اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/mktarat/ramadan/753.htm?print_it=1

التعليق على أحاديث كتاب الصيام من كتاب رياض الصالحين

عبدالله بن محمد الحسين أباالخيل
@aabb8010


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة في التعليق على أحاديث كتاب الصيام من كتاب رياض الصالحين

قال المؤلف : 217- باب وجوب صوم رمضان وبَيان فضل الصّيام وما يتعلق به ، قال اللَّه تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم } إلى قوله تعالى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر } الآية. وأما الأحاديث فقد تقدمت في الباب الذي قبله .
1223 – وَعنْ أَبي هُريرة رضِي اللَّه عنْهُ ، قال : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « قال اللَّه عَزَّ وجلَّ : كُلُّ عملِ ابْنِ آدم لهُ إِلاَّ الصِّيام ، فَإِنَّهُ لي وأَنَا أَجْزِي بِهِ ، والصِّيام جُنَّةٌ فَإِذا كَانَ يوْمُ صوْمِ أَحدِكُمْ فلا يرْفُثْ ولا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سابَّهُ أَحدٌ أَوْ قاتَلَهُ ، فَلْيقُلْ : إِنِّي صَائمٌ ، والَّذِي نَفْس محَمَّدٍ بِيدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائمِ أَطْيبُ عِنْد اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ ، للصَّائمِ فَرْحَتَانِ يفْرحُهُما : إِذا أَفْطرَ فَرِحَ بفِطْرِهِ ، وإذَا لَقي ربَّهُ فرِح بِصوْمِهِ » متفقٌ عليه ، وهذا لفظ روايةِ الْبُخَارِي ، وفي رواية له : « يتْرُكُ طَعامَهُ ، وَشَرابَهُ ، وشَهْوتَهُ ، مِنْ أَجْلي ، الصِّيامُ لي وأَنا أَجْزِي بِهِ ، والحسنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا » ، وفي رواية لمسلم : « كُلُّ عَملِ ابنِ آدَمَ يُضَاعفُ الحسَنَةُ بِعشْر أَمْثَالِهَا إِلى سَبْعِمِائة ضِعْفٍ ، قال اللَّه تعالى : « إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وأَنا أَجْزي بِهِ : يدعُ شَهْوتَهُ وَطَعامَهُ مِنْ أَجْلي ، لِلصَّائم فَرْحتَانِ : فرحة عند فطره ، فَرْحةٌ عِنْدَ لقَاء رَبِّهِ ، ولَخُلُوفُ فيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ ريحِ المِسْكِ » .
1224 – وعنهُ -أبي هريرة – أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَين في سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْواب الجَنَّةِ : يَا عَبْدَ اللَّهِ هذا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَان مِنْ أَهْلِ الصَلاةِ دُعِي منْ باب الصَّلاةِ ، ومَنْ كانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِي مِنْ باب الجِهَادِ ، ومَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصِّيامِ دُعِيَ مِنْ باب الرَّيَّانِ ، ومنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّدقَة دُعِي مِنْ باب الصَّدقَةِ » قال أبو بكرٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : بأَبي أَنت وأُمِّي يا رسولَ اللَّه ما عَلى مَنْ دُعِي مِنْ تِلكَ الأَبْوابِ مِنْ ضَرُورةٍ ، فهلْ يُدْعى أَحدٌ مِنْ تلك الأَبْوابِ كلِّها ؟ قال : « نَعَم وَأَرْجُو أَنْ تكُونَ مِنهم » متفقٌ عليه .
1225- وعن سهلِ بنِ سعدٍ رضي اللَّه عنهُ عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّ فِي الجَنَّة باباً يُقَالُ لَهُ : الرَّيَّانُ ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ ، لا يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم ، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ ؟ فَيقومونَ لا يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غيرهم ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ » متفقٌ عليه .
1226 – وعَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللَّه عنهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ : « مَا مِنْ عبْدٍ يصُومُ يَوماً في سبِيلِ اللَّه إِلاَّ باعَدَ اللَّه بِذلك اليَومِ وجهَهُ عَن النَّارِ سبعينَ خرِيفاً » متفقٌ عليه .
1227 – وعنْ أَبي هُرَيرةَ رضيَ اللَّه عنهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً واحْتِساباً ، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذنْبِهِ » متفقٌ عليه
– 1228 – وعنهُ رضيَ اللَّهُ عنهُ ، أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « إِذا جَاءَ رَمَضَانُ ، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجنَّةِ ، وغُلِّقَت أَبْوَابُ النَّارِ ، وصُفِّدتِ الشياطِينُ » متفقٌ عليه .

مسائل الباب :

1) لفتات وإشارات على آية فرض الصيام :

الأولى : صدرتْ الآية ب(يا أيها الذين آمنوا …) الآية . ذكر السعدي أن هذا النداء يوحي بأمرين :

الأمر الأول : دعوة لهم أن يتمموا إيمانهم ويكملوه بالشرائع الظاهرة والباطنة . الأمر الثاني : دعوة لهم إلى شكر نعمة الإيمان ببيان تفصيل هذا الشكر وهو الانقياد التام لأمره ونهيه .

الأمر الثاني : في قوله ( كما كتب على الذين . ) الآية ، التكليف شاق على النفس فتحتاج إلى عون ودفع لها لتنهض به وتستجيب له ، فراعى الشرع هذا الجانب ، وبين أن الصيام مفروض على من سبق فهي ليست الوحيدة التي قامت بهذا الأمر فالطريق مسلوكة ، وهي دعوة للتنافس مع من سبق ، وهم ليسوا بأفضل منكم .

الثانية : في قوله (أيام معدودات ..) الآية ، فهي أيام قليلة تصام تباعاً وتنقضي سراعاً وليست كل العمر ؛ وهذا توجيه وتسلية وتعليل من أجل ترويض النفوس لقبول تلك العبادة .

الثالثة : في قوله ( لعلكم تتقون …) الآية ، شرع الصيام لأجل تحقيق التقوى في النفوس لا لإتعاب النفس والمشقة عليها ؛ فهو يدرب على مراقبة المولى وهو معين على الاستكثار من العبادات لخلو الجوف من الطعام .

2) قوله صلى الله عليه وآله وسلم ” لخلوف فم الصائم أطيب عند الله ..” ” يوم القيامة ” كما في رواية مسلم ، وهذا هو ظهور أثر العبادة ، وهذا شعار المؤمنين يوم القيامة في الوضوء التحجيل ، وفي الفم رائحة الطيب كما قال ابن حبان .

3) سبب إضافة الصيام إلى الله عز وجل . من أجمل ما قيل في ذلك أن الصوم بعيد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة ونحوها ، ولكونه ليس للصائم ونفسه حظ فيه .

4) قوله سبحانه وتعالى “وأنا أجزى به ” فكل عمل يضاعف إلى أضعاف كثيرة إلا الصيام فلا حصر لتضعيفه كما قال الأوزاعي ” ليس يوزن لهم ولا يكال ، وإنما يغرف لهم غرفا ” على قوله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) وقد جاء تسمية شهر الصيام بشهر الصبر كما في حديث عند أحمد والنسائي .

5) المراد ب ” زوجين ” أي أنفق شيئين من أي صنف من أصناف المال ، والمراد ” في سبيل الله ” عند الإطلاق يراد به الجهاد ، فقد ذكر ابن حجر في الفتح أنه يأتي على معنى الجهاد فعن أبي هريرة ” ما من مرابط يرابط في سبيل الله فيصوم يوماً في سبيل الله ” ، وجاء في معنى طاعة الله تعالى ” …يوماً في سبيل الله ابتغاء وجه الله عز وجل ” ، والبخاري ساق في كتاب الجهاد ” باب فضل الصوم في سبيل الله ” ، وبوب باباً آخر في هذا الكتاب – الجهاد – : باب فضل النفقة في سبيل الله ، وقد يدل على هذا الوجه حديث القرآن في سورة البقرة عن النفقة قال تعالى (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله …) الآية .

6) قال العلماء الصيام في الجهاد أفضل فيمن لا يضعفه ولا يتضرر به لاجتماع فضيلتان ، وقد جاء ما يفيد أن ذلك في صيام التطوع كما في مسند أبي يعلي ” من صام يوماً في سبيل الله متطوعاً في غير رمضان ” وضعفه الألباني .

7) أبواب الجنة ثمانية كما جاء ذلك في الصحيحين ، وأبواب جهنم سبعة كما في سورة الحجر ، وجاء تسمية أربعة أبواب للجنة في هذا الحديث ، قال ابن حجر : وبقي من الأركان الحج فله باب بلا شك ، وأما الثلاثة فمنها باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس كما عند أحمد عن الحسن مرسلا ، …، والباب الأيمن باب المتوكلين كما في صحيح البخاري في تفسير سورة الإسراء باب (ذرية من حملنا مع نوح …) ، وأما الباب الثالث فلعله باب الذكر ، فعند الترمذي ما يؤمي إليه ، ويحتمل أن يكون باب العلم ، ونقل النووي عن القاضي عياض في شرح مسلم في أبواب الجنة ؛ باب التوبة وباب الكاظمين وباب الراضين .

8) قول أبو بكر ” ما على من دعى من تلك الأبواب ” سعى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأراد أعلى وأكمل المطالب وهو أن يدعى منها كلها لا من واحد فقط ، وقد جاء ما يدل على دعاءه من جميع الأبواب الثمانية فعند ابن حبان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” أجل –أي نعم – هناك من يدعى منها كلها ، وأنت هو يا أبا بكر ” ، ومن اجتمعت فيه تلك الخلال دعي من جميع الأبواب على سبيل التكريم له ، وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد ، ولعله يدخل من باب العمل الذي يكون أغلب عليه فهو أفضل في حقه ، فيختاره لا مجبوراً ولا ممنوعا من الدخول من غيره ، فإذا أكثر المرء من عمل تطوعاً فوق ما وجب حتى عرف به دعي من بابه في الجنة ، وقال ابن حجر : على قوله “ما على من دعي …” من أكثر من شيء عرف به ، وعند أحمد ” لكل أهل عمل باب يدعون من بذلك العمل ؛ فلأهل الصيام باب يدعون …” ، وأقل الإكثار في الصيام فيما يظهر والله أعلم صيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عمرو ” صم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله ” وتفسير ذلك ما جاء عند النسائي والترمذي من حديث أبي هريرة وأبي ذر ” من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها …) اليوم بعشرة أيام ..” الحديث ، وصححه الألباني ، وأبو بكر رضي الله عنه سبق إلى الخير قبل أن يدعى إليه ففي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :” قال يوماً :من أصبح منكم اليوم صائماً ؟ قال أبو بكر الصديق : أنا ، قال فمن اتبع منكم جنازة ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : من أطعم منكم اليوم مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ، قال أبو بكر ك أنا ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ” ما اجتمعن في رجل في يوم إلا دخل الجنة ” وآية سورة المؤمنون تصوره أجمل تصوير قال تعالى ( أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون …) .

9) تسمية باب الصائمين بالريان لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائم ، والري أولى من الشبع لكون العطش أشق على الصائم من الجوع ، وجاء عند الترمذي ” من دخله لم يظمأ أبداً ” وصححه الألباني .

10) ساق البخاري هذا الحديث في “من صام رمضان ..”عدة مواضيع من صحيحه ومنها في كتاب الصوم باب من صام رمضان إيماناً واحتساباً ونية ، ولهذا فالمغفرة الموعودة هنا مشروطة بشروط :
1- أن يصوم إيماناً بالله ورسوله وتصديقاً بفرضية الصيام وما أعده الله تعالى للصائمين من جزيل الأجر .
2-أن يصوم احتساباً إلى طلباً للأجر والثواب بمعنى مخلصاً في عمله لا رياء ولا تقليداً ولا تجلداً ، ويصوم بطيب نفس غير كاره له ولا مستقلا لأيامه .
3- أن يجتنب كبائر الذنوب ، ودليله ” الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ” رواه مسلم .

11) هل المغفرة لكل الذنوب أم مخصوصة بالصغائر فقط ، قال النووي : المعروف أنه يختص بالصغائر ، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : والصحيح قول الجمهور أن الكبائر لا تكفر بدون توبة ، وقال : ولو كانت الكبائر تقع مكفرة بالوضوء والصلاة …لم يحتج إلى التوبة ، وهذا باطل بالإجماع .

12) في حديث ” صفدتْ ..” الشياطين لا يخلصون إلى افتنان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره لاشتغالهم بالصيام الذي فيه قمع للشهوات ، والشياطين إنما يخلصون إلى من لا يصوم أو يصوم عن الحلال ويقع في الحرام ، والمصفد من الشياطين هم المردة كما جاء في الروايات ” تغل فيه مردة الشياطين ” وفي رواية “مردة الجن ” ، فالمقصود تقليل الشرور فيه ، وهذا أمر محسوس فإن وقوع ذلك فيه أقل من غيره ؛ ولا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شر ولا معصية لأن لذلك أسباباً غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الإنسية .

13) من فضائل شهر رمضان ما جاء عند الإمام أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ” أتاكم رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب السماء ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ” صححه الألباني في صحيح النسائي ، وعند الترمذي وابن ماجه ” وفتحت أبواب الجنة ولم يغلق منها باب ، وينادي مناد : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار ، وذلك في كل ليلة ” وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

14) ومن فضائله ما جاء عند الطبراني عن عبادة مرفوعاً : ” أتاكم رمضان ، شهر بركة يغشاكم الله فيه ، فتنزل الرحمة ، وتحط الخطايا ، ويستجيب فيه الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم ملائكته ؛ فأروا الله من أنفسكم خيرا ” رواه المنذري في الترغيب والترهيب ، وضعفه الألباني ، وذكره ابن رجب في اللطائف .
 



قال المؤلف : 218- باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذلك في العشر الأواخر منه .
1230 – وعن ابنِ عباسٍ رضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللهِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ » متفقٌ عليه .
1231- وعَنْ عائشة رَضَيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ مِنْ رمَضَانَ ، أَحْيا اللَّيْلَ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَه ، وَشَدَّ المِئزرَ » متفقٌ عليه .
مسائل الباب :

1) تعليقات :

1- من المناسب تقديم حديث رقم (1202) من أحاديث باب -214- فضل قيام ليلة القدر . هنا في هذا الباب ، وهو : وَعَنْ عائشة قَالَتْ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَجْتَهِدُ فِي رَمضانَ مَالا يَجْتَهِدُ في غَيْرِهِ ، وفي العَشْرِ الأَوَاخِرِ منْه ، مَالا يَجْتَهدُ في غَيْرِهِ » رواهُ مسلمٌ ، خاصة بعد الحديث عن فضائل الشهر .

2- ساق المؤلف حديث رقم -1231- في هذا الباب مرة آخرى في : 214- باب فضل قيام ليلة القدْر ..، ورقمه هناك (1201) ، ومن المناسب أن يكون الحديث عنه في باب فضل قيام ليلة القدر إن شاء الله تعالى ، وقال الألباني على هذا الحديث ” وَجَدَ ” هي لمسلم فقط ، وهي مذكورة في باب فضل قيام الليل ، ولم تذكر هنا في هذا الباب .

2) قال ابن القيم : وكان من هديه صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات ….، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والاعتكاف ، وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره به من الشهور .
3) مدارسة القرآن في رمضان :
1- القرآن أنزل في رمضان (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن …) الآية .
2- القرآن أنزل للتدبر قال تعالى ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته …) لا لمجرد القراءة ، وإن كان في مجرد التلاوة أجر ، وقد ذم الله سبحانه وتعالى الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة . فقال تعالى (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني …) والأماني هي مجرد التلاوة ، قال الحسن البصري : نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملا ، وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما : أن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم ؛ فكانوا يتدبرونها بالليل ، ويتفقدونها في النهار ، وقال ابن الجوزي : التدبر هو المقصود من القراءة ، وقال ابن القيم : فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر ، وقال : فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها ، وقال ابن تيمية : من تدبر القرآن طالباً الهدى منه تبين له طريق الحق .
3- أفضل أوقات القراءة : قال النووي : وأما القراءة في غير الصلاة فأفضلها قراءة الليل ، وأما قراءة النهار فأفضلها ما كان بعد صلاة الصباح ، ومن الشهور رمضان ، وقال ابن حجر : المقصود من التلاوة الحضور والفهم ؛ ولأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية .
4- قال ابن رجب : وإنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما الأوقات المفضلة كشهر رمضان وخصوصاً الليالي التي تطلب فيها ليلة القدر أو الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان .

5- كيف كان السلف يحزبون قراءة القرآن ..؟!
كان بالسور لا بالأجزاء كما قال ابن تيمية ، فقد جاء عن أوس بن حذيفة رضي الله عنه قال : سألت أصحاب النبي صلى الله عليه آله وسلم كيف تحزبون القرآن ..؟! قالوا : ” ثلاث ، وخمس ، وسبع ، وتسع ، وإحدى عشر ، وثلاث عشر ، وحزب المفصل وحده ” رواه أبو داود وأحمد وابن ماجه ، وضعفه الألباني ، واحتج به ابن تيمية في كيف التحزيب ، والطريقة كالتالي : اليوم الأول : من الفاتحة إلى نهاية سورة النساء، واليوم الثاني : من المائدة إلى نهاية التوبة ، واليوم الثالث : من يونس إلى نهاية الكهف ، والرابع : من سورة مريم إلى نهاية الفرقان ، والخامس : من الشعراء إلى نهاية يس ، والسادس : من الصافات إلى نهاية الحجرات ، والسابع : من ق إلى نهاية القرآن .

6- محفزات على قراءة القرآن الكريم :
1/ الحسنة بعشر أمثالها لحديث ابن مسعود رضي الله عنه ” من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول : آلم حرف ، بل : ألف حرف ولام حرف وميم حرف ” رواه الترمذي ، وصححه الألباني .
2/ أنه مهما تكررت قراءة القرآن من حافظ له وغيره فالحسنات تكتب للقاري بمجرد القراءة ولو كرر الآية مرات ، ولا يشعر القاري بالملل في قراءته بخلاف الكتب ونحوها ، فعن علي رضي الله عنه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « أَلاَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ ». فَقُلْتُ مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ، وفيه « …. وَلاَ يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ …. » ذكر ابن كثير في الفضائل أنه من كلام علي رضي الله عنه ، وجاء شاهد عن ابن مسعود من قوله في المسند .

والله أعلم .
 



قال المؤلف : 219 – باب النَّهْي عن تقدّم رمضانَ بصوم بعد نصف شعبان إلاَّ لمن وصله بما قبله ، أو وافق عادةً له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس فوافقه .
1234- (الحديث الثالث في هذا الباب)وعنْ أَبي هُريْرَةَ رضِيَ اللَّه عَنْهُ قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبانَ فَلا تَصُومُوا » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ .
1232 -(الحديث الأول) عن أَبي هُريرة رضيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا يتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكمْ رَمَضَانَ بِصَومِ يومٍ أَوْ يومَيْنِ ، إِلاَّ أَن يَكونَ رَجُلٌ كَانَ يصُومُ صَوْمَهُ ، فَلْيَصُمْ ذلكَ اليوْمَ » متفقٌ عليه.
1233 – (الحديث الثاني)وعن ابنِ عباسٍ ، رضيَ اللَّه عنهما ، قال : قالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا تَصُومُوا قَبْلَ رَمَضَانَ ، صُومُوا لِرُؤْيتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ حالَتْ دُونَهُ غَيَايةٌ فأَكْمِلوا ثَلاثِينَ يوماً » رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ صحيحٌ .« الغَيايَة » بالغين المعجمة وبالياءِ المثناةِ من تحت المكررةِ ، وهِي : السَّحَابةُ .
1235 – (الحديث الرابع في هذا الباب ) وَعَنْ أَبي اليَقظَان عمارِ بنِ يَاسِرٍ رضيَ اللَّه عنْهما ، قال : « مَنْ صَامَ اليَومَ الَّذِي يُشكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصَى أَبا القَاسِمِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم » رواه أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديثٌ حسن صحيحٌ .

مسائل الباب :


1) زيادة في تخريج أحاديث الباب :

الحديث الأول : ” إذا بقى …” صححه الألباني في صحيح الترمذي وصحيح الجامع ، ومشهور بلفظ ” إذا انتصف شعبان ، فلا تصوموا حتى يكون رمضان ” من حديث العلاء .
الحديث الثالث : ” لا تصوموا قبل رمضان ” حديث ابن عباس ، صححه الألباني .
الحديث الرابع :” من صام اليوم الذي يُشك ..” ورواه البخاري معلقا ، ووصله الخمسة أهل السنن وأحمد وصححه ابن حبان والألباني .

2) قدمتُ وأخرتُ بين الأحاديث لأجل ترتيب المسائل ؛ وهذا كله رأي واجتهاد .

3) قال العلماء : معنى الحديث ” لا يتقدمن أحدكم رمضان …” لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان ، قال الترمذي : لما أخرج هذا الحديث : العمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان .

4) الحكمة من النهي عن التقدم بصيام يوم أو يومين ؟.

الصحيح أن الحكمة تعلق الحكم بالرؤية ، فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في هذا الحكم ، وهذا هو المعتمد ، قاله ابن حجر في الفتح ، وذكر ابن حجر جمعاً بين الأحاديث : أن حديث العلاء ” إذا انتصف ” الذي هو حديث أبي هريرة رقم (1234) محمول على من يضعفه الصوم ، وحديث ” لا يتقدمن ” مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان . أ. هـ .

5) ما هو يوم الشك ؟.
هو يوم الثلاثين من شعبان يقال عنه أنه يوم الشك عندما لا تكون السماء صحواً ، فهذا هو يوم الشك ، لأن مع وجود الصحو فلا يسمى شكاً لعدم ما يمنع من رؤية الهلال .

6)حكم صيام يوم الشك ؟

القول الراجح ، لا يثبت دخول الشهر إذا كانت السماء غائمة ليلة الثلاثين من شعبان ، بل يحرم صومه ، لأنه يوم الشك الذي نهى عن صومه لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – مرفوعاً ” … فإن غُم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً ” .

هذا والله أعلم .



-220- باب ما يُقَالُ عِنْدَ رُؤْيَةِ الهِلالِ

1236 – عَنْ طَلْحَةَ بنِ عُبْيدِ اللَّهِ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إِذا رَأَى الهِلالَ قَالَ: « اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ علَيْنَا بِالأَمْنِ والإِيمَانِ ، وَالسَّلامَةِ والإِسْلامِ ، رَبِّي ورَبُّكَ اللَّه ، هِلالُ رُشْدٍ وخَيْرٍ » رواه الترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ ، وحسنه الألباني في صحيح الجامع .
1229 -¬ (الحديث السابع في باب وجوب صوم رمضان )وعنهُ – أبي هريرة -أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤيَتِهِ ، فإِن غمي عَليكم ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبانَ ثَلاثينَ » متفقٌ عليه ، وهذا لفظ البخاري ، وفي روايةِ مسلم : « فَإِن غُمَّ عَليكم فَصُوموا ثَلاثِينَ يَوْماً » .

مسائل الباب :

1) قوله ” إذا رأى ..” هل هذه السنة مشروعة لمن سمع بخبر الرؤية ؛ وإن لم يشاهد الهلال ، أم أنها خاصة لمن رأى الهلال فقط ، ظاهر الحديث أن ذلك خاص بمن رأى فقط – ابن عثيمين .

2) الظاهر أنه لو اكتمل الشهر لا يقال هذا الدعاء ؛ فالسنة مشروعة بالرؤية للهلال في إهلاله ؛ فما عٌلق بزمان وحال شرع فيه .

3) هذا الدعاء مشروع في رؤية هلال كل شهر .
4) رفع اليدين واستقبال الهلال أو الإشارة إليه غير مشروعة .

5) تعليق الصيام والفطر بالرؤية .
قال البخاري : باب قول النبي صلى الله عليه وسلم : ” إذا رأيتم الهلال فصوموا ، وإذا رأيتموه فأفطروا ” ، ولمسلم :” فإن أُغمي عليكم فاقدروا له ثلاثين ” ، وللبخاري : ” فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ” ، وله من حديث أبي هريرة : ” فإن غُبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين “. قال الليث : حدثني عقيل ويونس :” لهلال رمضان ” الفتح ( 4/135 ) ، وعنه – رضي الله عنه – عند أبي داود وابن حبان والحاكم وصححه قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه ، وصححه الألباني .

6) قال البسام : وإن اتفقت المطالع ، فحكمهم واحد في الصيام والإفطار ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى . أ.هـ ، وقيل : اتحدت أو اختلفت اختلافاً غير مؤثر فالحكم واحد ، وإن اختلفت اختلافاً مؤثراً في إمكان سبق الشمس للهلال ، فإن البلد الغربي يتبع الشرقي من غير عكس .

7) هل الحساب الفلكي معتبر في دخول الشهر .
في أحاديث الباب دليل على أنه لا يعتمد على قول أهل الحساب في دخول الشهر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله سلم علق الحكم بالرؤية لا بالحساب ، وهذا ما عليه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية .

هذا والله أعلم
 



221- باب فَضْلِ السُّحورِ وتأخيرِهِ ما لم يَخْشَ طُلُوع الفَجْرِ

1237 – عنْ أَنسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « تَسَحَّرُوا فَإِنَّ في السُّحُورِ بَركَةً » متفقٌ عليه .
1238 – وعن زيدِ بن ثابتٍ رَضيَ اللَّه عَنْهُ قال : تَسحَّرْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ثُمَّ قُمْنَا إِلى الصَّلاةِ . قِيلَ : كَمْ كانَ بَيْنَهُمَا ؟ قال : قَدْرُ خَمْسونَ آيةً . متفقٌ عليه .
1239 – وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللَّه عَنْهُمَا ، قالَ : كانَ لرسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مُؤَذِّنَانِ : بلالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ . فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ بلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ » قَالَ : وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هذا وَيَرْقَى هذا ، متفقٌ عليه .
1240 – وعَنْ عمْرو بنِ العاصِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « فَضْلُ ما بيْنَ صِيَامِنَا وَصِيامِ أَهْل الكتاب أَكْلَةُ السَّحَرِ » . رواه مسلم .
مسائل الباب :
1) قال ابن قاسم في الإحكام شرح أصول الأحكام : أجمع العلماء على أن تأخير السحور سنة متبعة .

2) متى يقال أن هذا تأخير للسحور ..؟!
سئل زيد : كم بين الأذان والسحور ؟ قال : قدر خمسين آية ، وفي حديث عائشة وابن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إن بلالاً يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ” . وفي رواية : ” فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ” رواه البخاري ومسلم والنسائي ومالك . وفي رواية لهما : ” ولم يكن بينهما إلا أن ينـزل هذا ويصعد هذا أو يرقى هذا ” ، قال ابن حجر ” قدر خمسين آية “أي متوسطة لا طويلة ولا قصيرة ، لا قراءة سريعة ولا بطيئة .

3) بما يحصل به السحور ؟
يحصل بأقل ما يتناوله المرء من مأكول أو مشروب ، وقد أخرج أحمد من حديث أبي سعيد بلفظ : ” السحور بركة فلا تدعوه ، ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين ” قال محققو المسند : حديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع بلفظ ” السحور أكله بركة “، ولسعيد بن منصور من طريق أخرى مرسلة : ” تسحروا، ولو بلقمة” وجاء عند أبي داود من حديث أبي هريرة : ” نعم سحور المؤمن التمر ” وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

4) حكم الأكل والشرب أثناء الأذان .
عند أبي داود عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إذا سمع أحدكم النداء ، والإناء على يده ، فلا يدعه ” . وفي رواية : ” فلا يضعه حتى يقضي حاجته” وإسناده صحيح ، وهي رواية أحمد في المسند ، والطبري في التفسير ، والحاكم وصححه ، وصححه الألباني ، ويقول ابن باز : أما إذا كان الأذان بالظن والتحري حسب التقاويم فإنه لا حرج في الشرب أو الأكل وقت الأذان ، وقال والأحوط للمؤمن والمؤمنة الحرص على إنهاء السحور قبل الفجر عملا بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم “دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ” ، ويقول ابن عثيمين : وأما إذا كان يؤذن عند طلوع الفجر ظناً لا يقيناً كما هو الواقع في هذه الأيام فإنه له أن يأكل ويشرب إلى أن ينتهي المؤذن من الأذان .

5) ما سبب الحث على تأخير السحور ؟
أ- المخالفة لأهل الكتاب فيه ، فقد جاء في مسلم عن عمرو بن العاص : ” فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ” ورواه الترمذي وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم العلة في التعجيل مخالفة أهل الكتاب في التأخير ، فأكلة السحور شرعت مفاصلة عن أفعال أهل الكتاب كما في هذا الحديث .
ب- السحور بركة ، من بركته متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فعن عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر ، فقال : ” إنها بركة أعطاكم الله إياها فلا تدعوه ” أخرجه النسائي ، وصححه الألباني في صحيح النسائي ، وجاء أيضاً أن أكلة السحر تسمى الغداء المبارك عند أبي داود والنسائي عن العرباض بن سارية وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

هذا والله أعلم.
 



222- باب فَضْل تَعْجِيل الفِطْرِ وما يُفْطَرُ عَليهِ وما يَقُولُهُ بَعْدَ إْفطَاره

1241 – عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « لا يَزالُ النَّاسُ بخَيْرٍ مَا عَجلوا الفِطْرَ » متفقٌ عليه .
وأما لفظة ” وأخروا السحور ” فهي رواية قد انفرد بها الإمام أحمد في المسند من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ” لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر “، وإسناده ضعيف . قاله محقق عمدة الأحكام ( 138 ) ، حديث أبي ذر منكر بهذا التمام كما قاله الألباني – الإرواء ( 1/33 ) ح ( 917 ) .
1242 – وعن أَبي عَطِيَّةَ قَالَ : دخَلتُ أَنَا ومسْرُوقٌ على عائشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا فقَالَ لهَا مَسْرُوقٌ : رَجُلانِ منْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كلاَهُمَا لا يَأْلُو عَنِ الخَيْرِ : أَحَدُهُمَا يُعَجِّلُ المغْربَ والإِفْطَارَ ، والآخَرُ يُؤَخِّرُ المغْرِبَ والإِفْطَارَ ؟ فَقَالَتْ : مَنْ يُعَجِّلُ المَغْربَ وَالإِفْطَارَ ؟ قالَ : عَبْدُ اللَّه ¬ يعني ابنَ مَسْعودٍ ¬ فَقَالَتْ : هكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، يصْنَعُ . رواه مسلم ، قوله : « لا يَأْلُوا » أَيْ لا يُقَصِّرُ في الخَيْرِ .
1243 – وَعَنْ أَبي هُريرَةَ رَضِيَ اللَّه عنْهُ قالَ : قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: ” أَحَبُّ عِبَادِي إِليَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً ” رواه الترمذي وقالَ : حَديثٌ حسنٌ .
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال الله عز وجل : أحبُّ عبادي إليّ أعجلُهم فطراً ” رواه الترمذي وإسناده ضعيف ولكن له شواهد بمعناه يقوى بها [ جامع الأصول مع الحاشية ( 6/374-377)]، وقال الألباني في مقدمة تحقيق الرياض : في هذا التحسين نظر ؛ لأن مدار إسناده على قرة بن عبدالرحمن وهو ضعيف لسوء حفظه ، وقد بسطت أقوال العلماء في جرحه في الحديث الثاني من الإرواء .
1244 – وَعنْ عُمر بنِ الخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قال رَسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ ههُنَا وأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ ههُنا ، وغَرَبتِ الشَّمسُ ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصائمُ » متفقٌ عليه .
1245 – وَعَنْ أَبي إِبراهيمَ عبدِ اللَّهِ بنِ أَبي أَوْفى رَضِي اللَّه عنْهُمَا ، قالَ : سِرْنَا مَعَ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَهُوَ صائمٌ ، فَلَمَّا غَرَبتِ الشَّمسُ ، قالَ لِبْعضِ الْقَوْمِ : « يَا فُلانُ انْزلْ فَاجْدحْ لَنا ، فَقَال : يا رَسُول اللَّهِ لَوْ أَمْسَيتَ ؟ قالَ : « انْزِلْ فَاجْدَحْ لَنَا » قالَ : إِنَّ علَيْكَ نَهَاراً ، قال : « انْزلْ فَاجْدَحْ لَنَا » قَالَ : فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُمْ فَشَرِبَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ثُمَّ قالَ: « إِذا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ ههُنَا ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَائمُ » وأَشارَ بِيَدِهِ قِبَلَ المَشْرِقِ . متفقٌ عليه ، قوله : « اجْدَحْ » بجيم ثُمَّ دال ثم حاء مهملتين ، أَي : اخْلِطِ السَّوِيقَ بالماءِ .
– 1246 – وَعَنْ سَلْمَانَ بنِ عَامر الضَّبِّيِّ الصَّحَابيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُفْطِرْ عَلى تَمْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجدْ ، فَلْيُفْطِرْ على مَاءٍ فَإِنَّه طَهُورٌ » روَاهُ أَبو دَاودَ ، والترمذي وقالَ : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ . كان الألباني يصححه ثم ضعفه قولاً ، وصححه فعلاً من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم – الإرواء تحت حديث رقم (922) .
1247 – وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قالَ : ” كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى رُطَبَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيرْاتٌ ، فإِنْ لمْ تَكُنْ تُميرْاتٌ حَسَا حَسَواتٍ مِنْ ماءٍ ” رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ وحسنه الالباني .

مسائل الباب :

1) زيادة تخريج أحاديث باب : فضل تعجيل الفطر .

1- حديث « لا يَزالُ النَّاسُ بخَيْرٍ مَا عَجلوا الفِطْرَ » متفقٌ عليه ، وأما لفظة ” وأخروا السحور ” فهي رواية قد انفرد بها الإمام أحمد في المسند من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ” لا تزال أمتي بخير ما أخروا السحور وعجلوا الفطر “، وإسناده ضعيف . قاله محقق عمدة الأحكام ( 138 ) ، حديث أبي ذر منكر بهذا التمام كما قاله الألباني – الإرواء ( 1/33 ) ح ( 917 ) .
2- الحديث القدسي : ” أَحَبُّ عِبَادِي إِليَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْراً ” رواه الترمذي وقالَ : حَديثٌ حسنٌ .
وعنه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال الله عز وجل : أحبُّ عبادي إليّ أعجلُهم فطراً ” رواه الترمذي وإسناده ضعيف ولكن له شواهد بمعناه يقوى بها [ جامع الأصول مع الحاشية ( 6/374-377)]، وقال الألباني في مقدمة تحقيق الرياض : في هذا التحسين نظر ؛ لأن مدار إسناده على قرة بن عبدالرحمن وهو ضعيف لسوء حفظه ، وقد بسطت أقوال العلماء في جرحه في الحديث الثاني من الإرواء .
3- حديث «إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ ، فَلْيُفْطِرْ عَلى تَمْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجدْ ، فَلْيُفْطِرْ على مَاءٍ فَإِنَّه طَهُورٌ » روَاهُ أَبو دَاودَ ، والترمذي وقالَ : حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ ، وكان الألباني يصححه ثم ضعفه قولاً ، وصححه فعلاً من أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم – الإرواء تحت حديث رقم (922) .
4- حديث أَنَسٍ ” كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى رُطَبَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَتُمَيرْاتٌ ، فإِنْ لمْ تَكُنْ تُميرْاتٌ حَسَا حَسَواتٍ مِنْ ماءٍ ” رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ وحسنه الالباني .

2) ما حكم تعجيل الفطر ؟
– قال ابن قاسم في الإحكام شرح أصول الأحكام : أجمع العلماء على أن تعجيل الفطور … سنة متبعة .

3) متى يقال أن هذا عجل فطره ..؟!
قال البخاري باب متى يحل فطر الصائم ؟ وأفطر أبو سعيد الخدريُّ حين غاب قرص الشمس ، ثم ساق حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” إذا أقبل الليل .. ” .

4) ما سبب الحث على تعجيل الفطر ؟
أ- ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر ، لأن اليهود النصارى يؤخرون ” قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم وصححه ابن حبان ، وحسنه الألباني .
ب- ومن أسباب الحث أيضاً ظهور الدين وهو مستلزم لدوام الخير ” لا يزال الناس بخير ” وَ ” لا يزال الدين ظاهراً ” فتعجيل الفطر سبب لوجود الخير لأن الذي يؤخره يدخل في فعل خلاف السنة ، وهذا إظهار للسنة ، والخير كله في متابعتها ، والشر كله في مخالفتها ، فلا يزال أمر الأمة منتظماً وهم بخير ما حافظوا على سنة تعجيل الفطر ، وإذا أخروه كان علامة على فساد يقعون فيه ، ففساد الأمور بتركها .
ج- ومن أسباب الحث على التعجيل : أنه أرفق بالصائم وأقوى له على العبادة .

5) ما يفطر عليه الصائم :

في حديث أنس ” كان يفطر على رطبات قبل أن يصلي فإن لم يكن فعلى تمرات ، فإن لم يكن رطبات فَتُمَرَاتٍ… ” ورواه وأحمد وحسّنه الألباني في صحيح الجامع ، ونقل الألباني في الإرواء ما ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ ” كان إذا كان صائما لم يصل حتى نأتيه برطب وماء ، فيأكل ويشرب إذا كان في الصيف ، وإذا كان في الشتاء لم يصل حتى نأتيه بتمر وماء ” .

6)الاقتصار على الرطب والماء عند الفطر له فائدة طبية ، وهي ورود الطعام على المعدة الخالية بالتدرج حتى تتهيأ وتستعد لقبول الطعام …كما ذكره ابن القيم رحمه الله .

هذا والله أعلم .
 



223- بابُ أمرِ الصَّائمِ بحِفْظِ لسانِهِ وَجَوَارِحِهِ عَنِ المُخَالفَاتِ والمُشَاتَمَةِ وَنَحْوهَا

1248 – عنْ أَبي هُرَيرَةَ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحدِكُمْ ، فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قاتَلَهُ ، فَلْيَقُلْ : إِنِّي صائمٌ» متفقٌ عليه .
1249 – وعنهُ قال : قال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ لَمْ يَدعْ قَوْلَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ فلَيْسَ للَّهِ حَاجةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرَابهُ » رواه البخاري .
مسائل الباب :
1) زيادات في تخريج أحاديث الباب :
الحديث الأول :
وفيه ” الصيام جُنَّة ” وفي رواية ” من النار ” وفي رواية ” جنة وحصن حصين من النار ” وفي رواية ” الصيام جنة ما لم يخرقها ” وفي رواية ” بالغيبة ” ، ومن ألفاظه “فلا يجهل ” وفي رواية ” فلا يرفث ولا يجادل ” ، ومن ألفاظه “وإن امرؤ قاتله أو شتمه ” وفي رواية ” فإن سابه أحد أو شاتمه ” وفي رواية ” وإن شتمه إنسان فلا يكلمه “.
الحديث الثاني : وفي رواية “والجهل ” وهو العدوان على الناس ، وفي رواية ” من لم يدع الخنا والكذب ” .
جميع هذه الروايات ذكرها ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري في شرحه لكتاب الصيام .

2)الصيام الشرعي هو الإمساك عن المفطرات وهو الطريق إلى صيام الجوارح التي هي التقوى .

3) طريق صيام الجوارح الصائم : أن يجتنب كل قول أو فعل محرم ؛ لأن الله تعالى إنما فرض الصيام من أجل التقوى كما قال تعالى (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) أي من أجل أن تتقوا الله عز وجل وتجتنبوا محارمه .

4) ومن صور صيام الجوارح قوله ” فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب .. ” وفي الحديث ” وخالق الناس بخلق حسن ..” رواه الترمذي وأحمد ، وحسنه الألباني ، وقال ابن رجب : هذا من خصال التقوى ، ولا تتم التقوى إلا به ، وقال : وقد عد الله في كتابه مخالقة الناس بخلق حسن من خصال التقوى قال تعالى ( أعدت للمتقين . الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ …) الآيات .

4) إذاً : الصيام مدرسة إذا حافظ المرء شهر كامل على دينه تارك للمحرم قائم بالواجب فحري به أن يغير مجرى حياته بعده ، والصيام مدرسة تربوية تعلمه الحلم والصبر والصدق .

5) قوله ” فليقل : إني صائم ” هل يخاطب بها الذي يكلمه بذلك أو يقولها في نفسه ، رجح النووي أن يقولها له ، وقال بعضهم : إن كان رمضان فليقل بلسانه ، وإن كان غيره فليقله في نفسه .

6) قال القرطبي : ولا يفهم من هذا أن غير الصوم يباح له فيه ما ذكر ، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم .أ.هـ ، وقال ابن بطال : ليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه ، وإنما معناه التحذير من قول الزور وما ذكر معه .
هذا والله أعلم
 



224- باب في مَسائل من الصوم
1250 – عَنْ أَبي هُريرةَ رَضيَ اللَّه عَنْهُ ، عَن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « إِذا نَسِيَ أَحَدُكُم ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ، فَلْيتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّه وَسَقَاهُ » متفقٌ عليه .
1251 – وعن لَقِيطِ بنِ صَبِرةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ، قالَ : قلتُ : يا رسول اللَّه أَخْبِرْني عَنِ الْوُضوءِ ؟ قال : « أَسْبِغِ الْوضُوءَ ، وَخَلِّلْ بَيْن الأَصَابِعِ ، وَبَالَغْ في الاسْتِنْشَاقِ ، إِلاَّ أَنْ تكُونَ صَائماً » رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1252 – وعنْ عائشةَ رضي اللَّه عَنْها ، قالَتْ : كانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ ويَصُومُ . متفقٌ عليه .
1253 – وعنْ عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ ، رَضيَ اللَّه عنْهُما ، قَالَتَا : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُصْبِح جُنُباً مِنْ غَيْرِ حُلْمٍ ، ثُمَّ يصُومُ » متفقٌ عليهِ .
مسائل الباب :
1) حديث رقم (1251 ) لَقِيطِ بنِ صَبِرةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ « …وَبَالَغْ في الاسْتِنْشَاقِ …» رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ، وصحح ابن باز إسناده ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ، لكن بدون لفظة ” المضمضة ” ، وجاء في رواية لأبي داود ” إذا توضأت فمضمض ” ، وقد ذكر الشيخ عبدالعزيز الطريفي في كتابه التحجيل على الإرواء أن هناك رواية الدولابي في جزء أحاديث سفيان بلفظ ” إذا توضأت فأبلغ في المضمضة والاستنشاق إلا ما لم تكن صائماً “.

2) جمهور العلماء يرون أن الأكل والشرب من الناسي لا يفسد الصوم ، وذهب الجمهور إلى عدم وجوب القضاء في أكل وشرب الناسي ، فعمدة من لم يوجب القضاء حديث الباب ، لأنه أقر بالإتمام ، بل جاءت رواية عند الحاكم” من أفطر في رمضان ناسياً فلا قضاء ولا كفارة ” ، وحسنها الألباني .

3) من غُلب على أمره فدخل في جوفه ما لا يقصده ؛ لا يفسد صومه وهذه حاله لكونه بغير اختياره وقصده ، وليس عليه قضاء ، وهذا ما ترجم عليه البخاري في صحيحه .
4) يفيد حديث ” بالغ …” أن من المفطرات : قطرة العين والأذن والأنف وغسول الأذن وبخاخ الأنف إذا وصلت إلى الحلق أو المعدة ، وكذا تنظيف الأسنان بفرشاة الأسنان إذا بلع الطعم ، وكذا شراب الغرغرة .

5) دل الحديث ” يدركه الفجر وهو جنب ..” على صحة صوم من أصبح جنباً من جماع ليل ، لو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر مع وجوب الإمساك ، وهذا مذهب الجمهور ، بل حكي الإجماع على ذلك ، وقد بوّب البخاري على هذا الحديث بقوله : باب الصائم يصبح جُنباً ، وذكر قصة الحديث ، قال ابن دقيق العيد : اتفق الفقهاء على العمل بهذا الحديث ، وصار ذلك إجماعاً أو كالإجماع .

6) وفي معنى الجنب الحائض والنفساء إذا انقطع دمها ليلاً ثم طلع الفجر قبل اغتسالها . قال النووي في شرح مسلم : مذهب العلماء كافة صحة صومها .

7) من احتلم في نهار رمضان فإنه يغتسل وصومه صحيح ، لأنه ليس باختياره وإرادته .

8) جواز اغتسال الصائم ولا فرق بين الغسل الواجب والغسل المسنون ، بل له الاغتسال للتبرد ؛ فقد جاء في سنن أبي داود ومسند أحمد ” لقد رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعَرْج يصب الماء على رأسه وهو صائم من العطش أو من الحر ” وصححه الألباني ، وساق البخاري آثاراً عن الصحابة والسلف في باب اغتسال الصائم على جواز التبرد للصائم .

9) من مسائل الصيام تبيت النية من الليل في صيام الواجب : عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ » رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني ، وأحمد بلفظ “… مع الفجر ” ، ورواه النسائي بلفظ ” من لم يُبَيِّتِ …” ورواه ابن ماجه بلفظ ” لاَ صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اللَّيْلِ ” معنى الحديث : ” من لم يُجمع ” أي من لم يعزم ولم ينو ، والنية محلها القلب ؛ فمن خطر بباله أنه صائم غداً فقد نوى ، ومن دلائلها قيام الصائم للسحور ، أو تهيئة السحور ولو لم يقم ، فمن كان مريضاً وشفي أو مسافر ودخل بلده فيجب عليه تجديد النية بأي فعل يدل عليها ، ومن تسحر ثم نوى الصيام قبل الفجر ثم عرض له أن يأكل أو يشرب أو يتناول دواءً فله ذلك ما لم يطلع الفجر ؛ لأن الصوم الشرعي لا يحسب إلا من طلوع الفجر ، وليست نية ترك الطعام قبل الفجر بمُحِّرم .

هذا والله أعلم .

225- باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم‏:‏

1254- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏أفضل الصيام بعد رمضان‏:‏ شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة‏:‏ صلاة الليل‏”‏ ‏ ‏رواه مسلم‏ .‏
1255- وعن عائشة رضي الله عنها قالت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من شهر أكثر من شعبان فإنه كان يصوم شعبان كله وفي رواية‏:‏ كان يصوم شعبان إلا قليلا‏ ” متفق عليه .
1256- وعن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته، فقال‏:‏ يا رسول الله أما تعرفني‏؟‏ قال‏:‏ ‏”‏ومن أنت‏؟‏‏”‏ قال‏:‏ أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول‏.‏ قال‏:‏ ‏”‏فما غيرك، وقد كنت حسن الهيئة‏؟‏‏”‏ قال‏:‏ ما أكلت طعامًا منذ فارقتك إلا بليل‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏”‏عذبت نفسك‏!‏‏”‏ ثم قال‏:‏ ‏”‏صم شهر الصبر، ويومًا من كل شهر‏”‏ قال‏:‏ زدني، فإن بي قوة، قال‏:‏ ‏”‏ صم يومين‏”‏ قال‏:‏ زذني، قال‏:‏ ‏”‏صم ثلاثة أيام‏”‏ قال‏:‏ زدني‏.‏ قال‏:‏ ‏”‏صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك‏”‏ وقال بأصابعه الثلاث فضمها، ثم أرسلها‏” رواه أبو داود‏ ، و” شهر الصبر ” رمضان ‏ . وقال الألباني في مقدمة تحقيق الرياض : قلت إسناده ضعيف .
 



– 226 – باب فضل الصوم وغيره في العشر الأول من ذي الحجة‏ .‏

– 1257- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏ ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام‏”‏ يعني أيام العشر، قالوا‏:‏ يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏”‏ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه، وماله فلم يرجع من ذلك بشيء‏”‏ رواه البخاري .

227- باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء

1258- وعن أبي قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ عن صوم يوم عرفة‏؟‏ قال‏:‏ ‏”‏يكفر السنة الماضية والباقية‏”‏ ‏ رواه مسلم‏ .‏
‏1259- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوم عاشوراء، وأمر بصيامه‏.‏ ‏ متفق عليه‏ .
1260- وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال‏:‏ ‏”‏يكفر السنة الماضية‏”‏ رواه مسلم .
1261- وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع‏”‏ رواه مسلم .

مسائل هذه الأبواب:

1) وجاء في فضل صيام عاشوراء : حديث جابر بن سمرة : قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام يوم عاشوراء ، ويحثنا عليه ، ويتعاهدنا عليه ” رواه مسلم .

2)هل يكره إفراد العاشر من محرم بالصيام ؟
قال ابن عثيمين : قال بعض العلماء إنه يكره …وقال بعضهم لا يكره ، ولكنه لا يحصل على الأجر التام إذا أفرده .

3) وقال ابن عثيمين : والسبب – أن آكد صيام أيام المحرم هو العاشر- أنه اليوم الذي نجى الله فيه موسى وقومه ، وأهلك فرعون وقومه .

4) وقال ابن عثيمين : وفي الحديث دليل على أن التوقيت كان في الأمم السابقة بالأهلة ، وليس بالشهور الأفرنجية ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن اليوم العاشر من محرم هو اليوم الذي أهلك الله فيه فرعون وقومه ونجى موسى عليه الصلاة والسلام وقومه كما جاء في الصحيحين عن ابن عباس .

5) قال ابن عثيمين في شرح الرياض : مراتب صيام عاشوراء : صيام العاشر والتاسع وهو الأفضل ، العاشر والحادي عشر وهو دون الأول ، العاشر وحده وهو مكروه عند بعضهم ، وصيام يوم قبله ويوم بعده ، وقال ابن القيم : مراتب صومه ثلاثة : أكملها : أن يصوم قبله يوم وبعده يوم ، ويلي ذلك أن يصام التاسع والعاشر ، وعليه أكثر الأحاديث ، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بصوم ، وقال الشيخ عبدالله الفوزان في منحة العلام : وقد صح عن ابن عباس موقوفاً ” صوموا التاسع والعاشر خالفوا اليهود ” رواه عبدالرزاق والبيهقي وإسناده صحيح ، وهذا هو المحفوظ عن ابن عباس ، أما ما ورد عنه مرفوعاً بلفظ “صوموا قبله يوماً وبعده يوما ” فهذا حديث ضعيف ، وكذا ما جاء بلفظ ” صوموا قبله وبعده يوماً “.

6) قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين عن الحكمة من صيام شعبان : قال أهل العلم والحكمة من ذلك أنه يكون بين يدي رمضان كالرواتب بين يدي الفريضة .

7) وقال ابن عثيمين على الحديث الثالث -حديث “مجيبة “-: وفي هذا دليل على أنه ليس من الشرع أن يكلف الإنسان نفسه ما لا يطيق ، وأن يعذب نفسه ؛ لأن الله يقول (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً ) والله الموفق .

8) وقال في الشرح الممتع : واختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل صوم شهر الله المحرم ، أم صوم شهر شعبان ؟
فقال بعض العلماء : شهر شعبان أفضل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كله ، أو إلا قليلا منه ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر محرم ؛ لكنه حث على صيامه بقوله ” إنه أفضل الصيام بعد رمضان ” ، قالوا : ولأن صوم شعبان ينزل منزلة الراتبة قبل الفريضة ، وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق ، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق ، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما ، وقال الشيخ عبدالله الفوزان في منحة العلام : فإن قيل ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم “رواه مسلم ، وهذا يدل على أن الإكثار من الصيام في المحرم أفضل من الصيام في شعبان ؛لأنه الرسول صلى الله عليه وسلم جعل المحرم يلي رمضان في الأفضلية ، فلماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكثر من صيام شعبان دون المحرم ؟ فالجواب : ما ذكره النووي : من المحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم ما علم ذلك إلا في آخر عمره ، فلم يتمكن من كثرة الصوم في المحرم ، أو اتفق له من الأعذار بالسفر ونحوه ما منعه من كثرة الصوم فيه . والله أعلم .

9) جاء عند أحمد وأبي داود والنسائي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : كان يصوم تسع ذي الحجة ..” وصححه الألباني ، وقال ابن عثيمين في الشرح الممتع على هذا الحديث -حديث ابن عباس -: دليل استحبابها ، وقال : والصوم من العمل الصالح ، وأما ما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصوم العشر كما هو في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها بلفظ ” ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً العشر قط ” فهذا إخبار الراوي عن علمه ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم مقدم على – أي – شيء لم يعلمه الراوي ، وقد رجح الإمام أحمد رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان يصوم عشر ذي الحجة “فإذا ثبت هذا فهو مطلوب ، وإن لم يثبت فإن صيامها داخل في عموم الأعمال الصالحة …، وقال : ولهذا نقول صوم يوم عرفة للحاج مكروه ، وأما غير الحاج فهو سنة مؤكدة ، وقال النووي : أنه يستحب استحباباً شديداً .

10) قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: وقوله ” العمل الصالح ” يشمل الصلاة والصدقة والصيام والذكر والتكبير وقراءة القرآن ….، وغير ذلك من الأعمال الصالحة ، قال ابن حجر : الذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج .

11) أيهما أفضل عشر ذي الحجة أو ليالي العشر الأخيرة من رمضان ؟.

قرر أهل التحقيق أن : أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر الأواخر من رمضان ، وأن ليالي العشر الأخيرة من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة ، فالليالي أفضل في رمضان ، والأيام أفضل في عشر ذي الحجة .

12) ذكر ابن حجر : أشكالا وهو كيف يكون المتأخر من الذنب مغفورا : قال ابن حجر : والجواب عن ذلك يأتي في قوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله عز وجل أنه قال في أهل بدر ” اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ” ومحصل الجواب أنه قيل إنه كناية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع منهم كبيرة بعد ذلك ، وقيل إن معناه أن ذنوبهم تقع مغفورة ، وبهذا أجاب جماعة منهم الماوردي في الكلام على حديث صيام عرفة وأنه يكفر سنتين سنة ماضية وسنة آتية اهـ .[ الفتح ( 4/296 ) ] .

228- باب استحباب صوم ستة من أيام من شوال


1254- عَنْ أَبي أَيوبِ رضِيَ اللَّه عَنْهُ ، أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « مَنْ صَامَ رَمَضانَ ثُمَّ أَتَبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كانَ كصِيَامِ الدَّهْرِ » رواهُ مُسْلِمٌ .

مسائل الباب :

1) صار صيام ست من شوال صيام الدهر لما ” جعل الله الحسنة بعشر أمثالها ، الشهر بعشرة أشهر ، وصيام ستة أيام بعد الشهر تمام السنة ” صححه الألباني .

2) صيام الست بعد رمضان كالراتبة مع الفريضة فتكون بعدها أفضل ، ويجوز تفريقها وصيامها أثناء شهر شوال .

3) من عليه قضاء فيبدأ به قبل الست ؛ إذ لا يصدق الحديث إلا على من صام رمضان كاملاً ثم اتبعه بعد الانتهاء من الفرض ست من شوال .

4) هل يصح التنفل بالصيام لمن عليه قضاء من رمضان ؟
* قال الشيخ محمد بن عثيمين : وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك مالم يضق الوقت ، قال بعد ذلك على هذا الرأي : وهذا القول أظهر وأقرب إلى الصواب ، وأن صومه صحيح ، ولا يأثم … ثم قال : ولكن هل هذا أولى أو الأولى أن يبدأ بالقضاء ؟
الجواب : الأولى أن يبدأ بالقضاء حتى لو مر عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة ، فإننا نقول صم القضاء في هذه الأيام وربما تدرك أجر القضاء وأجر صيام هذه الأيام ، وعلى فرض أنك لا تدرك إلا القضاء فإن القضاء أفضل من تقديم النفل .

5) من فاته لعذر نفاس أو مرض صيام الست في شوال وقع أجره إن صامها ومن لا فلا ، وقال ابن عثيمين في شرح الرياض : ومن تساهل حتى خرج الشهر فلا ينال أجر وإن كان فيه أجر ، وإن كان معذوراً فقضاها بعد الشهر فلا بأس ، وقال الشيخ عبدالله الفوزان في منحة العلام : ومنهم من قال : أنه لا يشرع قضاؤها بعد شوال لما تقدم ، سواء تركت لعذر أو لغير عذر ، وهذا اختيار الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى والله أعلم .

229- باب استحباب صوم الاثنين والخميس‏.

1263- عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ سئل عن صوم يوم الاثنين فقال‏:‏ ‏”‏ذلك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت أو أنزل علي فيه‏”‏ ‏ ‏رواه مسلم‏ .
1264- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏”‏ تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم‏”‏ ‏رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن ، وصححه الألباني ، ورواه مسلم بغير ذكر الصوم‏ .
1265-وعن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى صوم الاثنين والخميس‏” رواه الترمذي وقال حديث حسن صححه الألباني .
مسائل الباب :
1) قال ابن عثيمين في شرح الرياض : صيام يوم الخميس والاثنين فاضل والاثنين أفضل .

2) وللترمذي عن عائشة رضي الله عنها : كان يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ، ومن الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس .ا.هـ ، قال الشيخ محمد بن عثيمين : والخلاصة أن الثلاثاء والأربعاء حكم صومهما الجواز لا يسن تعيينهما ولا يكره ، والجمعة والسبت والأحد يكره إفرادها ، وأما ضمها إلى ما بعدها فلا بأس ، وأما الاثنين والخميس فصومهما سنة اهـ.

230- باب استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر .

والأفضل صومها في الأيام البيض، وهي الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر‏.‏ وقيل الثاني عشر والثالث عشر، والرابع عشر، والصحيح المشهور هو الأول‏
1266-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث‏:‏ صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام‏ “متفق عليه‏ .
1267- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ أوصاني حبيبي، صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت‏:‏ بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، وبأن لا أنام حتى أوتر‏.‏ رواه مسلم ‏ ‏
1268- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏”‏صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله‏”‏ ‏متفق عليه .
1269- وعن معاذة العدوية أنها سألت عائشة رضي الله عنها‏:‏ أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فقالت‏:‏ نعم‏.‏ فقلت‏:‏ من أي الشهر كان يصوم‏؟‏ قالت‏:‏ لم يكن يبالي من أي الشهر يصوم‏.‏ ‏ ‏رواه مسلم‏ .
1270-وعن أبي ذر رضي الله عنه، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏”‏إذا صمت من الشهر ثلاثًا، فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة وخمس عشرة‏”‏ رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن‏ وصححه الألباني .‏
1271- وعن قتادة بن ملحان، رضي الله عنه، قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام أيام البيض‏:‏ ثلاث عشرة، وأربع عشرة وخمس عشرة‏.‏ ‏ ‏رواه أبو داود وصححه الألباني .
1272- وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏”‏ لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر‏” رواه النسائي بإسناد حسن‏.

ذكره الألباني في صحيح الجامع بلفظ ” كان لا يدع صوم أيام البيض في سفر ولا حضر ” ، وحسن إسناده في السلسلة الصحيحة ؛ لكن صاحب كتاب ” تراجع العلامة الألباني ” ذكر أن الشيخ تراجع وضعفه في ضعيف سنن النسائي .

مسائل الباب :

1) قال ابن قاسم : اتفق أهل العلم على سنية صيام ثلاثة أيام من كل شهر اهـ ، وقال أيضاً : واتفق العلماء على أنه يستحب أن تكون الثلاثة المذكورة وسط الشهر . كما حكاه النووي وغيره اهـ .

2) تعيين هذه الأيام الثلاثة من كل شهر ، وقال ابن الملقن : وقد اختلف العلماء في تعيينها اختلافاً كثيراً .. ، وهو اختلاف في تعيين الأحسن والأفضل لا غير . ا.هـ .

3) فصيام ثلاثة أيام من كل شهر دون تعيين أيام معينة ، جاءت أحاديث في عدم تحديدها بأيام معينة عن أكثر من عشرة من الصحابة وأكثرها في السنن .

4) وصيام أيام البيض من كل شهر ، جاءت أحاديث في تحديد أيام البيض عن أكثر من ست من الصحابة رضي الله عنهم وأكثرها في السنن .

5) قال ابن عثيمين في الشرح الممتع : تعيينها في أيام البيض كتعين الصلاة في أول وقتها ، يعني أفضل وقت للأيام الثلاثة هو أيام البيض ؛ لكن من صام الأيام الثلاثة في غير أيام البيض حصل على الأجر ، وحصل له صيام الدهر ، وقال الشيخ عبدالله الفوزان في منحة العلام : قال ابن باز : الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليس فيه ذكر البيض ، بل يصوم متى شاء ، كما جاء في حديث ابن عمرو وأبي هريرة في الصحيحين وحديث أبي الدرداء في مسلم ، وهي أصح بكثير من حديث أبي ذر ، فإذا صام ثلاثة أيام من كل شهر في العشر الأول ، أو في العشر الأوسط ، أو في العشر الأخيرة ، حصل له الأجر ، وإذا وافق أيام البيض فذلك أفضل جمعاً بين الأحاديث كلها . والله تعالى أعلم .

6) من فضائل صيام ثلاثة أيام من كل شهر :
– الفضل الأول : قوله ” فإن الحسنة بعشر أمثالها ، وذلك مثل صيام الدهر ” ، قال ابن قاسم قال الشيخ : مراده أن من فعل هذا حصل له أجر صيام الدهر بتضعيف الأجر اهـ ، وقال أيضاً ابن قاسم وقوله ” وذلك ” أي صيام ثلاثة أيام من كل شهر ” مثل صيام الدهر ” وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فيعدل صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الشهر كله ، فيكون كمن صام الدهر من غير حصول المشقة في صومه . وللترمذي من حديث أبي ذر – رضي الله عنه – ” من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر ” فأنزل الله { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها … } اليوم بعشر اهـ ، وصححه الألباني .
– الفضل الثاني : أن في صيام ثلاثة أيام من كل شهر علاج لأمراض القلب المعنوية كالغل والحسد ونحوها ، فعن عمرو بن شرحبيل ” ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر ؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر ” رواه النسائي ، وصححه الألباني .

هذا والله أعلم .

 



231- باب فضل مَنْ فَطَّر صَائماً وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ، ودعاء الأكل للمأكول عنده.

1273 – عنْ زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ رَضيَ اللَّه عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : « مَنْ فَطَّرَ صَائماً، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ » رواه الترمذي وقالَ : حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
1274 – وعَنْ أُمِّ عمَارَةَ الأَنْصارِيَّةِ رَضِيَ اللَّه عَنْها ، أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دخَلَ عَلَيْها ، فقدَّمَتْ إِلَيْهِ طَعَاماً ، فَقالَ : « كُلِي » فَقالَت : إِنِّي صائمةٌ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ الصَّائمَ تُصلِّي عَلَيْهِ المَلائِكَةُ إِذا أُكِلَ عِنْدَهُ حتَّى يَفْرَغُوا » وَرُبَّما قال : « حَتَّى يَشْبَعُوا »رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ وضعفه الألباني .
1275 – وعَنْ أَنسٍ رَضيَ اللَّه عنهُ ، أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم جَاءَ إِلى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضي اللَّه عنهُ ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ ، فَأَكَلَ ، ثُمَّ قالَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَفْطَرَ عِندكُمْ الصَّائمونَ ، وأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ » رواهُ أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ .
مسائل الباب :
1) زيادة في تخريج أحاديث الباب :
1- حديث « مَنْ فَطَّرَ صَائماً، كانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لا يَنْقُصُ مِنْ أجْر الصَّائمِ شيءٍ » ورواه ابن ماجه وأحمد ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
2 – حديث « إِنَّ الصَّائمَ تُصلِّي عَلَيْهِ المَلائِكَةُ إِذا أُكِلَ عِنْدَهُ حتَّى يَفْرَغُوا » وَرُبَّما قال : « حَتَّى يَشْبَعُوا »رواهُ الترمذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ وضعفه الألباني .
3 – حديث « أَفْطَرَ عِندكُمْ الصَّائمونَ ، وأَكَلَ طَعَامَكُمْ الأَبْرَارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ » رواهُ أبو داود بإِسنادٍ صحيحٍ ورواه أحمد ، ورواه أبو داود وابن ماجه بلفظ :” … وصلت عليكم الملائكة ” ، وصححه الألباني في صحيح الجامع .
2) دعوة الصائم : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حين-أو حتى – يفطر ، والإمام العادل ، ودعوة المظلوم ” رواه الترمذي ، ضعفه الألباني في الضعيفة والضعيف ، وحسنه في الصحيح بلفظ ” ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم “، وبلفظ” ثلاث دعوات لا ترد : ..ودعوة الصائم ” ، ونقل ابن ماجه قول ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ إِذَا أَفْطَرَ اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍ أَنْ تَغْفِرَ لِى ، وضعف سنده الألباني في الإرواء ، وفي رواية أنه قال ” للصائم عن إفطاره دعوة مستجابة ” وضعفها الألباني في الضعيف ، فكان ابن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا .

3) دعاء الإفطار :
أ- عند أبي داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَفْطَرَ قَالَ « اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ » – المنتقى تحت ” باب آداب الإفطار …” ، قال الشيخ طارق بن عوض الله محقق المنتقى : وهو مرسل ، وضعف إسناده الألباني في الضعيف .
ب- وفي أبي داود- عن ابْنَ عُمَر قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَفْطَرَ قَالَ « ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ وَثَبَتَ الأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ » حسنّه الألباني في صحيح الجامع .
هذا والله أعلم

 

شهر رمضان

  • استقبال رمضان
  • يوم في رمضان
  • رمضان شهر التغيير
  • أفكار دعوية
  • أحكام فقهية
  • رسائل رمضانية
  • المرأة في رمضان
  • سلوكيات خاطئة
  • فتاوى رمضانية
  • دروس علمية
  • رمضان والصحة
  • الهتافات المنبرية
  • العشر الأواخر
  • بطاقات رمضانية
  • المكتبة الرمضانية
  • وداعاً رمضان
  • الصفحة الرئيسية