صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







حتى لا نجتر العالم ضدنا!

عبدالفتاح الشهاري

 
مقام الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم مقامٌ لا يمكن بحالٍ من الأحوال مناقشته، أو التعرض لمحاولة التساهل والتسامح في النيل من شخصه الكريم ومحاولة تمرير الأمر بسلام، انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده).

ولكن حديثنا هنا يجري حول مخاطبة الآخر، الغرب والشرق، ممن لا يدينون ديننا، ولا يوافقون مبادئنا، وسائل الإعلام بدأت تورد إلينا أخبار إعادة بث الصور المسيئة إلى رسول الله في أكثر من دولة أوروبية، فرنسا، النرويج، النمسا، وربما سيأتي القادم، ونحن في العالم الإسلامي لدينا حساسية مفرطة تجاه ما يصل إلى مسامعنا من أخبار، يضاهيها بلادة مفرطة في تتبع الحقيقة، والكشف عنها.

هناك جهتان مسؤولتان بشكلٍ مباشر أو غير مباشر في إثارة الرأي العام والخاص، والسير به في طريقٍ لا تحمد عقباه، وإذا بنا نخشى أن نكون أمام موقفٍ يرتد علينا بالحرج، فلا نحن الذين أنهينا هذا الأمر بما نريده من مطالب، ولا نحن الذين تخاطبنا وتحاورنا مع الآخر بما يعود نفعه على الطرفين: المسلمين وغيرهم، هاتين الجهتين هما: الصحافة، والنخبة؛ فالصحافة اللامسؤولة من مختلف الاتجاهات والتوجهات غربية أو عربية مما لا يفرق بينهما سوى النقطة الواقعة فوق حرف (العين) تهرفان كثيراً بما لا تعرف، وهما جميعاً في الهباء سواء؛ والتي أصبح نشر هذه الصور بالنسبة لها يمثل مكسباً مادياً لانتشار الصحيفة مما يحقق عوائد مالية كبرى كما فعلت إحدى الصحف الأردنية وقامت الحكومة الأردنية بإيقاف رئيس تحريرها، وصحافة لا ناقة لها في الموضوع ولا جمل وهي التي يهمها أن تكون حاضرة للأحداث دون اتخاذ موقف واضح من هكذا قضايا ولكنه طيرٌ مع السرب، ومنطلق: الحشر مع الناس عيد، وهناك الصحافة المسؤولة، سواءً المسئولية إيجابية أم سلبية، وهي المتبنية للمبدأ سواءً مبدأ الرسوم وما تخفيه وراءها من رسائل ضمنية إلى الدين الإسلامي، أو مبدأ الدفاع عن تمثيل الرسول الأعظم بأي رسمٍ كاريكاتوري، أو مبدأ مناقشة القضية كموضوع مع ما يتطلبه هذا النقاش من إعادة نشر الرسوم.

نحن لا نريد أن ندافع عن الغرب ومعتقداتهم، ومفاهيمهم، ولكن علينا أن نكون أكثر هدوءًا في إعلامهم بما وقعوا فيه من خطأ، نحن لا نريد جلد الذات وأن نستعيد مواقف حدثت في عهد رسول الله من أمثلة ذلك الأعرابي الذي بال في مسجد رسول الله وهو يظن أنه فعلٌ يتطابق مع معتقداته، وحياته، وثقافته البدوية فلو كان هذا الفعل حصل اليوم لربما طارت عنق الرجل في لحظة، لا نريد استثارة ما تحتويه رواياتنا العربية، من كتابنا المسلمين، في بلادنا المسلمة من تهكم على الذات الإلهية عبر ما يسمونه روايات ونصوص أدبية، لا نريد أن نستثير ما يحصل في جوانتانامو، وفي العراق، وفي فلسطين، من تدنيس للمصاحف، وإحراقها، وتمزيقها في المراحيض، لا نريد استثارة تلك الأمور فجراح الأمة غائرة، ودمها نازف، وصراخها أشبه بمواء قطة لا حيلة لها، ولا من سامعٍ لصوتها، لكننا نتمنى أن لا يكون صوتنا في هذه القضية بلا مبرر، فإن موقف اليوم هو الموقف الذي ستذكره أوروبا بأكملها إن مرَّ بعد كل هذا الإعصار بسلام وكأن شيئاً لم يكن.

نحن نود أن لا نجتر الصراعات مع العالم، وأن لا يكون هناك صراع حضارات بمفهومه العسكري، فالإسلام لا يحرص على إخضاع الغير في الدخول إليه قهراً، ولا هجرة بعد الفتح، والمجتمع اليوم يعيش مسلمات القوانين الدولية شئنا أم أبينا، وقضية الاتفاق على هذه القوانين ورفضها متوقف على إمكانية الرفض والقبول من الأصل، فكم تجتاح مجتمعاتنا الإسلامية من قوانين مفروضة علينا ما أنزل الله بها سلطان، ولكنه العرف الدولي القائم والذي لا يعني بالضرورة إلغاء الاعتراف بأحكام الله والاحتكام إلى الشريعة الإسلامية. ولكننا نريد أن لا يكون الصراخ وحده هو ديدننا في كل قضية، ولا أقصد هنا الأصوات المرتفعة في قول الحق والتعريف به، وإيضاح القضية، ولكني أقصد العامة ممن تتحول عندهم القضية إلى هتافات صوتية قد تحوي من المنكرات الشرعية في طياتها من سبٍّ وقذفٍ ولعن أكبر مما تحمله من انعكاسٍ يفترض أن يكون للشخصية المسلمة.

إن مسألة قيام البعض إعلاميين أو نخبويين في جرِّ الخلاف والمواجهة إلى حد الاصطدام مع العالم أمرٌ قد يعود ضرره على المسلمين أكثر من نفعه، وقد تكسب الدانمارك الجولة واللعبة في تدويل القضية، ودغدغة مشاعر المجتمع الأوروبي للتعاطف مع موقفها حتى تتشتت المواجهة.. وهذا ما هو حاصل الآن حيث تحاول بشكل ملموس وواضح استمالة المجتمع الأوروبي إليها مع قضيتها وذلك من خلال رفع شعارات دعم المنتجات الدانماركية، وكما تقوم الصحيفة بالاتصال مع عدد من الصحف الغربية الصديقة في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وسويسرا وهنجاريا ونيوزلاندا لتتبنى معها القضية من خلال إعادة نشر الرسوم بشكل أو بآخر..

لقد قامت حكوماتنا العربية والإسلامية وبشكل يعتبر نوعاً ما سابقة جيدة يحسب لها بتحركات دبلوماسية لا يمكن التقليل من شأنها كسحب السفراء، واستدعاء السفير الدانماركي، ومناقشة مقاطعة المنتجات الدنماركية بشكل رسمي في البرلمانات، وغيره من الاجتهادات الشعبية القوية، والتي أوصلت صوتنا بشكل ملموس إلى المجتمع الغربي، ولذا فالمؤمل هو الاستمرار على التركيز في خطابنا على الهدف الذي نريد، وعدم الانقياد وراء من يحاولون إثارة الزوبعة، ويقومون بشكل ساذج بإثارة المجتمعات الإسلامية، وتحريك كوامن الروح والغيرة في قلوبهم ليوجهوها وجهة تخرج عن مسارها الأصلي، فلا مبرر لإقحام الغرب في المواجهة القائمة بيننا وبين متسبب الحدث الأول وهم الأصوليين من المجتمع الدانماركي.

 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

أعظم إنسان

  • اعرف نبيك
  • إلا رسول الله
  • الدفاع عن السنة
  • اقتدي تهتدي
  • حقوق النبي
  • أقوال المنصفين
  • الكتب السماوية
  • نجاوى محمدية
  • دروس من السيرة
  • مقالات منوعة
  • شبهات وردود
  • أصحابه رضي الله عنهم
  • أعظم إنسان