صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







هل نكرم المرأة بقيادتها للسيارة؟

الدكتور سليمان بن حمد العودة

 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
من الذي جعل من المرأة قضيةً؟ تُثار بمناسبةٍ وبدون مناسبة وتُطرح في كل حوارٍ وإن كان الحوارُ بعيداً عن شؤون المرأة؟ لماذا هذه الإثارات؟ ومن المستفيد من هذه الاستفزازات؟ من أنصارُ المرأة حقاً ومن خصومُها؟ ومن الناصحون ومنْ المغموسون في اجترار قضاياها؟

إن الإسلام لا يُجارى في إعطاء المرأة حقوقها، وفي تهذيب أخلاقها، والحرص على عفتها، وصونِ كرامتها – ولن يقوم أيُّ نظامٍ أرضي بديلاً عن الإسلام – وإن وهم الواهمون، أو خُيل للمفتونين بحضارة الآخرين غيرُ ذلك.

إن المتأمل في نصوص الوحيين يجد مصطلحاتٍ عدة بشأن المرأة تجتمع على العفة والحياء، والقرار والصون لهذه الدرة الثمينة والبعد عن الخلطة بالرجال، ونحوها من سلوكيات رفيعة نظيفة يُشيد بها الإسلام ويدعو لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.

أليس القائل {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} (سورة الأحزاب / 33) هو العليم الخبير؟
وأين نحن جميعاً من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} (سورة الأحزاب / 59)

ألم يُشد القرآنُ بحياء المرأة {فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء} ومن قبل عرض القرآنُ لنموذج المرأة في الخروج من البيت فالحاجة شرطٌ لها، والبُعدُ عن الاختلاط بالرجال ضمان لتزكيتها {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} (سورة القصص/23) فشيخوخة الأب والحاجة للماء أخرجت هاتين المرأتين، والانتظارُ حتى يُصدر الرعاءُ من الرجال خُلقٌ تجملت به هاتان المرأتان؟

وليس يخفى أن أزكى النساء أمهاتُ المؤمنين.. ومع هذا قيل لهن {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} (سورة الأحزاب / 32)
وإدناء الجلابيب وإرخاءُ الحجاب وغضُّ البصر للرجل والمرأة كل ذلك مفردات كريمة جاءَّ نصوص الشريعة حافلة بها.
وفي حقوق المرأة وواجباتها كفل الإسلامُ لها ذلك {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} (سورة البقرة/ 288)
والنهي واضح في عضلهن وارثهن كرهاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (سورة النساء / 19)
وفي حسن التعامل معها وتقدير مشاعرها جاءت النصوصُ الشرعية والآثار تقول

((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))، ((استوصوا بالنساء خيراً..))
((لا يكرمهن إلا كريم..))

أيها المسلمون إذا كانت تلك بعض نصوص الإسلام تجاه المرأة.. فأهلُ الإسلام أكثر الناس اعتدالاً وأحسنهم خلقاً، واكرمهم تعاملاً مع المرأة وأكثرهم إنصافاً لها وعلى قدر التزام المرء بالإسلام وفهمِه وتطبيقه لنصوص الشريعة يكون قدرُ المرأة عنده.. وتتجلى أخلاقياتُه في التعامل معها – دون إسفافٍ وقهرٍ كالذي مارسته الجاهليةُ الأولى.. ودون إفسادٍ وفتنة كالذي تمارسه الجاهليةُ المعاصرة.

في عالم اليوم محاولاتٌ جادة لتنحية المرأة عن قضاياها المصيرية والهامة، وإشغالٌ لها بقضايا استهلاكية هامشية
أين الطرحُ بقوة لرسالةِ المرأة في الإسلام، ودورها في الدفاع عن قيمها وإسلامها في زمن بات التهجمُ على القرآن ظاهراً للعيان، والسخريةُ بالرسول - صلى الله عليه وسلم - والإسلام يُمارس من خلال وسائل إعلام وتدعمه دولٌ كبرى

أين موقعُ المرأة المسلمة في عالم تتخذ المرأة الغربية والشرقية مكانها لتعبر عن حضارة وقيم عالِمها ومجتمعها؟ وهي تتقصدُ المرأة المسلمة بالغزو والتذويب والاستلاب والنهب؟
أين المؤتمرات الإسلامية العالمية للمرأة على غرار مؤتمر المرأة في بكين حيث التخطيط والدعم والإعلام؟ وأين الحديث عن المطلقات وظروفهن وعن العنوسة والعانسات ومشكلاتهن، وأين الحديث عن الدراسات الجادة لدور المرأة في التنمية بمفهومها الشامل حيث تبدأ انطلاقتها من البيت وتربية النشء في زمن ربَّات الخادمات والاستقدام المسعور للسائقين والخدم – وفي هذا الجوِ لا تسأل عن ضعف التربية، وترهل المرأة، والاستنزاف الاقتصادي والافساد القيمي والانتحار الخُلُقي.. وما يُنشر في الإعلام من جرائم وموبقات عظيمٌ عظيم.. ويما يخفى وما كان أعظم..
أين الصيحات الصادقة والمنادية بتأمين كافة المستلزمات الصحية للمرأة من مستشفيات خاصة بالمرأة وعنايةٍ طبية فائقة، وتخفيف ساعات عملها حفاظاً على صِحتها وابقاءً لرونق أنوثتها؟

وفي التعليم والعمل من يُنادي بتحسين تعليم المرأة صياغة مناهجها باستقلالية كاملة تخدم رسالة المرأة في بيتها، وتؤهلها للأعمال المناسبة لطبيعتها، وتُثبِّت هويتها في معترك الصراع العالمي، وتصلها بالتقنية المعاصرة، وتفتح أفقها على عالمها المعاصر دون عُزلة أو تذويب.
وفي عملها ثمة مطالبات ناصحة لتخفيف عبء ساعات العمل ونصاب التدريس على المرأة مع الاحتفاظ بكامل مرتبها.. وثمة دعوات صادقة لتخفيف سنوات الخدمة حتى تحصل المرأة على التقاعد المبكر.. للتفرغ لرعاية بيتها وتربية أطفالها وتوفير جو السعادة لزوجها، مع الاحتفاظ بحقولها المالية وحتى تتيح الفرصة لأختٍ على قائمة الانتظار الوظيفي
أين الجمعيات والهيئات المتابعة لعضل المرأة والاعتداء على حقوقها سواء من قبل الزوج والأب.. أو غيرها – أين المحامون عنها والمطالبون بحقوقها؟

قضايا كثيرة يمكن أن تُدرج في الاهتمام بالمرأة.. ولكنها في سياق العفة والكرامة، وفي محيط الصدق والعمق، والنصح والأدب، والتوازن والاعتدال.

أما اختزالُ قضية المرأة في أمورٍ هامشية.. فذلك نوعٌ من التلاعب بقضايا بالمرأة.. بل هو يسير في اتجاه الاستفزاز، وإثارة الجدلية وهدر الأوقاتِ والجهود، وبث روح التنازع والافتراق
خذوا على سبيل المثال (قيادة المرأة للسيارة) هل هي بالفعل حاجةٌ ماسة لا تستقر حياةُ المرأة والأسرة والمجتمع إلا بها؟ ولا تصلح دنيا الناس إلا بها؟ وهل نكرم المرأة بقيادتها للسيارة؟ أم إن مهنة القيادة لا تحتل قيمة مرموقة حين تصنف المهن..

إن القضية – في نظر المنصفين – لا تعدوا أن تكون موضوعاً جانبياً متأخراً في الترتيب لمن يرون ترتيب الأولويات – بعيداً عن الإثارة والضجيج وحين نُفكر بهدوء هل قيادتها للسيارة ستخفف أم تزيد من مشكلاتنا الاجتماعية، والاقتصادية، والأمنية.. فضلاً عن تأثيراتها القيمية وتداعياتها الأخلاقية

وإذا كنا نهتم بالدراسات ونُعنى بالتقارير، ونثمن النتائج.. فثمة دراسات هادئة تبرز النتائج المتوقعة لقيادة المرأة وتشير هذه الدراسة إلى ما يلي:

1 – قيادة المرأة للسيارة ستضيف أعباءً اقتصادية على المجتمع، وسترهق كواهل كثير من الأسر التي تعاني حتى توفر سيارة واجدة.. فكيف إذا أضيف إليها للإناث مثلها.. وما يتبعها من نفقات السير والمرور، والوقود والإصلاح ونحوها.
2 – وقيادة المرأة للسيارة ستضيف مشكلات مرورية هائلة وستحدث من الزحام و لا سيما في المدن الكبرى ما سيكون على حساب الوطن والمواطن.
3 – وستضيف أعباءً أمنية كثيرةً ذات مظاهر خطيرة – هذا فضلاً عن المظاهر الخلفية وانتهاك القيم، وخدش الحياء والخلق
4 – أما الزعمُ بحلها لمشكلة السائقين.. فالتجربة الموجودة في دول الخليج مثلاً تؤكد أن نسبة 80 % من الأسر الخليجية لديهم سائقون مع كون قيادة المرأة للسيارة متاحة..
(د. العشماوي الجزيرة 20 / 4 / 1426 هـ)

أيها الناس إن بلادنا غيرُ محتاجة لمزيد من القلاقل والفتن، وليس فيها مُتسعٌ للاستفزازات وردود الأفعال، وكفانا تجاربُ من سلفنا بل ويمكننا أن نأخذ الدرسَ من تجارب وقعت في محيطنا، وعلى سبيل المثال دخلت المرأة عالم الأسهم.. وهذا حلال لها، ولكنها حين ممارسة الاقتصاد بشكل تنهِم فماذا جنت وبماذا خرجت؟ إليكم اعترافات بعضهن عبر عناوين سريعة نشرتها صحافتنا المحلية وتقول على ألسنة النساء في سوق الأسهم ((خسرت الآلاف وأصبت بانهيار))

وأخرى تقول ((انتظر أن يتراجع زوجي عن الطلاق والطاقة حدثت مع هبوط سوق الأسهم)) وثالثة تقول ((الطمع أعمى بصيرتي وأرى السخرية في عيني زوجي يومياً)) (حمد القاضي / الجزيرة 20 / 4 / 1426 هـ)

لقد كفل الإسلامُ لها حقَّ النفقة على الأزواج.. ولئن تعيش المرأة سعيدةً آمنة مطمئنة – وإن لم تسجل في قوائم المساهمين والتجار، خيراً لها أن تملك القناطير المقنطرة.. ولكن على حساب سعادتها.. وأنوثتها.. وتكدير صفوِ عيشها مع زوجها وأولادها..

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (سورة النساء / 34)

وبكل حال فخسارة الأعراض أشدٌ من خسارة الأموال إذا كان ثمة موازنة بين الخسائر

الثانية:
قيادة المرأة للسيارة قضية محسومةٌ في بلادنا بفتوى شرعية وبقرار سياسي، ونحن في بلدٍ نحتكم إلى الشرع، ونطيعُ وليَّ الأمر
أما الفتوى فقد صدرت من أعلى هيئة شرعية (هيئة كبار العلماء) مدعومةً بالدليل، مُدللة بفقهِ الواقع، مُعتبرةً للمآلات، مقدرةً للنتائج، أليست هذه الهيئة محلُ ثقتِنِا.. أليست فتواها معتبرة لرجالنا ونسائنا؟
وإذا كانت فتواهم غير مقنعةٍ عند فئة قليلة في المجتمع فهي بحمد الله مَحلٌ للثقة والاعتبار عند غالبية المجتمع
وهل يُراد من هذه الإثارات لقيادة المرأة للسيارة بين الفينة والأخرى هزُّ الثقة بهذه المرجعية الشرعية في بلادنا؟

هل يسوغُ أن نستمع للهيئة العليا في بلادنا، فيما نشاء ونحب ونتجاهلُ رأيها حين لا نشاءُ ولا نحب؟ إنها انتقائية يرفضها العقلُ المنصف ويردها الشرعُ المطهر، فالحكم الشرعي إذا صدر من أهل الفُتيا والعــــــــلم الشرعي فليس لمسلم أن يكون له الخيرة {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (سورة الأحزاب / 36)

أليس الله يقول لنا {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (سورة الأنبياء / 7)
ولقد سُئل أهل الذكر فأجابوا، وأُحيل موضوعُ قيادة المرأة للسيارة لهيئة كبار العلماء فأفتوا.. فماذا بعد؟

أنرغب أن تكون أمورٌ حياتنا فوضى، كلٌّ يتدخل فيما يعنيه ومالا يعنيه، وكلٌّ يهرف بما يعرف وما لا يعرف، وكلٌّ يجعل من نفسه حكماً ومفتياً هذا يحلل وذلك يحرم، وهذا يخطئ وذاك ينتقد، وخامسٌ يُجرّم وسادس يتهم.. وهكذا تتحول أمورنا إلى فوضى عارمة، وفتنة عمية تفرق جمعنا وتذهب ريحنا، ويفرح العدوّ حين تكون المعركة محتدمةٌ بيننا.. ألسنا نعطي القوس باريها في أمور السياسية والاقتصاد وننتقد حين يتدخل المهندسُ في عمل الطبيب أو يستشار الطبيب في عمل هندسي.. وهكذا في أمورنا الأخرى.. فلماذا نحيد ونتجاوز في مسألةٍ حُكمِ قيادة المرأة للسيارة عن الهيئة الشرعية التي اختارها الحاكمُ وزكاها.. وأحال إليها الأمر ورضي فتواها؟

ولقد أحسن نائب رئيس مجلس الشورى صُنعاً وكان حصيفاً ومقنعاً ومنطقياً ومنصفاً حين قال (المسألة شرعية ولهيئة كبار العلماء الكلمة) وقال المهندس محمود طيبة طيّب الله وجهه (إن المسألة يجب أن تناقش من قبل أعلى هيئة شرعية في البلاد، وهي هيئة كبار العلماء لأنها سبق وأن أفتت في الأمر (جريدة المدينة، ملحق الرسالة 26 / 4 / 1426 هـ)
على أن قضية قيادة المرأة للسيارة في بلادنا سبق وأن صدر فيها قرارٌ سياسي، حين كانت شرارتها الأولى في أيام أزمة الخليج الأولى في التسعينات وحينها صدر قرارُ الدولة بمنع قيادة المرأة للسيارة، بل وأكثر من هذا عوقبت اللاتي خرجن من النساء بالفصل من أعمالهن، واستنكار تصرفاتهن، فهل يريد المثيرون لهذه القضية من جديد إعادة الأمر جذعة... ومراغمة الحكم الشرعي والقرار السياسي؟ إن ذاكرتنا تحتفظ بهذه المواقف ولن تنس هذه الأحكام المنهية للفتنة، وتثمن تلك القرارات الحصيفة.

أيها المؤمنون : إن قيادة المرأة للسيارة عند أولي النهى لا تتعلق بقضية واحدة ولا بحكم فقهي محدد بل يستتبعها ويُحلق بها أمورٌ أخرى لا بد أن نعيها ونتفطن لها حين تُثار هذه القضية، ومن التسطيح أن نقارن بين ركوب المرأة للجمل في الماضي وقيادتها للسيارة في زمن السعار الجنسي والاختناق المروري، وغزو الفضائيات، ومن التغفيل أن تنظر لها كقضية مفردة فهي جزء من مشروع كبير طالما دندن حوله المغموسون في ثقافة المرأة، والمنبهرون بوضع المرأة الغربية..

إنه جزءٌ من تغريب المرأة.. وإن شئت فقل تغريب المجتمع والقضية كذلك رهانٌ تُسابق عليه فئةٌ قليلة، وتتطلع من خلاله إلى التمرد على السلطة الشرعية.. وعلى القيم والأعراف وتريدان أن تفرض إرادة الفئة القليلة على الأغلبية الساحقة..

ومن هنا كان سمو وزير الداخلية واعياً ومدركاً لطبيعة مجتمعنا حين قال مؤخراً (إن القضية تتعلق بالمجتمع) وحين لا نحتاج إلى الاستفتاء في مسألةٍ صدر الحكم فيها.. فلن يكون الاستفتاء النزيه – لو وقع – في مصلحة المطالبين بقيادة المرأة للسيارة..

وقيادة المرأة للسيارة لا ينبغي أن تفصل عن مشاكلنا الاقتصادية وأن دلّس فيها المدلسون، ولا عن اختناقاتنا المرورية وأن تجاهلها المتعجلون، ولا عن قيمنا وأعراضنا وأن تسامح فيها المتسامحون.
قيادة المرأة للسيارة ستنقل المرأة من امرأة مخدومة إلى امرأة خادمة وستنقلها من ظِلال المنزل إلى وهج الشمس ومن أمنِ القرار ونعومةِ المظهر إلى خطر الإطارات المتفجرة وذبول الزهرة بالتعب والمعاناة.

من يُكرم المرأة أهو الذي يستجيب لطلباتها ويوفر حاجاتها أم الذي يسوقها لتذهب بنفسها في حمأة الظهيرة، ويضطرها للخروج بنفسها أو بمن تعول في ساعات متأخرة من الليل في الحالات الطارئة؟
كم تتعرض النساء للمضايقات من قبل السفهاء وهن مُترجلات وفي خطواتِ محدودة.. فكيف سيكون الحال إذا قادت السيارة بعيداً عن وليها وبيتها؟

إن التحرش الجنسي ظاهرةٌ لا تُنكر.. وإذا مورست مع المرأة وهي في بيتها أو في السوق لقضاء حوائجها – وهي في محيط الناس، فكيف سيكون حالُ ضعفاء النفوس مع المرأة حين تقود السيارة في مكانٍ تقل فيه الرقابة ويغيب الشهود؟
إننا – بقيادة المرأة للسيارة – نعرضها لمخاطر وأدواء هي في غنى عنها وطرقنا وشوارعنا لا تتحمل أعباء سيارتها.. ولا تنتعش صحياً بعادم كربون مركبتها
إننا نثق بالمرأة ولكننا نكرمها حين نقود السيارة بها.. ونثق بالمرأة ولكننا نحافظ على أنوثتها وجمالها حين نتحمل أعباء القيادة عنها

والواقع يشهد أن المرأة لم تتضايق من وضعها، ولم تشتكِ إلينا أو تطالبنا بتوفير القيادة لها.. ولكن البعض منا يريد تحقيق مآربه على أكتاف النساء.. وإن كان أولئك صادقون في المطالبة لها فليطالبوا بحاجيات أساسية للمرأة سبقت الإشارة إليها، وليرفعوا الظلم عنها من فئات تمارس الظلم بحقها...

إن المرأة بخير في بلادنا.. أمن ورخاء وعافية واستقرار والزاعمون لتحرير المرأة إن كانوا صادقين فليسهموا في رفع الظلم الواقع على أختنا وجارتنا حين تحتل بلادها ويُصفي العائلون لها، وتبقى أسيرة أو طريدة
لقد عانت المرأة وما زالت في فلسطين من ظلم الصهاينة فماذا صنع أدعياء تحرير المرأة لها
واليوم تعاني المرأة في العراق ألوان الظلم والاستبداد والحرب الاستعمارية والتصفية الطائفية.. فماذا صنع الرافعون لعقيرة تحرير المرأة؟

إننا حين نستنكر هذه المطالبات الفجّة ونضم أصواتنا إلى الأصوات العاقلة في التعامل مع قضايا المرأة.. نتطلع أن يعيد الآخرون النظر في طروحاتهم بما يخدم المصلحة العامة ويوفر الأمن والطمأنينة لمجتمعنا وبلادنا.

حفظ الله بلادنا من كل سوء ومكروه...

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

للنساء فقط

  • المرأة الداعية
  • رسائل دعوية
  • حجاب المسلمة
  • حكم الاختلاط
  • المرأة العاملة
  • مكانة المرأة
  • قيادة السيارة
  • أهذا هو الحب ؟!
  • الفتاة والإنترنت
  • منوعات
  • من الموقع
  • شبهات وردود
  • فتاوى نسائية
  • مسائل فقهية
  • كتب نسائية
  • قصـائــد
  • مواقع نسائية
  • ملتقى الداعيات
  • الصفحة الرئيسية