اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/mktarat/alzawaj/16.htm?print_it=1

الترغيب في النكاح وذكر مصالحه

عبدالله بن إبراهيم القرعاوي

 
الخطبة الأولى :
الحمد لله له الأسماء الحسنى، والصفات العلى. أحمده سبحانه خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهرا ً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد ... معشر المسلمين إن الزواج أو النكاح عقد بأركان وشروط، يحل للزوج الاستمتاع بزوجته وحكم النكاح مشروع، بقول الله تعالى : {وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم} والأيامى جمع أيّم، وهو من لا زوج له من رجل أو امرأة. ومعنى الآية –والله تعالى أعلم- زوجوا أيها المؤمنون من أحرار رجالكم، ونسائكم، والصالحين من عبادكم وإمائكم.

عباد الله .. ومن لم يستطع النكاح فيجب على والده ثم قريبه أن يزوجه إذا كان يقدر على ذلك.

معشر المسلمين .. النكاح واجب على من قدر على مؤنته، وخاف على نفسه من الوقوع في الحرام. ومسنون لمن قدر عليه ولم يخف العنت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم :"يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".

معشر الشباب.. في النكاح مصالح دينية، ومصالح دنيوية.
فالأول : من ذلك أنه وقاية للدين من غائلة الشهوة، ليغض المسلم بصره ويحفظ فرجه لقوله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم : "فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج".
الثاني : في النكاح التسبب بالتوصل إلى الولد، وذلك قربة وطاعة لله تعال، وتكثير للمؤمنين بالله. لما روى أبو داود، والنسائي عن معقل بن يسار –رضي الله عنه- قال : جاء رجل إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقال : إني أصبت امرأة ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها ؟ قال : "لا". ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة فقال : "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم".
الثالث : في النكاح الطمع في دعاء الولد الصالح في الحياة وبعد الممات؛ لقوله –صلى الله عليه وسلم- : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة : صدقة جارية، أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له".
الرابع : في النكاح خير متاع الدنيا، وحتى يتفرغ الرجل للعلم والتعليم والعمل. لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" مسلم.
وروى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خيراً له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله" ولأحمد نحوه.
الخامس : النكاح سبب من أسباب الغنى ورفع الفقر والحاجة. قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- عجبت لمن ابتغى الغنى بغير النكاح والله عز وجل يقول : {إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله}.
وقال الصديق أبو بكر رضي الله عنه : "أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى".
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ثلاثة حق على الله عونهم –وذكر منهم- الناكح الذي يريد العفاف".
ففي هذا قطع لحجة الأولياء الذين يرفضون تزويج الفقير خشية أن يزيده النكاح بؤساً إلى بؤسه، وهذه النظرة المادية يكذبها الواقع أيضاً فكم من فقير أصبح بعد زواجه موفور النعمة، قرير العين.
وروى مسلم وأحمد –واللفظ لأحمد- عن أنس، قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم على جُليبيب امرأة من الأنصار إلى أبيها، فقال : حتى استأمر أمها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "فنعم إذاً"، فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك بها فقالت : لاها الله. وعند أبي يعلى : لا لعمر الله لا تزوجه إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيباً، وقد منعناها من فلان وفلان. قال والجارية في سترها تستمع. قال : فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقالت الجارية : أتريدون أن تردوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره إن كان قد رضيه لكم فانكحوه فكأنها جلت عن أبويها (أي كشفت وأوضحت أمراً خفي عليهما)، وقالا : صدقت، فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن كنت قد رضيته فقد رضينا قال : فإني قد رضيته فزوجها. ثم فزع أهل المدينة فركب جليبيب، فوجدوه قد قتل، وحوله ناس من المشركين قد قتلهم.
وعن مسلم : "فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوقف ثم قال : "قتل سبعة ثم قتلوه هذا مني، وأنا منه هذا مني وأنا منه" ، قال فوضعه على ساعديه ليس له سرير إلا ساعدا النبي صلى الله عليه وسلم قال فحُفر له، ووضع في قبره، ولم يذكر غسلاً" قال أنس : فلقد رأيتها، وإنها لمن أنفق بيت في المدينة.
وحدث اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثابتاً : قال هل تعلم مادعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : "اللهم صب عليها الخير صباً، و لاتجعل عيشها كدّاً كدّاً ". قال : فما كان في الأنصار أيم أنفق منها.
السادس : من ذلك أن النكاح من سنن المرسلين عن الحسن، عن سعد ابن هشام. أنه قال لعائشة رضي الله عنها إني أريد أن أسألك عن التبتل فما ترين فيه ؟ قالت : فلا تفعل، أما سمعت الله عز وجل يقول : {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية} فلا تبتل.
وروى البخاري عن سعيد بن جبير قال : قال لي ابن عباس رضي الله عنه هل تزوجت ؟ قلت : لا، قال : تزوج فإن خير هذه الأمة كان أكثرهم نساءً، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فاتقوا الله عباد الله وكونوا من أولي الألباب الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه والذين أثنى عليهم في محكم كتابه إذ يقول : {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب}
بارك الله ولي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ... أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين.

الخطبة الثانية :
الحمد لله الحكيم في شرعه، العليم بمصالح عباده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. لا يكمل الإيمان إلا بمحبته والاهتداء بهديه. اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.

أما بعد .. معشر المسلمين .. حتى لا تكون الكبرياء حائلاً دون النكاح وباعثاً قوياً على شيوع الفواحش حينما يعجز الشباب عن أداء المهور، وتعجز البنات عن التبعات الثقيلة للجهاز فتندثر مقاصد النكاح وتبقى أوهام المظاهر الكاذبة.

عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها " رواه أحمد والحاكم وصححه وأقره الذهبي.

عباد الله : وقد كثر في هذا العصر عند بعض الناس ابتداع المغالاة في المهور والمغالاة في الجهاز. وهذا لا يساعد على النكاح فكيف بالفضول من مظاهر البذخ والإسراف التي أثقلت كاهل الغني فضلاً عن الفقير بل لقد جارى الفقراء فيها الأغنياء نزولاً على التقاليد فركبهم الدين. والدين ذل في النهار، وهم في الليل. وهيهات أن يسعد الذليل بعيشه، أو ينعم المهموم لذيذ الأحلام.

إن كل مازاد على النفقة المشروعة في النكاح فهو مما لايقره الشرع، ولا يجوز فعله.

إخوتي في الله .. لقد ظهرت نتيجة هذه المغالاة، وهذا الإسراف وهي إما إضراب الشباب عن النكاح، وإما خروج المرأة من سترها الذي ضربه الله عليها إلى العمل لتستطيع الإسهام في تحقيق أوهام النفوس التي لا تمت إلى مقاصد النكاح بصلة من الصلات فكان الفساد الكبير.

إخوتي في الله ..وفي رسول الله صلى عليه وسلم لنا أسوة حسنة فقد زوج ابنته فاطمة رضي الله عنها رضي الله عنها من علي بن أبي طالب وهما من هما جلالة قدر ورفعة منصب في الدنيا والآخرة ولما لم يكن عليٌ غنيا فقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع لها مهراً هو درعه الحُطَمية وكان عمر ينهى عن المغالاة في المهور. ويقول : ما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم و لازوج بناته بأكثر من أربعمائة درهم وعلى هذا درج السلف من فضلاء الأمة علماً وأدباً وسلوكا، فقد زوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين ومازال المهر عندهم رمزاً لقوامة الرجل على المرأة لا مباهاة وفخراً تندثر عنده مقاصد النكاح.

عباد الله .. إن الله وملائكته يصلون على النبي ... الخ.
 

المصدر موقع السلفيون
 

البيت السعيد

  • قبل الزواج
  • البيت السعيد
  • لكل مشكلة حل
  • أفكار دعوية
  • أفراح بلا منكرات
  • منوعات
  • تربية الأبناء
  • دعوة الأسرة
  • الصفحة الرئيسية