بسم الله الرحمن الرحيم

آيات الأخرس وشارون "مجرمان"
يوسف الحجيلان


آيات الأخرس وشارون مجرمان، أم أمة المليار ونيَّف التي فرع خطابها السياسي، واستحالة قدرها العسكرية وخفَّت أوار ثورتها حتى رأت في الدَّعة والسكون والنوم في الفُرُش الوثيرة بديلاً محبباً عن ضوضاء المعركة، وقعقعة السلاح والدم والأشلاء ؟!، فصار جلُّ ما تَرْجوه إما خفة في حدة خطاب (بوش)، أو شفرة سلام في كلمة (باول)، أو وعد على لسان (باوتشر)!
يجثم على صدرها السلام، وكل همها غصن الزيتون، وكأنها لم تكن أمة حرب وصانعة مجد.
فمجرم - في نظرها- من يبني صرح أمته ويصنع مجدها !
ومجرم من يصوغ تأريخه بالدم القاني، ومن خلال فوهة الرشاش!
ومجرم من لا يعبأ بالمؤتمرات والمبادرات واللقاءات !
ومجرم من عاف التهريج والتزوير والكذب على الذات !
ومجرم من استطاع تطويع عواطف العالم وشد أنظاره إلى قضيته!
قائمة من الجرائم إن نُظر إليها بعين يهودية فشارون أحق بها، وإن عرضت برؤية إسلامية فآيات الأخرس ومن سار في فلكها أولى بالتجريم!
زهرة ندِيَّة فوَّاحة، وغصن بانٍ غضّ، وقطرة ندى في فجر يوم ربيعي تربط الحزام الناسف على الخاصرة الفتية وفوق الجلد الحريري، تغطيه بثوب الإباء ورفض الضيم، وتنسل كما تنسل القطا من بين طوابير الجفاة أغلاظ الأكباد المدججين بالسلام من عتاولة آل صهيون.
تنسل مودعة الأرض بأخمص قدمها الناعم والهواء يميل بشعرها الحريري، سائرة وبكل ثقة إلى حيث الموت والتمزيق، رافضة إتاحة الفرصة للعاطفة، وللذكريات، ولخفقات القلب أن تعبث بخطواتها المتروية، السائرة إلى النهاية التي تقطعها من كل صلة بهذا العيش، وأمانيه وأحلامه، وأمه وأبيه، وإخوانه وأصدقائه، والحديقة واللعبة .
ضاربة - وفي آخر لحظة- مثلاً يحتذى، وقدوة خالدة حينما تأبى على موتها الاختياري أن يأخذ معها في قطاره امرأتين تجمعها بهم لُحْمة الدين، والدم، والمصير، فأيُّ قدرة عظيمة فذة على التكفير وتقدير الموقف تملكها هذه الوردة، وهي تسير إلى حيث المقصلة والموت بقدرة افتقدها فئام من صُنَّاع القرار العسكري تحت غطاء الضرورة وصعوبة الموقف؟!.
إنها القنابل الإسلامية حينما يضغط على زِناد مدفعها قادةٌ يخشون الله والرحم.
فإلى أصحاب الزنود السمر، والصدور المفتولة، وإلى الألوية والفيالق، والكتائب والأسراب المرابطة على تخوم دول الإسلام، وإلى صناع القرار وقادة المعركة:
أليس عاراً وشناراً، وفضيحة وذبحاً للرجولة أن ينهض رأس الهرم اليهودي وكبار رجالاته ومعاونيه لبناء مجد أمتهم وحماية حدود دولتهم، في وقت تنهض فيه طفلة بريئة وادعة نظرت إلى الموقف بعين جردتها من كل أنانية وطمع فقدّرت أن لا بد من عمل شيء لمجد الأمة ودينها ؟!.
تقابل ما تصنعه آلة إسرائيل وجبروتها، وكأنها تقول للكرام الأحرار العظماء من أبناء أمتها: هذا هو لحمي، وعظمي، وعصبي، ودمي، وخصلات شعري لثاماً يغطي وجه المتخاذلين عن النصرة، القاعدين عن الثأثر، المؤثرين للدعة .
فمن يقول إذاً إن شارون مجرم؟! أليس يطلب ما يراه حقاً له وينافح عما ينظر إليه حماة المقدس ؟!
أم أن نومنا وتخديرنا يجب أن يكون عالمياً معمماً تشاركنا فيه أمم الأرض ؟
إن المجرم بحق هو ذلك المتخاذل الحامي للحدود أن يتسلل منها حراً، أو ينفذ من خلالها سهم يقع في جسد الصهاينة .
إن المجرم هو من لا يزال يراهن على أمريكا حامية لحمى الإنسانية ملجمة جماح شارون.
إن المجرم هو من لا يزال يهمهم عند كل عملية استشهادية في وقت تسحق فيه جماجم الأحرار من أبناء فلسطين مخلفة خيط دم، وعظم، ومخ، يكتب للتأريخ طُحّنِاً يوم كتبت الأقلام السقيمة إن السلام هو الحل .