صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







مواقف مؤثرة وطريفة من ميدان المكافحة

سامي بن خالد الحمود

 
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد .

فقد سألت مراراً عن بعض المواقف المؤثرة أو الطريفة التي وقعت لي إبّان عملي السابق بمكافحة المخدرات .
وأقول: المواقف كثيرة جداً، لعلي أتذكر بعضها ، وسأبدأ بذكر بعض المواقف المؤثرة هي في الواقع أبلغ من كثير من الكلمات التي تصف هذا العالم المظلم الذي يتخبط فيه وللأسف الكثير من شبابنا، ثم أذكر بعض المواقف الطريفة والله المستعان.

1) مواقف مؤثرة : (ذكرت الكثير من هذه المواقف في عدد من المحاضرات وأضيف هنا موقفين) :

• هكذا تلعب المخدرات في العقول :
أحد مدمني المخدرات قبض عليه في قضية تعاطي وترويج الحشيش المخدر .. وأحيلت قضيته إلي . وبعد يومين من القبض عليه تلقيت اتصالاً من أحد المناوبين بالتوقيف يقول لي : احضر بسرعة .
حضرت وإذا بهذا الرجل قد اضطربت حالته النفسية بسبب فقدان جسمه للمادة المخدرة فماذا فعل ? ( اسمحوا لي ) لقد مزق كل ملابسه وبقي في غرفة التوقيف تحت الأنظار وهو على هذه الحالة كما ولدته أمه .
قمت باستدعائه ? وبعد جلسة هادئة تحسنت حالته قليلاً وزال عنه الاضطراب ، ثم تابع علاجه لاحقاً في عيادة الأمراض النفسية .

• بين مدمن وابنته :
- أحد المروجين بعد قيامه بالترويج على سيارته غير خط سيره ليتوجه إلى أحد المنازل ويأخذ أهله . وبعد عودته للمنزل قبض عليه في الشارع وكانت طفلته الصغيرة على يديه تبكي وهو يبكي ويقول : دعوا بنتي .
تأثر الحاضرون كثيراً بهذا الموقف ، وسرعان ما خرجت والدة الطفلة من المنزل، وقمنا بتسليمها ابنتها وهي تبكي .

2) مواقف طريفة :

• المسدس الوهمي :
من الصفات المهمة لرجل المكافحة سرعة البديهة وحسن التصرف لا سيما أثناء العمل الميداني إذ أن أي موقف يشكل عبئاً كبيراً على الفرقة الميدانية .
وردنا بلاغ عاجل بوجود بعض المشبوهين في أحد الأماكن المهجورة .. خرجنا بسرعة، ووصلنا الموقع ولم نجد أي أثر ، صعدت أنا وأحد الزملاء إلى سطح المبنى للتحقق من الموقع .. المشكلة أن الزميل لم يكن يحمل سلاحاً في تلك اللحظة، توجهت بسرعة إلى الجزء الأيسر من السطح، وتوجه الزميل إلى الجزء الأيمن، لم أجد شيئاً أمامي، لكني سرعان ما صعقت بصراخ الزميل : (ولا حركة) .
أسرعت إلى الجزء الآخر من السطح ، فإذا بالمشهد المضحك .. الزميل يقف أمام مجموعة من المخمورين وبينهم قارورة كبيرة من المسكر، وهو يهددهم ، وقد ضم يديه ، ويشير إليهم بسلاحه الوهمي (بأصابعه) وهم متسمرون في أماكنهم .
تم السيطرة على الوضع بكل سهولة، وقبضنا على المجموعة ، بعد أن أعماهم الله تعالى وقذف في قلوبهم الرعب، بفضل الله ، ثم بسرعة بديهة وحسن تصرف الزميل في هذا الموقف الذي تطيش فيه العقول .

• كاد المريب أن يقول خذوني :
في أحد الأيام كانت فرقة المكافحة تراقب أحد المواقع المشبوهة وفي لحظة مفاجئة يمر بهم من خلف الكواليس أحد مدمني المخدرات .. كان يسير في طريقة بشكل طبيعي لكنه ما إن رأى أعضاء الفرقة حتى دب الذعر في قلبه فأخذ يلتفت إليهم تارة وإلى طريقه تارة أخرى .. حتى إذا بلغ منه الذعر مبلغه أطلق ساقيه للريح وولى مدبراً ? فينطلق وراءه اثنان من أعضاء الفرقة فيلقون القبض عليه فإذا بالمخدرات في جيبه . وصدق القائل ( كاد المريب أن يقول خذوني ) .

• بين مروج وبين أبي هريرة :
أحد المروجين كان يحمل معه قطة صغيرة وعندما قام بإتمام العملية اعترضه أحد أفراد الفرقة للقبض عليه فألقى بالقطة في وجهه ولاذ بالفرار وسرعان ما تم القبض عليه من قبل بقية أفراد الفرقة، فقلت: ذكرني هذا الشاب بالصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه، فإنه كان يكنى بهذه الكنية لهرة كان يحملها معه، ولكن شتان بين الرجلين .. فهذا ينشر الدمار والفساد، وذاك ينشر ميراث خير العباد .

• عندما سجنت في شنطة السيارة :
في إحدى مدن المنطقة الشرقية كنا نقوم بمتابعة أحد مروجي الحشيش، وكان الرجل حذراً جداً ، ويسكن في بيت يصعب الوصول إليه لكونه في شارع ضيق ومكشوف، وكان همنا أن نقبض عليه وهو في حالة تلبس بالترويج حتى يقدم للقضاء .
وبعد عدة محاولات فاشلة للقبض على المروج متلبساً بالجرم المشهود، اقتربت ساعة الحسم .. وافق المروج على بيع أحد المخبرين السريين كمية من الحشيش .. وضعنا الخطة المناسبة، وحتى لا تتعرض الخطة للانكشاف، حرصت أن لا أكثر من وجود العناصر في شارع المروج، واكتفيت بوجود أحد أفراد الفرقة في السيارة مع المخبر متنكراً بأنه شريك في الكمية، على أن أقوم أنا (قائد الفرقة) ومعي عضو مسلح بالتخفي في شنطة السيارة (نظراً لقصر المدة) بهدف السيطرة على الهدف من قريب والحيلولة دون فراره، على أن تكون الفرقة المساندة في موقع قريب للمساندة وقت القبض .
ودنت ساعة الصفر .. وتم تجهيز الفرقة وتوزيعها في الأماكن المحددة، وجاء دور الفرقة المباشرة للعملية .. ركب المخبر السري مع احد أفراد الفرقة في السيارة، وركبت أنا وفرد آخر من الفرقة في شنطة السيارة، وتوجهنا بسرعة إلى منزل الهدف .
ومن هنا .. في شنطة السيارة .. بدأت المعاناة، لم أكن أخاف من المهمة .. ولا من فقد النور الذي كان آخر علمي به عندما أقفلت الشنطة علينا .. إنما كانت المعاناة في أن مرافقي سامحه الله كان سميناً مليء الجسم ، وزاد الطين بلة أنه كان ممن يدخنون بشراهة ، ويبدو أنه قبيل الركوب أخذ حظه جيداً من الدخان .
ضاق بي النفس، وكانت شنطة السيارة عبارة عن أسطوانة دخان تكاد أن تنفجر .. مضت السيارة وتوقفت بجوار بيت المروج ، خرج الرجل وتفاوض مع المخبر والفرد المرافق له .. ولسان حالي: اللهم أخرجني منها عاجلاً غير آجل .
وأخيراً، وبعد طول انتظار وترقب ، تمت العملية بحمد الله، وفتحت الشنطة .. خرجت إلى الحياة لأتنفس الصعداء .. لم يشعر المروج إلا وأنا وصاحبي نكتفه بحمد الله على الأرض قبل أن تحضر الفرقة المساندة .
فرحنا كثيراً أنا وزملائي بنجاح هذه العملية النوعية، التي كانت ضربة مروعة للمروجين في المدينة .. ومع هذا فلا أنسى تلك اللحظات التي مرت بي وأنا محبوس في تلك الشنطة، والحمد لله على كل حال .

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
سامي الحمود
  • كتب وبحوث
  • محاضرات
  • كلمات قصيرة
  • منبر الجمعة
  • مذكرات ضابط أمن
  • تحقيقات ميدانية
  • مقالات وردود
  • معرض الصور
  • قصائد
  • فتاوى أمنية
  • صوتيات
  • الجانب المظلم
  • الصفحة الرئيسية