صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







بيريز إذ يخاطب خادم الحرمين

د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان


بدعوة من خادم الحرمين الشريفين عقد مؤتمر حوار الأديان يوم الأربعاء 14/11/1429هـ الموافق 12/11/2008 م في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وشارك فيه جمع كبير من الزعماء والساسة والمفكرين، وكانت دعوة ذكية وموفقة من خادم الحرمين أطال الله في عمره على طاعته، وقد تحدثت عن أهمية هذا المؤتمر وثمراته في عدد من القنوات الفضائية, وما قصدت الحديث عنه الآن هو أنه كان من بين المشاركين في المؤتمر رئيس العدو الصهيوني شيمون بيريز، الذي انتهز فرصة وجوده في نفس القاعة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ليوجه له الحديث بشكل مباشر قائلاً: "صاحب الجلالة ملك السعودية.. كنت أنصت لرسالتكم. وأود أن يصبح صوتكم هو لصوت الغالب في المنطقة بأسرها ولكل الشعوب.. إنه صائب.. إنه مطلوب.. ملهم وواعد .. واستهلال جاد لإحراز تقدم حقيقي". وأضاف: "إن تصور المبادرة لمستقبل منطقتنا يعطي الأمل للشعوب ويبعث الثقة في الأمم".

وهكذا أصبح فرعون واعظاً، ورائد الظلم والإجرام داعية إنصاف وسلام!! 
إن بيريز بحاجة لمن يذكره بأنه ولد في بولندا عام 1923م وأن أباه تاجر أخشاب، أما أمه فكانت أمينة مكتبة ومعلمة للغة الروسية, وأنه هاجر مع عائلته إلى فلسطين أيام الانتداب البريطاني عام 1934م، وأن اسمه الأصلي شمعون پيرسكي (
שמעון פרסקי). فإن كان جاداً في طلب السلام فإن العرب على استعداد تام لتوفير ثمن تذكرة العودة له من حيث أتى هو وقومه.

وهو بحاجة لمن يذكره بأنه انضم إلى عصابات الهاغاناه عام 1943م، بل وأصبح في عام 1947م مسؤولاً عن مشتريات تلك العصابات، واستمر في هذا المنصب إلى ما بعد حرب 1948م التي انتهت باحتلال فلسطين، وتشريد أهلها، وسفك دمائهم، وانتهاك حرماتهم، واستلاب خيراتهم، وإعلان قيام الدولة الصهيونية القائمة على الظلم والعدوان, وكان من أبرز المجازر التي نفذتها الهاغاناه مجزرة قرية "دير ياسين"، التي تقشعر الجلود لمجرد سماع قصتها الدامية.

وهو بحاجة كذلك لمن يذكره بأنه من شغل منصب مدير عام وزارة الحرب طول الفترة من 1953- 1959 وهي الفترة التي شهدت العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة. وأما في الفترة من 1959 - 1965 فقد شغل بيريز منصب وزير الدفاع, وعاد لذات المنصب خلال الفترة من 1974 - 1977. وهو من برع في جمع السلاح اللازم لدولة العدو الحديثة، ونجح نجاحاً باهراً في الحصول على المقاتلة "ميراج 3"، وبناء المفاعل النووي الصهيوني (مفاعل ديمونة) من الحكومة الفرنسية. بل ونظم التعاون العسكري مع فرنسا الذي أدى إلى الهجوم على مصر في أكتوبر 1956 ضمن أزمة السويس. بيريز صانع السلام .. بيريز مهندس البرنامج النووي الصهيوني.

وبالرغم من هذا الملف العسكري والدموي الحافل بالجرائم والمجازر فقد اشتهر بقدرته على التفاوض ووصف بأنه صاحب النفس الطويل في تحقيق المصالح الصهيونية العليا بالطرق الدبلوماسية, وعندما أراد أن يقنع الناخب الصهيوني بأنه حازم وشديد وأن قدرته العسكرية لا تقل عن قدرته في التفاوض فقد قاد العدوان على لبنان عام 1996م و أطلق عليه اسم "عناقيد الغضب" قصف فيه مدن لبنان بما فيها العاصمة بيروت، وتمثلت الوحشية الصهيونية في أبشع صورها عندما قصفت تلك القوات الصهيونية ملجأ للأمم المتحدة بقانا في الجنوب اللبناني يؤوي مدنيين أكثرهم من الأطفال والنساء وكبار السن مما أسفر عن مقتل ما يزيد عن 106.

ما مضي هو شيء من حياة هذا المجرم الأثيم، والمؤسف أنه بالرغم من هذا التاريخ المليء بالإجرام والعدوان حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994 واقتسمها مع كل من ياسر عرفات ورئيس الوزراء الصهيوني آنذاك: إسحاق رابين.

لن ينسى خادم الحرمين تلك الأمور يا بيريز.. وهو من قال في كلمته بمؤتمر القمة العربية الطارئة في القاهرة عام 2000م: " لا أعتقد أن أيّا منا سينسى ما عاش صورة الرعب والفزع التي ارتسمت على محيا محمد الدرة قبل أن يفارق الحياة. ولا أظن أنني ما حييت سأنسى الأجساد الممزقة والعيون الجاحظة والأذرع والأضلاع المهشمة بفعل الرصاص المتفجر عندما رأيتها ممددة في مستشفيات المملكة".

أما القدس فلعلنا نكتفي كذلك بنقل ما قاله خادم الحرمين الشريفين في ذات الكلمة السابقة: "إن القدس الشرقية قضية عربية إسلامية غير قابلة للتنازل والمساومة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال التخلي عنها ونعتبرها جزءاً لا يتجزأ من الأراضي العربية المحتلة التي تسري عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإن المسؤولية في الحفاظ على القدس وتحرير الأراضي المحتلة تقع علينا جميعاً، وليس هناك من أمل للاضطلاع بهذا الدور ما لم نقف صفّاً واحداً ونتجاوز الخلافات، ونقف في وجه من يحاول أن يضعف تضامننا وينشر بذور الفتنة بيننا... إن الخيار أمامنا صعب ودقيق، ولكنه ليس خياراً بين استسلام مذل ومهين، وبين معركة تفرض علينا فرضاً دون أن يكون لنا أي إرادة في اختيار زمانها ومكانها، وحتى أسلحتها بل هو خيار الوقوف بإيمان بثبات وصمود متمسكين بمبادئنا وحقوقنا المشروعة وقبل ذلك بحول الله وقوته. إنه الخيار الذي يرفض الرضوخ لأي ضغوط سياسية كانت أو عسكرية، إنه خيار الاستقلالية في القول والاستقلالية في العمل".

إن خادم الحرمين وحكومته وشعبه، بل الشعوب العربية والإسلامية كلها لم ينسوا ذلك كله، ولن ينسوه.. وإن العرب قالوا: نعم للسلام.. لكنهم لم يقولوا: نعم للاستسلام.

لقد أعلنت المملكة أن الهدف من مؤتمر حوار الأديان هو تعزيز التعاون المثمر بين أتباع جميع الديانات، وجعل الأديان سبباً لإسعاد الناس وتعارفهم، بدلاً من إشقائهم وتأجيج الصراعات بينهم، وأن يتعاون الناس كلهم على إحقاق الحق وإقامة العدل، ونصرة المظلومين وردع الظالمين، وأكدت أن المبادرة ليست سياسية, وأن الصراع العربي "الإسرائيلي" صراع على الأرض والحقوق وليس صراعاً بين المسلمين واليهود، وأننا كنا سنتخذ نفس الموقف ضد من يحتل أرض فلسطين العربية بغض النظر عمن يكون.

إن خادم الحرمين لم ينس أن فلسطين محتلة.. وأن القدس تتعرض للتهويد.. وأن مسرى رسول الله مهدد بالهدم.. وأن غزة محاصرة.. وأنه أثناء ذرفكم لدموع التماسيح في مؤتمر حوار الأديان كانت طائراتكم تغير على غزة لتقتل وتدمر، وجرافاتكم تهدم البيوت في القدس وتصادر الأملاك، إن أفعالكم أبلغ من كل قول, إن جرائمكم أوضح من كل خدعة أو مؤامرة.

إننا لن ننسى قول الله تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}، وقوله عز وجل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ}، وقوله سبحانه: {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.

ونحن لن ننسى موعدنا معكم, ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود, فيقتلهم المسلمون, حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر, فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم, يا عبد الله, هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله, إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود".

المصدر : موقع رسالة الإسلام
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل