صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







سماحة الشيخ بن باز في حوار شامل مع مجلة الإصلاح
العدد 241-17 بتاريخ 23/6/1993م
أجرى الحوار الشيخ الدكتور عوض بن محمد القرني

 
الإصلاح: لا شك يعلم سماحتكم ما تتعرض له الأمة من هجوم شرس من أعدائها في كل مكان وعلى كل صعيد، فما المخرج من ذلك أثابكم الله؟
ابن باز : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على رسوله وعلى أصحابه ومن اهتدى بهداه
لا ريب أن الأمة تبتلى بأعدائها كما قال الله عز وجل \" ولنبلوكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم \" فالأمة تبتلى بأعدائها لكن لابد من الصبر ولهذا قال الله عز وجل \" لتبلون في أموالكم و أنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور \". وقال سبحانه :\" وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط\". فالواجب على الأمة الصبر و الاحتساب والاستقامة على دين الله وان لا تلتفت إلى ما يقوله أعدائها وعليها أن تلتزم بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأن تستقيم على ذلك قولاً وعملاً وعقيدة وان تحكم شرع الله في عباد الله. هذا الواجب على جميع البلدان الإسلامية. ومتى استقامت على دين الله صدقاً في القول و العمل والعقيدة فإنه لا يضرها نباح أعدائها ولا كيدهم كما سبق في قولة تعالى :\" وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً ان الله بما يعملون محيط\" ويقول سبحانه وتعالى في كتابه العظيم :\" واصبروا إن الله مع الصابرين\" ويقول جل وعلا :\" ان تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم \" ويقول سبحانه وتعالى \" ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور\" ويقول سبحانه وتعالى\" وكان حقاً علينا نصر المؤمنين\".
فالمؤمنون هم المستقيمون على أمر الله، التاركون لمحارم الله، الواقفون عند حدود الله المحكمون لشرع الله. هؤلاء هم المسلمون وهم أولياء الله كما قال عز وجل\" وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم و ليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا .. يعبدونني لا يشركون بي شيئاً\".
فمتى تمسك المسلمون بدين الله والتزموا بما أوجب الله عليهم وابتعدوا عما حرم عليهم وحكّموا شريعته فان الله سبحانه وتعالى ينصرهم ويؤيدهم على أعدائهم ويكتب لهم النجاح و السعادة في الدنيا والآخرة ويمنحهم الأمن في الدنيا والآخرة.
كما قال عز وجل :\" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون\". و الإيمان إذا أطلق دخل فيه كل ما أمر به الله ورسوله فالمعنى أنهم استقاموا على توحيد الله وأدوا حق الله وابتعدوا عن محارم الله فلهم الأمن ولهم الهداية في الدنيا والآخرة ولا يضرهم أعداؤهم إذا ما التزموا بالحق أما إذا تعاطوا بعض ما حرم الله وتساهلوا ببعض ما انزل الله فقد يبتلون وقد يصابون فافضل الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، لما أخل الرماة يوم أحد بما يجب عليهم من الموقف الذي أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بلزومه لما أخلوا به دخل عليهم الأعداء من ذلك الموقف وحصلت الهزيمة على المسلمين بالقتل والجرح بأسباب المعصية التي ذكرها الله في قوله جل وعلا:\" ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون\".
المعنى سلطوا عليكم فالمقصود إن الواجب على المسلمين دولاً وأفراداً الاستقامة على دين الله والتمسك بشرع الله والوقوف عند حدوده قولاً وعملاً وعقيدة الولاء و البراء في ذلك والمحبة والبغض في ذلك. هذا هو الطريق للنصر والسعادة فإذا استقاموا على ذلك فانه لا يضرهم أعداؤهم كما قال سبحانه وتعالى في الآيات السابقة \" وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعملون محيط\" و إنما يؤتى المسلمون من جهة تقصيرهم وتفريطهم فإذا قصروا في أمر الله أو فرطوا فيه أو تركوا ما يجب عليهم من الإعداد الواجب الذي أمر الله به في قوله\" وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة\" أو تركوا الحذر الذي أمرهم الله بأخذه في قوله تعالى\" يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم\"، متى فرط المسلمون في شيء مما أوجبه الله عليهم أو فرطوا باكتساب ما حرم الله عليهم فانهم قد يصابون بسبب ذلك. نسأل الله أن يوفق المسلمين حكومات وشعوباً لما يرضيه وأن يصلح قلوبهم وأعمالهم وأن يوفقهم لتحكيم شرع الله والاستقامة علية.


الإصلاح: دأبت كثير من وسائل الإعلام العالمية على اتهام الدعاة بالتطرف والأصولية فما توجيه سماحتكم حيال ذلك؟
ابن باز: هذا لا ينبغي أن يمنع الدعاة من قول الحق. ولا ريب أن بعض الدعاة قد يكون عندهم نقص في العلم وقد يكون عندهم نقص في الأسلوب فكل إنسان يؤخذ بذنبه وإذا قصر في شيء أو فرط في شيء يوجه للأصلح ويعلم كيف يأمر وكيف ينهي وكيف يدعوا إلى الله عز وجل حتى لا يكون سبباً لمنع الدعاة وحتى لا يكون سبباً لتعطيل الدعوة. فالواجب على الداعية إلى الله أن يكون على بصيرة \" قل هذه سبيلي ادعوا إلى الله على بصيرة \"، يكون عنده علم عنده بصيرة عنده فقه في الدين عنده فقه في كتاب الله وسنة رسول الله علية الصلاة والسلام حتى يتكلم عن علم وحتى يدعوا على بصيرة مع العناية بالأسلوب الحسن وعدم العنف والشدة قال الله عز وجل :\" أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنه وجادلهم بالتي هي أحسن\". وقال سبحانه\" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك\".
فإذا استقام الداعية وصبر لا يضره كلام من تكلم في عرضه أو سعى في منعه أو ما أشبه ذلك.
إنما الواجب عليه أن يتقي الله وأن يراقب الله وأن يقف عند حدوده حتى لا يكون حجر عثرة في طريق الدعوة وحتى لا يضيق على الدعوة بأسبابه وأن يسلك مسلكاً شرعياً بالحكمة والكلام الطيب والأسلوب الحسن وعدم التعرض للأشخاص...
أن ينكر المنكر ويدعوا الى المعروف ولا ينظر الى الناس بأعيانهم ويتكلم فيهم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم \" ما بال أقوام كذا وكذا\".
الداعية الى الله يعتني ببيان الحق والدعوة إليه ويعتني ببيان المنكر والتحذير منه مع كف لسانه عن الكلام في أشخاص الناس لا رؤساء الحكومات ولا غيرهم إنما المقصود إنكار المنكر والدعوة الى المعروف هذا هو المقصود...


الإصلاح: كثير من الصحف والمجلات تسخر من الإسلام وتقع بالدعاة وتشيد بالكفار والفجار وأهل الفن وتنشر صور النساء السافرات فما حكم شراء هذه المطبوعات أو بيعها أو الترويج لها؟
ابن باز: الصحف التي بهذه المثابة من نشر الصور الخليعة أو سب الدعاة أو التثبيط من الدعوة أو نشر المقالات الإلحادية أو ما شابه ذلك الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع وأن لا تشترى ويجب على الدول إذا كانت إسلامية أن تمنعها لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين. الواجب على المسلم أن لا يشتريها و أن لا يروجها وأن يدعوا الى تركها ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها وعلى المسؤولون الذين يستطيعون منعها أو يوجهوها إلى الخير حتى تدع الشر وتستقيم على الخير...


الإصلاح: بعض طلبة العلم لا يهتمون بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس بحجة تحصيل العلم والتفرغ لذلك فما توجيه سماحتكم لهؤلاء؟
ابن باز: الواجب على من عنده علم أن يدعوا الى الله حسب طاقته. من عنده علم وبصيرة من طريق الكتاب والسنة أن يدعوا الى الله على حسب علمه وأن لا يقدم إلا على بصيرة :\" قل هذه سبيلي ادعوا على بصيرة\" والقول على الله بغير علم جعله الله في المرتبة العليا من المحرمات كما قال سبحانه \" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون\" وأخبر سبحانه أن القول على الله بغير علم مما يأمر به الشيطان. قال تعالى \" يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين، إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون\" فالواجب على من عنده علم وبصيرة أن يدعوا إلى الله بالطريقة التي رسمها الله لعباده \" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة\" من الحكمة العلم قال الله وقال رسوله والموعظة الحسنة يعني الترغيب والترهيب في الجنة والأجر والسعادة والعاقبة الحميدة والترهيب من عذاب الله وغضبه لمن ترك الواجب وقصر فيه أو ارتكب المحرم ثم قال سبحانه \" وجادلهم بالتي هي أحسن\" يعني الأسلوب الحسن وإزالة الشبهة و إيضاح الحق وقال تعالى :\" ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم\" هذا وهم أهل الكتاب اليهود والنصارى لأن الجدال بالتي هي أحسن من أسباب قبول الحق والخضوع له والجدال بالعنف من أسباب النفرة عن الحق وعدم قبوله فالواجب على الدعاة الى الله أن يعتنوا بهذا الأسلوب الذي رسمه الله لعباده وأمرهم به وقال سبحانه :\" فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك \".
هكذا ينبغي للدعاة أن يتكلموا بالحق ويصدعوا به ويصبروا على ذلك، لكن بالأسلوب الحسن بالعلم والجدال بالتي هي أحسن لا بالعنف والشدة ولا بالتعرض لفلان وفلان ولكن يبين الحق ويدعوا إليه بأدلته ويبين الباطل ويدعوا إلى تركه بأدلته يريد ثواب الله والسعادة لا رياء ولا سمعة بل يريد وجه الله والدار الآخرة.


الإصلاح: ما حكم التعاون والتآزر والتعاضد في أمر الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى خاصة وان البعض يقول انه من البدع المحدثة؟
ابن باز: التعاون مطلوب في الدعوة إلى الله والتعاون في الخير مطلوب كما قال تعالى :\" وتعاونوا على البر والتقوى\" وقال النبي صلى الله عليه وسلم :\" من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته\" والله سبحانه يقول :\" والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر\" فإذا ذهب جماعة للدعوة إلى الله تعالى يتعاونون في أي بلد أو في أي مكان على البر والتقوى. هذا من أحسن الأشياء والنبي صلى الله عليه وسلم\" بعث سبعين من القراء عند بعض القبائل للدعوة الى الله والتعليم علية الصلاة والسلام.
فالمقصود أن التعاون على الدعوة وإرشاد الناس من اثنين أو ثلاثة أو أكثر ليتعاونوا ويشجع بعضهم بعضاً وليتذاكروا فيما يجب من اعلم والعمل ويتبصروا. هذا فيه خير كثير لكنهم يتحرون الحق بأدلته ويحذرون الأساليب المنفرة وإنما يتحرون الأساليب المفيدة النافعة التي توضح الحق وتبينه وترغب فيه وتحذر من الباطل. فهذا التعاون أمر مطلوب بشرط الإخلاص لله وعدم قصد الرياء والسمعة وأن يكونوا على علم وبصيرة..


الإصلاح: في الساحة من يقول بأن الفرق التي ورد المر باعتزالها في حديث حذيفة هي الجماعات الإسلامية كالسلفيين و الأخوان و التبلغيين فما قول سماحتكم في ذلك؟
ابن باز: النبي صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة لما قال يا رسول الله كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال النبي صلى الله عليه وسلم :\" نعم. قال حذيفة: فهل بعد ذلك الشر من خير. قال نعم: وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يهدون بغير هدى ويستنون بغير سنتي تعرف منهم وتنكر وقال حذيفة يا رسول الله فهل بعد هذا الخير من شر قال: نعم دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت يا رسول الله صفهم لنا؟ قال هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا يعني من العرب. قلت يا رسول الله فما تأمرنا عند ذلك؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت وإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو ان تعض على اصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت عليه .\" رواه البخاري ومسلم..
هذا الحديث العظيم يبين لنا الواجب على المسلمين على المسلم لزوم جماعة المسلمين والتعاون معهم في أي مكان سواء كانت جماعة وجدت في الجزيرة العربية أو في مصر أو في الشام أو في العراق أو في أمريكا أو في أوروبا أو في أي مكان، ومتى وجد المسلم جماعة تدعوا إلى الحق ساعدهم وصار معهم و أعانهم وشجعهم وثبتهم على الحق والبصيرة، فإذا لم يجد جماعة بالكلية فإنه يلزم الحق وهو الجماعة ولو كان واحداً كما قال ابن مسعود رضي الله عنه لعمرو بن ميمون:\" يا عمرو أنت الجماعة وإن كنت وحدك \" الجماعة ما وافق على الحق وإن كنت وحدك فعلى المسلم أن يطلب الحق فإذا وجد مركزاً إسلامياً أو جماعياً في أي مكان يدعون على الحق الى كتاب الله وسنة رسوله والى العقيدة الطيبة، في أوربا وأفريقيا والجزيرة العربية أو في أي مكان يطلب الحق ويلتمس الحق ويصبر عليه ويكون أهله. هذا هو الواجب على المسلم فإذا لم يجد ما وجد من يدعوا الى الحق لا دولة ولا جماعة كما يكون في آخر الزمان. قد يكون في جهات كثيرة ما يجد أحداً أما اليوم الحمد لله يجد. نحن اليوم والحمد لله في الجزيرة العربية فيها جماعة الحق \"الدولة الإسلامية\" ومن دعاة الحق في الجزيرة يوجد الجماعة الكثيرة من أهل العلم. وفي أماكن كثيرة والحمد لله من دعاة السنة في مصر والشام وفي العراق وفي كل مكان أنصار السنة والحق والعلماء المعروفون بالعلم والفضل يسأل عنهم إذا وجد صاحب السنة الذي يدعوا الى الحق ويدعوا الى العقيدة السلفية عقيدة أهل السنة والجماعة والى توحيد الله و الإخلاص والإيمان بأسمائه وصفاته والاستقامة على دينه يلزم هؤلاء ولو كانوا قليلين كمراكز في أمريكا وفي أوروبا وفي غير ذلك يلزمهم ويساعدهم ويكون معهم في الحق وهكذا في أي مكان وجد فيه جماعة الحق وإذا لم يجد أحد يقوم بالحق الذي يعرفه ما وجد أحداً يعرف الحق الذي عنده ولا يقول به فيلزم الحق مع الجماعة يلزمه سواء كان في المشرق أو المغرب أو الشمال أو الجنوب ما لم يجد جماعة ولو اثنين أو واحد على الحق الذي عنده يكون معه يساعده.


الإصلاح: إذاً يا شيخنا الكريم يقول الذي يقول بأن هذه الجماعات الإسلامية من الفرق التي تدعوا الى جهنم والتي أمر النبي باعتزالها فهمه على كلامك غير صحيح؟
ابن باز: الذي يدعوا الى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من الفرق الضالة. الفرقة الناجية هم أهل الحق هم دعاة الهدى ولو تفرقوا في البلاد يكون منهم في الشام يكون منهم في أمريكا يكون منهم في مصر يكون منهم في إفريقيا يكون منهم في آسيا هم جماعات كثيرة المقصود هدفهم ما هو عقيدتهم ما هي فإذا كانوا على طريق التوحيد والإيمان بالله ورسوله والاستقامة على دين الله الذي جاء به وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هل هم أهل السنة والجماعة وأن كانوا في جهات كثيرة لكن في آخر الزمان قد يقلون جداً أكثر.فالحاصل أن الضابط ما داموا على الحق، فإذا وجد إنسان أو جماعة تدعوا الى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدعوا الى توحيد الله وإتباع شريعته هؤلاء هم الفرقة الناجية وأما من دعا الى غير كتاب الله أو الى غير سنة الرسول صلى الله علية وسلم هذا ليس من الجماعة بل من الفرق الضالة الهالكة وإنما الفرقة الناجية دعاة الكتاب والسنة وإن كانت منهم جماعة هنا وجماعة هنا ما دام الهدف والعقيدة واحدة فلا يضر كون هذه تسمى أنصار السنة وهذه تسمى الإخوان المسلمين وهذه تسمى كذا المهم عقيدتهم وعملهم فإذا استقاموا على الحق وعلى توحيد الله و الإخلاص له واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً وعقيدة فالأسماء لا تضرهم لكن عليهم أن يتقوا الله وان يصدقوا في ذلك و إذا تسمى بعضهم بأنصار والسنة وتسمى بعضهم بالإخوان المسلمين وتسمى بعضهم بجماعة بكذا وجماعة وكذا إذا جاء الصدق حصل الصدق بإتباع الكتاب والسنة وتحكيمهما و الاستقامة عليهما قولاً وعملاً، وإذا أخطأت الجماعة في شيء تنبه إذا أخطأت أي جماعة في أمر من أمور الدين ينبهها الآخرون ولا نتركهم لابد أن نتعاون على البر والتقوى إذا أخطأوا ننبههم فإذا أخطأوا في شيء مما يتعلق بالعقيدة أو بما أوجب الله أو ما حرم الله نبهوا بالأدلة الشرعية بالرفق والحكمة و الأسلوب الحسن حتى ينصاعوا للحق وحتى يقبلوه وحتى لا ينفروا منه هذا هو الواجب. على أهل الإسلام أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يتناصحوا فيما بينهم وألا يتخاذلوا فيطمع فيهم العدو.


الإصلاح : البعض يقول أن العدل مع المخالفين ليس من الواجبات الشرعية فما رأي سماحتكم في هذا القول؟
ابن باز: العدل والإنصاف واجب مع العدو ومع الصديق قال الله جل وعلا \" واقسطوا إن الله يحب المقسطين\" يعني العادلين وقال الله جل وعلا \" إن الله يأمر بالعدل والإحسان\" فهو يأمر بالعدل والإحسان سبحانه وتعالى مع كل أحد مع العدو ومع الصديق مع المؤمن والكافر لابد من العدل ولا يجوز له أن يظلم ويتعدى بل يجب أن يعدل فإذا دعا الكفار وأصروا على الكفر قاتلهم وأما أن يقاتلهم قبل الدعوة لا. هذا ظلم لابد أن يعلمهم أن يدعوهم الى الله أولاً فإذا أصروا قاتلهم و جاهدهم في سبيل الله وهكذا الى ترافع إلية الخصمان يحكم بينهما بالعدل وإن كان واحد مسلم وواحد كافر لابد أن يحكم بالعدل والبينة الشرعية ولو كان المحكوم له كافر فإذا كان مثلاً مسلم مع كافر يدعي الكافر عليه أنه أخذ سيارته أو أنه أخذ كذا وكذا وعنده البينة الشرعية يحكم له القاضي على المسلم فالواجب العدل والله يقول \" واقسطوا ان الله يحب المقسطين\" ويقول النبي صلى الله علية وسلم \" المقسطون على منابر من نور يوم القيامة يغبطهم الأنبياء والشهداء أو قال النبيون والشهداء وهم الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا\"


الإصلاح: يتساءل الكثير من طلبة العلم عن حكم دخول الدعاة المجالس النيابية والبرلمانات والمشاركة في الانتخابات في البلاد التي لا تحكم بشرع الله فما هو الضابط لذلك؟
ابن باز: هذا الدخول خطير يعني برلمانات ومجالس نيابية ونحوها . الدخول فيها خطير لكن من دخل فيها عن علم وبصيرة يريد الحق ويريد أن يوجه الناس إلى الخير ويريد أن يعرقل الباطل ليس الأصل هو الطمع في الدنيا ولا الطمع في المعاش وإنما قد دخل لينصر دين الله وليجاهد في الحق وفي ترك الباطل بهذه النية الطيبة أنا أرى أنه لا حرج في ذلك وأنه ينبغي حتى لا تخلوا المجالس من الخير وأهله، إذا كان دخل بهذه النية وهو عنده بصيرة حتى يماحل عن الحق حتى يجادل عن الحق وحتى يدعوا الى ترك الباطل ولعل الله ينفع به حتى تحكم الشريعة بهذه النية بهذا القصد مع العلم والبصيرة فالله جل وعلا يأجره على ذلك أما إذا دخل بقصد الدنيا أو بقصد الطمع في الوظيفة لا يجوز هذا لكن دخوله يريد وجه الله والدار الآخرة يريد نصر الحق يريد بيان الحق بأدلته لعل هذه المجالس ترجع إليه وتنيب إليه.


الإصلاح: متى حفظكم الله تكون النصيحة سراً ومتى تكون علناً؟
ابن باز: يعمل الناصح بما هو الأصلح إذا رأى أنها سراً انفع نصح سراً، إذا رأى أنها في العلن أنفع فعل لكن إذا كان الذنب سراً لا تكون النصيحة إلا سراً إذا كان يعلم من أخيه ذنباً سراً ينصحه سراً لا يفضحه ينصحه بينه وبينه أما إذا كان الذنب معلناً يراه الناس مثلاً في المجلس قام واحد بشرب الخمر ينكر عليه أو قام واحد يدعوا الى شرب الخمر وهو حاضر أو الى الربا يقول يا أخي لا يجوز هذا أما ذنب تعلمه من أخيك تعلم أن أخاك يشرب الخمر أو تعلم أنه يتعاطى الربا تنصحه بينك وبينه سراً تقول يا أخي بلغني كذا تنصحه أما إذا فعل المنكر علانية في المجلس وأنت تشاهد المنكر أو شاهده الناس تنكر عليه إذا سكت معناه أنك أقريت الباطل فإذا كنا في مجلس ظهر فيه شرب الخمر تنكره إن استطعت وكذلك ظهر فيه منكر آخر من الغيبة تقول يا إخواني ترى ما تجوز الغيبة أو ما أشبهه من المعاصي الظاهرة إذا كان عندك علم تنكرها لان هذا منكر ظاهر لا تسكت عليه من باب إظهار الحق والدعوة إلية.


الإصلاح: هل يجب على العلماء والدعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجال السياسي وما الضابط لذلك؟
ابن باز: الدعوة الى الله مطلقة في كل مكان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كذلك لكن مثل ما تقدم بالحكمة والأسلوب الحسن والكلام الطيب لا بالعنف والشدة.. يدعوا الى الله في المجالس النيابية.. يدعوا الى الله في المساجد.. يدعوا الى الله في المجتمعات.. العارضة بينه وبين إخوانه يدعوا الى الله ويعلم الناس الخير إذا كان عنده علم.. إذا كان عنده بصيرة لكن بالأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة والسب ولا التعيير بل يكون بالكلام الطيب.
يا عبد الله هذا لا يجوز هداك الله وفقك الله يا إخواني هذا لا يجوز، قال الله فيه كذا وقال الرسول فيه كذا. مثل ما قال الله جل وعلا \" أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة – وجادلهم بالتي هي أحسن\" هذا سبيل الله هذا توجيه ربنا عز وجل ويقول سبحانه :\" فبما رحمة منا لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك\" ولا يغير بيده إلا ما يستطيع مثلاً يغير على زوجته على أولاده إذا استطاع ذلك مثل موظف له صلاحية في الهيئة أو في غير الهيئة، أما ما ليس له فيه صلاحية يرفعه الى ولاة الأمور يطلب منهم إنكار المنكر بالأسلوب الحسن.


الإصلاح: هناك إشكال في أذهان البعض وهو كيف نوفق بين طاعة ولي الأمر المسلم وفي الوقت نفسه ندعو إلى الله ونأمر بالمعروف وننهي عن المنكر باعتبار هذه الواجبات الشرعية إذا كان الوالي لا يسمح بذلك؟
ابن باز: الإنسان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حسب طاقته ويدعو لولي الأمر بالتوفيق والهداية وإصلاح النية والعمل لأن الله جل وعلا أمر بذلك قال:\" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر \" إذا كان عنده علم وعنده بصيرة يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر في الأماكن التي يستطيعها والأوقات التي يستطيعها لكن يكون عنده علم عنده بصيرة مع الدعاة لولاة الأمور بالتوفيق و الهداية وصلاح النية والعمل وأن الله يعينهم على تنفيذ أمره وترك ما نهى عنه ويسأل الله لهم البطانة الصالحة التي تعينهم على الخير وهو في نفسه يفعل ما يستطيع من دعوة الى الله وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر حسب طاقته\" فاتقوا الله ما استطعتم\" \"لا يكلف الله نفس إلا وسعها\"


الإصلاح: هل الدعوة السرية مشروعة عند الحاجة إليها وما هي الضوابط لها حينئذٍ؟
ابن باز: إذا كان يخشى على نفسه في بلد لا يسمح له بذلك يدعو إلى الله سراً حتى لا يضر نفسه وحتى لا يضر الدعوة أيضاً إذا كان ممنوعاً يدعو الى الله سراً في المجالس التي يرى أنها مناسبة الدعوة فيها إذا كان عنده علم وبصيرة \" قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة\" لابد يتهم نفسه يتأكد أنه عنده علم قال الله قال رسوله فيدعوا الى الله سراً مع إخوانه من الجهات التي يجتمع بهم في بيوتهم في اجتماعاتهم الخاصة أداء لما أوجب الله من التبليغ، الله جل وعلا أمر بالدعوة إليه سبحانه وتعالى وأكد ذلك في كتابه العظيم وهكذا رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى ينشر الحق حتى يعلم الناس الحق حتى يهتدوا إليه فإذا سكت العالم وسكت العالم الآخر فمن يدل الناس ومن يرشدهم الى الحق والهدى.


الإصلاح: بعض التيارات الإسلامية تسخر من كتب الفقه وتنال من الفقهاء وتنفر منهم فما الموقف من هؤلاء؟
ابن باز: الواجب على الداعي أن يتقي الله وأن يراقب الله فلا يسخر بكتب الفقهاء ولا يستهزئ بها ولا ينفر منها ولكن ينفر من التعصب والتقليد الأعمى ويحث الناس على العلم بالأدلة الشرعية وأن يحذروا التقليد الأعمى والتعصب. وكتب الفقه مختلفة متنوعة فيها الكتب التي تذكر الدليل وكلام العلماء ومنها الكتب التي لا تعتني بذلك فطالب العلم يبحث عن الكتب التي تعتني بالدليل تذكر الأدلة تذكر الإجماع والخلاف حتى ينتفع بها المؤمن ويحذر من التعصب والتقليد الأعمى هكذا ينبغي. أما السخرية فلا محل لها . لكن يرشد الناس الى أن الواجب العناية بالأدلة الشرعية والحذر من التعصب والتقليد الأعمى الذي حذر الله منه ورسول


الإصلاح: البعض حفظكم الله يزعم أن اتباع المذاهب الأربعة من أهل البدع فما رأي سماحتكم في ذلك؟
ابن باز: هذا باطل هذا الكلام على إجماله باطل ما يجوز هذا الكلام. الأصل في المذاهب الأربعة الخير والهدى والصلاح لأنهم دعاة. علماء أربعة أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد دعاة خير، علماء معروفون لكن الذنب يكون لمن تعصب لهم وقلدهم التقليد الأعمى فهم يخطئون ويصيبون كل واحد يخطئ ويصيب كل واحد له مسائل أخطأ فيها فالواجب على أتباعهم أن يتقوا الله وأن لا يتعصبوا وأن يأخذوا الحق بدليله فإذا أخطأ العالم الفلاني أو العالم الفلاني فلا يؤخذ بخطئه لأنه إمامهم الذي ينتسبون إليه. لا، الحق فوق ذلك فوق الجميع فالواجب على أتباع أبي حنيفة وأتباع مالك وأتباع الشافعي واتباع أحمد وعلى غيرهم من أهل العلم أن يأخذوا الحق بدليله وأن لا يتعصبوا لزيد ولا عمرو ويجب عدم التعصب ويحرم التعصب فليس للحنفي أن يتعصب للحنفية وليس للشافعي أن يتعصب للشافعية وهكذا المالكي وهكذا الحنبلي الحق فوق الجميع الواجب على أتباع هذه المذاهب أن يتقوا الله وأن يأخذوا الحق بدليله وأن يجتهدوا في ذلك حتى تكون الحجة هي المقدم والدليل هو المقدم فإذا وافق الدليل ما قاله الأحناف أخذ بقول الأحناف وإذا كان الدليل مع الحنبلية أخذ بقولهم في أي مسألة وهكذا مع المالكية والشافعية مثال لذلك : الجد مع الاخوة. المعروف عند الشافعية والمالكية والحنبلية توريث الاخوة والجد والمعروف عند الحنفية إسقاط الاخوة بالجد فنحن نقول قول الحنفية هذا أصلح وأن الجد أب يسقط الاخوة من أجل الدليل لا من أجل أنه قول الحنفية بل من أجل الدليل وهكذا القول بأن مس المرأة ينقض الوضوء والمعروف عند الشافعي أنه ينقض الموضوع مطلقاً وقال آخرون كالحنابلة أنه ينقض المس بالشهوة والصواب أنه لا ينقض مس المرأة لا ينقض مس المرأة بشهوة ولا بغير شهوة وإنما ينقض الوضوء الحدث المعروف فساء أو ضراطاً أو بول أو غائط أو مس الفرج باليد أو النوم... النواقض المعروفة أما قوله تعالى \" أو لا مستم النساء\" فالمراد به الجماع لامستم أي جامعتم هذا هو الحق من معنى الآية هذه أمثلة لبيان الصواب فلا يجوز التعصب بغير دليل لأي مذهب من المذاهب الأربعة ولا غيرها كالظاهرية ولا غيرها. الواجب الأخذ بالدليل وتحكيم الدليل فإذا كان الحق مع الحنفية أو مع الظاهرية أخذ به و إذا كان مع الشافعية أخذ به إذا كان مع المالكية أخذ. المحكم هو الدليل فعلى المنتسبين لهذه المذاهب أن يتقوا الله وأن يعتنوا بالدليل وأن يحكموه حتى تكون الحجة هي المقدمة، والدليل هو المقدم وحتى يبتعد عن التعصب والتقليد الأعمى.


الإصلاح: هل هناك حفظكم الله فرق بين مصطلح السلفية ومصطلح أهل السنة والجماعة؟
ابن باز: لا أعرف في هذا شيئاً السلف هم أهل السنة والجماعة سلف الأمة هم أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان يقال لهم السلف لأنهم تقدموا على غيرهم ويقال لهم أهل السنة والجماعة لأنهم اجتمعوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما بين ذلك أهل العلم كأبي العباس ابن تيميه في الواسطية، وغيره من أهل العلم فالمقصود أن السلف إذا أطلق السلف الصالح هم الصحابة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وأتباعهم بإحسان وهؤلاء هم أهل السنة وهم الفرقة الناجية وهم الطائفة المنصورة المتمسكة بالقرآن والسنة إلى آخر الزمان والمخالفون لهم أقسام مثل ما ذكر أبو العباس بن تيميه في الحموية.
الإصلاح: يلاحظ أن كثيراً من الناس يسقطون الثقة بداعية أو عالم لخطأ وقع منه أو شائعة قيلت عنه دون التثبت أو مراعاة الجوانب الخيرة الكثيرة في حياته فما تعليق سماحتكم على ذلك؟
ابن باز: الواجب التثبت فإذا أخطأ العالم الداعية أو الداعي الى الله في مسألة ينبه عليها ولا يسقط حقه فيما أصاب فيه بل يجب الإنصاف والعدل وينبه على خطئه ويوضح له خطأه ويقبل منه الحق فيما أصاب فيه ولا ينبغي للعاقل أن يترك الحق إذا قال له الداعية أو العالم من أجل أنه أخطأ في مسألة. الحق مقدم على الجميع فإذا كان عنده حق وباطل يؤخذ الحق ويترك الباطل وإذا أخطأ في مسألة من المسائل ينبه ويقال له أخطأت في كذا والدليل يقتضي كذا وكذا ولا يغمط حقه بالكلية ولكن يشكر على ما أصاب فيه من الحق وينبه على خطئه في أي مسألة من المسائل مثل الأئمة الأربعة وغيرهم. كل واحد له أخطاء في مسائل.


الإصلاح: بعض تيارات الصحوة الإسلامية تتبنى تكفير الناس حكومات وشعوباً فما قول سماحتكم في الأمر الخطير؟
ابن باز: هذا لا يجوز. الإجمال لا يجوز. لابد أن يكون التكفير على حجة وبيان لابد من معرفة عقيدة المكفر وأعماله وأقواله حتى يبين أسباب كفره وقد كتب العلماء في كتبهم باباً سموه باب حكم المرتد يجب على طالب العلم وأهل العلم مراجعته والعناية به والتثبت في ذلك حتى تعرف نواقض الإسلام وحتى تعرف الأشياء التي ليست ناقضه و لا يجوز الإجمال والتعميم لأن هذا خطراً عظيماً فلا يكفر أحد إلا بذنب واضح اعتقده يقتضي كفره، أو قاله يقتضي كفره، أو عمله يقتضي كفره، أما الإجمال في الحكومات والأفراد أو أهل البلد الفلانية أو الناحية الفلانية هذا ما يقوله عاقل ، هذا ما يقوله إلا الجاهل، الإنسان لا يكفر إلا بذنبه والحكومات ما تكفر إلا بذنوبها المكفرة النواقض للإسلام. أما الإجمال والإطلاق هذا لا يجوز.


الإصلاح: كثرت والحمد لله الهيئات الإغاثية الإسلامية في العالم كهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في المملكة ولجنة مسلمي أفريقيا في الكويت وغيرها إلا إن البعض يشكك في هذه الهيئات وينال منها لبعض الأخطاء فما نصيحتكم لمن يشكك فيها وما توجيهكم للقائمين على هذه الهيئات؟
ابن باز: أما نصيحتي للقائمين على الهيئات نصيحتي لهم أن يعتنوا بذلك وأن يوصلوا الحق لأهله وأن يبتعدوا عن أسباب التهمة يبتعدون عن الأشياء التي يتهمون بأسبابها وعليهم أن يجتهدوا في قبض الصدقات ممن تبرع بها وإيصالها الى مستحقيها بالطرق الأمينة بواسطة الثقات وأن يجتهدوا في إظهار ذلك وإعلانه حتى يعلمه الناس وحتى تبتعد عنهم التهمة ونصيحتي لمن وجد عليهم خطأ أن يرشدهم الى خطأهم وينبههم يقول أخطأتم في كذا وبلغني كذا حتى ينتبهوا حتى ينتبهوا لهذا الشيء ولا يطلق الذم عليهم حتى لا يثبط الناس عن هذا الخير العظيم ولكن يرشدهم الى ما أخطأوا فيه وإن كان ما عنده تثبت يقول بلغني كذا فأرجوا التثبت في هذا الأمر أرجوا العناية بهذا الأمر حتى لا يكون عامل هدم وفساد. الواجب على كل من بلغه خطأ للهيئة أن يرشدها الى الحق إذا تحقق له ذلك وعلمه يقيناً يرشدها حتى تستقيم وإذا كان عنده شك يقول بلغني كذا فأرجو التحقق أرجو العناية بهذا الأمر حتى لا تتهموا به حتى تحصل الفائدة ويحصل الخير للجميع.


الإصلاح: البعض يتهم كتاب الدعوة بالتقصير في دعوة المرأة والمساهمة في إيقاف المد التغريبي بين النساء ما قول سماحتكم في ذلك وهل هنالك مشاريع دعوية مستقبلية خاصة بالمرأة؟
ابن باز: مكاتب الدعوة تعمل بما أوكل إليها من دعوة الناس وتنظيم المحاضرات والندوات في الجهات التي تتبعها والمحاضرات تشمل النساء والرجال يجتمعون في المساجد ليستمعوا الفوائد وأما تخصيص محاضرات للنساء فهذا محل نظر ومحل عناية نرجوا أن يتيسر البت فيه قريب بطرق مناسبة إن شاء الله. عن قريب بشيء مما يتعلق بوجود إدارات لدعوات النساء . ومحاضرات النساء تحتاج الى تأمل ونظر سوف يتم النظر في ذلك إن شاء الله لكن المحاضرات والندوات في المساجد تشمل هؤلاء وهؤلاء بأن يحضرها النساء في الغالب ويستفيدون.


الإصلاح: كيف ينبغي أن تكون العلاقة بين الدعاة الى الله وطلبة العلم مع اختلافهم في بعض وسائل الدعوة وبعض الأمور الاجتهادية؟
ابن باز: يجب أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يستفيد بعضهم من بعض حتى تكون المهمة واحدة فالعلماء والدعاة شيء واحد فالدعاة يستفيدون من العلماء والعلماء يستفيدون من الدعاة كل واحد يستفيد من الآخر .هذا يستفيد من الدعوة وأسلوب و الداعية يستفيد من العالم فيما جهل فيه والدعاة أصلهم من العلماء. ما هنا دعاة إلا من العلماء وإن تفاوت الناس لكن على العلماء الذين يعتنون بالتعليم وحلقات العلم وعلى الدعاة الذين يتجولون للدعوة ويعتنون بالدعوة عليهم أن يتعاونوا فيما بينهم وكل واحد يكمل الآخر ويتمم الآخر بالتوجيه والإرشاد والنصيحة فبما بينهم فالداعية يستفيد من العالم ، والعالم يستفيد من الداعية فيما يجهله من أسلوب الدعوة والداعي يستفيد من العالم فيما قد يجهل من الأحكام. المقصود أن الواجب التعاون بينهم على البر و التقوى وعلى إيضاح الحق والدعوة إليه.


الإصلاح: إذا أدى اجتهاد طالب العلم إلى مخالفته لبعض من أهل العلم منه وأفضل فما الحكم في حقه حينئذٍ؟
ابن باز: العلم ليس مقصوراً على زيد أو عمرو. عليه أن يعمل بما اتضح له وإن كان خالف من فوقه. فكثير من اتباع أحمد والشافعي ومالك خالفوا أئمتهم في مسائل معروفة فهو مكلف بما يظهر له من الدليل وليس له أن يترك الحق من أجل قول شيخه أو إمام مذهبه، هذا حرام عليه وهذا تعصب أعمى متى ظهر له الحق بالدليل وجب عليه الأخذ به وإن خالف من هو أكبر منه من العلماء والمشايخ.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

لقاءات الشبكة

  • لقاءات عبر الشبكة
  • لقاءات عبر المجلات
  • الصفحة الرئيسية