اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/mktarat/flasteen/100.htm?print_it=1

حماس .. معادلة المقاومة والحكم

د. علي بن عمر بادحدح


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم ، أما بعد :
فإن الحديث عن فلسطين اليوم لا يمكن أن ينفك بحال من الأحوال عن الحديث عن حركة حماس حيث أنها الحركة التي تقود الحكومة الآن وتمثل الأغلبية في المجلس التشريعي، ومن المعلوم أن لحماس صورة ذهنية مرتبطة بالمقاومة للمحتل وعدم الاعتراف به، ولها إرثها القديم في العمل على حماية الحقوق التاريخية والشرعية لفلسطين، والمحافظة على الثوابت والمكتسبات للقضية الفلسطينية، إضافة إلى الحرص على خدمة الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، والجدل قائم الآن – فكرياً وعملياً - حول معادلة المقاومة والحكم، فهناك من يرى الحكم بمتطلباته السياسية عربياً ودولياً نقيض للمقاومة ولا يمكن الجمع بينهما، وهناك من يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك فيرى أن الحركة بدأت بالتخلي عن المقاومة، وأخذت تنـزلق في مستنقع المداهنة السياسية بما فيها من تضييع للثوابت وابتعاد عن المقاومة، ولعل حسم الجدل يكون من قراءة الخطاب السياسي، ومتابع الأداء العملي للحركة، وهذه خلاصة عن حماس ومواقفها في القضية الفلسطينية، وهي مستخلصة من أحاديث وتصريحات القادة، إضافة إلى المواقف المتعددة إزاء الأحداث المتجددة.

* ثوابت القضية الفلسطينية :
أولاً : فلسطين هي أرض وقف إسلامي وملك لأجيال المسلمين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهي ليست لأهل فلسطين فقط بل لكل أبناء الأمة ، ومن هنا فإنه لا يجوز تحت أي ظرف من الظروف، ولا لأي معطى من المعطيات التنازل عن شبر واحد من أرض فلسطين المباركة ، وهذا شيء ثابت عند حماس ، على أساسه انطلقت، وبه خاضت مشروع المقاومة، وشاركت في الانتخابات وهي في الحكومة أيضاً ملتزمة بهذا المفهوم ، وعليه – كما يقول هنية - :" لن يكون من قبلنا اعتراف بالكيان الصهيوني في أي لحظة وتحت أي ظرف من الظروف، هذا شيء ثابت وهو عهد قطعناه على أنفسنا أمام الله ثم أمام شعبنا ثم أمام أمتنا ثم أمام الشهداء والأسرى والجرحى واللاجئين المشردين في المنافي منذ أكثر من ستة عقود من الزمان" .
ثانياً : المقاومة والجهاد هي الطريق الأنجع والأسلم والأقصر لتحرير فلسطين المباركة، آمنت الحركة بهذه الإستراتيجية وثبتتها في محطات الجهاد ضد الاحتلال في الكيان الصهيوني منذ أن انطلقت الانتفاضة الأولى، وبعدها انتفاضة الأقصى، وإلى هذه اللحظة على قاعدة أن مسيرة التفاوض مع العدو هي مسيرة فاشلة ، وأن السنوات التي مضت على هذه المنهجية لم تحقق للشعب الفلسطيني ما يصبوا إليه، وهذه المفاوضات استخدمها الصهاينة كغطاء لتكريس الاستيطان وتطبيع العلاقات مع بعض الدول لالتهام الأرض وتهويد القدس ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى المبارك، وكل ذلك تحت مظلة أن هناك مفاوضات واتفاقات ومعاهدات ، ويؤكد هنية ذلك قائلاً:"لذلك نحن نؤكد بأننا ملتزمون باستراتيجيه المقاومة، وعلى أساسها تتحرك أدواتنا على الأرض سواء ً في الفعل المجاهد المباشر، أو من خلال مواقفنا السياسية، حتى في أثناء وجودنا في هذه الحكومة ، فنحن في الحكومة نشكل الشرعية السياسية للمقاومة ونؤكد على حق الشعب الفلسطيني في استمرار هذه المقاومة ، وأن العمل السياسي والمقاومة خطان متوازيان يسير الواحد إلى جانب الآخر " .
ثالثاً : قضية فلسطين ذات عمق عربي وإسلامي وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وقد تعرضت لمؤامرة كبيرة منذ بداية القرن الماضي فقد كانت قضية إسلامية، ثم أصبحت عربية، ثم أصبحت قضية فلسطينية، ثم ضيق عليها أكثر فقيل إنها تخص الفلسطينيين الذين يعيشون داخل فلسطين المحتلة، وكأن الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات لا علاقة لهم بهذه القضية ، واليوم تريد حماس أن تعيد القضية إلى دوائرها الواسعة الرحبة ، وعمقها الاستراتيجي وبالتالي فهي قضية فلسطينية عربية إسلامية فضلاً عن أنها قضية إنسانية ، ويوضح هنية ذلك بقوله:"باختصار فلسطين هي هم كل مسلم حر أبي أينما وجد ، وهذه القضية تسكن قلبه لأن فيها المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم" .
رابعاً : الصراع مع العدو الصهيوني ليس صراع حدود بل هو أعمق من ذلك وأبعد، إنه صراع عقدي حضاري لأنه يستهدف الأرض والإنسان والعقيدة .فليست المشكلة مع العدو الأرض المحتلة في 67 م لإقامة دولة عليها، بل المسألة أكبر من ذلك بكثير فالعدو يستهدف الإنسان بالقتل والتشريد، ويستهدف العقيدة عن طريق هدم المساجد وتحويلها إلى خمارات ومنتديات، ويعمل على إلغاء الهوية الإسلامية عن أرض فلسطين .

* أبعاد المعركة التي تتعرض لها الحكومة :

توضح حماس أن الحكومة تتعرض لحصار ظالم تشارك فيه قوى الداخل والخارج يتمثل في الأبعاد التالية :
البعد الأول : حصار اقتصادي مالي ، وهذا الحصار يتمثل في الآتي :
1 – الوقوف في وجه كل من يريد أن يوصل أموال للحكومة الفلسطينية أو الشعب الفلسطيني سواء كان ذلك عن طريق دول أو بنوك و مصارف أو مؤسسات خيرية وإنسانية. .
2 -عدم اعتماد الأرقام الحسابية للحكومة بشكل مباشر بحيث تتعامل فيه مع المؤسسات الاقتصادية أو المالية حتى أموال الجامعة العربية لم تسمح أمريكا بإدخالها على حسابات الحكومة .
3 -تجميد مبلغ يصل إلى 650 مليون دولار من مستحقات للشعب الفلسطيني من الضرائب حسب اتفاقيات سابقة وقعتها الحكومة السابقة مع العدو الصهيوني .
3 – تعطل حركة الاستيراد والتصدير وتوقف الأعمال .
4 – تفشي البطالة ووجود قرابة 100.000 عامل فلسطيني عاطلين عن العمل، وكذلك 3000 صياد في قطاع غزة منعوا من ركوب البحر لمدة ستة أشهر ، وكل صياد يدخل البحر يطلق عليه النار .

البعد الثاني : حصار سياسي وإعلامي وهذا الحصار يتمثل في الآتي :
1 -محاولة عزل الحكومة سياسياً وعدم السماح لها بالتواصل مع محيطها الإقليمي والدولي .
2 -الرئيس أبو مازن لم يجتمع مع الحكومة منذ أن شكلت مطلقاً ، ولم يصطحب معه أي وزير في أي زيارة ،ولم يستضف أي وزير إلى رام الله لاستقبال ضيف قادم إلى فلسطين .
3 -هناك مؤتمرات تعقد في المنطقة وتناقش قضية فلسطين ولا توجه فيها الدعوة للحكومة الفلسطينية لحضور هذه المؤتمرات .
4 -هناك بعض المؤتمرات يمثل الحكومة الفلسطينية فيها فلسطينيون لا علاقة لهم بالحكومة ، ويتكلمون باسم الحكومة والحكومة لا تعلم، وهؤلاء يُبعثون من مكتب الرئاسة .
5 -التلفزيون الفلسطيني الذي يفترض أن يكون تابعاً للحكومة الفلسطينية لايعبر عنها، ولا يكترث بمتابعة أخبارها وإظهار أعمالها، لدرجة أن الجولة العربية التي قام بها رئيس الوزراء لم يغطي أي جزء منها بينما الفضائيات غير الفلسطينية - وربما إعلام العدو - كان يهتم بمتابعة هذه الجولة .

البعد الثالث : حصار أمني عسكري وهذا الحصار يتمثل في الآتي :
1 - ارتفاع عدد الشهداء والقتلى فمنذ شهر يونيو الماضي وحتى الآن استشهد أكثر من 500 شهيد فلسطيني عدا مئات الجرحى والمعوقين وارتكاب المجازر ضد عائلات بأكملها .
2 – هدم البيوت وتجريف الأراضي والاعتقالات والاختطافات لكوادر الحكومة والحركة .
3 - عمليات الاغتيال المركزة ضد قيادات وكوادر الحكومة والحركة خصوصاً والمقاومة عموماً، وذلك بالتزامن مع سياسة أكثر عنفاً في الضفة الغربية حيث الحواجز والاجتياحات المتكررة والاعتقالات والاغتيالات .
4 - إشاعة الفوضى والفلتان الأمني من بعض الانقلابيين والمخربين المحسوبين على حركة فتح بقيادة دحلان وبدعم صهيوني أمريكي وصمت عربي .
5 – هناك تعاون وخطة بين عناصر قيادية من فتح والموساد الإسرائيلي لضرب الحركة الإسلامية تمثل ذلك في الدعم المادي والعسكري الذي تقدمه أمريكا ودولة العدو لهم .
وبصراحة تامة وجرأة نادرة يعلن هنية أهداف الحصار قائلاً:"وهذه الحملة الإرهابية لم تتوقف حتى هذه اللحظة والهدف منها : دفع الحكومة الفلسطينية إلى تقديم تنازلات سياسية والاستجابة لما يسمى بشروط الرباعية وهي : الاعتراف بإسرائيل، ونبذ المقاومة، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع العدو، ورغم كل هذه الحرب إلا أننا نستطيع أن نقول أننا لن نعترف بإسرائيل، وسنستمر في المقاومة، ولن نعلن الالتزام باتفاقيات ظالمة أياً كان الموقف، وهذا الموضوع انعقد عليه الإجماع في الحركة والحكومة ، خاصة فيما يتعلق بالعدو الصهيوني".

* من إنجازات الحكومة خلال فترة حكمها :
بالرغم من أن الفترة التي قضتها حماس في السلطة لا تتجاوز بالكاد أتمت عاماً كاملاً، إلا أنها تميزت بعظم المنجزات وكثرة ووفرة النجاحات ويمكن إجمالها في الآتي :
1 – عدم المساومة على الثوابت والمبادئ والتمسك بالحقوق الفلسطينية ( الأرض ، القدس ، اللاجئون ) .
2 – قيادة المقاومة وحمايتها وإعطاء الصبغة الشرعية لها مادام الاحتلال قائماً.
3 – تصويب الخطاب والممارسة في الساحة السياسية الفلسطينية،كما قال د. موسى أبو مرزوق : "إنّ قضية فلسطين الآن تمر في مرحلة (تصحيح تاريخي) "، ويقول الزهار: " اليوم الحكومة تنهي شهرها العاشر، وهي في أشد حالات المواجهة ليس فقط مع العدو الصهيوني، ولكن مع العالم الذي تقوده أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني، ومن أجل ذلك نقول إن ما حققته الحكومة في الأشهر العشرة الأخيرة لم يتحقق على مستوى السنوات العشرة الماضية " .
4 – توجيه الاقتصاد الفلسطيني بحيث يعتمد على موارده الذاتية والمصادر العربية لوقف ارتهان الحكومة لضغوط تل أبيب .
5 - ضمان التوزيع العادل للمساعدات والمنح الدولية والعربية، وإنهاء الوساطات والمحسوبيات والرشاوى والإتاوات التي كان يذهب إليها جزء ليس بالقليل من هذه المساعدات تحت بنود فساد كثيرة، ويكفي أن المدعي العام رفع دعاوى على رجالات الحكومة السابقة متهماً إياهم بسرقة 700 مليون دولار.

هذا رغم أن حكومة حماس تحمل أوزار من سبقها ( نخبة أوسلو ومناصريها )، وأبرز ما تتمثل به هو:
1 – اعتمادهم على مانحين دوليين لهم أجندتهم الخاصة والتي لا تتفق وأهداف الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية أو القانونية بل إن كثيراً من هؤلاء من هو منحاز للجانب الصهيوني .
2 – وجود نخبة داخلية فلسطينية متواطئة مع أهداف العدو ومشغولة بحيازة مكتسباتها الذاتية على حساب القضية الفلسطينية.

* وسائل حماس لكسب الشارع الفلسطيني :
اكتسبت حماس خلال مسيرتها الطويلة المصداقية والقبول لدى الشارع الفلسطيني وتمثل ذلك جلياً في إقبال الناس على برامجها ومؤسساتها،ووصلت ذروتها بفوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، واستمر مسلسل الانتصارات في الانتخابات المهنية والنقابية، ورغم كل الظروف الصعبة والأوضاع الاقتصادية الخانقة فإن رصيد حماس في الشارع الفلسطيني محتفظ بثقله، بل إنه ينمو ويزداد، ويرجع ذلك إلى أسباب منها:
1- الأصالة والثبات على المبادئ، وعدم التنازل، والوفاء لبرنامج المقاومة الذي تقدمت به في الانتخابات التشريعية، ومنحها الشعب الثقة والأصوات على أساسه.
2- نظافة المسئولين وعدم تورطهم في الفساد المالي، والإثراء غير المشروع، وبقائهم على أحوالهم المعيشية قبل الحكومة
3- ارتباطهم بالشعب، والشعور القريب بمعاناته، والقرب منه.
4-تعرض قياداتهم - وهم نواب وفي مناصب وزارية – إلى الاعتقال والسجن، وهو ما لم يحدث للوزراء والبرلمانيون في الحكومات السابقة.

و أما وسائل حماس في كسب الشارع فيمكن إيجازها فيما يلي:
1 – الاهتمام بالجمعيات الخيرية والاجتماعية لتلمس حاجات الناس والعمل على حل مشكلاتهم وتدريب أبناء الحركة على ذلك
2 – العمل على إحياء رسالة المساجد و تفعيل دورها كمنطلق للعمل الدعوي، وهنا نرى حماس حركة إيمانية تربوية، المسجد حصنها الحصين، وحلقات تحفيظ القرآن الكريم زادها العظيم، ودروس العلم والمحاضرات نشاطها الدائم.
3 – الاهتمام بالعمل النسائي وفتح المؤسسات الخاصة به، والاهتمام بأبناء الشهداء كفالة وتربية وتعليماً.
4 – الاهتمام بشريحة الشباب والطلاب في مختلف المراحل الدراسية، وإقامة البرامج والأنشطة الدعوية والإيمانية الخاصة بهم .
5 – الاتصال بالأحرار والشرفاء من كل الفصائل وتكوين علاقات قوية معهم للاتفاق على القواسم المشتركة من حماية الوحدة الوطنية وحرمة الدم الفلسطيني .
6 – المرونة والتكيف مع الأوضاع في الداخل والتعامل مع المشكلات بعقلانية وواقعية.

*الصراع مع فتح أسبابه وأبعاده:
رغم أن الاقتتال الداخلي بين أبناء فلسطين يعتبر خطاً أحمر كما تعلن جميع الفصائل إلا أنه وقع بالفعل، وإن كانت أحداثه لم تتطوَّر إلى حرب أهلية،وكلما ازدادت وتيرة الاقتتال جاء تدخل القيادات من جميع الأطراف لتكبح جماحه، وتطوّق آثاره، وفي الآونة الأخيرة بلغت المواجهات بين فتح وحماس حداً لم يبلغ مثله سابقاً، وملابسات ذلك يمكن إيجازها فيما يأتي:
1- تفاجأت حركة فتح بحجم الانتصار الذي حققته حماس في الانتخابات التشريعية، وقبلها في الانتخابات البلدية، وكانت النتيجة هزيمة قاسية لفتح ذات التاريخ الطويل والإمكانيات الكبيرة والعلاقات الواسعة والقيادات المشهورة، وأحدثت صدمة لم تستوعبها قيادات فتح بل لم تقبلها.
2- رفضت فتح المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية التي كلّف بتشكيلها الأستاذ إسماعيل هنية، رغم حرص حماس على مشاركة فتح، وكانت فتح تريد أن تحرج حماس وتجعلها تتحمل المسئولية وحدها، وهي تقدر أن الحكومة لن تستمر وستسقط خلال أشهر.
3- كانت فتح تراهن على سقوط الحكومة وأخذت ببعض الأسباب في هذا الصدد، حيث أخلت الخزينة من الأموال، بل وزادت الأعباء، وسلمت الوزارات وهي خاوية على عروشها.
4- لم تقم فتح بواجبها من خلال مؤسسة الرئاسة في مواجهة الحصار الاقتصادي رغم وجود أموال لديها، ووصول جميع الأموال الدولية إليها، وقد استغلت الوضع لتحميل حكومة حماس المسئولية عن العزلة السياسية والحصار الاقتصادي ووقفت موقف المتفرج، بل كانت تصب الزيت على النار.
5- عملت فتح على إفشال الحكومة أمنياً حيث أن الغالبية العظمى من قيادات وكوادر الأجهزة الأمنية من حركة فتح وهي لا تستجيب لأوامر وزير الداخلية، بل بعضها تفتعل الأزمات الأمنية، وكان بعض أفراد الأجهزة الأمنية يقومون بالمظاهرات بالزي الرسمي، ويحرضون على الحكومة، ومن هنا اضطر وزير الداخلية إلى تشكيل قوة أمنية من المقاومين من مختلف الفصائل واعترض عليها أبو مازن وكانت أزمة كبيرة انتهت بتشكيل ما عرف بالقوة التنفيذية.
6- عندما عملت حماس على فك الحصار الاقتصادي من خلال التبرعات الشعبية والرسمية وقفت فتح ضد ذلك واستخدمت حرس المعابر التابع لسلطة الرئاسة على منع دخول الأموال مع المسئولين الحكوميين من الوزراء والنواب وغيرهم.
7- عملت فتح بالضغط المستمر على حكومة حماس بشأن قبول المبادرة العربية والرباعية الدولية وأخيراً الاعتراف بالكيان الصهيوني، وفي هذا السياق جاءا وثيقة الأسرى واعتبار فتح أنها وثيقة لا بد من الموافقة عليها، بل صار الحديث عنها كأنها دستور، ومع ذلك استطاعت حماس من خلال القبول بالحوار إلى تعديل الوثيقة والوصول إلى ما عرف بوثيقة الوفاق الوطني وكان ذلك نجاحاً سياسياً لحماس زاد من احتقان فتح وتوترها، وانسحبت من المضي لاعتبار الوثيقة أساساً للوحدة الوطنية.
8- ازداد الأمر سوءاً بالنسبة لفتح عندما أحذ التعاطف الإنساني مع مأساة الفلسطينيين يأخذ بعداً رسمياً لدى الدول العربية، وذلك في الجانب الاقتصادي ثم في الجانب السياسي باستقبال رئيس الوزراء إسماعيل هنية في عدد من عواصم الدول العربية، وازدادت الضغوط الأمريكية، ووصلت ذروة انقياد قيادة فتح لتلك الضغوط وتنفيذ أجندتها المتعارضة مع مصالح الفلسطينيين عندما أعلن أبو مازن الدعوة إلى انتخابات مبكرة، وهو ما أعلنت حماس رفضه وعدم دستوريته، بل اعتبرته انقلاباً على الديمقراطية وخيار الشعب في انتخابات شهد العالم بنزاهتها÷ وقد أعلن عدد من قيادات الفصائل رفضهم لهذه الدعوة، ومنهم كوادر تاريخية من فتح مثل فاروق القدومي، واعتبرها كثيرون سبباً لإثارة الخلافات وشق الصف.
9- جميع ما سبق من استمرار الحكومة وتجاوزها لكثير من المحن جعل المنتفعين و المنقادين لأمريكا والعدو الصهيوني من حركة فتح يندفعون ويتجاوزون الخطوط الحمراء ويوترون الأوضاع ويمارسون سياسة القتل والاغتيال وتشير حماس بالاتهام المباشر لمحمد دحلان على وجه الخصوص، إضافة إلى التصريح بانتقاد مواقف الرئيس أبو مازن وتحميله مسئولية عدم التصدي لذلك بل دعمه لذلك من خلال تورط عناصر من حرس الرئاسة في القتل.
10- وأخيراً فإن الاستحقاقات الوطنية على فتح تجاه الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية كبيرة وكثيرة وفي مقدمتها إثبات ديموقراطيتها والقبول بمبدأ نداول السلطة سلمياً،وأكبر من ذلك ما تم الاتفاق عليه من إصلاح منظمة التحرير وإعادة هيكلتها، وكل ذلك يحقق مصالح فلسطينية تتعارض وتتناقض مع متطلبات أمريكا والعدو الصهيوني المحتل، ومن هنا اندفع التيار العميل المتنفذ في فتح إلى تصرفات دنيئة، وكانت هذه المواقف تزداد سوءاً وتتغير تحو الأسوأ مع كل زيارة أو اجتماع مع مسئول أمريكي أو صهيوني.

والشعب الفلسطيني في الداخل يُدرك هذه الحقائق والوقائع، ويعرف القيادات المنحرفة في فتح وما عرفت به من فساد مالي وعدواني، والظروف الصعبة من كل الجوانب تضغط على الشعب القلسطيني، ولذا فلا بد من قيام منظمة المؤتمر الإسلامي، وجامعة الدول العربية بواجبهما تجاه نصرة فلسطين ومساعدة الفلسطينيين، وكذلك الدول العربية الكبرى يجب أن تقوم بواجبها ولا ترضخ للضغوط التي تدفعهم إلى التخلي عن مسئوليتهم، بل تدفعهم إلى ممارسة الضغوط على الفلسطينيين بما يحقق مصلحة العدو.

ويجب على العلماء والدعاة ومؤسساتهم أن يعملوا على نصرة فلسطين - مادياً ومعنوياً - وأن يعملوا على كسر الحصار الاقتصادي، ويسهموا في الجهد التعريفي والإعلامي في بيان أبعاد القضية الفلسطينية، وأحوال الشعب الفلسطيني، وفضح مؤامرات الأعداء والتحذير منها، وعل كل مسلم أن يبذل ما يستطيع من النصرة المالية والسياسية لقضية المسلمين الأولى، مع دوام الدعاء لهم بالثبات والنصر والتمكين، والحمد لله رب العالمين.
 

فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل