اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/female/0181.htm?print_it=1

من فضلك يا ( د. أحمد الغامدي ) .. لا تكذب ..!

فهد بن صالح العجلان


بسم الله الرحمن الرحيم
من فضلك يا ( د. أحمد الغامدي ) .. لا تكذب ..!

لا بأس يا د أحمد الغامدي،
قل في (الاختلاط) و ( الحجاب) و (ركوب المرأة خلف الرجل) و (تمشيطها لرأس الرجل) ما تشاء.
وصفّ بقدميك وبأعلى صوتك مع قناة العربية وصحيفة عكاظ والمواقع الليبرالية وأعمدة الزوايا الصحفيّة الذين يتقطّعون غيرةً على الأحكام الشرعيّة والضوابط الدينية، وملتزمون بشكل حرفيّ بكل ضوابط الإسلام في المرأة، فلا تخرج المرأة في هذه المواضع إلا بكل حشمة وستر وصيانة.
لن أقول لك حرفاً في ذلك.
المهمّ يا دكتور أن تحافظ على صفتي (الصدق) و (الأمانة ) فيما تكتب وتنقل.
لا يعنيني رأيك واجتهادك، الضروري عندي أن يكون هذا الرأي بعيداً عن ممارسات (الكذب) و (التلبيس ) و (المخادعة ) بأساليب السطو على نقولات العلماء وكتبهم والبتر منها، مما تلطّخ به مقالك الأخير في موقع العربية.
وأنا هنا أتعمّد أن أبتدئ هذه المقالة باتهام الدكتور بالكذب والتلبيس والسرقة العلميّة، وإن كان الذوق الصحفي والكتابي يحتّم على الكاتب أن يخفي مثل هذه التهم في قالب لفظي تقتضيه دبلوماسية الكتابة ولياقتها، إلا أنّي متعمّد لهذا الاتهام الصارخ حتى يأخذها عليّ القارئ الكريم فيأخذني إلى نهاية المقالة ويحاسبني على صحّة ما أقول، ويقف معي خطوة خطوة مع مشوار عمليات الكشف عن حالات السطو والقطع والكذب والتلبيس التي ظهرت فيها بصمات الدكتور بكلّ احتراف.

الأكذوبة الأولى:

من أمانة الدكتور ونزاهته العلميّة التامّة أنّ جزءاً لا بأس به من مقالته الأخيرة قد اختلسها ببراءة من كتابات أناس آخرين، وليت الدكتور حينما أبى إلا السرقة العلميّة، ليته هجم على كتب أساطين العلم الكبار أو على الأقل كتب بعض المعاصرين حتى تكون المادّة المسروقة علماً محترماً من حرزٍ مليء – يعني إذا سرقت فاسرق جمل- لكنّ الدكتور قد انتهب جزءاً منها من مقالة صحفية متواضعة، وطارت بها الفضيحة من موقعٍ ليبراليّ.
لا أطيل عليك، فقد تناقل الناس في الشبكة خبر هذا الأمر، فتابع هذه الهمّة العاليّة في السرقات العلميّة والهجوم العنيف على مقالات الآخرين مما لم تسلم منه حتى الأقواس والفواصل، تابع من خلال هذا الرابط:
http://www.al-hora.net/showthread.php?t=176949

---
الأكذوبة الثانية:

يقول الدكتور:
( لم تكن مسألة الاختلاط بهذا المعنى المتأخر محل بحث عند المتقدمين مما يدل على أنه أمر طبيعي في عداد المباحات)
لم تكن محلّ بحث إطلاقاً!
وكانت أمراً طبيعياً في عداد المباحات!

إن كان الدكتور يقول (رأيي في الاختلاط أنه مباح) فهذا رأي ليس من خطّة المقالة أن تتعرّض له، أما أن يقرّر أن هذه المسألة لم تبحث لدى الفقهاء المتقدّمين ، وهي من المسلّمات الفقهية فهو حكم لو قاله الغامدي قبل أسابيع لقلنا خطأ علمي ناتج عن نقص معرفيّ حادّ، ولافتضح فيه مع من افتضح، أمّا أن يقولها الآن بعد أن ظهرت المقالات العلمية المتعدّدة التي تكشف أن مسألة الاختلاط من المسائل الفقهية الأصيلة في فقه المذاهب جميعاً، وأن مفهوم الاختلاط حاضر بشكل كبير جداً لدى الفقهاء في التحليل والتحريم فهذه ممارسة تدليسية غير نزيهة.
-وهذا رابط مقالة الشيخ الفاضل (عبد العزيز الطريفي) في اختيار نماذج لنصوص فقهيّة في تحريم الاختلاط في كلّ قرن من القرون الإسلاميّة:
http://www.saaid.net/female/0152.htm 

-وهذا رابط تقرير الباحث المبدع (إبراهيم السكران) حول حضور الاختلاط في الأبواب الفقهية المختلفة لدى كافة المذاهب الأربعة:
http://www.saaid.net/female/0160.htm

-وفي توضيح دلائل الاختلاط، انظر مقالة الشيخ الفاضل الدكتور: عبد الله العنقري:
http://www.saaid.net/female/0166.htm

-ومقالة الشيخ الفاضل: عبد الله السعد:
http://www.saaid.net/female/0159.htm

---
الأكذوبة الثالثة:

قال الدكتور أحمد:
( وقد أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر، بقوله: وفي الحديث - يقصد حديث نزول آية الحجاب - من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به - يقصد أزواج النبي "صلى الله عليه وسلم" - فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين..)
وهذا المقطع على قصره، قد حشاه الدكتور بمقدرة علميّة رائعة على حشر أكثر من حالة كذب وتلبيس.
- الدكتور أحمد ينقل لكم هنا: أن ابن حجر قد أكّد خصوصية أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم في آية الحجاب.

فهل كان ابن حجر فعلاً يرى أن الحجاب خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم؟

طبعاً، لا، بل قول ابن حجر في الحجاب من المشهور جداً لدى طلاب العلم الشرعي.
والدكتور أحمد بنزاهته المعتادة قطع عنكم النصّ، ولعلّه نسي أن يكمله، فسنذكره لكم كاملاً حتى تتّضح بصمات التلبيس والمخادعة.
يقول ابن حجر :
( في الحديث من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين قال عياض فرض الحجاب مما اختصصن به فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وأن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز ثم استدل بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها انتهى وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن وقد كن بعد النبي صلى الله عليه و سلم يحججن ويطفن وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الأبدان لا الأشخاص)

لاحظ أولاً: أن ابن حجر أورد قول القاضي عياض في الخصوصيّة وردّ عليه قوله، وردّ على دليله وبينه بوضوح، لكنّ الدكتور فهم من هذا شيئاً آخر فقال ( أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر)!
فهذا القول الذي يردّه ابن حجر ويناقش قائله يصبح بكلّ براءة ونزاهة علميّة قولاً لابن حجر وتأكيداً منه!
والطريف في الموضوع: أن الحافظ ( ابن حجر) قد ذكر موضع آخر من فتح الباري (9/337) الإشارة إلى تعقّبه لرأي القاضي عياض في نفس المقطع الذي اجتزأه الدكتور فقال:( وذكرت هناك التعقب على عياض في زعمه أن أمهات المؤمنين كان يحرم عليهن ابراز اشخاصهن ولو كن منتقبات متلففات)

فابن حجر يريد أن يؤكّد في موضع آخر أنه قد سبق أن تعقّب القاضي عياض في هذا الاستدلال حتى يفهمه القارئ، ولم يدر –رحمه الله- أنه سيأتي بعده بقرون من يقرأ نفس المقطع الذي يحيل عليه ليفهم منه أن ابن حجر يؤكّد الخصوصية التي يقول بها القاضي عياض!

1- فابن حجر ( يردّ ويناقش ويعترض ويخطئ )القاضي عياض في دعوى الخصوصية، فيأتي الدكتور فيفهم منه أن ابن حجر ( يؤكّد الخصوصيّة).
2- ومناقشة ابن حجر متوجهة إلى دعوى أن الحجاب الخاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم هو حجبهنّ بالكليّة فلا يراهنّ أحد ولو من وراء لباس، فيأتي الدكتور ويجعل الخصوصية هنا هي خصوصية حجاب الوجه!

فما ينفيه ابن حجر ينقلب بنزاهة قادر إلى تأكيدٍ منه، والخصوصيّة التي يتكلّم عنها تنتقل إلى خصوصيّة أخرى، ثمّ يتباهى الدكتور بعدها وبثقة مفرطة بأن ( لا غضاضة في المناظرة) وليس مع أي أحد، بل لا بدّ من (مؤهّل لذلك)!


وربّما يأتي الدكتور أحمد بعده ليقول لنا بذكاء بالغ أنه قد قال (أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر) ولم يقل بأنّ ابن حجر يرى (خصوصيّة الحجاب لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم).

فإن كان ذكاء الدكتور يريد به هذا فهو تلبيس آخر، لأنّ إدراك خصوصية النبيّ صلى الله عليه وسلم ببعض الأحكام هذا من المعلوم ضرورة لدى صغار المسلمين، بل هو مقطوع به في القرآن الكريم، وبالتالي فأي معنى لأن تنقل لنا نصّاً عن ابن حجر في حكم ضروري، ومتقرر قطعاً في القرآن، إلا محاولة إيهام القارئ بأنّ هذا النصّ يصبّ في مسيل أنّ الحجاب خاصّ بأزواجّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ما نفاه ابن حجر في نفس النصّ.

وربّما تشتدّ حدّة الذكاء لدى الدكتور فيقول: قد نصّ ابن حجر في المقطع على (مشروعيّة الحجاب لأمهات المؤمنين).
فأقول: إن مشروعية الحجاب لهنّ، لا يعني أنّ هذا من خصوصيتهنّ.

وأقوال ابن حجر في مشروعية الحجاب لجميع النساء، ووجوب تغطية جميع البدن مشهورة مستفاضة، بل إنّه من أول كتابه (فتح الباري) إلى آخره لا يكاد يأتي على حديثٍ فيه كشف المرأة أو مخالطتها للرجال إلا ويذكر أنّه كان قبل نزول آية الحجاب.

يقول مثلاً كما في فتح الباري( 8/458):
( قوله بعد ما نزل الحجاب أي بعد ما نزل الأمر بالحجاب والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن)
وقال في موضع آخر (9/324):
( والذي يظهر أن القصة كانت قبل نزول الحجاب ومشروعيته وقد قالت عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور لما نزلت وليضربن بخمرهن على جيوبهن اخذن ازرهن من قبل الحواشي فشققنهن فاختمرن بها ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الاجانب والذي ذكر عياض أن الذي اختص به أمهات المؤمنين ستر شخوصهن زيادة على ستر اجسامهن)
وقال أيضاً (8/490):
( قوله فاختمرن أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر وهو التقنع)

وبالتالي .. فالزجّ باسم ابن حجر في دعوى الخصوصية من قبل الدكتور أحمد هو تلبيس ومخادعة على كلا الوجهين،
فأينما نظرتَ إلى سبب إيراد الدكتور لكلام ابن حجر فهو تلبيس،
-إن كان أورد كلامه ليبين لنا أن ابن حجر يقول بالتخصيص فهو كذب على ابن حجر لأن ابن حجر قد ردّ على هذه الخصوصية،
-وإن كان أراد فقط أن ابن حجر يتكلم عن خصوصية النبيّ صلى الله عليه وسلم في بعض الأحكام فلا معنى لذكر هذا الحكم البدهي إلا محاولة التلبيس والمخادعة، فالدكتور بهذا النصّ إن سلم من (الكذب الصريح) لن يسلم من (الغشّ والتلبيس) المكشوف، فليختر أيهما شاء.

---
الأكذوبة الرابعة:

نسب الدكتور إلى الإمام أحمد – رحمه الله - أنّه يفرّق بين حجاب أمهات المؤمنين وبين حجاب غيرهنّ فقال:
( وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يفرق بين "حجاب أمهات المؤمنين" وباقي النساء. قال الأثرم: قلت لأبي عبدالله (يعني أحمد بن حنبل) كأن حديث نبهان: "أفعمياوان أنتما" لأزواج النبي "خاصة"، وحديث فاطمة بنت قيس "اعتدّي عند ابن أم مكتوم" لسائر النساء؟ قال: نعم. أنظر "المغنى" لابن قدامة 7/28(

ومن يقرأ نصّ كلام الإمام أحمد، ومقدمة الدكتور، يفهم أن الإمام أحمد يرى أن الحجاب خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو على الأقلّ أنّ ثمة فرق بين الحجابين.

وبما أننا فهمنا الآن ممارسات الدكتور البهلوانية في قطع وبتر نصوص الفقهاء، فلو رجعنا إلى كتاب المغني لوجدنا أنّ النصّ المذكور جاء في سياق مسألة وهي (حكم نظر المرأة إلى الرجل) وليس في مسألة الحجاب ولا حتى في مسألة نظر الرجل إلى المرأة،
وسأنقل لكم النصّ كاملاً من المغني (7/456) حتى تروا بأعينكم أمانة العلم ومستوى الديانة عند الدكتور.
( فصل : فأما نظر المرأة إلى الرجل ففيه روايتان .. ( وبعد أن ساق الروايتين ودليل كلّ رواية) .. فأما حديث نبهان فقال أحمد : نبهان روى حديثين عجبيبين يعني هذا الحديث وحديث [ إذا كان لإحداكن مكاتب فلتحتجب منه ] وكأنه أشار إلى ضعف حديثه إذ لم يروه إلا هذين الحديثين المخالفين للأصول وقال ابن عبد البر : نبهان مجهول لا يعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث وحديث فاطمة صحيح فالحجة به لازمة ثم يحتمل أن حديث نبهان خاص لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم كذلك قال أحمد و أبو داود قال الأثرم قلت لأبي عبد الله كان حديث نبهان لأزواج النبي صلى الله عليه و سلم خاصة وحديث فاطمة لسائر الناس ؟ قال نعم : وإن قدر التعارض فتقديم الأحاديث الصحيحة أولى من الأخذ بحديث مفرد في إسناده مقال )

فالنصّ بأكمله ليس فيه حديث عن الحجاب في قبيل ولا دبير، النصّ كلّه عن نظر المرأة للرجل، والفقهاء الحنابلة يجيزونه بناء على حديث فاطمة، ويجيبون عن حديث (أفعمياوان) بأنّه حديث ضعيف أولاً، وبأنّ على فرض صحته يحمل على خصوصيته بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، خصوصية نظرهنّ وليس حجابهنّ أو نظر الناس إليهنّ.
هذا هو الفهم البدهي من قراءة النصّ، وهو قد جاء في سياق واضح لكلّ من وصل إلى النصّ، لكنّ نزاهة الدكتور تأبى إلا أن تقرأ النصّ بشكل آخر!

وإن أردنا أن نحسن الظنّ، فهذا المقطع الذي نقله الدكتور هو من المواضع التي اتهم بسرقتها، فلعلّ الدكتور قد أحضرها مع المسروقات بكلّ أمانة ولم يدر ما حقيقة التلبيس المتحقق فيها.

---
الأكذوبة الخامسة:

نقل الدكتور عن ابن عاشور النصّ التالي:
(قال الطاهر بن عاشور: هذا أمر خصصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرا لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، ونزول الوحي فيها وتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلالها يكسبها حرمة. إلى أن قال رحمه الله وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء، وهذا قول عامة أهل العلم(

وأنا أحيي الدكتور على نزاهته العلميّة حين تورّع كرماً فأشار بقوله ( إلى أن قال رحمه الله) إلى وجود نقص يريد حذفه، وهذه أمانة علميّة يشكر عليها.
لكنّ (ورعه العلمي) لم يستمرّ طويلاً، فلم يكد الدكتور يرجع الكلام لابن عاشور حتى ألحق بها ( وهذا قول عامّة أهل العلم) وهو شيء مهول أن يكون قول ابن عاشور هو قول عامّة أهل العلم، وأن يكون هذا من تقرير ابن عاشور، لكن المخزي أن هذا من كلام الدكتور وليس له علاقة بابن عاشور إطلاقاً، وقد أقحمها الدكتور - بكلّ أمانة -في سياق واحد وبلا أي تمييز بين كلامه وكلام ابن عاشور.

لا أحب التدقيق كثيراً، وسأحسن الظنّ بالدكتور، وسأرمي بها في قائمة السبعين عذراً من دون نظر.
لكن قوله ( وعامّة أهل العلم) فيه مجازفة علميّة، وتلبيس على المكشوف، وافتراء مقيت على كلام العلماء.

وحتى أكون دقيقاً أكثر، ولأن الغامدي قد أقحمها في كلام ابن عاشور،
فلا ندري هل هي تبع لكلام ابن عاشور .. فيقصد الغامدي بها:
أن القول بلزوم النساء للبيوت في قوله تعالى (وقرن في بيوتكنّ) هو قول عامة أهل العلم؟
أو أنّ هذه العبارة تابعة لما بعدها من قول الدكتور (وكون الحجاب خاص بأمهات المؤمنين هو ما فهمه كبار الصحابة،) وبالتالي فيقصد الدكتور :
أنّ قول عامة أهل العلم هو اختصاص أمهات المؤمنين بالحجاب؟

طبعاً: الدكتور لم يذكر لنا من ( عامّة أهل العلم ) أحداً من المتقدمين، ولم يذكر سوى ابن عاشور، ولو كان لديه نصوص جاهزة عن أحد من العلماء لما تأخر لحظة في إيرادها، فمن يسطو على النصوص ويقلّعها من جذورها فلا أراه سيتأخر عن نصوص واضحة في صالحه، فلو وجد نصّاً أو أكثر بل لو وجد عشرين أو ثلاثين نصاً لأوردها جميعاً، ولوضعت لها قناة العربية حلقات متلاحقة، ولو احتاج الأمر أن يتوقف بث القناة لأجل ذلك فأظنّ انّ القناة ستبحث بجديّة في هذا الأمر.
لنعد للاحتمالين:
على طريقة القانونيين، سنسجّل هذا الاحتمال لمصلحة الغامدي، وسنبحث في كلا الاحتمالين، ونحمل هذه العبارة على أحسن المحامل اللائقة به والمبرئة لساحته:
الاحتمال الأول:
أن تكون العبارة: أن لزوم النساء للبيت خاصّ بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا قول عامّة أهل العلم.

وحين نرجع لكلام المفسّرين في قول الله تعالى ( وقرن في بيوتكنّ) لا نجد أحداً من المفسّرين طوال قرون الإسلام المتطاولة قد نصّ على هذا القول قبل ابن عاشور –رحمه الله-.

بل نجد نصوص كثيرٍ منهم تقرّر عموم الآية لجميع النساء.

قال ابن كثير في تفسيره (6/408):
(هذه آداب أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة تبع لهن في ذلك)
وقال القرطبي في الجامع (14/177):
(إن كان الخطاب لنساء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والإنكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة على ما تقدم في غير موضع)
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (5/229):
(وفيه الدلالة على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت منهيات عن الخروج)
وقال الألوسي في روح المعاني (22/6):
(والمراد على جميع القراءات أمرهن رضي الله تعالى عنهن بملازمة البيوت وهو أمر مطلوب من سائر النساء)
وقد نظر في الآية كثير من المفسّرين فلم يشر أحد منهم إلى خصوص ذلك الحكم بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم على سبيل المثال:
ابن جرير الطبري في جامع البيان 20/257
الواحدي في الوجيز في تفسير الكتاب العزيز865
البيضاوي 373
الخازن في تفسيره 5/258
الرازي في التفسير25/168
السعدي في تيسير الكريم الرحمن 663
وغيرهم كثير.
كما نصّ آخرون على عموم الحكم، أو أشاروا إلى ما يفهم منه عموم الحكم، ومنهم على سبيل المثال:
السمعاني في تفسيره 4/279
الثعالبي في الكشف والبيان 3/302
الشنقيطي في أضواء البيان6/314

وبإمكاني هنا: أن أبيّن أن ظاهر الآية وسياقها قاطع بأن الحكم لا يمكن أن يكون خاصاً بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، لكنّ هدف هذه المقالة يقتضي عدم التعرّض لأي مناقشة أو اعتراض على دليل، وإنما بيان أساليب الخطأ والتدليس والتلبيس التي يمارسها الدكتور في مقالته.
فهذه أقوال المفسّرين، فأين هم ( عامة أهل العلم) .. ؟
لا أدري.

الاحتمال الثاني:

أن يكون المراد من قول الدكتور :
أن قول عامّة أهل العلم أن الحجاب الوارد في قوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب) خاصّ بأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم.

وحين نرجع مع الدكتور إلى كلام المفسّرين لنبدأ في عدّ عشرات العلماء الذين يدخلون في عامة أهل العلم تتعجّب أن لا تجد أحداً منهم يقول بهذا الكلام.

تجد أولاً:
من ينصّ بوضوح أن الآية عامّة لجميع النساء، ومن هم:
1- الواحدي في الوجيز ( 1/871) حيث قال:
(إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم في أمر فخاطبوهن من وراء حجاب وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذا آية الحجاب بينهن وبين الرجال).
2- وابن كثير في تفسيره (6/456):
(لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب، بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم)
3-والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن14/226:
(في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها)
4- والماوردي في النكت والعيون4/419
( فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ) أمرن وسائر النساء بالحجاب عن أبصار الرجال وأمر الرجال بغض أبصارهم عن النساء .)
5- والنسفي في تفسيره 3/250 :
(من خواطر الشيطان وعوارض الفتن ، وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال وكان عمر رضي الله عنه يجب ضرب الحجاب عليهن ويود أن ينزل فيه وقال : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فنزلت)
6- والشوكاني في فتح القدير 4/422
({ أطهر لقلوبكم وقلوبهن } أي أكثر تطهيرا لها من الريبة وخواطر السوء التي تعرض للرجال في أمر النساء واللنساء في أمر الرجال وفي هذا أدب لكل مؤمن وتحذير له من أن يثق بنفسه من الخلوة مع من لا تحل له والمكالمة من جون حجاب لمن تحرم عليه)
7- والجصاص في أحكام القرآن 5/242:
( قوله تعالى وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله يعني بما بين في هذه الآية من إيجاب الإستئذان وترك الإطالة للحديث عنده والحجاب بينهم وبين نسائه وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي ص - وأزواجه فالمعنى عام فيه وفي غيره إذ كنا مأمورين باتباعه والإقتداء به إلا ما خصه الله به دون أمته).
8-والشنقيطي في أضواء البيان 36/109
( بما ذكرنا، تعلم أن في هذه الآية الكريمة الدليل الواضح على أن وجوب الحجاب حكم عام في جميع النساء، لا خاص بأزواجه صلى الله عليه وسلم، وإن كان أصل اللفظ خاصًّا بهن؛ لأن عموم علّته دليل على عموم الحكم فيه).

فهؤلاء (8) من المفسّرين قد نصّوا صراحة على عموم الآية.

وأما غيرهم،فنجد أن فئة أخرى لم تتطرّق إلى الخصوصيّة في شيء، وإنما توضّح مفهوم الآية ومعناه من غير أي إشارة إلى ذلك،
ومن المعلوم أن كون الخطاب في الآية متجهاً إلى أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا أمر معلوم ضرورة،
لكنّ الإشكال: هل هو خاصّ بهنّ؟
فإهمال الحديث عن هذه النقطة يدلّ على أن هذه المسألة لم تكن مجال بحث لديهم، وإلا فقوله تعالى ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلّقوهن لعدتهن) و ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم قطعاً لكنّه ليس خاصا به.

فهنا إذن نجد أن عددا كبيراً من المفسرين لم يشر إلى أي تقرير يفهم منه الخصوصية، ومنهم:
1-الثعلبي في الكشف والبيان 8/50-60
2- السيوطي في الدرّ المنثور 12/106-116
3- ابن أبي زمنين في تفسيره 2/51
4- البيضاوي في تفسيره 383
5- الخازن في التفسير5/271-273
6- الشربيني في السراج المنير 3/225
7- السعدي في تفسيره 670
8- السمعاني في تفسيره4/301
9- الطبري في جامع البيان20/305-311
10- العز بن عبد السلام في اختصاره 1/916
11- الفخر الرازي 25/181
12- مقاتل بن سليمان 3/53
13- السمرقندي في بحر العلوم 3/66
14- أبو السعود في التفسير 7/112
15- ابن الجوزي في زاد المسير6/412-416
16- البقاعي في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور 6/125-126
17- الزمخشري في الكشّاف 3/562-563

فهؤلاء (17) مفسّراً لم يشر أي أحد منهم إلى أي خصوصية.

وحتى هؤلاء الذين لم يشيروا إلى أي خصوصية،
قد نصّ عامّتهم في تفسيره لقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابييهن) قد نصّوا على أن الحجاب الساتر لجميع البدن عامّ لجميع النساء، ومن الأمثلة:
1- قال الخازن في تفسيره 5/277:
(جمع جلباب وهو الملاءة التي تشتمل بها المرأة فوق الدرع والخمار , وقيل الملحفة وكل ما يستتر به من كساء , وغيره، قال ابن عباس : أمر نساء المؤمنين أن يغطين رؤوسهن ووجوههن بالجلابيب إلا عينا واحدة).
2- وقال الشربيني في تفسيره السراج المنير3/225:
(أي : يقربن {عليهن} أي : على وجوههن وجميع أبدانهن فلا يدعن شيئاً منها مكشوفاً)
3- وقال في تفسير الجلالين 1/559:
(وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة)
4- وقال البيضاوي في تفسيره 386:
(يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة).
وقد وافقهم جمع غفير، انظر:
5- السمعاني في تفسيره 4/307
6- العزّ بن عبد السلام في تفسيره 1/920
7- الفخر الرازي 25/184
8- السيوطي في الدرّ المنثور 12/141-146
9- مقاتل بن سليمان 3/53
10- الثعلبي في الكشف والبيان 8/64
11- أبو حيان في البحر المحيط 7/240
12- البغوي في تفسيره 6/377
13- الألوسي في روح المعاني 22/89
14- البقاعي في نظم الدرر 6/135
15- الزمخشري في الكشاف 3/569
16- الكيا الهراسي في أحكام القرآن 4/66

فهؤلاء (16) مفسّراً قد نصّوا على أن الحجاب عامّ في استدلالهم في آية أخرى.

كما أن مجموعة من المفسّرين قد نصّوا على خصوصية أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم بالحجاب لا كما يريد أن يفهمه الغامدي من كون حجاب الوجه هو الخاصّ بهنّ، بل من جهة مزيد تستّر لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم فلا يظهر منهن شيء من شخوصهن ولا يراهنّ أحد حتى من وراء الجلباب.
قال ابن جزّي في التسهيل في علوم التنزيل:
(كن لا يجوز للناس كلامهن إلا من وراء حجاب ، ولا يجوز أن يراهن متنقبات ولا غير متنقبات ، فخصصن بذلك دون سائر النساء).
وقال ابن عادل الدمشقي في اللباب في علوم الكتاب 15/583:
(فبعد آية الحجاب لم يكن لأحد أن ينظر إلى امرأةٍ من نساء رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - مُنْتقِبة كانت أو غير مُنْتَقِبة ).
وبمثل ذلك قال البغوي في تفسيره6/370
فهؤلاء ثلاث من المفسّرين قد نصّوا على مزيد خصوصية لهنّ وليست راجعة إلى أصل الحجاب.

فعجباً .. كلّ هؤلاء المفسّرين الذين قد قاربوا (30) عالماً مختلفي المذاهب والبقاع والأزمنة، كلّ هؤلاء لا يحولون بين (د أحمد ) وبين أن يقول ( عامّة أهل العلم) على خصوصية الحجاب بأمهات المؤمنين!

ولو أنّ الدكتور قال: بجواز كشف المرأة لوجهها كما ذهب إليه جملة من الفقهاء المتأخرين، لغضضنا الطرف عنه، أمّا أن يأتي إلى نصوص القرآن فيخصّص ما يشاء، ويقيّد ما يريد، ثمّ يقول ( عامّة أهل العلم) على ما أقول، ثمّ نفتّش فلا نجد إلا عالماً معاصراً هو ابن عاشور، فهذا هو المنهج التدليسي المعوجّ الذي لا نريد.

فهذه العبارة التي أقحمها الدكتور في سياق كلام ابن عاشور، إن أحسنّا الظنّ جداً بالدكتور، وقرأناها ببراءة علميّة، فسواءً حملناه على الاحتمال الأول أو الاحتمال الآخر ، هي على كلّ حالّ لن تسلم من (تهوّر علمي) و (مجازفة غير موضوعية) فيها من التلبيس والتدليس ما لا يخفى على لبيب.

وقد كتب الشيخ الفاضل: عبد العزيز الطريفي في الجواب عن هذه الشبهة المقال التالي:
http://www.saaid.net/female/0182.htm 

==
الأضحوكة الأخيرة.

وهي بالأمانة ليست كذباً بالمعنى الدقيق، لكنّها لطرافتها وحلاوتها أحببتَ أن أختم بها كذبات الدكتور:
يجيز الدكتور أحمد أن يتوضأ الرجل مع المرأة جميعاً من إناء واحد في وقت واحد ولو أدّى هذا بطبيعة الحال إلى حصول تماسّ بين يد الرجل والمرأة أو تكشّف من قبل المرأة.

ويستدلّ بحديث أن النساء والرجال كانوا يتوضؤون جميعاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بيّن له الكثير أنّه لا أحد من العلماء يفهم هذا الحديث على الوجه الذي تفهمه يا دكتور أحمد، فهو إما قبل الحجاب أو ليست بالصورة التي تفهم.

أبى الرجال إلا الاستدلال بالمرويات الحديثية على قوله الغريب.

يستدلّ على ذلك فيقول:
( ـ الجواب عن بعض اعتراضاتهم على ما أخرجه البخاري من
طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله جميعاً". )
وحين نرجع لصحيح البخاري (1/50) نجد البخاري قد أورد هذا الحديث في باب وضوء الرجل مع امرأته وفضل وضوء المرأة.

ويقول الدكتور:
( ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: من الإناء الواحد جميعا
ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد ندلي فيه أيدينا)
ونذهب إلى سنن أبي داود فنجد أبا داود ( 1/29) يجعله في باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة، والمقصود به الحكم الفقهي الشهير في حكم وضوء الرجل بما يفضل عن وضوء المرأة.

ويواصل الجزم فيقول:
(وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه(
وحين نرجع إلى صحيح ابن حبّان نجد هذا الإمام يجعله في صحيحه (4/74) في باب الوضوء بفضل المرأة،
وقال ( ابن حبّان ) قبل هذا الحديث:
(ذكر ترك إنكار المصطفى صلى الله عليه و سلم على من فعل هذا الفعل المزجور عنه)

ويواصل الدكتور:
(ما صح عن أم صبية رضي الله عنها قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد(
وحين نرجع إلى الكتب الحديثية التي أوردت هذا الحديث نجد البيهقي في سننه (1/190) يذكره في سياق أحاديث الواردة في النهي عن الوضوء بفضل المرأة، وكذلك أبو داود في سننه (1/29) ) وابن أبي شيبة في مصنفه (1/35) وابن الأثير في جامع الأصول (7/87) والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/25).

ويستشهد بقول صاحب التثريب فيقول:
( قال العراقي في طرح التثريب: وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما(
ولهذا المقطع قصّة طريفة، أعترف بعدها بكلّ إنصاف بأن الدكتور قنّاص بارع.

خذوا خبرها.
يقول الحافظ العراقي قبل هذه العبارة مباشرة: (طرح التثريب1/442)
(أَطْلَقَ ابْنُ عُمَرَ فِي حَدِيثِهِ وُضُوءَ النِّسَاءِ ، وَالرِّجَالِ جَمِيعًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الرِّجَالَ مِنْ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الزَّوْجَاتِ أَوْ مَنْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرَى مِنْهَا مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ وَلِذَلِكَ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ بَابَ وُضُوءِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ )
ثمّ جاءت العبارة التي نقلها الدكتور، وهي عبارة عن إشكالٍ أورده العراقي وردّ عليها:
(لَيْسَتْ أُمُّ صَبِيَّةَ هَذِهِ زَوْجَةً وَلَا مَحْرَمًا نَعَمْ قِيلَ : إنَّهَا خَوْلَةُ بِنْتُ قِيسٍ ، وَإِنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةَ حَمْزَةَ وَقِيلَ : إنَّ زَوْجَةَ حَمْزَةَ غَيْرُهَا ، وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَزَوْجَةُ الْعَمِّ لَيْسَتْ مَحْرَمًا .
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَدُّ ذَلِكَ مِنْ الْخَصَائِصِ فَقَدْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيلُ عِنْدَ أُمِّ حَرَامٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ)

فلم يلتفت الدكتور لتوضيح وشرح الحافظ العراقي من قبل هذه الجملة، ولم يعبأ بجواب الحافظ العراقي بعد هذه الجملة ، المهمّ هو أن يقتنص هذه الجملة!

الطريف أنّ الكتب الحديثية التي روت هذه الأحاديث كانت متفقة على حمل هذه الأحاديث على صورة معينة، فكانت هذه الأحاديث دالة عندهم على الوضوء بفضل ماء المرأة، وأنّها دالة على الرخصة في ذلك بعد النهي الوارد فيها، ولم يكن أحد منهم يشير إلى أنها دالة على حالة اختلاط ومماسة ووضوء مشترك بين رجل وامرأة أجنبية حتى جاء الدكتور الكبير فقال:
( فهذا النص صحيح وصريح ودلالته واضحة جدا على إباحة الاختلاط(

ولله في خلقه شؤون!

--
أما بعد:

لا تظنّ أن ما سبق هو نتاج قراءة نقديّة للأعمال الكاملة للدكتور أحمد الغامدي، أو يذهب خيالك إلى أنّي تتبعتها من مدوّنة كاملة تجمع عشرات مقالات الدكتور، كلّ ما سبق هو من مقالة واحدة فقط، وهي آخر منتجات الدكتور العلميّة الصادرة حتى الآن، ومع ذلك لم تسلم من كلّ هذا التلبيس والتشويه.
قد كان حرياً بالدكتور أحمد الغامدي قبل أن يتباهى بما هو عليه من علم وحضور لدروس المشايخ، كان حرياً أن يلتزم بالقيم الضرورية التي هي قبل طلب العلم، بل هي من الضروريات لكلّ أحد فما بالك بطلبة العلم الشرعي والمفتين في دين الله، قد كان حرياً به بدلاً من الهجوم على أهل العلم الشرعيّ أن يتحلّى بالصدق والأمانة فيقرّر ويفتي لكن من دون كذب على أحد، ومن دون ممارسة للتدليس والمراوغة، وكيف يكون مفتياً في دين الله، وموقعاً عن رب العالمين، ومعلماً للناس للحلال والحرام في شريعتهم وهو بهذه الصفة من الصدق والأمانة، فالصدق والأمانة أولاً، وبعدها يكون الحديث معه عن فائدة مثل هذه الفتاوى والآراء التي تدعو المرأة إلى الالتزام بالضوابط الشرعيّة ، وتسوّق عبر شاشات الفساد والتبرّج الأخلاقي، وينفخ فيها من أصوات وأقلام المشمئزّين من الأحكام الشرعيّة، وبعد الصدق والأمانة سيفهم الدكتور حقيقة حاله حين يقف في مظاهرة عامّة تدعو لتحرير المرأة من قيمها وأخلاق دينها، وتخرج فيها النساء متبرّجات بأشدّ من تبرّج الجاهلية الأولى فيصفّ معهم الدكتور ويصرخ بصراخهم ويظنّ أنّه على منهج الاعتدال والهدي النبوي بمجرّد أنه يحمل –أثناء هذه المظاهرة- ويضع على صدره لافتة صغيرة تقول (بحسب الضوابط الشرعيّة) ..!

 

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية