اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/fawaed/97.htm?print_it=1

الفوائد المنتقاة من كتاب
"المسؤولية"
للدكتور/ محمد أمين المصري

انتقاها/ عبدالعزيز محمد العاصمي

 
بسم الله الرحمن الرحيم


(١)
ومن عادة الضعيف أن يلقي بأسباب ضعفه على عوامل خارجية يدّعي أنه لا يملك التصرف فيها ليسوغ لنفسه ما هو فيه، ولقد اعتدنا أن نفعل ذلك وأن نلقي تبعات ما نحن فيه من ضعف وتقصير على الاستعمار أولًا، وعلى الماضي ثانيًا، وعلى مجتمعنا ثالثًا، ولا يخطر ببال أحدنا أن يجعل نفسه مركز الاتهام، بينما يجعل القرآن العامل الأساسي فيما يصيب الإنسان من مصيبة هو نفسه، قال تعالى: ((ولمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم)). (ص: ١٤).

(٢)
وليست الحياة إلا صراعًا تقاوم فيه الصعوبات التي تتحدى الفرد والجماعة، ثم تكون الغلبة والانتصار، أو الاستسلام والهزيمة .. تلك سنة الله منذ بدء الخليقة. (ص: ١٦).

(٣)
اعتذر المنافقون بقولهم: ((شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا)). وغابت عنهم خفايا نفسوهم، واعتذروا بأن بيوتهم عورة فقال لهم القرآن: ((وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارًا)). وهم يحسبون أنهم يخادعون الله وما يخدعون إلا أنفسهم، وما الحيل الشرعية إلا مَثَل من أمثلة السطحية وعدم التمييز بين حقائق الأمور وقشورها. (ص: ٢٠، ٢١).

(٤)
لقد انحرفت المعاني الإسلامية عن سبيلها السوي، وأصبح اعتقاد أكثر المسلمين أن أعلى درجات الإيمان لزوم المساجد لتلاوة الأذكار، وحضور حلق الذكر، والقلوب غافلة عن ذكرها، معرضة عن الاهتمام ببذل جهد لتغيير أي منكر، وفوق ما ذكر الاحتجاج بالقدر، حيث يجب الفزع إلى بذل النفس والمال، وحيث يجب الجهاد في سبيل الله، وإلى جانب هذا غرور بالنفس، وشعور بالكمال، ولكنه كمال العقم أو كمال الموت. (ص: ٢٢، ٢٣).

(٥)
كان الفرد في الجاهلية يعيش لذاته وشهواته وتكاثره وتفاخره، ولقد كان في العرض الذي عرضه عتبة بن ربيعة على محمد صلى الله عليه وسلم؛ رغبة في المصالحة، وإيقاف الخلاف بين قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان ذلك العرض عرضًا صادقًا لما يرجوه العربي الجاهل، المال، والجاه، والسؤدد .. ولم يكن محمد صلى الله عليه وسلم في المنزلة التي وضعه عتبة فيها، ولم يكن أي جواب ليفي بالغرض، ولكن آيات الله - أي صدر سورة فصلت - نطقت على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأجابت عن حقيقة محمد، وأفصحت عن مكانته، ورجع عتبة بغير الوجه الذي جاء به.
وانتزع محمد صلى الله عليه وسلم أصحابه من حمأة الجاهلية، وأنشأ مجتمعًا لا يعيش الفرد فيه لنفسه؛ بل لربه ثم لإخوانه. (ص: ٢٥).

(٦)
أما التربية التي نتلقاها اليوم فهي تهيب بالفرد أن يحرص على منفعته، يلقن الطفل منذ حداثته بأنه سيدخل للمدرسة، وسيجد للحصول على الشهادة، وسيكون طبيبًا أو مهندسًا، كل هذا لينعم بالعيش، ولتتفتح أمامه سبل الحياة، ويشهد الطفل ما تعانيه الأم لأن ولدًا من أولادها لم يفلح ولم ينجح في الحصول على الشهادة الثانوية مثلًا.
ولا يسمع الطفل في مجتمعنا هذا كلمة حزن على هذه الأمة، ولا يضرب للطفل مثل من أمثلة الجهاد ليقتدي به. (ص: ٢٦).

(٧)
إن العامل الأساسي في نجاح الداعية: ليس كثرة علمه، ولا قوة بيانه وسحره، ولكن هنالك عاملًا قبل كل هذه الأمور: هو الإيمان بالدعوة التي يدعو إليها، والخوف الشديد مما يعتريها، والشعور بالأخطار التي تقع بسبب إهمال الدعوة، إن مثل هذا الإنسان يصيح بالناس، ويترك فيهم أقوى الآثار ولو كان أبكم. (ص: ٣١).

(٨)
والثروات المعنوية هي أغلا وأثمن من الثروات المادية، إنها ثروة الرجال وثروة الأفكار، فإذا لم تحسن الأمة الاستفادة من اختصاصات رجالها فلم تضع كل رجل في مكانه، أفسدت مرتين، أفسدت بإضاعة الكسب من اختصاص المتخصص، وأفسدت في وضعه في غير مكانه، فكانت الخسارة مضاعفة. (ص: ٣٣).

(٩)
والاغترار يقعد بنا عن دراسة الموقف وتقصي الصعوبات، واليأس يقعد بنا عن العمل، لأننا نظن أن العمل مستحيل. (ص: ٣٣).

(١٠)
أهم شيء في الموضوع تكوين رجل العقيدة، ذلك الإنسان الذي تصبح الفكرة همّه، تقيمه وتقعده، ويحلم بها في منامه، وينطلق في سبيلها في يقظته، وليس لدينا بكل أسف من هذا النوع القوي العبقري، ولكن لدينا نفوسًا متألمة متحمسة، مستعدة بعض الاستعداد، ولا بد للنجاح أن ينقلب هؤلاء إلى مثلٍ قوية تعي أمرها، وتكمل نقصها ليتم تحفزها الذي ينطلق من عدم الرضا بالواقع، والشعور بالأخطار التي تتعاقب، وينتهي باستجابة لأمر الله، ونداءات الكتاب الحكيم، ومراقبة وعد الله ووعيده، والتأسي بسيرة الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه. (ص: ٣٩).

(١١)
رجل العقيدة إن لم تكن لديه الوسائل الكاملة؛ سعى في إيجادها ولو كان أمرها مستحيلًا، فالوسيلة الفعالة القوية هي تكوين أمثال هؤلاء الرجال، والإصلاح الذي نرقبه لا يتم إلا في إيجاد أمثال هؤلاء. (ص: ٤٠).

(١٢)
كثيرون أولائك الذين يعيشون من أجل رضا الناس، وخوفًا من سخطهم، لا يستطيعون التفلت من هذه القيود حياتهم كلها، وهذا المستوى مرتبط بالمستوى الغريزي الأول، ذلك أن الإنسان اجتماعي بفطرته، يعيش مع الناس، ويحرص على رضاهم.
وقليل أولائك الذين يستطيعون تجاوز هذا المستوى، يتخطوه إلى مستوى أعلى، هو مستوى العقيدة، فيعيشون لعقيدة، ويمضون في سلوكهم بما تملي عليهم عقيدتهم، سواء سخط الناس أم رضوا، وليس فوق هذا المستوى - حين يندفع المرء بوحي عقيدته وإيمانه، غير مبال برضا راض، أو سخط ساخط - ليس فوق هذا المستوى مستوى أرفع منه. (ص: ٤٢).
(١٣)
نُثِر التراب على رأس محمد عليه الصلاة والسلام، وكان ذلك من قبل سفيه من سفهاء قريش، فعاد عليه الصلاة والسلام إلى منزله، ولم تظلم الدنيا في عينيه، ولم تكبر الفعلة الشنيعة في نظره؛ لأن كبريا النفس قد زال في سبيل العقيدة، واستبدل به عظمة الصبر والحلم في سبيل العقيدة، رجع الرسول إلى منزله بهدوء ووقار، وأسرعت ابنته إليه تبكي، وتغسل رأس أبيها، فيقول الرسول الكريم: ((لا تبك يا بنيّة فإن الله مانع أباك)). (ص: ٤٤).

(١٤)
والخوف يزول عند صاحب العقيدة، ولكن أسبابه ودوافعه الأولى لا تزول، لقد كان يخشى الظالم ويرهب الجائر، فلما وجدت العقيدة؛ لا يخش الظلم ولا الجور، ولكن خشي السكوت عن الحق، وخشي الجبن عن الصدع بالحق، وهكذا يخشى الوعيد الذي جاء في الآية: ((قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين)). (ص: ٤٤).

(١٥)
إن حفنة يسيرة من رجال العقيدة؛ يستطيعون أن يغيروا معالم التاريخ. (ص: ٤٤).

(١٦)
فمن العوامل الدافعة لتكوين رجل العقيدة: الشعور بالخطر لدى شباب الأمّة الإسلامية في كل قطر من أقطارها، ويلي بذلك الشعور بالخطر الذي يداهم العالم كله، ويهدده بالدمار بين آونة وأخرى، والخلاص من الخطرين سبيله واحدة؛ هي حمل المسلم رسالته إلى إخوانه المسلمين، وإلى العالم كله. (ص: ٤٨، ٤٩).
(١٧)
ولا بد لرجل العقيدة من أن يشعر أنه ولد ولادة جديدة، وأن هنالك انقطاعًا بين حياته الماضية وحياته الحاضرة.
لقد آمن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانقطعت صلتهم بماضيهم وبمجتمعهم الجاهلي، ولدوا ولادة جديدة، ووصلوا حبالهم بحبال مجتمع جديد. (ص: ٤٩).
(١٨)
ولا يتم شيء من المعاني التي ذكرت - أي تكوين الفرد، وفاعليته في الأمّة الإسلامية - إلا ضمن الجماعة، ولذا كان وجود الفرد في الجماعة أمرًا ضروريًا دينيًا.
يروي الترمذي في حديث صحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((آمركم بخمس، بالجماعة، والسمع والطاعة، والهجرة، والجهاد، ومن خرج عن الجماعة فكأنما نزع ربقة الإسلام من عنقه)). (ص: ٥٦).

(١٩)
إني أجد كل فرد في المجتمعات الإسلامية شبيهًا إلى حد كبير بطلاب المدرسة مع فارقين : أولهما أن الطالب على الغالب يشعر بهيبة الامتحان ويعد له العدة ، أكثر بكثير مما يفعل أكثر أفراد المجتمع الاسلامي ، ولذلك كانت نتيجة المجتمعات الاسلامية الاخفاق الغالب الطبق المؤلم.
والفارق الثاني: أن صعوبة الامتحان في المجتمعات الإسلامية لا يصح أن تقاس بالصعوبة التي يلاقيها الطالب في الامتحان. (ص: ٦٢).

(٢٠)
أما في مجتمعنا الاسلامي - فمع الأسف الشديد - حين يتحدث المتحدثون عن واقع المسلمين وما يلاقونه في شتی دیارهم ومختلف أصقاعهم: من ظلم، وعسف، وبغي، واضطهاد ، وحين يشعر فريق من المسلمين بوخز يسير في ضمائرهم، وألم طفيف في مشاعرهم، ينبري هؤلاء أنفسهم يدفعون عنهم ما يجدون، فیسوغون لأنفسهم ما هم فيه من قعود ونكوص بألوان من المعاذير، وأصناف من الحجج الواهية: فالزمن قد أدرك نهايته، والفتن كقطع الليل . (ص: ٦٤).

(٢١)
إن معاذير المسلمين اليوم ليست معاذير صادقة، ليست تلك المعاذير التي يصدق عليها قوله تعالى: ((ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله)). ولكنها يصدق عليها قوله تعالى: ((ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين)). (ص: ٦٦، ٦٧).

(٢٢)
أما أنصاف الحلول بأن نعيش في رحاب الفتنة، ونفتح لها صدورنا ومنازلنا فتصيب أبناءنا وأهلينا وتجتاح ديارنا، ثم نبكي بدموع كاذبة، فليس ذلك مما وصفه رسول الله وأرشدنا إليه، ولكنه أرشد إلى أمرين لا ثالث لهما، إما أنك ضعيف لا تستطيع مصاولة أعداء الله دعاة الفتن فلا مقام لك بينهم، ولا مستقر لك في أرضهم، ولكنك تجافيهم في بادية بعيدة وتنجنبهم وتقاطعهم، وإما الثانية : المصاولة والمقارعة . والثانية خير وأحب إلى الله ، ولسنا اليوم في الأولى ولا الثانية؛ ولكنا منغمسون في الفتنة، ساكتون عليها، متأولون لكلام رسول الله صلى الله عليه و سلم. (ص: ٧٥، ٧٦).

(٢٣)
إن الذي يتمنى الموت على فراشه؛ ضعيف، ذليل، جبان، قد فقد كل أمل، وأضاع كل رجاء، ويئس من كل خير، وكل هذا يتنافى وصفات المؤمن، ويتنافى وتعاليم الاسلام، فلقد قال عليه الصلاة والسلام : ((لن يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عليه عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة)). (ص: ٧٩).

(٢٤)
أيتناسب هذا الدفع وهذا الانطلاق في حمل أعباء الدعوة والموت في سبيلها، مع تمني الموت ؟! إن حمل الرسالة، وتبلیغ الدعوة؛ واجب المسلمين في كل زمان وفي كل حين.
يجب أن تنتزع هذه المعاني من قلوب المسلمين، معاني الضعف واليأس والخور لتحل محلها معاني الايمان، معاني الشهادة والموت في سبيل الدعوة . (ص: ٨٠).

(٢٥)
لقد كان حزن أصحاب رسول الله على رسول الله عظيمًا حين وفاته، فلقد انقطع لموته ما لم ينقطع لموت نبي من قبله، ولكن أمرًا عظيمًا هو أكبر من الحزن؛ حمل رسالته، والمضي في دعوته، ولا يتم هذان الأمران إلا على ظهر الأرض لا في بطنها، ولا يتمان إلا على جثث الشهداء وأرواح المقاتلين في سبيله. (ص: ٨١).

(٢٦)
إن كلمة أنس بن النضر رضي الله عنه؛ هي النبراس الذي يجب أن يملا قلوب المؤمنين، حين قيل له: إن محمدًا قد مات فقال : ((لئن مات محمد فإن رب محمد حي لا يموت، قوموا فقاتلوا على ما قاتل عليه، وموتوا على ما مات عليه)). و قاتل حتى استشهد، وعلى جثته وجثة أصحابه السابقين بني صرح الاسلام. (ص: ٨١).

(٢٧)
إن أكبر الأخطار التي تواجه المسلمين اليوم، كامنة في النقص في تربية أفرادهم، والضعف الذي أصيب به أبناؤهم. (ص: ٨٧).

(٢٨)
قد يقال إن محمدًا عليه الصلاة والسلام، قد نفخ في أصحابه روح البطولة، وذلك حق، وحق أيضًا أن استعدادهم كان يؤهلهم لذلك، ولم يكن للوليد بن المغيرة، وعتبة بن ربيعة، وهشام بن الحكم، وعقبة بن أبي معيط ،وأكابر مجرميها الذين قتلوا في بدر ، وسحبوا إلى القليب، لم يكن لدى هؤلاء مثل ذلك الاستعداد. (ص: ٩٨).

(٢٩)
إن الواقع المؤلم المرير أن الجماعات المعادية تجد مرتعًا خصبًا في البلاد الإسلامية، مرتعًا ليس هنالك من يحميه، فلا يكفها عن كيدها زاجر، ولا يردعها رادع، ولا يحول بينها وبين شرورها عيون يقظة أو عقول ساهرة، ولكنها تتجمع كما تتجمع الجراثيم الفتاكة، وتنتظم وتعمل، وأفراد الأمة مشتتون موزعون غافلون، ولو انتبهوا انتباهة واحدة لرأوا ما يشده العقول من مكر العدو وجرأته ومخططاته. (ص: ١٠٠).

(٣٠)
لقد غفلنا عن العدو، ثم فتحنا أعيننا في يوم فإذا العدو جاثم على صدورنا، متمكن من رقابنا.
إن القيادة لاتستطيع أن ترعى كل صغيرة وكبيرة إلا إذا كان كل فرد في رعيتها مجندًا واعيًا متيقظًا، يرى أنه على ثغرة يجب أن يحميها ، يرصد العدو ويرقب حركاته ، فاذا رآه اقترب أو حاول التسلل؛ كانت صيحة الإنذار وصرخة الخطر، والنداء للضرب على يد العدو وسحقه. (ص: ١٠٠).

(٣١)
والمؤسف جدا أننا في معاهدنا وجامعاتنا لا نعرف إلا طريقة الجمع والتلقي دون أي تفكير بتطبيق ما جمعناه تطبيقة عملية ولا يعرف طلابنا إلا الصفحات المعدودة من المذكرات التي يقدمها إليهم مدرسوهم ، أما اختبار هذه المعلومات ومتعة البحث فهو شيء منعدم في معاهدنا . (ص: ١١١).

(٣٢)
وكم من مخطط أهمل لأن صاحبه لم يعتد الصبر على التنفيذ، وهنالك رجال يقدرون على التخطيط فإذا جاء التنفيذ، كانوا عاجزين عنه، فهم موهوبون في ميدان الفكر عاجزون في ميدان العمل ، وذوو الإرادات القوية هم الذين ينفذون ما يفكرون به . (ص: ١١٢).

(٣٣)
ليست وظيفة المدرس إلا توضيح الفكرة ومساعدة التفكير، وإحداث الاتزان في التفكير، وسد الفجوات وإحكام سير الفكره، فالمدرس ليس أكثر من زميل كبير سبقت له تجارب، يساعد الطفل ويشد أزره. (ص: ١١٤، ١١٥).

(٣٤)
لقد ذكر أحد الكتاب من هؤلاء أن وثنية هذا العصر هي عبادة الحكومات، فالشاب الذي ينشأ في انكلترا لا يعرف الحق إلا الذي تعرفه بلاده، ولا يعرف العدالة إلا كما يصورها ساسة بلاده، والذي ينشأ في أمريكا شأنه كذلك .(ص: ١٢١)

(٣٥)
إذ أصبحت ثروة الأمم والشعوب لاتقاس أبدأ بما تشتمل عليها أرضها من ذهب وفحم وحديد أو أرض خصبة، بل أصبح المقياس هو مدى قدح الأمة لزناد التفكرير لدى أبناهها، وأصبح مفهوم الثروة البشرية أو الطاقة البشرية في كل مجتمع صاحب المكانة الأولى، ونشأ عن هذاء، الاهتمام بمشكلة الأجيال القادمة، وأخلصت المجتمعات العناية بها، والحفاظ بها، والحفاظ عليها، ومنحها ك كل الفرص، لتنمو أحسن نمو يمكن أن تنموه، ويجني المجتمع من وراء ذلك أطيب ثمر اتها. (ص: ١٢٤)

(٣٦)
إن المنقذ الوحيد للعالم من النهاية الأليمة التي ترتقبه هو وجود نظام للتربية يقوم على التوفيق بين العقيدة والثقافة، بين قوة العاطفة والتهاب جذوة الإيمان، وبين العلم الواسع والفكر النير، ومعرفة أحداث ما وصلت إليه الأجيال البشرية من تجربة واكتشاف. (ص: ١٣٠)

(٣٧)
جهلت هذه المدينة الإنسان ثم وضعت له قواعــد السير ونظمت له مبادىء الحياة، وهنــا التناقض العجيب والجهــل الركب؛ وإن هذه القواعد والنظم التي وضعتها هذه المدنية قد شردت بهذا الإنسان عن ربه وحملته على عبادة نفسه واتخاذ إلهه هواه وجعلت له آلهة من دون الله من المال والهوى ومـــن المادة والانتاج ومن الأرض والقوم والجنس ومـن المشرعين، واتخذت المدنية الجديدة هؤلاء جميعًا آلهة عبدتها لتهرب من السجود لله وتستنكف عن عبادته. (ص: ١٤٤).

(٣٨)
وألوهية الإنسان للإنسان أصل المصائب ومصدر البؤس والشقاء اللذين يصيبا الإنسان، والسبيل الوحيدة للنجاة، الكفر بالطواغيت جميعها والإيمان بالله العزيز الحميد . (ص: ١٥١).

(٣٩)
والنظام الإسلامي ليس فيـه لأمير من أمراء المسلمين ولا لمجتهد ولا لعالم مــن علمائهم ولا لمجلس ترشيعي ولا لجميع المسلمين في العالم أن يغيروا نصًا من نصوص الكتاب أو السنة في أي شأن من الشؤون: أما الأمور التي لا يوجد بشأنها فيالشريعة حكم صريح فمردها إلى إجماع علماء المسلمين
و مجتهديهم. (ص: ١٥١).

(٤٠)
وعليه فإن مهمة الإسلام انقاذ الإنسان من عبادة الإنسان، وانقاذ عقل الإنسان من الضلالات والأوهام، وما عبادة الإنسان الإنسان إلا تسلط على قلب الإنسان، وتسخير لعقله، وقد خلق الإنسان ليكون حرًا، ولتكون له قيمة الإنسان، فإذا استعبد قلبه، وسخر عقله، فقد قيمته الإنسانية. (ص: ١٥٢).

(٤١)
إن تربية الإسلام هي تربية تنمية روح المسؤولية، وللقيادة مكانتها وحبها واحترامهـا، ولكن الإسلام أوجد الانسجام الكامل بين طاعة القيادة واحترامها وامتثال أمرها؛ ما دامت تمثل الفكرة الاسلامية تمثيلًا صحيحًا، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وبين تنمية روح النقد في الأفراد، وروح حمل التبعة. (ص: ١٥٩).

(٤٢)
قال تعالى : ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتـل انقلبتم عـلى أعقابكم ومــن ينقلب عـلى عقبيه فلــن يضر الله شيئًا وسيجــزي الله الشاكريــن)). والانقلاب على الأعقاب كناية عن ترك الدعوة، أو فتور العزيمة عن الجهاد في سبيلها، ومعنى الآية الكريمة أن من كان عـلى يقين من دينه، وبصيرة من ربه؛ لا يرتد بموت الرسول وقتله، ولا يفتر عما كان عليه؛ ذلك لأنه يجاهد لربه لا للرسول. (ص: ١٦٠).

(٤٣)
والرسول عليه - صلوات الله - يستشير أصحابه ويدع رأيه لرأيهم، ففي بدر أيضًا يتكلم الحباب بن المنذر بشأن المكان الذي ينزلون فيه، فينهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتحول إلى المكان الذي أشار به الحباب رضي الله عنه . (ص: ١٦٣).

(٤٤)
في كل هذه الأمثلة نرى تربية رسول الله لأصحابه، واعترافه - عليه الصلاة والسلام - برأيهم وشخصياتهم، ورضـاه بصراحتهم وجرأتهم في الحق، وهذه التربية تربية قادة يحملون التبعات، لا تربية أتباع يتبعون كل ناعق. (ص: ١٦٤).

(٤٥)
في التربية الإسلامية يشعر كل فرد بأنه مسؤول عن الدعوة الإسلامية حتى لو كان وحده ولم يكن هنالك أحد يعضده، وكل فرد في الجماعة مسؤول عن وظيفتـه الخاصة، ومسؤول أيضًا عن سير الجماعة كلها، ولأدنى فرد في هذه الجماعة أن يقف أمام أمير الجماعة، أو قائدها؛ ليدلي برأيه، وليعارض أي رأي، أو قول، أو فعل، يجد فيه خطأ . (ص: ١٦٥، ١٦٦).

(٤٦)
كل أفراد هذا المجتمع سواسية، ليس لأحد فضل على آخر إلا بسبب الكفاءة الشخصية، والمزايا الخلقية. (ص: ١٦٦).

(٤٧)
وليس معنى ما سبق من إعطاء الفرد حريته في اختيار مضمار العمل الذي يريده إغفال جانب حاجات المجتمع وهدر مصالحه، إنما الفرد في التربية الإسلامية يضع نصب عينيه مصلحة أمتـه، ويعيش من أجلها وفي سبيل خدمتها؛ لأن في ذلـك رضوان الله، وابتغاء وجهه. (ص: ١٧٢).

***************

انتقاها: عبدالعزيز محمد العاصمي
٢٧ / ٥ / ١٤٤٠ هـ

 

فوائد وفرائد
  • فوائد وفرائد من كتب العقيدة
  • فوائد وفرائد من كتب الفقه
  • فوائد وفرائد من كتب التفسير
  • فوائد وفرائد من كتب الحديث
  • فوائد وفرائد منوعة
  • غرد بفوائد كتاب
  • فوائد وفرائد قيدها: المسلم
  • فوائد وفرائد قيدها: عِلْمِيَّاتُ
  • الرئيسية