خدمات جديدة ، وهذا التجديد ـ على التسليم بحصوله ـ عبارة عن شراء لمجهول بثمن معلوم ؛ إذ هذا المستحدث قد يكون قليلا أو يحوي برامج ليس للمشترك عناية بها ، وهذا الشراء محرّم لما فيه من الغرر وجهالة أحد طرفي البيع جهالة مؤثِّرة .

9. رجوع الإنسان إلى نفسه لمعرفة نيَّته وقصده من هذه المعاملة يسهِّل عليه إدراك أن المقصد هو الدخول في التسويق الهرمي خاصة مع وجود أكثر ما يحتاجه من البرامج والخدمات مجانا أو بسعر أقل بكثير في مواقع أخرى ، مع إمكانية تركه لشراء ما لا يحتاجه من البرامج إما لسهولته عليه أو عدم اهتمامه به .

ثالثا : المعاملة ليست من قبيل السمسرة المباحة لاختلافها عنها في نقاط جوهرية تُغيِّر الحكم وتمنع إلحاقها بها ، ومن ذكر من المفتين أنها سمسرة فإنما أجاب على أسئلة لم يذكر فيها من التفاصيل التي تصوِّر له المسألة تصويراً صحيحاً مما يجعل فتواه غير منطبقة على الواقع ، ومن شروط صحة الحكم بناؤه على تصوُّرٍ صحيحٍ للمسألة ، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يُقلِّد من يعلم أن حكمه مبنيٌّ على تصوير ناقص للمسألة .

ومن الفروق بين هذه المعاملة وبين السمسرة المباحة :
1. أن السمسرة هي دلالة على سلعة أو منفعة مقصودةٍ لذاتها ستصل في النهاية إلى المستفيد حقيقةً لينتفع بها ، أما عملية التسويق الموجودة في هذه الشركة فهي بيع فرص تسويق على أشخاص ليبيعوها لغيرهم لتصل في النهاية إلى شخص أو أشخاص لا يجدون ما يؤمِّلونه من العقد .

2. أن السمسرة لا يشترط أن يدفع فيها السمسار شيئاً من المال إذ ليس من مصلحة صاحب السلعة أن يعرقل السمسار بوضع شرط الدفع له أو الشراء منه ، أما هذا التسويق لمن كان قاصدا له فمن شرط الدخول فيه أو الحصول على مِيزاته دفعُ مبلغ ـ ضمن ثمن البرامج ـ ليكون مسوِّقاً ، وتجديد الدفع سنويا للاستمرار في التسويق .

3. السمسار يحرص على البحث عن أكثر الناس حاجة للسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحرص على البحث عن الأقدر على تسويق المعاملة، بِغَضِّ النظر عن حاجته .

4. السمسار لا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة أما المسوِّق في هذه المعاملة فيحتاج إلى أن يستمر في تسويق السلعة حتى يكمل العدد ليحصل على العمولة .

5. في السمسرة يأخذ السمسار على قدر ما يسوِّقه من السلع ، أما في هذه المعاملة فقد يشترك اثنان في عدد من تُسوَّق لهم السلعة مباشرة أو بالتسبب ويكون بينهما من التفاوت في العمولات فرق كبير جدا بسبب ما يشترطونه من كيفية لاستحقاق العمولة ، وهذا يؤكد أن بناء شبكة التسويق الهرمي هو المقصود أصالةً لا ما يدَّعون من السلع .

وهذه الفروق الخمسة بين المعاملتين تدل على اختلاف حقيقتهما بما يمنع من إباحة معاملة بزناس قياسا على السمسرة ، لاسيما أن في معاملة بزناس أسباب واضحة للتحريم كما سبق .

6. لو فرضنا أنها سمسرة ـ وهذا غير صحيح ـ فإن الحرمة تدخلها من جهة أن هذا المسوِّق لا يمكن أن يُبيِّن لمن يعرض عليه أن هذه السلعة يوجد مثلها في غير هذه الشركة بربع المبلغ أو نصفه ، أو أنه قد لا يحتاج لبعضها ، فضلا عن أن يخبره بإمكان الاستفادة الشخصية الكاملة منها من الموقع عبر رقم المسوِّق الخاص دون التأثير عليه ودون دفع شيء ، ولا بد أن يركِّز معه على ذكر العمولة الكبيرة التي سيحصل عليها إذا اشترى وسوَّق .

7. من جعلها سمسرة وأباحها اشترط أن لا يكون في تسويقها مخادعة أو أن لا يمدحها بما ليس فيها ، وهذا غير متحقق عادة عند كثير من هؤلاء المسوِّقين لما سبق بيانه .

وبهذا التفصيل في الجواب يتبيَّن حرمة هذه المعاملة وحرمة مثيلاتها ، ونصيحتنا في هذا المقام لأصحاب هذه الشركة ومندوبيها أن يتقوا الله في البحث عن مصادر الرزق البعيدة عن الحرمة أو الشبهة ، وأن يتقوا الله في أموال إخوانهم المسلمين قبل أن لا يكون درهم ولا دينار وإنما هي الحسنات والسيئات ، وليس هناك إلا جنة أو نار .

وصلى الله وسلّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الإسلام سؤال وجواب (www.islam-qa.com)


حكم التعامل مع شركة (بزناس كوم)

د/ أحمد بن موسى السهلي
رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف

مقدمة لابد منها :
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فقد سأل كثير من إخواننا المسلمين عن حكم التعامل مع شركة ((بزناس كوم)) ؟ منهم : د/ فواز الزايدي ، وسطام الغامدي ، وفيصل الثبيتي ، ونبيل الشامي ، وأناس آخرون حضروا للمسجد ، وآخرون عبر الهاتف ، فقد رأيت أن تكون الإجابة محررة .

نظراً لأن هذه الشركة كغيرها من الشركات والمعاملات التجارية المعاصرة التي استحدثت في هذا العصر ، والإجابة عليها يحتاج إلى معرفة نظام هذه الشركة وطريقتها في البيع والشراء وشروطها ؛ إذاً لابد من تصورها وتكييفها فقهياً لأن الحكم على الشيء فرع تصوره – ولا سيما وقد نشأت في هذه العصور عقود تجارية هي من صياغة اليهود ، الذين يقوم اقتصادهم على الربا والتحايل على ما حرَّم الله – وكثير من المعاملات المعاصرة لا عهد لأهل الإسلام بها ؛ واليهود معلوم عنهم مكرهم ودهاؤهم وتلاعبهم بالشرائع ، وتحايلهم على ما حرّم الله ، وأصبحوا في هذا العصر – هم - رواد التجارة العالمية ومنظروها ، ولهم أساليبهم في الحيل والدعاية والإعلام واستحلال ما حرّم الله – ومن هنا يجب على طالب العلم الشرعي والعالم والمفتي للناس أن يكون على حذر من لعب اليهود وحيلهم ، وقد كثر في هذا العصر التحايل على الربا والقمار والميسر ، فحسن الظن بقادة التجارة العالمية ورطة لذا فإني أههيب بإخواننا العلماء الصالحين الذين يحسنون الظن ويستندون إلى أن الأصل في المعاملات القاعدة الشرعية الصحيحة المعروفة (الإباحة) ، هذه القاعدة استغلها كثير من عبَّاد الدينار والدرهم – الذين دعى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعاسة – نسأل الله العافية .

لذلك طلبت من الإخوة السائلين إحضار نظام الشركة لقراءته والاطلاع عليه وقد قمت – والحمد لله - بقراءة نظام شركة (بزناس كوم)، لكي أستطيع أن أكتب في المسألة فقهياً عن تصور بحسب ما يظهر لي – ثم اطلعت على ما كتبه الأخ الفاضل الدكتور/ سامي بن إبراهيم السويلم – عن تصوره وفهمه لهذه الشركة وتصويره للمسألة فجزاه الله خيراً ، فقد أفادني كثيراً حول هذه الشركات العالمية.

وقبل الإجابة عن حكم التعامل مع شركة ((بزناس كوم)) أود أن أضع بين يدي المستفتين بعض قواعد المعاملات الشرعية الجامعة لأصول ما يحل وما يحرم من المعاملات التجارية لتكون منطلقاً لمعرفة الحكم على هذه الشركة وغيرها من البيوع المستحدثة في هذا العصر .

أولاً: أن من فضل الله تعالى على أمة الإسلام – أن الحلال بيّن ، وأن الحرام بيّن ، وأن من تمام الشريعة وكمالها أن رسولها - محمد صلى الله عليه وسلم - أُعطي جوامع الكلم ، وأنه الشارح والمبيّن لما أُجمل في القرآن الكريم من أمثال قول الله تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ أَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ }  النحل . وقوله تعالى :{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً }  النساء .
فقد وردت أحاديث تبين معنى التراضي ، والمراد به شرعاً وليس كل تراضي بين المتبايعين معتبر شرعاً – فالرضى المعتبر شرعاً بين المتعاملين هو الرضى المنضبط بضوابط الشرع في البيوع ، فلو تراضيا المتعاقدين على عقود محرمة لم ينفعهما رضاهما لأن العبد ليس له أن يفعل ما يشاء ، وإنما له أن يفعل ما أجازه الشارع ، فالعبد مقيد بالعبودية لله ، والتعبد بشرعه ؛ فلا يجوز له أن يخرج عن أحكام شرع الله تعالى – بحجة الرضى- .

القاعدة الثانية :
أن هناك أصلاً جامعاً للمنهيات والمأمورات قائماً على العدل والقسط ، فالشارع لا يأمر إلا بما فيه صلاح الناس في دينهم ودنياهم ، ولا يحرّم عليهم إلا ما فيه ضرر وفساد عليهم في دينهم ودنياهم ، ولا يشذ عن هذا القاعدة شيء كما ذكر الله تعالى في وصف شريعته الغراء الخالدة على الزمن ، الصالحة لكل زمان ومكان فقال:{  يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ... (157)}  الأعراف . وقال سبحانه :{  قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ .. (29) }  وقال :{  قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (33) } 
فكل ما أباحته الشريعة الإسلامية قسط وعدل ، وصلاح وخير ، ومنافع للناس ، وكل ما نهت عنه وحرمته ، ظلم وجور ، وفساد وضرر، ومن تتبع أحكام الشريعة الإسلامية يجدها لا تخرج عن هذا الأصل الأصيل ، ومن ذلك المعاملات المالية .

القاعدة الثالثة:
الأصل في المعاملات التجارية الإذن ، والإباحة والحل – فلا يمنع ولا يحرم إلا ما ورد الشرع بتحريمه ومنعه ، قال الله تعالى :{  وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } 
وقال :{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (29) }  .
ومعنى (بالباطل) بالحرام كالربا والغرر والجهالة وبيعتين في بيعة ..الخ .
وهذا شامل لجميع أنواع التجارات فمتى جمعت التجارة والمعاملة المالية ، الرضى المعتبر شرعاً ، والصدق والبيان والعدل وعدم الغرر، وعدم الغش ، وعدم الخداع ، وعدم التغرير ، وتوفرت شروط البيع الصحيح التي استنبطها فقهاء الإسلام من كتاب الله تعالى الفرقان وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان ، عن تراض بين البائع والمشتري ، وكون البائع والمشتري جائز التصرف ، وكون المبيع مالاً، والمبيع ملكاً للبائع ، قادراً البائع على تسليم المبيع للمشتري ، والمشتري قادر على دفع الثمن ، والمبيع مباحاً، والثمن معلوماً، والمبيع معلوماً، لكل من البائع والمشتري ، إما بمشاهدة ورؤية ، وإما بوصف – وان لا يكون البيع معلق بشرط ، فلا بد من التنجييز في البيع – يعني : إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع .

القاعدة الرابعة :
تأكيداً لما قبله حرّم الشارع الحكيم بعض المعاملات رحمة منه بعباده لما فيها من الضرر ، فحرّم الإسلام الربا والقمار والميسر والغرر لأن في الغرر مخاطرة ؛ لكونه مجهول العاقبة – المفضية إلى النـزاع والشقاق والخصام والغبن والتحسر والتألم الذي من أجله حرّم الخمر والميسر: { إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) }  المائدة. أقول :
حرّم التغرير بالناس والتدليس والغش والخداع .
حرّم بيع الحاضر للبادي – أي لا يكون له سمساراً .
وحرّم تلقي الركبان . وحرّم بيعتان في بيعة .

القاعدة الخامسة :
أن لا يشتمل عقد البيع على ترك واجب كالبيع بعد نداء الجمعة الثاني ، أو وسيلة لفعل محرّم كبيع العنب لمن يتخذه خمراً ، وما شابه ذلك .
والخلاصة أن المعاملات المالية تدور مع المصلحة الراجحة ، وتبتعد عن المفاسد الراجحة ، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية والعز بن عبد السلام والشاطبي وابن القيم وغيرهم :(( إن الشريعة ما جاءت إلا لتحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل وذلك بتحصيل المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها ، فهي ترجّح خير الخيرين ، وتدفع شر الشرين ، وتحصّل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما )).

ثانياً : وقبل الإجابة – على السؤال – أود أن أشكر الأخ الدكتور/ سامي السويلم الذي قام مشكوراً بدراسة نظام الشركة وموقف حكومات الغرب منها ، وتكيفه للموضوع – وإبدائه وجهة نظره ، ومن حقه ومن حق كل طالب علم شرعي يملك آلة الاجتهاد والاستنباط ومعرفة الأشباه والنظائر ، وأن يتبين موقف الشريعة الإسلامية فيما يجد من قضايا العصر المتشابكة في إطار قواعد الشريعة الإسلامية .

أما رأي في التعامل مع شركة ((بزناس كوم)) – بيعاً وشراء فلا يجوز ، وذلك لما يلي :
1- العقد اشتمل على غرر ، ومقامرة ، وبينه وبين (يانصيب) شبه كبير كما ظهر لي .
2- اشتمل العقد على مضمون نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر للبادي.
3- اشتمل على بيعتين في بيعة .

(( توضيح لبعض الفقرات السابقة ))
لقد حرّم الإسلام الميسر – القمار – فقال تعالى :{  يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا (219) }  البقرة.
وقال أيضاً :{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ (91) }  المائدة .
هذه الآيات معناها كما قال علماء التفسير :((إن الله سبحانه وتعالى جمع هذه المحرمات الأربع : الخمر ، الميسر ، الأنصاب والأزلام في آية واحدة ، حيث قرن الميسر – القمار – بالخمر والأنصاب والأزلام – نظراً لما للميسر من إشغال للقلب والفكر عن مصالح الدين والدنيا ، وإيقاد نار العداوة والبغضاء بين أصحابه ، وقليله يدعو إلى كثيره ، ويفعل بالعقل والفكر ما يفعل الخمر ويصير صاحبه عاكف عليه عكوف شارب الخمر على خمره ؛ لأنه لا يستحي ولا يخاف كما يخاف شارب الخمر .
وقد ثبت عن الصحابة أن الميسر مذهب للعقل سالب للمال ، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :((أن مفسدة الميسر أعظم من مفسدة الربا ، لأنه يشتمل على مفسدتين مفسدة أكل المال الحرام ، ومفسدة القمار المحرم )) [مجموع الفتاوى:ج32/237].
ولم يفرق فقهاء الإسلام بين الميسر والقمار والغرر إلا في صور يسيرة – والغرر حرام كما ثبت نهي الرسول صلى الله عليه وسلم ، عنه في أحاديث عدة في صحيح مسلم غيره :(( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ))
فما هو الغرر ؟ هو ما كان عاقبته مجهولة ؛ لأنه قائم على الاحتمال والشك والتردد – وهذا البيع بيع شركة ((بزناس كوم)) عاقبته مجهولة فيسري في هذا البيع ما قاله فقهاء الإسلام عن تعريف الغرر أنه يقوم على الغنم والغرم – أي أنه متردد بين أمرين الغنم – والغرم ، وكل ما تردد بين الغنم والغرم فهو غرر محرّم عند جميع الفقهاء لنهي الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصريح في ذلك )) راجع إن شئت : فتاوى شيخ الإسلام ج29/22-483-491 – وفقه المعاملات للإمام ابن سيرين مقارناً بفقه الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة – لكاتب هذه الأسطر ج1/145-161 – فإن فيه خلاصة كلام أهل العلم في بحث القمار والغرر ، وراجع في بحث ((يانصيب)) ما كتبه الشيخ محمد رشيد رضا في تفسيره المنار عند كلامه على الميسر وراجع أيضاً فتاوى اللجنة الدائمة في المملكة السعودية ج15/200 وما بعدها .
وستجد صوراً مشابهة لشركة بزناس كوم – والفقه يا أخي المستفتي إنما هو الأشباه والنظائر ، ومعرفة القواعد الشرعية – وليس حفظ المتون فقط ، وإن كان الحفظ مطلوباً.
ثانياً : العقد في شركة بزناس كوم ، مشتمل على السمسرة المحرمة – التي هي داخلة في بيع الحاضر للبادي ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحاضر للبادي.
وذهب جمهور الفقهاء إلى تحريم بيع الحاضر للبادي – راجع إن شئت كتاب فقه المعاملات عند ابن سيرين لكاتب هذه الأسطر ج1/145-161، 202/2-9،291.
ثالثاً: يشتمل العقد في شركة ((بزناس كوم))، على بيعتين في بيعة ، وكذلك بيع وشرط – وهو شرط خارجي ليس من مقتضى العقد ، وذلك أن الشركة تشترط على المشتري للموقع – أو المنتج – أن يأتي بأشخاص – ولا تعطيه ما يسمى بالعمولة – أو السمسرة إلا إذا جاء بالعدد المطلوب ، إضافة إلى الغرر الموجود ، ومجيء الزبائن أمر مجهول ، هل يجد أشخاصاً أم لا ؟ إذاً : هو غرر وداخل في بيعتين في بيعة ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عن الغرر وعن بيعتين في بيعة )) .
إضافة إلى وجود شرط يخالف مقتضى البيع ، وهو تعليق البيع على شرط
راجع إن شئت : المغني لابن قدامة ج6/118،308،332، وكشاف القناع ج3/193،ونيل الأوطار للشوكاني ج6/288.

والخلاصة :
والذي يظهر لي أن التعامل مع هذه الشركة لا يجوز لما ذكرت سابقاً ، ولما أُأكده لاحقاً :
1- ما في هذا البيع من المقامرة والمغالبة والمخاطرة والجهالة ، فالشراء للمنتج بنية إحضار زبائن مما يدل على أن المشتري يشتري الموقع لا غرض له فيه – إلا الحصول على المكاسب من الزبائن في التنظيم الهرمي، وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة بعدم جواز شراء السلعة من أجل الجائزة ، والمشتري هنا في شركة بزناس يشتري مقابل كلّ زبون خمسة دولارات ، وفي هذا محاذير شرعية : منها أكل المال بالباطل الذي قال عنه الله تعالى:{  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ..... (29) }  النساء.
ومعنى أكل المال بالباطل : أي بالحرام كالربا والغرر ، وما شابه ذلك من المكاسب غير الشرعية ، ومن سائر صنوف الحيل ، وإن ظهر في قالب الحكم الشرعي مما يعلم الله أن متعاطيها إنما يريد الحيلة . راجع إن شئت : تفسير ابن كثير ((العمدة)) ج1/147 .
وراجع في المسألة : فتاوى اللجنة الدائمة للفتوى في المملكة السعودية ج15/192-193 ، لما في المسألة المدونة من الشبه بينها وبين شركة (بزناس كوم) إضافة إلى الشروط التي تنافي مقتضى العقد .

2- نصيحة محب :
إن أقل الاحتمالات أنه من الأمور المشتبهات – فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه – والمسلم مطالب بأن يكون كسبه يقوم على الطرق الشرعية الصحيحة ، وقد بيّن رسول ا لله  صلى الله عليه وسلم  ، أنه «يأتي على الناسِ زمانٌ لا يُبالي المرءُ ما أخَذَ منه أمِنَ الحلالِ أم منَ الحرام». رواه الشيخان.
فيجب عليك – أخي المستفتي – أن تتحرى الطرق الشرعية الصحيحة لكسبك ، وأن تكون حلالاً لا شبهة فيها حتى لا يسرى فيك نص الحديث السابق.
وقد كثر في هذا العصر التساهل بحجة ما يسمى بفقه التيسير وارتكب الناس من خلال – هذه النغمة الجديدة- طرقاً محرمة في البيع والشراء وأكل أموال الناس بالباطل ، وكم كان النبي -  صلى الله عليه وسلم  - حريصاً على أمته أن لا يأكلوا إلا طيباً كما كان يأكل الرسول  صلى الله عليه وسلم  ، فقال : «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّباً. وَإِنَّ اللّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ. فَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}  (32المؤمنون الآية: 15) وَقَالَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ }  (2البقرة الآية: 271)». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ. أَشْعَثَ أَغْبَرَ. يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ. يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ. فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذٰلِك؟».رواه البخاري ومسلم .
فليحذر المسلمون من التجارة العالمية وشركاتها ، وليحرص المسلم على البعد عن معاملات اليهود وعدم التأثر بأخلاق اليهود في التعامل المالي وغيره ، لأن بريق المال جعل اليهود يحتالون على ما حرّم الله من قديم الزمان ، كما هو معلوم لكم في الشحوم ، وصيد السمك والربا .. الخ ، ولكونهم في هذا العصر هم قادة التجارة العالمية ومنظريها ومروجيها ، فهم يبتكرون وسائل كثيرة للتحايل على الله ، فقد رأينا في أسواق المسلمين أموراً لا عهد للتجار المسلمين بها ، ولا تمت إلى المعاملات الإسلامية بصلة ، والفقه الإسلامي لا ينشأ في أحضان الحيل اليهودية ويبدأ يبحث عن الحلول وتصيد النصوص لأسلمة المعاملات اليهودية ، فقد قدم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي المدينة بيوع – فحرّمها ونهى عنها ، وأقرّ ما يندرج تحت القواعد الشرعية من العدل والقسط ، ونهى عما يسبب العداوة والبغضاء .

وأخيرا – فالذي ظهر لي- أن نظام شركة ((بزناس كوم)) يقوم على الغرر والمقامرة وأكل أموال الناس بالباطل ، والبيع والشراء في الإسلام لا يقوم على التسلسل الهرمي كما هو في شركة ((بزناس كوم)) ، وكذلك الشروط التي تخالف مقتضى العقد . هذا ما ظهر لي .
والله أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلّم.

كتبه
د/ أحمد بن موسى السهلي
رئيس جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف
والمدرس في جامع الأمير أحمد بن عبد العزيز بالطائف
Alkhalil123@hotmail.com


التكييف الفقهي لشركات التسويق الشبكي
شركة بزناس
إبراهيم أحمد الشيخ الضرير
مركز الكلم الطيب للبحوث والدراسات

أسس الشركة كل من السيد/علي الشرجي عماني الجنسية والسيد/عمران خان باكستاني, وكلاهما صاحب خبرة في التسويق الشبكي.
بدأت الشركة عملها في أكتوبر 2001
مقر الشركة الأم بسلطنة عمان
تدار عملياتها بواسطة فريق مختص بباكستان حيث توجد أجهزة الحاسب الرئيسية للاستفادة من الخبرة الباكستانية ورخص الأيدي العاملة.
يقدر عدد المشتركين بها أكثر من 110.000 مشتركاً موزعين على 50 دولة حتى الآن.
المنتج الرئيسي للشركة عبارة عن حزمة من المبيعات التجارية الخاصة بالحاسب تتكون من:

- خمسة مواقع على الإنترنت بمساحة 10 ميغابايت(المجموع 50 ميغابايت).
- مناهج تعليمية للكمبيوتر والإنترنت.
- بريد إلكتروني بمساحة 25 ميغابايت.
- بطاقة الخصومات والمزايا.

يستفيد المشترك من كل المزايا الخمسة المذكورة مقابل 99 دولاراً أمريكياً ما يعادل 27000 ديناراً سودانياً.
بالإضافة للدخل في برنامج الفوائد وهو عبارة عن ثلاثة مكافآت تتمثل في الأتي:
1. فوائد الخطة الثنائية وهي الخطة الرئيسية.
2. خطة الدخل من الحوافز.
3. خطة الدخل من يونيفيل uni-level.

1. الخطة الثنائية:
وللدخول في شبكة الشركة والاستفادة من فوائدها الرئيسية المسماة في مصطلح الشركة بالخطة الثنائية لابد من توافر عدة شروط:
1. امتلاك مركز عمل.
2. التسويق لاثنين من الزبائن الجدد أحدهما عن اليمين والآخر عن اليسار.
3. تسويق 9 مبيعات وتعتبر هذه في عرف الشركة(خطوة) step وتعطي الشركة عن كل خطوة
(9 مبيعات) مبلغ 55 دولاراً تقريباً. الشرط الأساسي لاستحقاق الحافز عن كل 9 مبيعات أن تكون على الأقل ثلاث من هذه المبيعات من أحد الجهات اليمنى أو اليسرى وبصورة أخرى لابد من تحقيق ثلاثة مبيعات من جهة وستة من جهة أخرى أو أربعة من جهة وخمسة من الجهة الأخرى, فلو كانت التسعة مبيعات من جهة واحدة فإن المشترك لا يستحق شيئاً فالنمو غير متوازن للشبكة يقف
المشترك حقه في الحافز ولو بلغ عدد المشتركون تحته بالمئات.
4. يمكن للمشترك أن يشكل عدداً لا نهائياً من الخطوات وفي أي مدى زمني أسبوعي أو يومي أو على مدار الساعة ويستحق على كل خطوة 55 دولاراً.

فإن افترضنا أن شبكة المشترك تمت بصورة مثالية أي أنه بعد أن سوق لاثنين واحد عن اليمين و آخر عن اليسار ثم قام كل واحد من المشترين الجدد بالتسويق لاثنين آخرين وبنفس الطريقة فإن الشبكة سوف تنمو في شكل متوالية هندسية أساسها اثنين ومن ثم يحقق المشترك الأول التالي:

  مبيعات جديدة مجموع المبيعات الدخل بالدولار
1 2 2 -
2 4 6 -
3 8 14 55
4 16 30 110
5 32 62 165
6 64 126 440
7 128 254 770
8 256 510 1540
9 512 1022 3135
10 1024 2046 6215
11 2048 4094 12485
12 4096 8190 25080
مجموع المقبوضات 49.995 دولار

2. خطة الحوافز:
أما خطة الحوافز فهي إعطاء حافز مقداره خمسة دولارات عن كل مشترك جديدي يدخل الشبكة عن طريقك مباشرة بعد أول مشتركين مباشرين.
ولا يوجد حد أقصى لعدد الأشخاص الذين يمكن إدخالهم مباشرة مع الأخذ في الاعتبار في أن هؤلاء الزبائن الجدد سوف يحلون في أسفل الشبكة وتحت آخر مشترك فيها على أن يكون موقعه في أقصى يمين الشبكة أو أقصى يسار الشبكة.
في هذه الحالة يستفيد جميع المشتركين الأعلى من المشترك الجديد بدخوله في خططهم الثنائية (الخطة الرئيسية) ويحق لهم الاستفادة من مزاياها وتقاضي عمولة عنه.

3. خطة الدخل من (يونيلفل) uni-level:
- يسجل في هذه الخطة كافة الزبائن الذين اشتروا منتج الشركة( المجموعة التجارية) تلقائياً.
- الأشخاص الذين قامت الشركة بإشراكهم بطريقة مباشرة يعتبرون مستوى أول و الأشخاص الذين يشترون من المستوى الأول يعتبرون مستوى ثان لك وهكذا إلى عشرة مستويات بحد أقصى.
- يعطي المشترك دولاراً واحداً عن كل زبون في هذه الخطة بحد أقصى عشرة مستويات عن كل زبون مباشر.
- لما كان عدد الزبائن المباشرين متوقفا ًعلى النشاط المشترك فإن الخطة (يونيلفل) تمتد بامتداد زبائنك المباشرين بواقع عشرة مستويات لكل مشترك مباشر.
يتضح من السرد السابق أن كلا من بزناس و جولدكوست يشتركان في جوهر الفكرة مع بض الاختلافات غير الجوهرية في طريقة الحوافز ومقدارها وشرط توازن الشبكة المفضي لاستحقاق الحافز فبينما تشرط جولدكوست التوازن التام المتمثل في خمسة من كل جهة فإن التوازن في بزناس يتم ب3و6 من كل جانب أو 5 و4 من كل جانب مع اختلاف كل من المشتركين في نوع المنتج التجاري ومن أوجه الاختلاف غير المؤثرة في الحكم بين الشركتين الآتي:

1. أن بزناس لديها برنامج حوافز مواز لبرنامج الدخل الرئيسي حيث تعطي كل مروج لمنتجاتها 5 دولارات عن كل منتج يسوقه مباشرة ولا علاقة له بالبرنامج الرئيسي ويطلق عليه في عرف الشركة بخطة الحوافز وهو عقد جعالة لا غبار عليه حيث ألزمت الشركة نفسها 5 دولارات لكل شخص يسوق لها منتجاً.
2. يتم الاشتراك في جولدكويست مرة واحدة, أما نظام بزناس فيطالب المشترك بتجديد اشتراكه سنوياً وإلا فقد مركزه.
3. في جولدكويست شراء المنتج شرط أساسي للدخول في الشبكة مما أدخل المعاملة في حكم البيعتين في بيعة وشركة بزناس لا تشترط هذا الشرط.
4. تتفق الشركتان في أن دخل العميل لو ترك ينمو دون ضابط لأدى إلى إفلاسهما ومن ثم وضعت كل شركة في نظامها كابح حول دون نمو دخل العميل بصورة غير متناهية و مع اتفاق الشركتين في المبدأ إلا أنهما اختلفتا في الكيفية التي يكبح بها نمو دخل العميل, فبينما تجعل جولدكويست حداً زمانياً و سقفاًَ أعلى للدخل يتمثل في دورة واحدة في اليوم و هو ما يعادل 2400 دولار في خمسة أيام في الأسبوع فقط أي أن دخل العميل المشترك بمركز واحد لا يتجاوز 48000 دولار في الشهر, أما بزناس فإن الكابح يتمثل في إدخال المشتركين الذين تجاوزت خطواتهم ال20 خطوة في الشهر في سلة واحدة يتقاسمون فيما بينهم (وفق خطواتهم المتكونة) الدخل المستقطع من القاعدة للخطة الرئيسية(55دولاراً) غنماً وغرماً فإذا زادت عدد الخطوات المتشكلة قل الدخل, وإذا قلت زاد الدخل.
ومن ثم يتضح أن بزناس تتفق مع جولدكويست في جوهر المعاملة مع الاختلاف في بعض الشروط وأيضاً في بعض الحوافز غير المؤثرة في جوهر المعاملة.

أوجه الاتفاق:
1.
نظام البناء الشبكي ففي كل من الشركتين يبنى على أساس متوالية هندسية أساسها اثنان لا يجوز لأي مشترك أن يسجل تحته مباشرة أكثر من اثنين أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره.
2. نظام الحوافز المتنامي والمتسع مع اتساع الشبكة يدفع فيه الذين في أسفل الشبكة لمن هو في أعلاها, الرابح فيه السابق والخاسر فيه اللاحق. تقول دعاية شركة بزناس( سوف تخسر الكثير إذا تأخر انضمامك إلينا بيوم واحد ...كلما انتظرت أكثر كلما خسرت أكثر ... ابدأ الآن....)
3. لا من النظامين يحفز المشترك غير المسبوق .
4. المقصد والهدف هو بناء نظام حوافز شبكي هرمي وليس تسويق المنتج.
5. مقصد وأهداف المشتركين في كلّ من الشركتين هو الدخل المتولد من الاشتراك في المرتبة الأولى وليس المنتج.

هذه النقطة والتي قبلها في حاجة إيضاح. فمن المعلوم أن شركات إنتاج البرامج الكمبيوتر (وحفظاً لحقها كمنتج) تضع حماية خاصة على برامجها تحول دون نسخها أما بزناس فد تركت برامجها التعليمية مع قيمتها العالية فقد تركتها كلأ مباحاً لكل راغب وإن لم يشترك.

ولم تحفظ حقها إلا مقابل استغلالها من قبل شركات أخرى إما للاستفادة الشخصية فالأمر مفتوح دون أن يدفع المستفيد شيئاً وما ذلك إلا لعلم الشركة أن هدف المشتركين هو تيار الدخل في المقام الأول ولهذا لم يؤثر ترك المنتج مباحاً في سلوك المستهلكين وتكالبهم على شرائه, ومن ثم يتضح سلوك المشتركين وهدفهم من الاشتراك, فالمنتج بين أيديهم ويمكن الاستفادة منه دون قيد شروط ودون مقابل مادي فما الدافع إذا لشرائه وبذل الثمن في سلعة تكلفة استعمالها تعادل صفراً إلا إذا كانت هنالك غاية أخرى وفرصة أعظم سوف يضحي بها عند عدم الاشتراك وهي واضحة وتتمثل في فقد تيار الدخل المتدفق وهو لاشك يدخل في تقييم الفرصة البديلة وهو المبرر الأساسي لشراء المنتج.

ولا يقال أن المنتجات الأخرى من موقع على الإنترنت أو البريد الإلكتروني وهو الذي يشكل سلوك المشتركين فيؤثر في اختيارهم إذ الحاجة لهذه المواقع تكاد تكون منعدمة لمعظم المشتركين أما البريد الإلكتروني فخدمته موجودة على الإنترنت مجاناً ودون مقابل فإذا انعدمت الحاجة للمواقع لدى جمهور المشتركين مع وجود باقي الخدمات مجاناً لم يبق إلا ما قدمناه هدفاً لاشتراكهم وهو الطمع في تيار دخل متنامي.
ومن ثم يسقط المنتج عند النظر في التكييف الفقهي لشركة بزناس كما سقط في تقييم شركة جولدكويست ليبدو الحكم واحداً وهو حلقات قمار متداخلة الرابح فيه السابق في الهرم والخاسر فيه اللاحق في أسفله.

ومال المقامرة في بزناس أكثر وضوحاً حيث حددت بـ55 دولاراً مضاف إليه صافي عمولة الشركة 24 دولاراً مخصوماً منها التكاليف الحقيقية للمنتجات.

وعليه يمكن لأي شركة إذا حازت على ثقة الناس أن تدير شبكة كهذه وبنفس الشروط وضوابط الاشتراك في بزناس دون أن توسط منتجاً تصدر فقط شهادات تثبت للمشترك حقه ومركزه. ويحقق المشتركون فيها نفس الدخل وتحقق إدارة الشركة نفس الأرباح.

فالمنتجات في التسويق الشبكي أيا كانت ليست سوى طعم دس فيه مال المقامرة ليحقق للشركات المعينة عدة أهداف منها:
1. إعطاء واجهة سلعية مقبولة ليبني عليها الترخيص القانوني لمزاولة النشاط في الدولة المعينة.
2. مراعاة الحالة النفسية للمشتركين وإيهامهم بأنهم يزاولون عملاً منتجاً ومفيداً.
3. إعطاء ضمان للمشتركين في حالة فشلهم في بناء الشركة وهو أمر ضروري في لأحداث قدر من الثقة والاطمئنان لدى جمهور الراغبين في التعامل مع الشركة خاصة عند بداية العمل وقبل أن يحقق أي من المشتركين السابقين مكسباً ليمثل سابقة مقنعة ومثلاً يضرب للراغبين في الاشتراك.
فالحكم على بزناس كالحكم على جولدكويست وعلى كل سلعة سوقت بهذه الطريقة ولا يشفع لشركة بزناس عظم منتجاتها وفائدتها للفرد والأمة فالغايات لا تبرر الوسائل, وتحريم القمار بالمال مما لا يقبل الإستثناء بحال ونفع المنتج مهدر بنص القرآن قال تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) [سورة البقرة: 219 ].

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

شبكة المشكاة الإسلامية


بزناس وما شابهها قمار
مجمع الفقه الإسلامي بالسودان

نص بيان مجمع الفقه الإسلامي حول الحكم الشرعي في الاشتراك في شركة بزناس المحدودة وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي:

الحمد لله والصلاة على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

التكييف الفقهي لنظام شركة بزناس المحدودة وشركات التسويق الشبكي:

بعد دراسة نظام شركة بزناس وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي بواسطة دائرة الشؤون الاقتصادية والمالية بمجمع الفقه الإسلامي والتي خلصت للآتي:

أولاً: إن المنتج في شركات التسويق الشبكي ليس مقصوداً للمشتركين إنما المقصود الأول والدافع المباشر للاشتراك هو الدخل الذي يحصل عليه المشترك من خلال هذا النظام.

كما أن مقصود الشركة هو بناء شبكة من الأفراد ( في شكل متوالية هندسية أساسها اثنان) تتسع قاعدتها في شكل هرم، صاحب الحظ فيه هو قمة الهرم الذي تتكون تحته ثلاث طبقات، وتدفع فيه قاعدة الهرم مجموع عمولات الذين فوقهم، فالمنتَج ليس سوى واجهة سلعية مقبولة ليُبنى عليها الترخيص القانوني، حيث تمنع أكثر قوانين دول العالم برنامج التسلسل الهرمي الذي يدفع فيه المشترك رسوماً لمجرد الانضمام للبرنامج دون توسط أو سلعة يتم تدوالها.

ولما كانت الأحكام تبنى على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني؛ فإن المنتج يسقط عند التكييف الفقهي لشركة بزناس وما يشابهها من الشركات.

وعليه فإن الأمر من الوجهة الفقهية ليس سوى تجميع اشتراكات من أفراد تديرها الشركة، ويدفع فيه الأشخاص الذين في أسفل الهرم حوافز من سبقهم في أعلى الهرم بالإضافة لعمولة الشركة التي تقول دعايتها: "سوف تخسر الكثير إذا تأخر انضمامك إلينا بيوم واحد، كلما انتظرت أكثر كلما خسرت أكثر، ابدأ الآن".

ثانياً: إن المشترك لا يمكن أن يحقق دخلاً إلا إذا تكونت تحته ثلاث طبقات، وإن المستويات الثلاثة الأخيرة في البناء الهرمي دائماً مخاطرة (معرضة للخسارة) لأنها تدفع عمولات قمة الهرم على أمل أن تتبوأ هي القمة، ولكن لا يمكنها ذلك إلا باستقطاب أعضاء جدد ليكوّنوا مستويات دنيا تحتهم، فتكون المستويات الجديدة هي المعرضة للخسارة وهكذا، فالتعرض للخسارة لازم لنمو الهرم، ولا يمكن في أي لحظة من اللحظات أن يصبح الجميع رابحاً، وإنما يربح القليل مقابل مخاطرة العدد الأكبر، وان نسبة الرابحين للمعرضين للخسارة في حدها الأدنى هي 1:9 في أي لحظة من لحظات الهرم.

ومن ثم يتضح أن الأغلبية الساحقة من المشتركين في أسفل الهرم مخاطرة أبداً بالدفع لمن فوقهم، وهم لا يدرون أتتكوّن تحتهم ثلاث طبقات فيكسبون أم لا تتكوّن فيخسرون ما دفعوه إلى الذين فوقهم. وهذا النوع من المخاطرة قمار لا شك فيه، فأصل القمار كما يقول ابن تيمية : " أن يؤخذ مال إنسان وهو على مخاطرة هل يحصل على عوضه أم لا يحصل".

هذه العملية تتكوّن في حقيقتها من حلقات مقامرة، مال المقامرة فيها مضمن في سلعة ومدسوس في ثمنها [1]. حلبات المقامرة في شركات التسويق الشبكي متداخلة في حلقات قمار غير منتهية، الرابح فيها هو السابق في الشبكة الذي يتدفق إليه تيار من الدخل يبدو غير متناه بقدر اتساع شبكته من الأفراد الذين يلونه، المخاطر فيها القاعدة المتعلقة بالأمل في الصعود ونمو شبكتها بالمزيد من الذين يلونهم ممن يحدوهم الأمل في الكسب دون عملٍ منتجٍ، فالطبقات الثلاثة الأخيرة مخاطرة أبداً بصورة مستمرة وفي أي لحظة من لحظات نمو الهرم وهذا هو معنى القمار.

الفرق بين التسويق الشبكي والسمسرة:
السمسرة في البيع والشراء عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر مقابل توسطه في إتمام بيع سلعة أو شرائها، والتسويق الشبكي الذي تمارسه بزناس وما يشابهها من الشركات عبارة عن توسيط سلعة لبناء شبكة من العملاء في شكل متوالية هندسية يشكل كل عميل فيها قمة هرم داخل الشبكة يدفع فيه العملاء الجدد حوافز من سبقهم في البناء الشبكي.

وعليه فإن نظام بزناس والتسويق الشبكي يخالف السمسرة المعروفة فقهاً من أربعة أوجه رئيسية هي:

1- إن السمسرة لا يشترط فيها شراء السمسار سلعة ممن يسمسر له فهو مجرد وسيط بين صاحب السلعة والمشتري. أما نظام شركات التسويق الشبكي فشراء الشخص للمنتج أو امتلاكه "مركز عمل" شرطٌ في قبوله مسوِّقاً، أي أن المسوِّق يدفع أجراً ليكون مسوِّقاً وهذا عكس السمسرة.

2- إن نظام شركة بزناس لا يسمح للفرد أن يسجل تحته مباشرة أكثر من اثنين وما زاد على الاثنين يسجل تحت آخر مشترك تحت شبكته، وهذا يعني أن هناك أفراداً في الشبكة يستفيدون من جهد الذين فوقهم ويتقاضون عمولات من الشركة عن سلع لم يكن لهم جهد في تسويقها فإذا ضمت هذه النقطة مع التي قبلها يتضح أن نظام الشركة يحرم المسوِّق غير المشترك ويعطي المشترك غير المسوِّق، ومن ثم تتضح مخالفة ما تقوم به الشركة وبُعده عن السمسرة المعروفة فالشركة تلتزم بتحفيز المشتركين بصرف النظر عن جهدهم في تسويق المنتجات في حين أن الأجر في السمسرة يكون لمن قام بالتسويق والبيع ولا يشاركه فيه من لم يبذل جهداً في تسويق السلعة.

3- إن السمسار يحصل على عمولته مقابل تسويق السلعة وبيعها لشخص أو عدد من الأشخاص ولا علاقة له بما يفعله المشترون بالسلعة فالعلاقة تنتهي بين السمسار والمشتري بمجرد الشراء أما في التسويق الشبكي فإن المسوق لا يحصل على عمولة إلا إذا سوَّق لمسوّقين آخرين، وهؤلاء بدورهم يسوّقون لمسوّقين فهو يسوّق لمن يسوّق لمن يسوّق... الخ، ولا يحصل على عمولة إلا بهذه الطريقة فليس في مصلحة أحد في الهرم أن يبيع لمن يشتري السلعة لينتفع بها أو ليستخدمها لنفسه دون أن يسوقها لغيره.

4- بناءً على أن تسويق المنتج غير مقصود في التسويق الشبكي وإنما هو مجرد ستار قانوني لتجميع اشتراكات وكسب أعضاء لبناء النظام الشبكي فإذا سقط المنتج من قصد التسويق اختل ركن من عقد السمسرة الحقيقي وهو العين موضع السمسرة.

مما تقدم يتبين أن نظام بزناس وما يشابهه من شركات التسويق الشبكي لا صلة له بعقد السمرة.

الفتوى:

بناءً على ما تقدم أصدر مجمع الفقه الإسلامي في جلسته رقم 3/24 بتاريخ 17 ربيع الآخر 1424 هـ الموافق له 17/6/2003 م الفتوى التالية:

1- إن الاشتراك في شركة بزناس وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي لا يجوز شرعاً لأنه قمار.

2- إن نظام شركة بزناس وما يشابهها من شركات التسويق الشبكي لا صلة له بعقد السمسرة كما تزعم الشركة وكما حاولت أن توحي بذلك لأهل العلم الذين أفتوا بالجواز على أنه سمسرة من خلال الأسئلة التي وجهت لهم والتي صوّرت لهم الأمر على غير حقيقته.

وبناء على هذا يوّجه المجمع الجهات المرخِّصة بسحب تراخيص شركات التسويق الشبكي وعدم منح أي تراخيص بمزاولة مثل هذا النشاط إلا بعد الرجوع إلى مجمع الفقه الإسلامي.

والله الموفق
أ.د. أحمد خالد بابكر
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

--------------
[1] مال المقامرة في يزناس هو مبلغ الـ55 دولار من قيمة المنتج البالغة 99 دولار حيث يتم توزيع المبلغ على النحو التالي:
1- 55 دولار تخصص كحوافز للخطة الرئيسية وتمثل مال المقامرة في نظام بزناس.
2- 10 دولار تخصص كحوافز خطة اليونيلفل.
3- 5 دولا ر تخصص للمسوق المباشر.
4- 5 دولار تخصص للوكيل.
5- 24 دولار تذهب للشركة.
المصدر شبكة المشكاة الإسلامية


فتوى بزناس
الدكتور عبدالحي يوسف

السؤال :
لقد انتشرت المعاملة المعروفة باسم بزناس وقد سمعتك في احد الدروس تفتي بحرمتها ولكن القائمين على المعاملة في السودان يزعمون أنك قد أفتيتهم بجوازها!! نرجو منك بياناً واضحاً حول هذه المعاملة.

الإجابة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وبعد.
المعاملة المعروفة باسم بزناس معاملة غير مشروعة، ولا يجوز الدخول فيها، وذلك للوجوة الآتية:
أولاً: اشتمالها على بيعتين في بيعة، وعقدين في عقد واحد، حيث تضمن العقد بيعاً للمنتج وإجارة –في الوقت نفسه- للتسويق، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.
ثانياً: اشتمالها على الغرر المحرم شرعاً، حيث لا يدري المتعامل بها هل له ما أراد من ربح باشتراك غيره أم لا؟ وقد عرّف الفقهاء الغرر بأنه التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما. والغرر مغتفر - في المعاملة- إذا كان يسيراً، أما إذا كان الغرر هو الغالب –كما في هذه الحالة- فإن المعاملة لا تباح.
ثالثاً: الاحتيال والغش ظاهر فيها إذ أنها تبيع الوهم للناس، وتتبع اسلوب التغرير، وتمنيهم بالثراء السريع، وقد علم كل منصف أن السلعة – في هذه المعاملة- ليست مقصودة لذاتها بل هي مجرد ستار، وحقيقة هذه المعاملة أنها بذل مال رجاء مال أكثر منه ففيها شبه القمار المحرم شرعاً.
رابعاً: هذه المعاملة ليست سمسرة مباحة، إذ السمسرة عقد يحصل بموجبه السمسار على أجر لقاء بيع سلعة، أما في هذه المعاملة فإن المسوّق يدفع أجراً لكي يكون مسوّقاً فشتان بينهما!!
أخيراً: انصح السائل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" رواه أحمد والترمذي، وبقوله صلى الله عليه وسلم: البر ما اطمأنت إليه النفس والأثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك" رواه أحمد، والعلم عند الله تعالى .

المصدر شبكة المشكاة الإسلامية
 

فتاوى وبيانات