صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الورقة الأخيرة
المشهد الأخير من رحيل الألباني .. رحمه الله

د . محمد محمود أبو رحيم

 
لقد ذكرني المشهد الأخير من جنازة الشيخ أبى عبد الرحمن بأول لقاء معه رحمه الله قبل ثلاثين عاما ؛ حيث كنت يومها متدثرا بلباس التصوف ، أمرغ الخد على أعتاب أشياخه .

يومها كان الجهل قد غرر كانون2 بكسب كان للأشياخ نصيبا مفروضا في صناعته ، لم يكن جهلا بالحلق والذكر والخلوات البدعية ؛ فقد أتقنها حتى غاليت في بعضها ، فوجدتني قد نذرت للرحمن صوما إلا عن شيخي في الطريقة الذي ولد في نفسي قدرته المزعومة على فتح المغاليق إلى ملك لا يبلى .
يومها كنت جاهلا بما يدور حولي ، وحول من تدور عليهم دعاوى التجهيل والتضليل ؛ فكان ما كان مني نحو الشيخ أبي عبد الرحمن ومنهجه من كوامن ضدية دفعتني لسؤاله وأنا تحت تأثير خلفيات التحدي : لماذا تحارب الأئمة الأربعة ؟ هكذا كان يشيع من لم يرقهم طريقته السلفية .

لم يكد يخرج السؤال من بين شفتي وأنا شاب في السنة الأولى في كلية الشريعة حتى وجدت برد كفه الناهم يأخذ بكفي نحو مقعد جانبي يحاورني بكل هدوء .
خرجت من عنده وقد علتني دهشة دفعني فضولها إلى مواصلة لفائه والتعرف على ما عنده رحمه الله فإذا كانون2 أقف على عالم متخصص ، ومحاور عنيد ، يحيي السنة ويميت البدع ، داعية إلى التوحيد الخالص ، حرب على الشرك بأنواعه ، تعلوه نضرة الحديث .

شهوده زواجي من فتاة سورية اختارها لي زوجته خديجة قادري ، وشهد لي بمتابعة الدراسة العالية في جامعة أم القرى شهادة مكتوبة حفظت في ملفي الشخصي .
انقطعت لطلب العلم ، ولم انقطع عن الشيخ رحمه الله وفي أثناء ذلك وجدت الشيخ قد اصطدم بثلاث فئات من الناس :
الفئة الأولى : فئة العلماء الذين يقرون له بالفضل والسبق في العلم ؛ حيث ناقشوه مناقشة العالم للعالم ، لم يخرجهم خلافهم معه عن حسن الأدب للتقدير للشيخ رحمه الله كان منهم : الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله والشيخ الأنصاري ، والشيخ عمر فلاتة ، وغيرهم كثر .
الفئة الثانية : فئة المتسلقين من الأصاغر الذين وجدوا في كتف الشيخ رحمه الله ورعايته وتوجيهه مخرجا مقنعا لهم وفجوة يعبرون من خلالها لتحقيق أحلامهم وتعويض إخفاقهم على مقاعد الدراسة .
الفئة الثالثة : فرق الضلال وأهل الانحراف فقد أوجعوه تجديعا ، يحدوهم التعصب والهوى والتقليد الأعمى ، فصال عليهم رحمه الله بحجته : قال الله ، قال رسوله . فبدد شمل أدلتهم ، وبين قصر فهمهم ، وأعاد الراحلة إلى جادة الطريق .
استغل هؤلاء والحاسدون بعض كبوات الشيخ رحمه الله ظنا منهم أن الفارس قد هوى ، وغاب عنهم أن اجتهاد العالم مأجور عليه غير مأزور ؛ لكنه العمى أطفأ نور الحق من الصدور فغابت عنهم أشياء وأشياء .
وقبل انسدال المشهد الأخير من حياة الشيخ دفعني الشوق إلى عيادته في مرض موته مع جمع من أهـل العلم والفضل ، فرأيت جسدا قد علته صفرة الرحيل وغلبه النحول وتمكن داء الهرم ، قبلت يده ورأسه فرد بصوت خافت هادئ ينبئ عن ذهن حاضر لم يختلط ، حمل بعضنا أمانة إبلاغ سلامة إلى أحبابه ، وما هي إلا أيام معدودة حتى فاضت روحه فأدركته يوم الدفن ، وانسدل الستار على جسد إمام من أئمة المسلمين ليلحق بمن سبقه من علماء الأمة العاملين .
اللهم ارحم عبدك الألباني ، وأكرم نزله ووسع قبره مد بصره ، وتجاوز عما بدر منه اجتهادا أخطأ فيه ؛ إنك سميع مجيب الدعاء .

نقلها أبو عمر المنهجي - شبكة الدفاع عن السنة
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

العائدون         

  • العائدون إلى العقيدة
  • موقع صحوة الشيعة
  • موقع مهتدون
  • الملل والنحل
  • الصفحة الرئيسية