اطبع هذه الصفحة

http://www.saaid.net/rasael/468.htm?print_it=1

عظة الاختبارات

د.راشد بن معيض العدواني


لقد جعل الله كل شيء في هذه الحياة مذكرا بالآخرة، حاثا للاستعداد لها ومن ذلك قوله الله تعالى: { أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ{71} أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ{72} نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ}.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما ليس في الآخرة من الدنيا إلا الأسماء.
في هذه الأيام تعيش الأسر حالة من الاستنفار والقلق على الأبناء والبنات؛ لأنهم يمرون بمرحلة الاختبارات والتي قد مر بها الأباء والأمهات من قبل.
وترى في هذه المرحلة الأتراح والأفراح، الرسوب والنجاح، ولذلك لا ينبغي أن تمر على المسلم بدون عظات أو عبر؛ لنقف نتأمل اختباراتنا الدنيوية ونتذكر بها اختباراتنا الدينية مع الله عز وجل.

أخي الطالب أختي الطالبة أيها الأباء أيتها الأمهات : لقد أعد المسؤولون عن الاختبارات قاعة اختبار وأسئلة وأجوبة ومصححين وبعدها شهادات وتقدير وهذه كلها تذكركم بالاختبار مع الله حيث جعل الله لك اختبارا معه حدد قاعاته وبين أسئلته

وأوضح أجوبته وشهاداته وتقديراته ولذا تأمل:
القاعة الأولى: اختبارك في الدنيا :
جعل الله الدنيا دار اختبار وابتلاء ينظر الله من يطيعه ومن يعصيه قال تعالى : (هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا).
وأما الأسئلة :
والدنيا دار اختبار لها أسئلتها وفي بيان شأنها وإظهار أمرها إليك هذا الحوار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين جبريل وهو حديث في صحيح البخاري:
س1: ما الإسلام؟
ج1: وجوابه من خمس فقرات
-الشهادتان : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. -الصلاة.
-الزكاة. -الصوم. -الحج.
س2: ما الإيمان؟
ج2: وجوابه من ست فقرات وذلك أن تؤمن بالآتي:
-الله -الرسل -الملائكة -الكتب
-اليوم الآخر -القدر خيره وشره.
س3: ما الإحسان؟
ج3: أن تعبد الله كأن،ك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
المصحح في هذه القاعة:
الإنسان هو الذي يصحح لنفسه في هذه القاعة لأن الله ميزه وكرمه بالعقل
قال تعالى: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) ويقول تعالى : (وهديناه النجدين).
ظهور النتيجة:
تظهر نتيجة اختبارات الدنيا عند موت الإنسان حيث يحب المؤمن لقاء ربه ويكره الكافر والعاصي لقاء ربه ويتمنى العودة للدنيا لينجح في اختباراتها وأنى له ذلك قال الله تعالى: (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
ويقول تعالى : (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين).

القاعة الثانية:
بعد موت الإنسان ينتقل إلى الحياة البرزخية وذلك في القبر. قال الله تعالى : (ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون).
الأسئلة في القبر:
س1: من ربك.
ج: ربي الله.
س2: من نبيك.
ج2: نبي محمد صلى الله عليه وسلم.
س3: ما دينك.
ج3: ديني الإسلام.
لكن هذه الأسئلة لا يستطيع الإجابة عليها إلا من أجاب على أسئلة الدنيا:
قال تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الظالمين ويفعل الله ما يشاء).
المصححون الملائكة:
يقال للمؤمن :( أبشر بالذي يسرك)،(انظر مقعدك من الجنة).
يقال للكافر: (أبشر بالذي يسوؤك )، (لا دريت ولا تلوت)، ( انظر مقعدك من النار).
ظهور النتيجة:
يصير قبر المؤمن روضة من رياض الجنة ويرى مقعده من الجنة فيتمنى قيام الساعة لأن نعيم الجنة أعظم من نعيم القبر.
وأما قبر الكافر فحفرة من حفر النيران ويرى موقعه من النار فيتمنى أن لا تقوم الساعة لأن عذاب النار أشد من عذاب القبر.
ثم تبقى هذه القاعة إلى وقت البعث والنشور.

القاعة الثالثة: قاعة الآخرة(يوم القيامة).
أيها المختبرون تذكر بارتعاد فرائصك من الاختبار واضطراب أعصابك قبل دخول قاعة الاختبار وقوفك بين يدي الله يختبرك فيما عملت من خير وشر حتى إنك تراه بين يديك تنظر إلى حسن عملك أو سوء صنيعك
قال تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيد). تقف بين يدي الله ليس بينك وبينه ترجمان يسألك عن كل ما اقترفته نفسك ولا تستطيع إنكار شيء منها قال تعالى: اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم و وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) وقال تعالى:وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء).
ظهور النتيجة:
أما المؤمنون فهم الناجون فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال تعالى: (وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون).
وأما الكافر فهذه نتيجته قال تعالى: (أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين، أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين،أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين).
توزيع الشهادات:
لقد تم الحديث عن قاعات الاختبارات وأسئلتها وأجوبتها ولا بد من الحديث عن شهاداتها وتقديراتها.
كم يحرص الأباء والأمهات على حسن تقدير أبنائهم وبناتهم؟ ولكن بعضهم لا يحرص على ذلك في أمور دينه ولذا انظروا إلى استلام الشهادات يوم القيامة حيث ينقسم الناس إلى قسمين في استلام شهاداتهم:
القسم الأول الناجح في اختباره:
وهو الذي أطاع مولاه واقتفى أثر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فنجح وفاز في جميع قاعات الاختبار في الدنيا والقبر ويوم القيامة.قال تعالى : (فأما من أوتي كتابه بيمنه فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه).
والقسم الثاني : هو الراسب الذي عصى الله وخالف رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم الذي يستلم شهادته بشماله من وراء ظهره إهانة له وتكبيتا قال تعالى :(وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه) .
انظر أيها الطالب، أيتها الطالبة، يا أولياء الأمور كم تحزن القلوب عند رسوب الأبناء وكم تُعض الأنامل على ذلك مع أن الفرصة سانحة لدور ثان إذا طال العمر ولكن الاختبار مع الله نجاح لا رسوب بعده ورسوب لا نجاح بعده فهل من اتعاظ؟.
التقديرات :
هناك تقديرات متعددة في أمور الدنيا : ممتاز ، جيد جدا،جيد، مقبول ، ضعيف.
وهذه عظة وعبرة بمراتب الناس عند الله في نجاحهم ورسوبهم و الناس عند الله ثلاثة مراتب فقط:
التقدير الأول : السابقون (المقربون) قال تعالى: (والسابقون السابقون ، أولئك المقربون) قال تعالى: (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم).
التقدير الثاني: أصحاب الميمنة (أصحاب اليمين): قال تعالى: (وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة). قال تعالى: (وإما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين).
التقدير الثالث: أصحاب الشمال(المكذبون الضالون): قال تعالى: (وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا لهو حق القين).
هكذا يجب أن لا تمر علينا أحداث الحياة ومجرياتها إلا بعبرها وعظاتها قال تعالى: إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

كتبه
د.راشد بن معيض العدواني
عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام

 

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية