صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







إلى حملات الحج

محمد بن عبدالله الهبدان


إن من نعم الله -تعالى - علينا أن يسر الله –تعالى-حملات الحج التي خففت على كثير من الناس عناء البحث عن الأماكن، وإعدادها وترتيبها، ويسرت لهم الكثير من مشاق الحج حتى أقيمت الحجة على كثير من الناس الذين كانوا يعتذرون عن الحج بسبب هذه القضايا، فنسأل الله تعالى أن يكلل مساعيهم بالنجاح، وأن يجزيهم عنا خير الجزاء .
وما سأكتبه من تنبيهات إنما هي في بحر حسناتهم وكما قيل:

كفى المرء نبلا أن تعد مـعـايـبـه

أولاً : الإسراف والتبذير :
لقد أسرفت بعض الحملات إسرافا عظيما من أجل الترغيب في حملاتهم ، وأصبحت في فترة ماضية تقرأ إعلانات تشعر أنها رحلات خارجية أو رحلات ترفيهية، ويتصور بعض إخواننا في الحملات إن القضية هي مشروع تسمين لهؤلاء الحجاج حتى يحوزوا على رضاهم، ونسي هؤلاء قول الله –تعالى -: "ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" [الأنعام:141] ويقول: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" [الإسراء:27]، وهذا الترف والإسراف سبب لأصحاب الحملات إحراجاً ومضايقات من الناس فكلما تأخرت وجبة غذائية أو تعذر شيء من وسائل الترفيه أقام بعض الحجاج الدنيا ولم يقعدها، أو لم يحضر نوع من أنواع المرطبات بدأ يزمجر، ويلقي التهم بالبخل والسرقة والنصب والاحتيال، ولكن لو اقتصر الأمر في الحملات على توفير الطعام النظيف، بدون إسراف ولا مخيلة لحصل المقصود .

ثانياً: ضعف الإدارة:
إن غالب مشاكل الحملات تصدر -والله أعلم- من ضعف الإدارة في أصحاب الحملة، فيجتمع اثنان أو ثلاثة، ويختارون اسماً لحملتهم الجديدة، ثم يخرج تصريحاً لحملتهم الجديدة، وتبدأ الإعلانات وتسجيل الحجيج، فإذا وقع الفأس على الرأس إذا بهم يقعون في إشكالات عظيمة، فترتفع الأصوات ، ويعلو الضجيج ، وتسود الفوضى بين أصحاب الحملة ، حتى حصل لبعضهم إغماء من شدة ما وجد من المصائب التي جرت له .

ثالثاً : اختلاف الدعوة عن الحقيقة:
فعندما تحضر إلى موقع الحملة تجد الوعود الجميلة ، والمواثيق العظيمة ، في توفير سبل الراحة ، فالموقع قريب جدا جدا من الجمرات ، وإذا بك تفاجأ أن الحملة في أعلى الجبل فماذا يصنع الشيخ الكبير ؟ وماذا تصنع المرأة العجوز ؟ وأحيانا يعدون الناس بصنوف معينة من الطعام ولا يوفون بها، وربما قالوا عن أنفسهم أنهم أصحاب خبرة طويلة ، وتجربة مديدة ، والواقع أنهم حدثاء عهد بهذه الصنعة ،وطائفة أخرى من أصحاب الحملات يعلن أن معه مجموعة من العلماء وإذا بنا نجد أنهم طلبة علم ربما يجهلون الكثير من الأحكام الشرعية ، وربما سبب له الوقوع في القول على الله بلا علم ،و إذا كان سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - يسأل أحيانا عن مسائل في الحج فيقول : هذه تحتاج إلى بحث ومراجعة. فماذا نقول لأصحاب الحملات الذين يأخذون صغار طلبة العلم لتوجيه الناس وإفتائه ؟ وبعضهم يبتكر طريقة جديدة ليتتابع الناس عليه، فيعلن أن الحملة قد أغلقت أبوابها في وقت مبكر، مما يسبب وفود الناس إلى صاحب الحملة والبحث عمن يشفع له؛ ليشارك في هذه الحملة ..وهكذا يتم الأمر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأعظم من ذلك كله ما يفعله أصحاب الحملات الخارجية مع حجاج الخارج من عدم وجود الموجهين الناصحين ، والإبقاء على جهلهم ، والذي يرى شوارع منى في الليل والنهار يعلم مدى التقصير الكبير الذي يفعله أصحاب الحملات مع حجاج بيت الله الحرام فهل من محاسب على هذا التفريط ؟!!

توجيهات واقتراحات :
أولاً : عقد دورات إدارية لأصحاب الحملات حتى يتم رفع مستوى الكفاءة في الأداء ويمكن أن يقوم بذلك وزارة الحج، بأن تضع من شروط إعطاء التصاريح أن يكون صاحب الحملة قد أخذ دورة إدارية في هذا المجال ، ويمكن أن يقوم بهذا الأمر أصحاب الحملات أنفسهم من خلال إقامة دورات يشارك فيها الراغب بمبالغ مالية .
ثانياً: البعد عن الجشع والطمع، فقليل دائم خير من كثير منقطع، ومن أعظم أسباب فشل الحملات هو طمع بعضهم في الربح الزائد، ونحن لا نحسد هؤلاء على ما أفاء الله عليهم من الخير ،فنسأل الله أن يضاعف لهم ،وأن يزيدهم و لا ينقصهم، و لكن الواجب لابد من القيام به؛ حتى يخلي الإنسان ذمته أمام الله –تعالى-، وحتى يسلم من دعوات بعض الحجاج الذين شعروا بالظلم في المعاملة ، ولتعلم يا صاحب الحملة أنك قد جمعت بين خيري الدنيا والآخرة فاحتسب الأجر والثواب في خدمة هؤلاء الحجاج، وتوفير الأجواء المناسبة للعبادة والذكر والتسبيح .
ثالثاً: الاهتمام بالجوانب الدعوية والتربوية، ووضع الأهداف التي يمكن أن تغرس في هؤلاء الحجاج خلال هذه الأيام اليسيرة، ومن ثم توضع البرامج المفيدة التي تحقق تلك الأهداف المرسومة ، والتي من خلالها يستغل الحاج وقته فيما ينفع ويفيد .
رابعاً: التركيز على أداء الحج كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم -، وأن يعينوا الناس على تطبيق السنة في أداء الحج خاصة أن معظم الحجاج قد تكون هذه الحجة هي حجة الإسلام فيتقون الله -تعالى - في أن ينصحوا لإخوانهم .
خامساً: استضافة الحملة لبعض الدعاة من خارج هذه البلاد؛ ليلتقوا بإخوانهم ، ويشرحوا لهم واقع مجتمعاتهم، ويستفيدوا من الحاضرين في توجيه أو اقتراح أو فائدة.
سادساً: ألا يقتصر دور الحملة على أصحابها فقط ، بل تساهم بشيء من أرباحها في توزيع الكتب والأشرطة على الحجاج، وتحريك الحجاج في توزيع ذلك في مختلف المشاعر ، ولماذا لا يفعل أصحاب الحملات ذلك والشركات الغربية تخصص جزءاً من أرباحها لمجلس الكنائس العالمي ،فأهل الإسلام أولى وأحرى بخدمة دينهم، والإنفاق في سبيل نشر الخير بين الناس .
سابعاً: الصدق والأمانة في التعامل مع الناس ، فيجعل شعاره في حملته الصدق والأمانة ، ومن فعل ذلك فليعلم أن الله -تعالى - سيفتح له أبواب الرزق يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما" أخرجه البخاري (2079)، ومسلم (1532).
ثامناً: أن يكون لأصحاب الحملة لقاءات ودية مع حملات أخرى من أجل الاستفادة من الخبرة، وتبادل الآراء، وطرح سبل العلاج للمشاكل التي تواجه أصحاب الحملات.
تاسعاً: أن يكون لدى صاحب الحملة أو المشرف على الحملة دفتر للملاحظات، يسجل فيه جميع الأخطاء التي حصلت له في ذلك العام؛ حتى يتلافها ويفكر في علاجها للعام القادم.
عاشراً: تشجيع أفراد الحملة على فعل الخير، وفتح المشاريع لهم كحثهم على المشاركة في توزيع السقاية يوم عرفة أو في مزدلفة أو في منى أو توزيع الكتب والأشرطة، أو توزيع الأطعمة المتبقية من الحملة، و أيضا تحريك الطاقات الموجودة في الحملة في المجال الذي يخصه، ويمكن معرفة ذلك عند تسجيل الحجاج، يسأل الرجل عن عمله من أجل التنسيق معه في عمل ينفع الدعوة إلى الله –تعالى-.
الحادي عشر: من أهم القضايا التي يجب أن يتنبه لها أصحاب الحملات (خطة السير) فإن استطاع أصحاب الحملة النجاح في هذا الأمر؛ تعد الحملة ناجحة، ولذا كان لزاماً عليهم أن يخصصوا أناسا لهم معرفة كاملة بالمشاعر بحيث يستطيع الوصول إلى موقعه بأقل مدة زمنية ممكنة . وهنا أنبه إلى عدة أمور في عملية السير:
أ. محاولة جمع العزاب في سيارة واحدة منذ انطلاقهم من المنطقة التي يسكنون فيها ، والحكمة من ذلك : أن أصحاب الأعذار يمكن لهم أن يتعجلوا ليلة العيد لرمي الجمار وهم يبقون في مزدلفة لتطبيق السنة .
ب. الراغب من أصحاب العوائل في البقاء ليلة العيد يوضع مقعده مع العزاب .
ج. الذين ابتلاهم الله -تعالى - ببعض الأمراض كالسكر، والقلب، ونحوه يحاول أن يجمع هؤلاء في سيارة واحدة، حتى لا يؤخروا غيرهم من أفراد الحملة؛ لأنهم قد يحتاجون إلى الوقوف كثيرا مما يسبب تأخير الحملة وعدم وصولها في الوقت المناسب.
د. أن يكون المشرف على الحافلة عنده خلفية كاملة عن خطة السير لهذه الحافلة وأين يقف ؟ وفي أي مكان يقف ؟ حتى يشعر الحجاج أن العملية منظمة ومرتبة.
هـ. أن يستأجر صاحب الحملة محطة كاملة من أجل خدمة أفراد الحملة وحتى لا يتأخروا في السير ، ويجدوا بغيتهم جاهزة و في الوقت المحدد من قبل أصحاب الحملة.
و. أن يُنَبَّهَ سائقو الحافلات أن تكون السيارة ممتلئة وقودا؛ حتى لا يعطل حركة السير.
ز. أن يضع لكل حافلة مشرفين خاصين لخدمة الحجاج دائماً،فيقوم هؤلاء بسقاية الركاب ، وتوفير ما يحتاجه الركاب من أطعمه أو شراء أغراض خاصة بهم ونصب الأشرعة في مزدلفة ونحو ذلك من الأعمال .
ح. أن يوضع لكل راكب بطاقة، ويوضع فيها رقم الحافلة الذي يركب فيه دائماً هو وأهله، ورقم الخيمة التي يسكن فيها، ورقم الفراش الذي ينام عليه.
ط. أن ينبه صاحب الحملة ركابه بعدة تنبيهات:
ـ أن يوفر كل واحد منهم ملابس الإحرام .
ـ ألا تلبس المرأة النقاب لحرمته في الإحرام .
ـ ألا تلبس القفازين .
ـ ألا تضع العباءة على الكتف .
ـ أن ينبهم بخطة السير .
ي. أن يضع لكل حافلة مشرف ثقافي لإفادة الركاب أثناء السير ، وتسلم لهذا المشرف حقيبة يوجد فيها المسابقات والأشرطة المقترحة ـ صوتية ومرئية ـ وجوائز وهدايا للراكب .
ك. أن يضع للقادمين على الطائرة حافلات خاصة بهم بعداً عن الفوضى إلا أن يكون قد حُسِب مكانه في الحافلة عند تسجيله بحيث يكون مكانه معروفاً هو ومن معه من أهل.
الثاني عشر: أن يكون في بداية الحملة عند وصول أفرادها في منى لقاء مع المشرفين حتى يعلم مسؤول المواصلات ، و المشرف الاجتماعي ، والمشرف الثقافي ونحو ذلك بحيث من أراد شيئا ما يطلب من هؤلاء المشرفين كل في مجاله وتخصصه .
الثالث عشر: الاستفادة من لحوم الهدي بإطعام أفراد الحملة منه؛ وذلك لتطبيق السنة في الأكل من الهدي، ومحاولة تنسيق ذلك مع مفتي الحملة؛ ليوضح للناس هذا الأمر .
الرابع عشر: محاولة أن يكون المخيم صالة واحدة، من أجل الصلاة و المحاضرات، وأهم من ذلك عند وضع المحاضرات ما يشعر بعض أفراد الحملة بالظلم فالمحاضرات دائماً عندهم وغيرهم يذهب ليكمل نومه وراحته ، وإن تستطع الحملة فعل ذلك، فيوضع في أول التسجيل من يرغب البقاء في خيمة المحاضرات؛ حتى لا يقع الإحراج والمضايقة.
الخامس عشر: الأمور الثقافية:
ـ وضع منصة خاصة للمحاضرات .
ـ وضع ملصقات داخل الحملة للتذكير ببعض الأعمال والآداب .
ـ وضع لقاءات متعددة مع طلبة العلم ، ومن رغب المشاركة يجلس مع من أحب؛ ليتداول كل واحد من هؤلاء قضية معينة أو حديثا مفيدا .
ـ وضع مشرفات ثقافيات في الحملة لإلقاء الدروس الوعظية على النساء ومتابعة المسابقات وتسميع القرآن والسنة والأذكار ونحو ذلك .
ـ وضع الجوائز القيمة على المسابقات المهمة كمسابقات حفظ سورة من القرآن أو جزء أو نحو ذلك ، وترصد له جائزة قيمة تشجع الناس للمشاركة فيها .
السادس عشر : الأمور الاجتماعية:
ـ وضع مشرفين لمتابعة العملية الاجتماعية .
ـ وضع عمال لخدمة الحجاج وإعطائهم وجباتهم الغذائية .
ـ وضع جهاز أتترفون ـ للرجال والنساء ـ من أجل إجابة شيخ الحملة على استفساراتهم أو من أجل طلب مشروب أو مأكول من مطبخ الحملة .
ـ العناية بنظافة المكان وترتيبه جيداً .
ـ أن يوضع فوق كل حاج ما يضع عليه أغراضه وحقائبه .
ـ أن يوضع بين كل حاج وآخر (مركا)؛ ليتكأ عليها، ويضع عليها مصحفه وكتابه .
ـ أن يضع في عرفة أيضا ما يتكأ عليه الحاج حتى يؤدي نسكه براحة ، ويمكن أن تستأجر وقت الحج .

وقفة أخيره : من المشاكل التي يعاني منها الحجيج هي عدم وجود المرشد الديني ولعلاج هذه القضية : تنشأ إذاعة تبث من خلالها أحكام المشاعر بجميع اللغات ، ويُصْرَفُ لكل حاج جهاز مذياع صغير عند المنافذ؛ ليستفيد منه في سماع التوجيه والتعليم ، وبهذا نقضي على هذه المشكلة ، ولعل أهل الاختصاص يعيدون النظر في هذا المشروع؛ لينفذ في العام القادم - بإذن الله تعالى -.

هذه بعض الأفكار والمقترحات التي جادت بها القريحة، ولولا ضيق الوقت لتنفسنا أكثر لما في ذلك من الخير الكبير لإخواننا المسلمين، أسأل الله - تعالى - أن يكلل المساعي بالنجاح وأن ييسر أمر الجميع لما يحبه ويرضاه، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

المصدر : شبكة الإسلام اليوم
 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

مختارات الحج

  • صفة الحج
  • يوميات حاج
  • أفكار الدعوية
  • رسائل للحجيج
  • المرأة والحج
  • المختارات الفقهية
  • أخطاء الحجيج
  • كتب وشروحات
  • عشرة ذي الحجة
  • فتاوى الحج
  • مسائل فقهية
  • منوعات
  • صحتك في الحج
  • أحكام الأضحية
  • العروض الدعوية
  • وقفات مع العيد
  • مواقع الحج
  • الرئيسية