صيد الفوائد saaid.net
:: الرئيسيه :: :: المكتبة :: :: اتصل بنا :: :: البحث ::







فـوز الفريـق هو الفـلاح!!

ســامي بــركة


السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
فلا شكّ أنّ الرّياضة -من حيث هي- أمر مطلوب، وعمل مرغوب، لما فيها من فوائد لم ولا تخْفَى على أحدٍ: كتقوية الجسم، وتهذيب الرّوح، وإراحة الأعصاب، وغير ذلك من المنافع، لا سيّما إن كانت الرّياضة بنيّة التقوِّي على عبادة الله والقيام بما فرضه الله واستحبّه، فقد روى مسلم في " صحيحه " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ.
والمراد بالقوّة هنا: عزيمة النّفس والقريحة في الأمور كلّها، وقوّة الجسم وصحّته، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما، وأسرع عملا، وأكثر صبرا لتحمّل المشاقّ في ذات الله تعالى، وأرغب في الصّلاة والصّوم والأذكار والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر وسائر العبادات.

ولكن إذا كان الأمر النّافع لا يُحسَن استغلالُه، ولا يراقبَ انتظامُه، ولا تحكم ضوابطُه، فإنّه يعود بالضّرر أكثر ممّا يعود بالنّفع، والسّيف في يد الشّجاع مهنّد قاضب، وفي يد الجبان مخراق لاعب، وليس العيب في السّيف، ولكن في حامله.

فإذا تحوّلت الرّياضة إلى مجرّد لهوٍ، ومظهر من مظاهر اللّغو .. إذا تحوّلت الرّياضة إلى ساحة للصّخب والفساد والشّغب .. إذا تحوّلت الرّياضة إلى مجرّد تجارة تدرّ على أصحابها بالأرباح، وتظهر فيها مظاهر القمار في كلّ نادٍ وساح .. إذا كان المسلم بسببها ينتهك الحرمات، ويكشف العورات، ويترك الصّلوات، ويُضِيع الأوقات، فهنا نقول: مسكينة أيّتها الرّياضة .. كم من جريمة ارتُكِبت باسمِك !..

نلاحظ في السنوات الأخيرة كثرة المنافسات الرياضية ما بين البلدان مع إندفاع الحس القومي تدريجيا تجاه هذه المنافسات فعلى المسلم أن ينتبه إلى أنه يجب الحذر من أي دعوة إلى العصبية المذمومة، سواء كانت دعوة إلى قومية أو قبلية أو غيرها من دعاوى الجاهلية، فالتعصب للعرق أو للجنس أو للوطن أو لأي شيء من العصبية المذمومة هو من دعوى الجاهلية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: من ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثا جهنم،فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ فقال: وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح غريب. وصححه الألباني.
وفي الصحيحين أن غلاما من المهاجرين وغلاما من الأنصار اقتتلا، فنادى المهاجر: يا للمهاجرين. ونادى الأنصاري: يا للأنصار. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا ؟!! دعوى أهل الجاهلية !! وفي رواية: دعوها فإنها منتنة. فرغم أن كلا من مسمى المهاجرين ومسمى الأنصار مسمى شرعي فإن النبي صلى الله عليه وسلم عد ذلك دعوى الجاهلية؛ لأنه دعوى إلى التعاضد والتناصر باعتبار هذا الانتماء لا باعتبار الحق والباطل.

و لا ينبغي للمسلم أن يحمل في قلبه البغض و الكراهية لإخوانه المسلمين لمجرد أنهم يحملون جنسية معينة، أو ينسبون إلى جهة أو قبيلة أو عنصر. فإن هذه نظرة جاهلية أبطلها الإسلام، وعنصرية جديدة أبرزتها الجاهلية الحديثة، عندما قسمت العالم الإسلامي إلى جنسيات عدة وأوطان مختلفة.
ومبدأ التعميم مبدأ غير سليم يرفضه العقل الصحيح والشرع الصريح. قال الله تعالى: وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (الأنعام:164)
والناس بجبلتهم مختلفون ولو كانوا إخوة أشقاء، فهم مختلفون في الطباع والأذواق وفي الاستقامة والانحراف، كاختلافهم في الألسنة والألوان، وكل ذلك من آيات الله تعالى في هذا الكون وعظيم قدرته في هذه الحياة. فلا ينبغي للمسلم أن يكون ناقمًا على جنسية معينة وتعميمها بوصف - سواء كان صوابًا أو خطأً - قد اتصف به بعض أفرادها، فهذا ليس من الحكمة ولا من الإنصاف أو العدل.
والتعصب لمبدأ الجنس أو القوم أمر ممقوت طبعًا ومرفوض شرعًا، حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ...إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، والناس بنو آدم، وآدم من تراب، لينتهينّ أقوام عن فخرهم برجال، أو ليكوننّ أهون عند الله من عدتهم من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن. رواه أحمد وأبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم: ...دعوها فإنها منتنة. وفي رواية: فإنها خبيثة. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وقال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ(الحجرات:13)
فالمسلم مطالب بحب المسلمين وحب البلاد الإسلامية كلها والدفاع عنها، سواء كان ذلك البلد موطنه الذي ولد فيه أو لم يكن، وانتماء المسلم يجب أن يكون إلى الإسلام أينما كان، فلا نسب ولا وطن ولا جنسية ولا قومية ولا فضل للمسلم إلا في الإسلام، قال الله تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( الحجرات:13)

وقد أحسن الشاعر في قوله:

أبي الإسلام لا أب لي سواه**** إذا افتخروا بقيس أو تميم

يكون الإنتماء الى الاسلام بمنهجه الكامل الذي يملأ على المسلم حياته ظاهرا وباطنا، عقيدة وشريعة، ولاء وبراء ... فدين الله تعالى ينبغي أن يكون عندنا بكل مقوماته ومقتضياته هو الأساس الذي نقدم به ونؤخر، نحب به ونبغض، نقبل به ونرفض، وعندئذ تتحقق الألفة بين المسلمين كما تحققت بينهم في صدر الإسلام، قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال: 62-63) وقال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران: 103)

جاء في البروتوكول الثالث عشر من برتوكولات حكماء صهيون ما نصّه: " ولكي تبقى الجماهير في ضلال لا تدري ما وراءها وما أمامها ولا ما يراد بها، فإنّنا سنعمل على زيادة صرف أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسلِّيات والألعاب الفكاهيّة وضروب أشكال الرّيـاضـة واللّهو … ثمّ نجعل الصّحف تدعو إلى مبـاريـات فـنــيـة وريـاضيـّة " بروتوكولات حكماء صهيون (1/258) ترجمة عجاج نويض.

وللأسف الشّديد فقد استطاع أعداء الإسلام أن يُغرِقوا المسلمين في هذه المنافسات، وأن يُنسُوهم قضايا الأمّة الكبرى ومهمّتها العُظمَى في تبليغ هذا الدّين، وأن يُمِيتوا فيهم الحِسَّ الإسلاميّ، فتجد كثيرا من المتابعين لهذه المنافسات لا يكترثُ ولا يأْبَه بما يحدُث لإخوانه المسلمين المستضعَفين في شتّى بقاع العالم: تشريد .. وتقتيل .. وتعذيب.. وتنكيل .. وانتهاك للحرمات .. وتدنيس للمقدّسات .. بل شغلُهم الشّاغل تَقَصِّي أخبار المنافسات وتتبّع نتائج المباريات والشّغف بمعرفة وضعيّة اللاّعبين المادّية والاجتماعيّة .. إلى غير ذلك من السّفاسف والمهازل.

لهذا ارسل هذا النداء الى رواد الملاعب إلى إخواننا المفتونين بكرة القدم، ضحايا المنافسات الرياضية وأسارى هذا المخدر الجديد الذي غزا بلاد المسلمين فأفسد عقولهم وأخلاقهم، وصرفهم عما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، رسالة نخاطب بها عقولهم عسى أن تستنير وقلوبهم عسى أن تلين، ونحاول أن نكشف لهم فيها عن أظهر مفاسد مناصرة الأندية ومشاهدة المباريات وأجلى المخالفات الناجمة عنها

1-نشر العداوة والبغضاء بين شباب الأمة

أيها الشباب إن هذه المنافسات قد فرقتكم ونشرت العداوة والبغضاء بينكم، فإنكم في المدينة الواحدة والحي الواحد منقسمون متعادون متباغضون، بل ربما في البيت الواحد، فمن أحب الفريق الفلاني فهو الأخ المحبوب ومن أبغضه فهو العدو اللدود ، والله تعالى يقول: إنما المؤمنون إخوة والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا متفق عليه. إنهم يزعمون أن هذه المنافسات وسيلة للتآلف والتآخي بين أبناء الوطن الواحد، وطريق لربط جسور التواصل بين البلدان الأمم المختلفة، ولكن الواقع والتاريخ يشهدان بأنها ما كانت إلا وقود فتن، وفتيل إشعال نيران العداوة، وربما أسعرت حروبا كما حدث في أمريكا اللاتينية.

2-إفساد الروابط الأسرية

إن فساد هذه المباريات قد اقتحم بيوت كثير من المسلمين، فكم من رحم قطعت بسببها، وكم من مسعور طلق زوجته لأن فريقه المفضل انهزم وأقصي من المنافسة، وزوجته العديمة الذوق! لم تبادله الشعور بالحزن! ولم تواسه في مصيبته التي حلت به! وربما راحت تعِظُه، أو تسخر منه فاستحقت منه كلمات الطلاق بعد الضرب المبرح ووابل الشتائم .
ومن ضحايا هذه المباريات الأطفال الصغار الذين ينالهم الإهمال عند اشتغال من في البيت بمتابعة المباراة بلقطاتها المثيرة، التي تجذب الناظرين وتجعلهم يلتصقون بأماكنهم ويخشعون بكل جوارحهم مع مجريات اللقاء فلا يشعرون بما يجري حولهم.

3-انتشار السب والقول الفاحش

أيها الشباب إن الملاعب قد أصبحت مدارس يتعلم فيها فنون السب والشتم والتعيير والقذف، حيث تستباح أعراض اللاعبين والمشجعين، وقد تخرج من تلك المدارس فئام من الناس صفتهم الكاشفة بذاءة اللسان والفحش، وكفى هذا سوءة فإن نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد حرم عرض المسلم في آخر وصاياه يوم حجة الوداع، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ (الترمذي). وقال ربنا عز وجل : وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ (الحجرات:11)، وربما كان هذا السباب ضمن الصيحات التي يرددها الجمهور من المدرجات، فيتعدى الأذى إلى السامعين لها من السكان القريبين من الملاعب.

4- الصدُّ عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة

أيها الشباب إن هذه المباريات تصدكم عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، وهذا أمر مشاهد ومعروف عند العامة والخاصة، لا ينكره إلا مكابر، فأكثر رواد الملاعب يتركون الصلاة أو يؤخرونها عن وقتها، وربما تركوا صلاة الجمعة بسببها، وكذلك كم من الشباب يتخلف عن صلاة الجماعة بسبب متابعة المباريات في التلفاز، ومن ينام عن صلاة الفجر بسبب السهر إلى ساعات متأخرة من الليل، قال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (المائدة:91)، فكل لهو أوقع العداوة والبغضاء بين العاكفين عليه وصدهم عن ذكر الله وعن الصلاة فهو كشرب الخمر، ولا شك أن متابعة المباريات مثل الخمر في ذلك كله، بل إن الذي ينظر في تصرفات رواد الملاعب وآثار تلك التجمعات يرى أضعاف ما يحصل من جراء تناول الخمور والمخدرات.

5- تضييع الأوقات والأعمار

أيها الشباب كم هي الأوقات التي تضيعون في متابعة هذه المباريات والتعليق عليها وقراءة ما يكتب عنها، إنه إذا كان الذي يتابع هذه المباريات يضيع فيها معدل أربع ساعات في اليوم، فهذا يكون قد ضيع سدس عمره أي عشر سنوات من ستين سنة!!! وليس مرادنا المنع من الترويح على النفس، لا ولكن قد جعل الله لكل شيء قدرا، وضوابط ذلك مبسوطة في غير هذا الموضع. أيها الشباب تذكروا أنكم مسؤولون عن كل لحظة من لحظات عمركم، قال النبي صلى الله عليه وسلم : لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ (الترمذي)، إنكم لن تعرفوا قيمة الوقت إلا بعد أن يضيع شبابكم وتتقدموا في السن، تذكروا قوله تعالى: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فاسْأَلِ الْعَادِّينَ (المؤمنون:113) وتأملوا قول الحسن البصري: أيها الإنسان إنما أنت أيام مجموعة كلما ذهب يوم ذهب بعضك.

6- تضييع العمل وأكل الحرام
وكثير من المغرمين بهذه المباريات لا يصبرون على أن يفوتهم بعضها، فتجدهم يتغيبون عن عملهم ويضيعون مصالح أمتهم ومصالح أولادهم ، ومنهم من يُزوِّر الشهادات الطبية من أجل تقاضي أجرته في ساعات غيابه، فيأكل الحرام، وكذا من يصطحب معه جهاز الراديو أو التلفاز إلى مكان عمله واقع في أكل الحرام، لأن تلك الساعات ساعات عمل وهو مأجور على العمل لا على مجرد الحضور. وفي الحديث : يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت، النار أولى به (رواه الترمذي وصححه الألباني )

7- شغل المسلمين عن قضاياهم وقضايا أمتهم

أيها المسلمون إن أعداء الإسلام والبشرية قد استكثروا من هذه المنافسات وتفننوا فيها، وهدفهم شغل سكان العالم بأسره عن همومهم ومشاكلهم واحتياجاتهم، كما جاء مصرحا به في البروتوكول الثالث عشر من برتوكولات خبثاء صهيون .
وكان من أثر ذلك في العالم الإسلامي أن شغلوا المسلمين عن قضاياهم الخاصة: عن دراستهم وعن عملهم فضلا عن قضايا أمتهم المصيرية، وإنك لترى أكثر المتابعين لهذه المباريات لا يكترث ولا يأبه بما يحدث لإخوانه المستضعفين في شتى بقاع العالم، من تشريد وتقتيل وتعذيب وتنكيل، وانتهاك للحرمات وتدنيس للمقدسات، بل شغلهم الشاغل تتبع نتائج المباريات والشغف بمعرفة وضعية اللاعبين المادية وتنقلاتهم من فريق إلى آخر، إلى غير ذلك من الأمور التافهة، بل تجده يناصر الفريق البريطاني في الوقت الذي تحتل القوات البريطانية الأراضي الإسلامية، وتجده يمجد اللاعب الدانماركي وفي الوقت الذي تحدت فيه الدانمارك شعبا وحكومة الأمة الإسلامية بسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ويخرج الجزائريون فرحا لانتصارهم على الألمان في الوقت الذي كانت القوات اليهودية تجتاح لبنان وترتكب المجازر الرهيبة في حق الفلسطينيين في مخيمات صبرا وشاتيلا.

8- موالاة الكفار والفساق

أيها الشباب المسلم إن من أصول عقيدتك أن تتبرأ من الكفار وأن تبغضهم في الله ولا تواليهم، وإن المباريات قد محت هذه العقيدة من قلوب كثير منكم، فإننا نراهم يحبون اللاعب الكافر ويبجلونه، ويجري على ألسنتهم مدحه والثناء عليه، ويحملون صورته على صدورهم وفي سياراتهم ويعلقونها في بيوتهم، ويغضبون له إذا نيل منه وطُعن فيه، والله تعالى يقول : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (المجادلة:22)، والكلام نفسه يقال عن موالاة اللاعبين الفساق، الذين يعرفون بالمجون والفجور وشرب الخمور.

9-القدوة السيئة للشباب

ولقد أصبح هؤلاء الكفار والفساق قدوة شباب الإسلام، يتتبعون أخبارهم وما يتعلق بحياتهم الخاصة، من أصدقاؤهم وصديقاتهم؟ أين يتنزهون؟ ماذا يأكلون ويشربون؟ يعتبرونهم أبطالا ونجوما منبهرون بهم ذائبون في شخصياتهم، وقد بلغ الأمر بكثير منهم إلى حد تقليدهم والتشبه بهم في طريقة حلق الرأس واللحية، وتجدهم يذكرونهم أكثر من ذكر الله تعالى، ويعرفون من سيرتهم وأخبارهم ما لا يعرفونه عن نبيهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدوة الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام، نسأل الله تعالى العفو والعافية.

10- إقرار المنكرات والنظر إلى العورات

أيها الشباب إن متابعة هذه المباريات لا يخلو من مشاهدة ومعايشة منكرات واضحة، وأظهرها النظر إلى عورات اللاعبين، وقد قال لنا نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم : لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ (رواه مسلم) فلا اللاعب يستحيي فيستر نفسه ولا المتفرج فيغض بصره ، ولقد أصبح هذا المنكر البين أمرا عاديا عند المفتونين بالكرة.
والذي يذهب إلى الملاعب سيجد نفسه أمام منكرات لا تعد ولا تحصى؛ هذا تصفيق وصفير وهذا صراخ وعويل، وهذا سباب وشتائم ، وهذا تدخين ومخدرات، وهذه خمور ومسكرات، وهذه سرقة ونهب، وهذا اعتداء وسطو وظلم وإفساد للممتلكات، وهذا رفع لأعلام البلدان الكافرة وشعارات يزينها الصليب، ولا يصبر على معايشة هذه المنكرات من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ (رواه مسلم).

11- تبذير الأموال
أيها المسلمون إن من مفاسد هذه المنافسات تبذير وتبديد الأموال، وقد قال تعالى : إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ (الإسراء:27). أموال طائلة تنفق لدخول الملاعب وللتنقل لمناصرة الفريق المفضل، ورواتب خيالية يتقاضاها اللاعبون والمدربون، وأموال لا حد لها تنفقها الدول في بناء الملاعب وتجهيزها، ودعم النوادي، وتأمين تكاليف إقامة المباريات وتنقلات اللاعبين من بلدة إلى بلدة ومن دولة إلى دولة، وإصلاح الأضرار المادية التي تلحقها الجماهير بالمرافق العمومية إذا لم ترض بنتائج فريقها، وإن هذه المنافسات بهذا المنظار تكلفنا ميزانية لو صرفت لهؤلاء الشباب العاطل الذي يملأ الملاعب لحلت جميع مشاكله ولوفر له الشغل والسكن والزواج!!.


أمضى الجسور إلى العلا بزماننا كرة القـدم --- تحتل صـدر حيـاتنا وحديثها في كل فم
وهي الطّريق لمن يريد خميلة فـوق القمـم --- أرأيت أشهرَ عندنـا من لاعبي كرة القدم
أهم أشـدُّ توهجـاً أم نار برقٍ في علم ؟! --- لهم المزايا والهبـات وما تـجود به الهمـم
كـرة القدم
النّاس تسهر عندهـا مبهورةً حتى الصبـاح --- وإذا دعا داعي الجهاد وقال حي على الفلاح
غطَّ الجميـع بنومهم فوزُ الفريق هو الفلاح --- فوز الفريق هو السبيل إلى الحضارة والصلاح
كـرة القدم
صارت أجلَّ أمورنا وحياتَنا هـذا الزّمـن --- ما عـاد يشغلنا سواها في الخفـاء وفي العلن
واللاعب المقدام تصـنع رجله مجـدَ الوطن --- عجباً لآلاف الشّبــاب، وإنّهم أهـل الشـيم
صُرِفُوا إلى الكرة الحقيـرة فاستبيح لهم غنم --- دخل العـدو بـلادهم وضجيجها زرع الصمم
أيسـجل التاريخ أنّـا أمّـة مسـتهترة ؟! --- شهدت سقـوط بلادها وعيونـها فوق الكرة


طبعا و لا ننسى قول الله تعالى: وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون(الأنعام:116)

نسأل الله تعالى أن يهدينا ويهدي المسلمين وشبابهم لما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

----------------

إعـداد: ســامي بــركة
samibarka@gmail.com

مراجــع:
- كلمة حول الرياضة للشيخ عبد الحليم توميات .بتصرف
- رسالة الى رواد الملاعب لأبي عبد الله محمد حاج عيسى الجزائري
- إستشارات الشبكة الاسلامية حول القومية، الوطنية و التعصب .بتصرف


 

اعداد الصفحة للطباعة      
ارسل هذه الصفحة الى صديقك

رسائل دعوية

  • رسائل دعوية
  • معا على طريق الجنة
  • الصفحة الرئيسية