صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







الشيوعيين العرب وقضية فلسطين .. قبل النكبه وبعدها

د. سامي عطا الجيتاوي


بسم الله الرحمن الرحيم


تعتبر كارثة فلسطين من أكبر كوارث التاريخ بوجه عام ، والتاريخ العربي والاسلامي بوجه خاص لانها أفضع خطب حل بالعرب المسلمين في تاريخهم الحديث ، واعنف صدمة تلقوها منذ قرون وهذه الكارثة عميقة الجذور ...بعيدة الآثار ...دائمة الأخطار ...لذلك لابد من الاسراع في معالجتها ودفع أخطارها .
ولا يستطيع أحد أن ينكر أن أبناء فلسطين كانوا أول من تنبه لهذه الأخطار ، فحاولوا دفعها بوسائلهم المتاحة ، متحملين ظلم ذوي القربى وطغيان اليهود ، واكتووا بنار فضائعهم ، وتسنموا أعواد مشانق الانتداب البريطاني البشع ، وذهب الكثير منهم – ولا يزالون – الى رحمة الله تعالى ورضوانه ... في لقاء كريم مع الرصاص في صراع الثورات الرهيبة ... فتضحياتهم امتدت عبر التاريخ وما تزال ... وكأن القدر فرض على سكان ذلك القطر العربي المسلم أن يكون على حلف مع التضحية ، وعلى رفقة مستمرة مع الجهاد والاستشهاد .
وبينما كان ابناء فلسطين يحملون أرواحهم على أكفهم لمنع قيام دولة لليهود على أرض غلسطين ، كان الشيوعيون العرب يعتبرون اليهود أمة لها حق الحياة في فلسطين ، وأن الشعب اليهودي شعب ديموقراطي ، وأن إسرائيل ( واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط ) وأن الدولة اليهودية الجديدة ستكون ذات ملامح اشتراكية واضحة ..

وأن الوقوف بوجه التقسيم ومنع قيام دولة لليهود في فلسطين ليس إلا مؤامرة يديرها الاستعمار الأنجلو أمريكي ..؟؟
وكان الشيوعيون العرب يرون في الحرب التي كان يخوضها ابناء فلسطين ومن معهم من شرفاء العرب والمسلمين .. حربا عنصرية دينية يجب إيقافها حالا .. وأن الجيوش العربية جيوش عدوانية محتلة يجب تسريحها فورا ، وكل من يتطوع في الحرب لقتال اليهود إنما يخون الحركة التقدمية الانسانية ..؟!
لقد أعطى الشيوعيون العرب في موقفهم من حرب (سنة 1948م ) صورة صارخة للخزنة والخيانة ، ولعل القارىء يظن أننا نبالغ ... فليتمعن في الحقائق التالية :
1 – في كانون الأول سنة 1947م ، نظم ( الجزب الشيوعي العراقي ) مظاهرة حشد فيها كل قواه وطاقاته في الشوارع تاييدا لقرار التقسيم ، ومطالبا بإقامة دولة لليهود في فلسطين ...!! وتَصَدَّرَ المطاهرات شيوعيان : أحدهما عربي اللسان ، والآخر يهودي ... رفعا أيديهما متشابكتين عاليا .. كرمز للصداقة والمحبة العربية اليهودية .
2- في (15 أيار سنة 1948م ) دخلت جيوش الحكومات العربية فلسطين لتمنع بالقوة تنفيذ جريمة اغتصاب فلسطين ، وإقامة دولة يهودية ، ومهما قيل في الحكومات العربية التي قادت تلك الحرب آنذاك .. فمما لا شك فيه أن دخول جيوش الحكومات العربية إلى فلسطين قد كان تعبيرا عن السخط العربي الجارف الذي اعنمل في نفوس الشهب العربي في كافة انحاء الوطن العربي ، ضد تمزيق فلسطين وإقامة دولة لليهود فيها ..

وفي تلك الفترة الحاسمة ، وفي هذا الجو الملتهب .. عقد ( الحزب الشيوعي في سوريا ولبنان ) اجتماعا مشتركا في مدينة بيروت ، ثم أصدر بيانا مشتركا تحت عنوان : ( بيان إلى الشعوب العربية ) حدد فيه موقفه من الحرب بقوله :
أ- إنها حرب دينية عنصرية .
ب- إن على الجيوش العربية أن تنسحب من فلسطين فورا....؟
3- وفي هذه الفترة كذلك أصدر الحزب الشيوعي العراقي نشرة داخلية لأعصاء الحزب تحت عنوان : ( توجيهات بشأن الحرب الفلسطينية القذرة ) جاء فيها :
أ- على الديموقراطي العربي أن يحارب ويشجب الحرب الفلسطينية القذرة ..؟!
ب - على اليمقراطي العربي أن يتعاون مع القوى الديمقراطية في اسرائيل لمنع هذه الحرب . (وقد نشرنصوص هذه الوثائق والنشرات الأستاذ عبد الهادي الفكيكي في كتابه – ثورة 14 تموز بين الأنقلاب الشيوعي وثورة الموصل )
الحرب الفلسطينية القذرة !! هذا هو الوصف الذي أطلقه الشيوعيون العراقيون على الكفاح الذي كان يخوضه الشعب الفلسطيني العربي المسلم للحفاظ على وطنه .. وليس لنا أن نعلق على هذا الوصف ولا على المشاعر غير النبيلة التي يكنها الشيوعيون العراقيون لفلسطين ... ثم من هي القوى الديمقراطية في اسرائيل التي يجب على المواطن العربي أن يتعاون معها ؟ أهي عصابة الارغون... أم شتيرن .... أم الهاغاناه ؟
أم لعله الحزب الشيوعي اليهودي الذي وجد أن أفضل طريقة يدلل بها على ديمقراطيته هي أن يخوض الحرب جنبا الى جنب مع عصابات اليهود ضد العرب ..!
4- أما الشيوعيون الفلسطينيون رفاق الشيوعيين اليهود القدامى .. فقد كانوا ينظرون بعين الاكبار الى اخوانهم الشيوعيين اليهود .. الذين يقاتلون ببسالة ( الجيوش العربية المحتلة لوطنهم ) وهكذا بينما قضت الخنادق الواحدة – التي كان الشيوعيون يحاربون فيها جنبا الى جنب مع كافة اليهود والمنظمات اليهودية الاخرى – على اخر أثر من خرافة التفريق بين اليهودية والصهيونية في فلسطين . . وبينما وجد المقاتلون العرب أنه لم يكن هناك فرق بين رصاصة صهيونية ورصاصة يهودية كان الشيوعيون الفلسطينيون مشغولين بكتابة المنشورات التي تطالب بوقف الحرب ضد اليهود .. وفعلا قاموا في 11/7/1948 أي بعد يومين من انتهاء الهدنة الأولى واستئناف القتال .. بتوزيع منشورات على السكان والجنود يهاجمون فيها استمرار القتال ويطالبون بوقف الحرب حالا .. والاعتراف لليهود بحق اقامة دولة في فلسطين وفيما كانت الصحف العربية تضج بأخبار القتال الدائر .. ظهرت صحيفة ( الاتحاد ) لسان حال ( عصبة التحرر الوطني ) تقول :
( اننا ندعوا الى مفاوضات مباشرة مع حكومة اسرائيل والحكومات العربية ولكن على أي أساس ؟ على أساس سحب الجيوش وتسريحها .. ! اننا ندعوا الى مفاوضات مباشرة ! تستهدف انقاذ عرب فلسطين من الاحتلال الأجنبي )
( ملاحظة : أليس هذا ما حصل في أوسلو ..؟؟) وتحدد الصحيفة ما تقصده بالاحتلال الاجنبي فتقول : ( ان احتلال جيوش الحكومات العربية الممالئة للاستعمارهو احتلال ايضا ) ونشرت هذه المقتطفات في صحيفة الاتحاد ... الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الفلسطيني (عصبة التحرر الوطني) في العدد الصادر بتاريخ 22/11/1948 .
هذه مواقف بعض الشيوعيين العرب في سوريا ولبنان وفلسطين والعراق التي توضح كيف سارعوا الى الاعتراف بدولة اسرائيل مؤكدين اعترافهم بشرعية قيام دولة يهودية مغتصبة في فلسطين .. وهم يعتبرون الحرب في فلسطين ضد قيام دولة لليهود فيها .. املاها الاستعمار .. بل نسي شيوعيو فلسطين كليا وهم يتحدثون بوقاحة عن الاحتلال الاجنبي للقوات العربية الاشارة بكلمة للغزو اليهودي الذي كان في هذا الوقت قد ثبت أقدامه في فلسطين .. فمثل هذا الموقف هل تكفي كلمة خيانة للتعبير عنه ؟! .

الشيوعيين العرب في مصر :

أما الحركة الشيوعية في مصر فلم تشذ عن نفس الخط السابق .. في تقديم المبررات الفكرية والسياسية لتأييد قيام دولة يهودية ..
وشجب الحرب والدعوة للصلح، واقرأ معي هذه المبررات التي تفتق عنها تفكيرها المريض .
1- ففي 20 /12 /1947 حملت نشرة الوعي السرية لتي يصدرها الحزب الشيوعي في عددها السابق بحثا بعنوان المشكلة الفلسطينية وتحدد فيه الموقف الفكري للشيوعيين من القضية الفلسطينية جاء فيه : ( يرجع فهم الواقع الحالي لفلسطين من تطور اليهود فيها ونموهم كأمة جديدة فالحالة الجديدة في فلسطين لم تكن نتيجة لبحث الوطنية لدى اليهود في العالم كما تدعي خطأ الصهيونية بل كانت نتيجة لمولد وطني جاء على أثر تجمع عوامل تاريخية متعددة أدت الى جعل يهود فلسطين أمة واذا قلنا أمة وجب أن نعترف بحق تقرير المصير واذا قلنا حق تقرير المصير فمعنى ذلك تخويل الأمة حق الانفصال فاذا اعترفنا بحقيقة تكوين اليهود في فلسطين كأمة فلا يمكن أن ننكر عليهم حق الانفصال عن الامة العربية وتكوين دولة يهودية في جزء من البلاد ..؟؟)(
2 - وفي 29/7/1948 أصدرت الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني ( حد تو ) وهي المنظمة الشيوعية التي كان يرأسها( اليهودي هنري كورييل ) بيانا رسميا يحدد فيه موقف حزبه من قضية فلسطين ومن الحرب الدائرة وأسبابها وقد استهل البيان بقوله : ( أيها المواطنون كافحوا من أجل حريتكم المسلوبة من أجل تحرير وطنكم من الاستعمار والخونة ، كافحوا من أجل حياة انسانية حرة سعيدة من أجل تحرير الشرق العربي من الاستعمار ... ثم يقول البيان :
ان الاستعمار البريطاني المجرم هو الذي خلق مشكلة فلسطين ... فليس من المعقول أن نرسل قواتنا الى فلسطين ونترك أوطاننا رازحة تحت أقدام القوات الاستعمارية ، وليس من المعقول أن نرسل قواتنا لمحاربة اليهود في فلسطين ، بينما بينما نترك فلسطين بأسرها تحت أقدام القوات البريطانية .. ولَكَم الحكومات العربية خيبت امال الشعوب فأمرت الجيوش العربية بالتحرك لا لتحريك الشرق العربي من الاستعمار ولكن لإثارة حرب دينية عنصرية في فلسطين !؟
وتساءلت الشعوب .. !! لماذا كل هذا التغاضي عن الاستعمار ، وهذا الحماس للحرب الدينية !! لماذا تُكبَت الحركات الوطنية ومطالب الشعب الاقتصادية وفي نفس الوقت تشجع الحرب الدينية في فلسطين ؟!
...ثم ينتهي البيان بدعوة حارة لمقاومة الحرب ضد اليهود فيقول : ( ايها المواطنون ... تنبهوا .. استيقظوا لمؤامرات الاستعمار وحلفائه الخونة !! واحذروا الوقوع في دعايتهم الاثمة .. المضللة .. التي تستهدف حرفكم عن طريق الكفاح وتحويل صراعكم الوطني الى صراع عنصري عقيم !! ان هذه الحرب العنصرية حرب ظالمة يوجهها الاستعمار والخونة ضد مصالح العرب !؟ ) فالحرب في فلسطين ضد الاغتصاب اليهودي .. حرب عنصرية دينية .. اي حرب تعصبية رجعية ... هكذا وبهذا الاسلوب الرخيص طمس الشيوعيون في مصر جوهر النضال من أجل فلسطين ... وجعلوا الكفاح ضد اليهود عملا رجعيا .. وليس لنا أن نناقش هذا التامر الفكري المتعمد ... والذي تفوح منه رائحة التامر الوضيع على المصير العربي .
وفي افتتاحية بعنوان ( فلسطين ... الحرب التي أملاها الاستعمار !)كتبت نشرة ( صوت البروليتاريا ) لسان احدى المنظمات الشيوعية المصرية في عددها الثاني تشرين الثاني سنة 1948 تحدد فيها موقفها من قضية فلسطين والحرب الدائرة فيها .. واسبابها .. وتعطي توجيهاتها بهذا الصدد فقالت : ( مقدمة : في 15 مايو 1948 غزت الجيوش العربية فلسطين .. وهناك حرب قائمة في الشرق الاوسط منذ سبعة شهور ولكننا اذا درسنا هذه الحرب بتعمق لوجدنا أنها ليست مجرد حرب عنصرية
1- لقد أملى الاستعمار البريطاني هذه الحرب وأعد لها منذ سنين طويلة ليدافع عن مركزه في الشرق الاوسط .
2- ان هذه الحرب تخدم البرجوازية العربية بكبت البروليتاريا الصاعدة والتقدمية .
3- ان هذه الحرب هي واحدة من مصادر الحرائق الكثيرة التي تشعلها الرجعية العالمية ؟!وذلك بهدف خلق ترسانات من بعض المناطق التي يريدون استخدامها كنقاط للهجوم على الاتحاد السوفييتي ؟!!
4- وأخيرا ... فان هذه الحرب موجهة اليوم ضد الخطر الذي تحتلة البروليتاريااليهودية الثورية !!في فلسطين .
وتستمر النشرة في بيان وجهة نظرها وتوجيهاتها لاعضائها فتقول تحت عنوان : (الحرب الموجهة ضد البروليتاريا اليهودية ) ما نصه :
( إن البروليتاريا المصرية يجب أن تتحد مع البروليتاريا اليهودية العدو المشترك ... ضد الاستعمار !؟ وهذا هو السبب في أن الحرب في فلسطين هي ضد مصالح الشعب على العموم وضد مصالح البروليتاريا المصرية على الاخص ) . لا أعتقد أن هناك خائنا يتباهى بخيانته بوقاحة كما يفعل الشيوعيون المصريون ثم تضيف النشرة قائلة : ( فالى جانب حق تقرير المصير الذي نعترف به لليهود .. فماذا ننصحهم أن يعملوا ؟ ماهو خطنا بالنسبة لهم ؟ انه التقسيم . ان التقدميين يرسمون خطهم على أساس اعتبارات المبادىء ومصلحة البروليتاريا وحركتها التقدمية ! وان اليهود اليوم يكونوا شعبا ديمقراطيا ؟! وتزداد سيطرتهم على حكومتهم يوما بعد يوم ... في حين أن الحكومة العربية في فلسطين فاشية !؟ تعمل خادمة للاستعمار ؟! وأن القضاء على الدولة اليهودية واخضاع اليهود لهذه الحكومة العربية معناه القضاء على جزيرة للديمقراطية يمكن أن تكون ذات تأثير حسن على الجزء العربي في فلسطين وتلعب دورا ايجابيا في الشرق الاوسط ؟؟!)
ثم تنتقل النشرة الى تحديد واجبات العمال الفلسطينيين والمصريين فتقول :
( أ- اليوم في وسط المعارك في فلسطين ظهرت شرارة .. فمنذ بضعة أيام قرأنا في الجرائد أن جريدة التقدميين العرب .. الاتحاد – ( وهي صحيفة الشيوعيين الفلسطينيين ) قد طالبت بانسحاب الجيوش العربية من فلسطين .. وهي بذلك قد اتخذت الموقف الصحيح الذي اتخذه الاتحاد السوفيتي ..؟ !إن واجب العمال الفلسطينيين العرب واليهود هو أولا : تقوية وحدتهم في الكفاح اليومي ضد الاستغلال المشترك في المصنع ... ضد البرجوازية عربية كانت أم يهودية . وستكون هذه الوحدة هي التمهيد للوحدة السياسية ضد العدو المشترك .... أي الاستعمار ... وضد البرجوازية الفلسطينية .
ب – على البروليتاريا المصرية ان تقوم بواجباتها الدولية بالدفاع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها .
ج - إن على البروليتاريا المصرية ان تنظم نفسها وأن تضغط كقوة سياسية منظمة لترغم البرجوازية المصرية على الانسحاب من الأراضي
الفلسطينية )).
وبعد : ان كل كلمة في هذه النشرة مؤامرة فكرية نضالية على مصير العرب .. وكل سطر فيها يرسم خطا في الصورة المتكاملة للجريمة القومية التي ساهم في ارتكابها الشيوعين العرب ... والتي ستظل محفورة في جبينهم الى الابد .
ففي رأيهم أن كل العالم يتجمع ضد اليهود المساكين !؟ وأن الاستعمار ساعد الحكومات العربية لغزو اليهود وسحق اليهود .. بل هو يتعدى معها على اليهود ... وأمريكا تخشى الدولة اليهودية الجديدة ؟! وفرنسا ترفض الاعتراف بها ؟! وهذا الثالوث الصليبي الحاقد البغيض الذي يمثل ذروة الحقد على العرب والمسلمين وذروة تأييد فكرة الوطن القومي لليهود في فلسطين ... هو الذي اختاره الشيوعيين العرب ليقولوا انه يعتدي على اليهود المساكين .. شعب الله المختار ... ويساعد العرب ضدهم . هل تجرأ أحد على سوق هذا الدجل المعيب بهذه البساطة ؟
وهل تجرأ انسان على الاستهزاء بعقول العرب والمسلمين وذكائهم الى هذه الدرجة ؟ وأن الشعب اليهودي عانى اضهادا طويلا في فلسطين ...! وممن ؟
من الشعب العربي بالطبع ... هكذا يقول الشيوعيون ، فهم لا يستطيعون أن يسكتوا على اضطهاد اليهود المساكين ... هذا الاضطهاد الذي برز في الغزو اليهودي المنظم المتامر على فلسطين مع الانتداب البريطاني ... وفي مجازر دير ياسين ..وقبيه.. ونحالين ، وفي العدوان على غزه عام 1955 وفي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وفي المجازر البشعة التي ارتكبها اليهود في غزة والعريش آنذاك . والشعب اليهودي شعب ديمقراطي ... والدولة اليهودية الغاصبة دولة ذات ملامح اشتراكية ، وهي ستكون جزيرة للديمقراطية في الشرق الاوسط ، ولهذه الصفات التقدمية لدى اليهود .. تحاربهم الحكومات العربية والاستعمار ... !!
تُرى لوأردات الحركة اليهودية العالمية في دعاياتها الكاذبة أن تلصق بالعرب أبشع التهم ... هل كان يمكنها أن تقول أكثر مما كانت تقوله نشرات الشيوعين العرب ؟ وهل يمكنها أن تدافع عن الغزو اليهودي التتري الجديد بحماس أكبر من هذا الحماس ؟ بل هل كان يمكن لاي خائن أن يقول : ان النضال ضد اغتصاب جزء من الوطن العربي بالقوة هو ضد مصلحة الشعب العربي .. وضد مصالح العمال والفلاحين ؟ إن هذا الموقف هو أكثر من خيانة عظمى بكثير . هذا باختصار شديد موقف الشيوعيين العرب من قضية فلسطين قبل النكبة وإبانها .

الشيوعيين العرب بعد النكبة :

اما موقفهم بعد النكبة فيتمثل في العمل على تثبيت الكيان اليهودي في فلسطين المحتلة وتدعيمه وتقويته لكي ينفسح المجال أمام اليهود لتحقيق أهدافهم ... وكلنا يعلم أن هذه الخطوة لن تتحقق الا بطمس قضية فلسطين واستدال الستار عليها نهائيا عن طريق فرض الصلح بين العرب واليهود .. وإن تظاهروا أنهم ضد الصلح مع اليهود وضد كامب ديفد وضد مشاريع السلام السرابية المطروحة في الساحة العربية .. من خلال مقالات ذيولهم في الصحف اليومية .. وهذا الصلح الذي نادوا به وعملوا من أجله كما تنطق صحفهم ومنشوراتهم مضر بالقضية الفلسطينية من عدة نواح ...
فمن الناحية السياسية : سيكون هذا الصلح اعترافا رسميا بشرعية الدولة اليهودية الغاصبة التي قامت في فلسطين العربية .. وبذلك تطمس قضية فلسطين وتنتهي حالة الحرب .. ويقضى على العداء العربي اليهودي وتتوطد اركان اسرائيل بموافقة العرب أنفسهم .
ومن الناحية الاقتصادية : سيؤدي الصلح الى افساح المجال امام الاقتصاد اليهودي لينمو ويزدهر على حساب الاقتصاد العربي .. ويتحقق بذلك هدف اليهود والاستعمار بجعل اسرائيل مصنعا ضخما في وسط زراعي متخلف .. فيتحول الوطن العربي بذلك الى سوق واسعة للاقتصاد اليهودي والاستعماري .. يتحكم اليهود عن طريقه بمقدرات الوطن العربي تدريجيا .
اما من الناحية العسكرية : فسيؤدي الصلح الى حالة من الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي تمكن اسرائيل من الانصراف الى بناء كيانها داخليا وتدعيم اقتصادها الحربي وتقوية جيوشها وتنفيذ برامج الهجرة وتحويل اسرائيل الى معسكر حربي كبير أو قاعدة عسكرية تنتظر الفرصة الملائمة للانقضاض مرة جديدة ... وتوسيع حدودها على حساب أراضي عربية جديدة ... هذا ما كانت تقصده الحركة الشيوعية من مناداتها بالصلح مع دولة اليهود .. بعد تايدها المخزي لقيام اسرائيل واضفائها صفة الشرعية على الاغتصاب اليهودي . واقرأ معي أخي القارىء سطور هذه المؤامرة من وثائقهم :
1- بعد دخول الجيوش العربية الى فلسطين عينت الامم المتحدة في ايار 1948 الكونت برنادوت – ليقوم بمهمة الوساطة بين العرب واليهود ...
وقدم ( برنادوت ) مشروع التقسيم المعروف باسمه في حزيران 1948 وقد رفض العرب هذا المشروع لاعترافه لليهود بحق قيام دولة في فلسطين ... كذلك رفض اليهود هذا المشروع للتعديلات التي اقترحها بشأن القدس والنقب ... فهاجم الشيوعيين في سوريا ولبنان وفلسطين ومصر وغيرها مقترحات برنادوت هجوما عنيفا لاجحافه بحق اليهود ... وقد عبر الشيوعيون في مصر أحسن تعبير عن هذا الموقف .. فقالت نشرة ( صوت البروليتاريا ) في عددها الثاني بتاريخ نوفمبر سنة 1948 في معرض مناقشتها لمشروع برنا دوت ما نصه : ( ان الاقتراح بجعل حيفا ... وهو أهم ميناء في فلسطين .. ومنفذ لانابيب البترول ميناء حرا ... لهو اقتراح موجه في صالح ملوك البترول الامريكيين ، وفي نفس الوقت يشل اقتصاد الدولة اليهودية بحرمانها من هذا الميناء الحيوي ) !!
2- وفي تموز 1950 أصدرت عصبة التحرر الوطني بيانا بتوقيع ( لجنة عصبة التحرر الوطني في فلسطين في منطقة الاحتلال المصري ) قالت فيه : ( ان عصبة التحرر الوطني تدعوا جميع القوى الديمقراطية والوطنية الشريفة في أنحاء القسم العربي المحتل من قبل فاروق وعبد الله الى توحيد صفوفها في جبهة واحدة للوصول الى هذا الهدف ... ان العصبة في هذه المنطقة تمد يدها الى كل ديمقراطي وطني شريف !! لتكون هذه الجبهة الموجودة للنضال من أجل تحر الشعب الفلسطيني ومن أجل عودة المشردين الى ديارهم ... ومن أجل اقامة الدولة الديمقراطية المستقلة الصديقة للشعب اليهودي .... ان السبيل الوحيد لانقاذ جماهيرنا من قبضة المحتل المصري ؟! ( أما اليهود فليسوا بمحتلين !) ولعودة المشردين الى ديارهم ... ومن أجل التحرر والانعتاق والحصول على لقمة الخبز بالعمل الشريف هو في النضال الواعي من أجل تنفيذ قرار هيئة الامم المتحدة وفي التفاهم والتعاون مع الشعب اليهودي . ياجماهير شعبنا في هذه المنطقة : ان جماهير الشعب العربي الفلسطيني بقيادة عصبة التحرر الوطني في منطقة الاحتلال الهاشمي ؟! تناضل من أجل الحرية والانعتاق أيضا ... وان جميع القوى الديمقراطية في اسرائيل (كالهاغاناة وشتيرن ) وفي طليعتها الحزب الشيوعي الشقيق هناك تناضل من أجل الحرية والسلم في اسرائيل وفي فلسطين بأكملها ....)
هذا هو موقف الشيوعيين في فلسطين والاردن ... من اسرئيل بعد النكبة وأحداثها الدامية وبعد تشرد مليون عربي هاموا على وجوههم كالايتام على ماّدب اللثام .. وهؤلاء الشيوعيون هم االذين زينوا لقادة الثورة الفلسطينية رفع هذا الشعار وهو المناداة ( بالدولة الديمقراطية العلمانية ) بعد أن تسللوا الى أجهزة الثورة المختلفة وخاصة بغد معركة الكرامة وأحداث أيلول الاسود .. ولما فشلوا في صرف الثورة عن جميع أهدافها بدءا بالإنشقاق عنها تدريجيا لتفتيتها وافقاد ثقة الجماهير المسلمة بها ... وقد حصل ....
3- وفي حزيران عام 1951 أصدر الحزب الشيوعي الأردني (عصبة التحرر الوطني سابقا ) برنامجه الذي سيخوض على أساسه الانتخابات ... فوعد البرنامج (بتأمين صلح ديمقراطي مع اسرائيل ) . وقد عاد الشيوعيون واستبدلوا هذا البند في سهر آب من نفس العام بعد أن أدركوا ثقل وطأة هذه الجريمة على أسماع الشعب العربي انذاك . بتقسيم فلسطين طبقا لقرارت هيئة الامم المتحدة عام 1947.
4- وعاد الشيوعيون في مصر واستمروا في مطالبتهم بتمزيق فلسطين . اذ طالب البرنامج الوطني لعام 1950 – 1951 لحركة التحرر الوطني الديمقراطي (حديتو) بتطبيق قرارات التقسيم وانشاء دولة ديمقراطية في فلسطين . وفي عام 1952 قامت في مصر حملة تبرعات واسعة للنازحين العرب الذين لجأوا إثر النكبة الى قطاع غزة اسم قطار الرحمة ... فعلقت(راية الشعب ) صحيفة احدى التنظيمات الشيوعية في مصر في عددها ( 31 ) على الحملة بقولها : ( في كلمة ألقاها أحد العسكريين الفاشت من محطة الاذاعة يسب الاحمق شعبنا المكافح فيزعم أن كارثة اللاجئين سبة في جبين الشعب المصري . ويطالبنا تبعا لذلك بالتبرع لما أسموه قطار الرحمة لاغاثة هؤلاء اللاجئين ... فهل نحن مسؤولون حقا عن كارثة اللاجئين ؟! ان المسؤولين عن كارثة فلسطين ومحنة اللاجئين هم سادة محمد نجيب نفسه .. وهم الآمرون الناهون في عصابته الفاشية الحاكمة ... ولكن هذه العصابة تزيف التاريخ لكي تحمي سادتها من المستعمرين والرجعيين والخونة !! لكي تفرض المزيد من الاعباء على عاتق الشعب والوطنيين !! أما قطارات الرحمة فلن تحل مشكلة اللاجئين ... الحل الوحيد لمشكلة اللاجئين هو تكوين د ولة فلسطين العربية الديمقراطية المستقلة ... وذلك بسحب هذه الجيوش الاجنبية التي تحل اراضيها .. والكف عن اثارة الاحقاد العنصرية ضد اليهود !!)
5- وكتبت – راية الشعب – جريدة احدى المنظمات الشيوعية المصرية في 3/11/1953 تقول : ( ان حكومة اسرائيل مثل الحكومات العربية الخائنة تجعل من فلسطين قرحة لا تندمل بل تنزف دائما ... ولكن الشعوب العربية المكافحة وشعب اسرائيل المناضل ؟! ينادون بحل مشكلة فلسطين حلا سلميا نهائيا .... وان الوطنيين المصريين يطالبون بالانسحاب فورا من الجامعة العربية الاستعمارية وعقد صلح مع اسرائيل !؟ على اساس اقرار حق اللاجئين العرب في تكوين دولتهم المستقلة ..)وتذكروا أن هذا الكلام عن الشعب اليهودي المناضل قد قيل قبل بضعة عشر يوما من الاعتداء الوحشي الذي قام به اليهود على قبية في 15 تشرين الاول سنة 1953م.
6- وفي نفس الفترة وبعد اسبوع واحد من مجازر (قبية) وبعد ست سنوات من النكبة تقريبا لم يخل شهر منها من اعتداء يهودي على العرب .. أصدر الحزب الشيوعي العراقي بيانا الى الشعب نشر في (جريدة القاعدة ) الجريدة الرسمية الناطقة باسم الحزب ... بتاريخ 22 تشرين الاول 1953 جاء فيه :
( ياجماهير شعبنا العظيم ... لابد وأنكم اطلعتم وتبينت لكم ولجميع الشعوب العربية على ما قام به الاستعماريون الامريكان والانكليز من مؤامرة دنيئة في إثارة الحرب الفلسطينية عام 1948 من أجل تقسيم مناطق النفوذ بينها على حساب أشلاء ودماء الضحايا من الكادحين العرب واليهود ... إن الغاية الاساسية لإبقاء القضية الفلسطينية هي أن تتخذ من هذه القضية ( قميص عثمان) ، ومتى أراد الاستعماريون تنفيذ خططهم الاجرامية فيمكن أن يجعلوا من هذه الحركة ذريعة لضرب الحركات الوطنية التحررية وتصفية الحركات الديمقراطية وفرض مشاريعهم العدوانية الحربية على شعبنا !؟ والشعوب العربية ، ولصرف انتاجهم الحربي على حساب قتل الكادح العربي لاخيه الكادح اليهودي ... يا جماهير شعبنا المكافح : ان خونة شعبنا الحاكمين المحليين الخانعين للمستعمرين يحاولون زجَّ أبناء شعبنا في مهزلة الحرب الفلسطينية مرة أخرى ... فينبغي على جميع القوى الوطنية أن تهب بوجه حكومة الجمالي الخائنة ضد مؤامرة الحرب الفلسطينية القذرة .
ليعيش نضال شعبنا من أجل احباط هذه المؤامرة الدنيئة ... ليسقط المستعمرون ... لتسقط مؤامرة الحرب الفلسطينية القذرة ) .
ان هذا البيان الذي صيغ بهذه اللهجة اليهودية الحاقدة .... هو نسخة أخرى من المغالطات الشنيعة التي تغلفت بها – فضلا عن خيانة القضية الفلسطينية – مؤامرة فرض الصلح على العرب .
7- اما حركة ( أنصار السلم ) فلم يكن موقفها – باعتبارها منظمة وواجهة للاحزاب الشيوعية الا الموقف المتآمر لهذه الاحزاب .
ففي مؤتمر شعوب الشرقين الادنى والاوسط الذي انعقد في بيروت عام 1953 رفض المؤتمر اتخاذ قرار بشأن قضية فلسطين ، ورغم أن الشيوعيين في هذا المؤتمر قد بحثوا جميع القضايا العالمية الساخنة انذاك من أفريقيا حتى فرموزا وفيتنام . الا أنهم أبوا بحث القضية الفلسطينية !!.

الشيوعون العرب مأمورون بتنفيذ الخطط الأجنبية !


ولكن أكثر ما يفضح هذا الموقف الخائن لحركة أنصار السلم تجاه قضية فلسطين ومؤامرة الصلح .... الخطاب الذي وجهه – يوسف حلمي – رئيس حركة أنصار السلم في مصر ... في 14/11/1955 الى الزعماء اليهود في فلسطين المحتلة .... والى الرئيس جمال عبد الناصر ... ونشر هذا البيان في الصحف الشيوعية الاجنبية وفيه يقول :
(ظلت أبواق الاستعمار وعملائه تبث في رأينا العام مشاعر الكراهية والتعصب وسوء الظن ضد اسرائيل ...وتفعل في اسرائيل مثل ذلك ضدنا ... لابقاء حالة التوتر قائمة ... بحيث منعت كل تفكير في إمكان تحقيق سلام عادل ... وحل لهذه المشكلة بالطرق السلمية !! فالاستعمار سوف يضع كل عراقيل ممكنة في طريق أي حل سلمي ... لان إقرار السلام بين الدول العربية واسرائيل سوف يحطم رأس الحربة المصوبة الى ظهورنا ... والى قلب سياسة الاستقلال الوطني ... ثم يقول البيان : ولكن ماذا بعد ذلك ؟... هل هذا يكفي ؟ إن جعبة الاستعمار لن تخلوا من الحيل والمكائد ... فلماذا لا نقطع رأس الافعى وننتهي ؟ أما كيف نقطعها فتلك هي المسألة كما يقول هاملت .
سيقول بعضهم وهم موجودون في معسكرك وحولك ... نلقي باسرائيل في البحر ... ولا شك في انك معي في أن اقل ما يستحقه قائل هذا الهذر ان يموت ضربا بالنعال لا بشيء آخر ... ان اسرائيل قد وجدت وستوجد . ويستحيل القاؤها في البحر !! واذن ... وهنا يقتضي الموقف بعض الايضاح :
ينبغي أن نفرق تفريقا دقيقا بين حكومة اسرائيل والعناصر الاستفزازية فيها وبين جموع الشعب الذي يستوطن هذه الدولة .. والذي يحمل وحده أعباء هذه الحرب ومهالكها .. والذي يسقط رغما عنه فريسة للدعاية المسمومة المسلطة عليه ليل نهار! والان ... كيف السبيل الى التنفيذ ؟ أرايت الاتحاد السوفييتي كيف يرفع شعارات السلام الى اعلى مكان في سياسته الداخلية والخارجية ؟... أرأيت كيف تنتصر سياسة السلام هذه ؟ وكيف تتراجع سياسة الحرب ؟ لماذا ترفضون دعوة بن غوريون ؟ لماذا لا تخاطبون شعب اسرائيل بكل اللغات شارحين له قضية السلام الحقيقية ؟ ..... ثم يضيف البيان قائلا : وأخيراً فان الحل العملي هو ان تطلبوا عقد مؤتمر دولي ( وهو ما حصل في أوسلو ...!! ) مثل مؤتمر جنيف الذي حقق السلام في الهند الصينية على أن يضم هذا المؤتمر الدول العربية واسرائيل ودولا من مؤتمر باندونغ ... فضلا عن الدول الاربع الكبرى .
فلتخرجوا ايها الناس من السياسة القوقعية التي حبسنا فيها الاستعمار وأصحاب المصالح من شركائه ... فلتطلبوا عقد مؤتمر على نطاق دولي لاقرار السلام في اسرائيل ...! فلتبدو الاستعداد للاعتراف بحقوق الشعب الاسرائيلي في دولته... ! التي لم يفدنا الموقف السلبي منها الا ان تبقى حكومتها سلاحا بيد الاستعمار .... ! !
هذا هو راي انصار السلم . المنظمة الواجهة للحركة الشيوعية في القضية الفلسطينية.. إن الخيانة التي تقفز من بين سطورها لا تحتاج الى اي تعليق . بل ألفت نظر القارىء الكريم الى البيان الذي اصدره ( المحفل الماسوني الوطني المصري الاكبر ) ووجه الى اهالي فلسطين ... ليعقد مقارنة بين البيانات الشيوعية التي أوردناها آنفا ليتأكد من ( وحدة التوجيه اليهودية ) لكل من الماسونيين والشيوعيين ... يقول بيان الماسونيين المصريين : ( يا أهل فلسطين تذكروا أن اليهود هم أخوتكم وأبناء عمومتكم قد ركبوا متن الغربة فأفلحوا ونجحوا ... ثم هم اليوم يطمحون للرجوع اليكم لفائدة وعظمة الوطن المشترك العام ... بما أحرزه من مال ... وما اكتسبوه من خبرة وعرفان . ان العربي والعبري صنوان ... من شجرة ابراهيم ، ابواهما اسماعيل واسحاق ... فمتى وضع أحدهما يده في يد الاخر انتفعا جميعا بما لديهما من الوسائل المختلفة .... وكان في تعاونهما تمام الخير وكمال البركة باذن الله ) أورد هذا البيان ميشيل سركيس في كتابه النهضة الاسرائيلية وتاريخها الخالد ص 30 )
ولعل يا أبا رغال الهالك .. أعني به السادات ... وذيوله من دعاة الاستسلام للعدو اليهودي قد استرشدوا بهذه البيانات لتحقيق الاستسلام للعدو اليهودي والركوع تحت أقدامه ...
وقد يقول قائل : إن الأحزاب الشيوعية العربية قد غيرت موقفها الذي تحدثت عنه ... فأقول: إن الشيوعيين قد يتخذون مواقف فكرية وسياسية جديدة ومتناقضة كل التناقض مع مواقفهم السابقة كعادتهم ... أما المتعلقة منها بالكيان اليهودي فانها ثابتة لا تتغير ... فقد اجتمعت الاحزاب الشيوعية العربية في بيروت في شهر تموز عالم 1968 قبل أحداث أيلول الاسود المشئومة سنة 1969 .... وأصدرت بيانا عقب المؤتمر تحت عنوان ( المهمات الملحة أمام حركة التحرر الوطني العربية لازالة اثار العدوان الاسرائيلي الامبريالي ) وظهر نصه الكامل في جريدة الاخبار البيروتية الصادرة بتاريخ 4/8/1968 ومما جاء فيه : ( حرب التحرير الشعبية أو حركات الفداء الفلسطيني هي اتجاه عاطفي مغامر !! تدعوا اليه عناصر من البرجوازية الصغيرة ضاع أفق الرؤيا الواضحة للمستقبل أمام أعينها ... نظرا لعدم تسلحها بالنظرية العلمية للتطور الاجتماعي !!؟ ) ونقلت مجلة الهدف الشيوعية ( والتي كانت ناطقة باسم حركة القوميين العرب قبل تحولهم الى الماركسية ) في عددها رقم (346) الصادر بتاريخ 10/4/1976 تصريحا أدلى به ( بشير البرغوثي ) - عضو المكتب السياسي للحزب الش يوعي الفلسطيني – لجريدة الاتحاد الناطقة باسم الحزب الشيوعي في فلسطين المحتلة – بتاريخ 25/2/1975 ردا على اتهام ساطات الاحتلال لبعض أعضاء حزبه بالقيام بأعمال تخريبية ؟ ! .... فقال بشير البرغوثي يومها : ( عدت الى وطني بموافقة سلطات الاحتلال !! وبعد عشرين أو خمس وعشرين يوما من قدومي الى هنا ... علمت بأمر الاعتقال الإداري للكثير من الشيوعيين رفاق حزبي ... ودهشت كثيرا عندما قرأت وسمعت من وسائل الاعلام الاسرائيلية انهم اعتقلوا بسبب أعمال ونشاطات تخريبية ... الامر الذي يتناقض وسياسة حزبنا !!! ) وأضاف بشير البرغوثي قائلا : ( ان الحزب الشيوعي الاردني – الفلسطيني يدعوا كما هو معروف الى حل سلمي للنزاع العربي الاسرائيلي ... يتضمن الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ... جنبا الى جنب مع حق تقرير المصير للشعب الاسرائيلي .... ومعه قيام دولة اسرائيل ؟!! )
ولعل هذا يكفي لبيان دجل سماسرة السياسة ... والاقلام الشيوعية الحاقدة التي تحاول من على صفحات الصحف اليومية في العالم العربي تزييف الحقائق والباس تهم الخيانة لغيرهم.......... فالشيوعيين العرب عبارة عن أُجراء .... ومأموري تنفيذ لخطط أجنبية ... وهي التي يوحيها اليهم سادتهم الماسونيون اليهود ، ولا يهمهم بعد ذلك مصير الأمة في قليل او كثير ... وليس أدل على ذلك – بالاضافة الى ما سلف أ- من خطاب قبول عضوية المرشح الجديد والذي تقول فيه اللجنة المركزية للعضو الذي يتم قبوله في صفوف الحزب ملا نصه ( كن أمميا أيها الرفيق ودافع عن مبدأ الاخوة بين مختلف الشعوب ، ولتكن ثقتك لا حد لها بقوى الحرية والتقدم والاشتراكية في العالم ... بقيادة الاتحاد السوفييتي !!؟ اننا رجاء البشرية التقدمية ، والنصير الأعظم لشعبنا وأمتنا في نضالها التاريخي !! )
( انظر نص هذه الوثيقة في كتاب ( حقيقة الشيوعيين في العراق ) – (لخلدون ساطع الحصري ) .
ب- ومن قول الدكتور فيصل النفوري – قنصل الكويت العام – في تصريح له لمجلة النهضة الكويتية منذ سنوات ... حيث يقول ان العرب كانوا يملكون صورة خاطئة عن التشيلي ايام الليندي الشيوعي ... فقد كانت حكومته تعج بالصهاينة .. وكانت أصابع هؤلاء تمتد الى أكثر من زاوية في تلك الدولة الاشتراكية ! وكان أيضا ماسونيا .... ؟! )
وفي الختام لا يسعني الا ان أزجي الشكر الى من دفعني الى كتابة هذا البحث ... الذي أرجو ان أكون قد ساهمت فيه ولو مساهمة جزئية في بيان حقيقة الشيوعيين العرب وإماطة اللثام عنهم ... ليظهروا على حقيقتهم التي حاولنا إبرازها كذيول من ذيول الماسونية اليهودية ... وليس لنا في هذا المقام الا أن نتوجه الى ولاة أمر هذه الامة الذين يهمهم مصيرها ... مرددين قول الشاعر العباسي : بعد تغيير بعض الكلمات بما يناسب المقام :
لا يغرنك ماترى من ثياب
إن تحت الضلوع داء دويا
فضع السيف وارفع السوط حتى
لا ترى فوق ظهرها أمميا
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

بقلم
د. سامي الجيتاوي

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك
فلسطين والحل
  • مقالات ورسائل
  • حوارات ولقاءات
  • رثاء الشيخ
  • الصفحة الرئيسية
  • فلسطين والحل