بسم الله الرحمن الرحيم

إليك أيها الصحفي
إعداد ..
لطيفة الكندري وزينب السويلم


الحمد لله الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسلام على النبي الأمي المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد .

إن نعم اله عز وجل على بني الإنسان عديدة وجليلة لا تعد ولا تحصى ، قال تعالى " إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " . ومن هذه النعم نعمة البيان والفصاحة التي ما يملكها كل أحد من البشر ، وهذه النعمة يستطيع بها الإنسان التعبير والإبداع عما يكن في نفسه ويدور في خلجات فؤاده ، ومن هؤلاء من يحسن استخدام هذه النعمة في خدمة دين الإسلام وإعلاء كلمة الحق فهذا نقول له طوبى ليمينك ، ومنهم من يسيء استخدام هذه النعمة بأن يغتر بنفسه وما وهبه الله تعالى فيكون معول هدم لهذا الدين فلا نقول له إلا هداك الله .

مـن أخاطـب ؟
هذه رسالة من بين أضلع السطور مكتوبة بمداد المحبة والوفاء ، مقرونة بنصح أخوي وصفاء أهديها إلى من أنعم الله عليه بالموهبة فصقلها بالتمرس والتمرن حتى أصبح كاتبا يشار إليه بالبنان ، أهديها إليك أنت أيها الصحفي وأخصك بجميل الكلام وطيب العبارات سائلة المولى أن تجد وقعا في قلبك ، وصدى في نفسك وواقعا ملموسا في عملك ، فقد كثر اليوم عنك الكلام وشكك في صدق نواياك حتى قبل أنك ما امتهنت الصحافة إلا للوصول إلى الشهرة . فهلا أعرتني جزءا يسيرا من وقتك لأحدثك حديثا من القلب إلى القلب فارعي إلى سمعك رعاك المولى عز وجل

أخي الفـاضل :
إن الصحافة اليوم تشكل دوراً كبيرا في تكوين الرأي العام لدى كثير من القراء وتعد مرجعاً لا يستهان به في معرفة آخر الأخبار وما يطرأ من المستجدات فهي جزء من مؤثرات البيئة ومكونات الشخصية ، وهي سلاح ذو حدين بحسب من توضع في يده فإن تكفل بها الأمناء سارت على الدرب مستقيمة ومحققة للآمال والطموح وإن تولاها العابثون اختل اتزانها وأصبحت تترنح ذات اليمين وذات الشمال فتبدو لنا الأمور مضطربة لا يخلوها الزيف والمبالغة ..

أخـي الكريـم ..
هل تذكرت أنك جزء من هذه الأمة التي يجب أن تكون في المقدمة في وقت تتسابق فيه الأمم في صنع المستقبل ولا شك أن الوصول إلى المقدمة يحتاج إلى جهد وبراعة وإتقان والأهم في ذلك كله الالتزام بأخلاقيات ثابتة تمنع من الانحراف والزلل ، فلا بد أن تحصن نفسك بفضائل الأخلاق ، وتضع نصب عينيك مراقبة الله في عملك فالانحراف في مجال الصحافة سهل لعدم وجود الرقابة على الكتاب والصحفيين لذا لا يبقى أمامك أخي الصحفي إلا الرقابة الذاتية والوازع الديني الذي سيحميك من مداخل الشيطان .

ومن ذلك أن تلتزم بخلق المحافظة على مصدر المعلومات فمن واجبك أن تلتزم بما يجري الاتفاق عليه بينك وبين المصدر . وأن لا تسيء إلى مصدر المعلومات بأي حال من الأحوال عن طريق كشف اسمه مثلاً ، أو محاولة توريطه في المعلومات نفسها ، فالحفاظ على المصدر من أبرز الالتزامات وقد سمعنا كثيراً عن صحفيين يخضعون للتحقيق والمحاكمة ويدلون بكل شيء إلا بمصدر المعلومات وهذا ما نتأمله فيك بإذن الله .

وتذكر أخي الكريم النقل الأمين للمعلومات ، أي نقلها بكاملها دون التلاعب بها مع الانتباه لجميع الاحتمالات التي قد تلحق بالمعلومات عند تحريرها إما بقصد أو سهو عابر أو لخطأ مطبعي قد يكون خطيراً فينبغي لك التحلي بالأمانة فيما تنقل وتكتب ( لأن فلاح الأمة في صلاح وأعمالها في صحة علومها وصحة علومها في أن يكون رجالها أمناء فيما يروون أو يصفون ) لأننا نرى كثيراً من الصحفيين أصبح همهم الأول جمع المعلومات وإيرادها بأسلوب مثير دون التأكد من صحتها وهذا مما يترفع عنه شخص المسلم فضلاً عن الكاتب الصحفي فعليك أيها المحب أن تكون أمينا في عملك ما دمت قد احترفت الصحافة مهنة لأن ( الإسلام يطلب من المسلم إذا انقطع لأمر ما أن يحسنه ويتقنه ويجيده ويبرع فيه حتى يستأثر بانتباه أكبر قطاع من الجماهير ويثير اهتمامها وفضولها معاً ) بالطريقة الشرعية بعيدا عن السرقات الأدبية والعلمية .

ولا تنسى أخي الصحفي أن تضع نصب عينيك الأولوية في عرض المواضيع والتي تقدرها بحكمتك وخبرتك فتقدم الأهم ثم المهم وتنظر إلى المصالح والمفاسد المترتبة على ما تقدمه للقراء لأن الخبر يبقى ميتاً حتى تنتشر وما إن ينتشر حتى يثير ردود فعلٍ كثيرة قد يكون بعضها ضرراً للوطن أو بأشخاص معينين أو بهيئات أ, مؤسسات أو بالصحفي نفسه أو بجريدته أو تكون إساءة للمعتقد والدين لأنك تخاطب شريحة كبيرة من الناس منهم العالم ومنهم الجاهل وفيهم المثقف وكذا العامي وأيضاً منهم الصغير والكبير فيجب أن تراعي ذلك جيداً وتنتقي الأسلوب المناسب لهذه الفئات المختلفة وهنا يتأكد دورك المهم في كيفية التقدير وتحديد الفائدة والضرر وليكن شعارك قول الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه (( حدثوا الناس بما يعقلون )) لأن المطلوب نشر المعلومات والحقائق لا لمجرد السبق الصحفي أو ما يسمونه بالصرعة الصحفية لأن هناك مصالح وموازنات يجب أن تراعى فنحن لا ندعوك للتخلي عن رووح وجوهر المهمة الإعلامية والمهنـة الصحفية وإنما ندعو لممارستها في إطار القيم الدينية والضوابط الأخلاقية .

فلا بد لك أخي الفاضل من التعامل مع المعلومات التي تصلك بأخلاقية واعية بحيث لا تستغلها للتهويل والتضخيم والتخويف ومحاولة تغير الحقائق وإبدالها سواء لرغبة في الزيادة أو النقصان أو سواء للتفاخر أو لمكسب مادي أو حشو الورق بأي كلام ولغط لأن كثيراً من الحقائق أضحت مزورة إما بالتهويل البالغ من شأنها أو عدم إعطائها حقها وإن وقعت في ذلك فأنت مسؤول عن كل فكرة خاطئة أوصلتها إلى أي قارئ وتحمل وزرك ووزره إلى يوم الدين حماك الله من ذلك ، لذا لا بد من إيجاد التوازن بين مضمون المعلومات وبين صيغة تحريرها أي التوازن بين الكلمات والوقائع ( وهذا أمر ضروري وواجب عليك بالذات ، وهو خلق قبل أن يكون قدره ) لأننا نرى بعض الصحفيين يضخمون الموضوع مما يدفعهم إلى صياغة عنوان نافر ومثير ومخيف قد يساعد ويسهم في إقبال الناس على شراء الصحيفة لكنه ينعكس سلبا على الصحيفة والقراء معا لأنه سيتكون لديهم فيما بعد الانطباع السيئ عن صحيفته .

فعليك أيها الصحفي ( أن تتحلى بالثبات والتثبت لاسيما في الملمات والمهمات ) وقد قال الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " أي تثبتوا وتأكدوا من ذلك أولا ، وخاصة ونحن نعيش في قرن متناحر ومتصارع كثرت فيه الفتن ، وإن كان بعض الصحفيين نواياهم سليمة في الرد على أعداء الدين لكن يشوبه بعض الأحيان ما يكدره ، حيث تتحول النية من صراع الباطل إلى الانتصار للنفس وبذا فإن هذا الصحفي لا يشوه سمعته فقط بل يتعدى التشويه إلى ما يحمله من عقيدة ودين ، فلا بد من الحرص على التثبت من الأخبار الواردة فما كل ما يقال يكتب ويعرض لكن لابد من التثبت والدقة في إيراد المعلومات والابتعاد عن الخطف والبتر من الأقوال وتحميل الكلام ما لا يحتمله ، ( وإن نازعتك نفسك بكلام غير صادق فاقهرها بذكر منزلة الصدق وشرفه ورذيلة الكذب ودركه وأن الكاذب عن قريب ينكشف واستعن الله ولا تعجز ) ، وذلك لأن ( صدق اللهجة عنوان الوقار ، وشرف النفس ونقاء السريرة وسمو الهمة ورجحان العقل ورسول المودة مع الخلق وسعادة الجماعة وصيانة الديانة .. أما نقيضه الكذب فضروب وألوان ومسالك وأودية .. ) فاحذر أخي من أن تكون ذاك الصحفي الذي عرف ضمن قائمة الكذابين

أخـي الصحفـي ..
لتكن آراؤك مبنية على ضوابط الشرع وليس على أخلاقيات الغرب ، ولتكن جادا في نقدك للآخرين ساعيا للإصلاح لا لمجرد الانتقاد أو الانتقام ، وليكن حكمك عادلا مقيدا بما يقتضيه الشرع والعقل ، ولا تسيرك العاطفة فتصدك عن التعقل ، فإن العاطفة إذا سيطرت على الإنسان تكون عاصفة يترتب عليها من الضرر أكثر ما يترتب عليها من النفع والفائدة . فعليك أولا أن تتعلم أدب الخلاف قبل أن تشرع في الرد على من يخالفك وأهمها التجرد من الهوى والعصبية وأن يكون همك اتباع الحق ولو كان من عند من يخالفك ، كما قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم ( اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضا ، ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبا ) فلا يكون الخلاف لمجرد الخلاف والبغي والعدوان وتحقيق الشهرة بين الناس !!!

لذلك أحثك أخي الصحفي على التأني التثبت وبعد النظر ، ولسنا نريد بهذا أن تسكت على خطأ ، أو أن تؤيد خطأ ولكن أن تحاول قدر استطاعتك سلوك سبيل الحكمة في إزالة هذا الخطأ والقضاء عليه لأن سلوك هذا الطريق وإن طال فإن ثمرته ونتيجته تكون مرضية للجميع .

ينبغي عليك أخي الفاضل أن يكون قلبك منشرحا لمن خالفك في الرأي ، مرنا معه إلى أقصى حد ، وأن لا تجعل من الاختلاف في وجهات النظر التي تحدث بينك وبين من تعمل معهم في الحقل الإعلامي مثارا للعداوة والبغضاء إلا من خالف معاندا بحيث تبين له خطأه وبطلان رأيه ولكن يصر عليه فهذا يجب أن يعامل بما يستحق من تحذير الناس منه والتنفير عنه .

أخـي الصحفي المسلم ..
مالي أرى قلمك مخاصما لأخبار المسلمين لا يكتب فيهم ولا يسأل عن أحوالهم إلا نادرا ، لأن غالب كتاباتك طغى عليها لون الشخصية والدنيوية وإن شئت فقل المصلحية ، إي والله أخي .. لماذا ذاب شخصك الإسلامي وسط المعمعات الغربية النتنة ؟ وأصبحت أراك تصفق لأعداء الدين ولا أخالني مبالغاً إن قلت أنك أضحيت تساهم معهم في تلميع المناهج العلمانية وتسابقهم في ذلك ، وأقولها بحزن بليغ أصبحت معهم في انتقاص الدين واتخاذه مادة للسخرية والانتقاص والازدراء ، ووصف الملتزمين بالإرهابيين المتطرفين المتخلفين عن مسايرة ركب الحضارة والرقي ، فهل وكلوك محامياً عنهم ؟ فإنهم أنفسهم ما دافعوا عن شعاراتهم الباطلة مثلما يدافع عنهم بني جلدتنا وإخواننا في الدين .. وصدق الشاعر إذ قال :

إن كان في القلب إسلام وإيمان *** لمثل هذا يذوب القلب من كمد

ومالي أرى أكثر الصحفيين نصبوا أنفسهم علماء ومفتين يتكلمون في الدين ويحللون ويحرمون ؟ نسأل الله المغفرة ، وفوق هذا كله يؤولون النصوص على ما تمليه عليهم أهواؤهم وأفهامهم العقيمة ، فما عدنا نرى إلا من رحم ربي من يهتم بشؤون المسلمين شرقا وغربا وما هم فيه من فقر وتشريد وغزو وتنكيل وتضليل للفكر وتشويه للإسلام من قبل أعداء الدين ، لأن حال كتابنا أصبح يرثى لها ، فقد تدنت الهمم وفترت حتى وصل الأمر في بعض الصحفيين إلى تتبع أخطاء الآخرين لتخذوا منها ما ليس لائقا في حقهم ويشوش على الناس سمعتهم ، وبخاصة أخطاء علماء المسلمين إن صح التعبير وهذا من الخطأ الشنيع والتبجح المقـيت ( فإن كان اغتياب العامي من الناس من كبائر الذنوب فإن اغتياب العالم أكبر من ذلك بكثير ، لأن اغتياب العالم والقدح فيه لا يقتصر ضرره على العالم بل عليه وعلى ما يحمله من العلم الشرعي ، والناس إذا زهدوا في العالم أو سقط من أعينهم تسقط كلمته أيضا من أعينهم وإن كان يقول الحق ويهدي إليه فإن القدح في العالم يكون حائلا بين الناس وبين علمه الشرعي وهذا خطره كبير وعظيم ) .

ولا مانع من أن تتكلم معهم فيما تعتقد أنه خطأ ، لتتبين هل الخطأ منهم أم منك ؟ فالإنسان أحيانا يتصور أن قول العالم خطأ ، ثم بعد المناقشة يتبين له صوابه ، والإنسان بشـــر ( وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) ، فلابد أن يتسع صدرك لما يصدر من علمائنا وأن لا تفرح بزلة العالم أو خطئه لتشيعها في الصحف والجرائد فإن هذا ليس من شيم المسلمين فضلا أن يكون من أخلاقيات الصحفي .

وقد تطاول الأمر إلى التكلم بما لا يليق مع شخص حبيبنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذه والله كارثة ومصيبة أن يصل الأمر إلى هذا المستوى ، فيا أخي لابد عليك أن تحمل هم الإسلام وتستغل مهنتك في إيضاح الصورة المشرفة للدين ورد الشبهات الواردة وما يثار من تهاويل زائفة بأسلوب علمي رصين ، ومسايرة الواقع العام والحوادث اليومية ، فلا بد من بيان موقفك من القضايا المستجدة موقف نابع من الصحفي المسلم ..

ومن الرزايا التي بليت بها صحافتنا التعرض للمسؤولين والحكومات .. فهذه الخلة ليس من خصال المؤمنين لكن للأسف أصبح يتشدق بها في المجالس ويفتخر ، مع أن هؤلاء ينبغي أن تسدي لهم النصيحة سراً لا يشهر بهم فأنت مهمتك التقويم والنصح وتوجيه الآخرين بحدود يجب عدم تجاوزها لكن الواقع يحيك خلاف الأصل وأصبح الكلام في الحكومات والمسؤولين من الشيم الحميدة التي لا يستطيعها إلا الشجعان ممن لا يخافون في الله لومة لائم كما يزعمون وفي الوقت نفسه يصفون المخالفين لهم ممن التزم الطريقة الشرعية في النصح بالعمالة والخوف .

أيهـا الأخ المسـلم ..
أذكرك بالورع ومراقبة الله في عملك وأن تستشعر هذه المسؤولية التي قبلت أن تحملها على عاتقك ، فإنك إن أخلصت في عملك تحول عملك هذا إلى عبادة ومن أفضل العبادات ، وقربة تتقرب بها إلى الله وعمل صالح ترفعه لله عز وجل " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " .

أخي العزيز .. إذا رأيت ازدياد شهرتك بين الناس ، بمتابعة كتاباتك وازدياد مبيعات الجريدة بسبب مقالاتك ، فاحذر من دخول العجب إلى قلبك واحذر من الكبر ونظرات الاستعلاء ، فآفة الشهرة الكبر كما أن ديننا يذم الكبر والمستكبرين ، يقول الله تعالى " إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه " وقد حذر منه نبينا بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) وتذكر أخي أن الشيطان هو العدو الأول للإنسان فلا يترك طريقاً يدخل فيه إلى قلبك إلا سلكه وذلك بتحبيب عملك إليك لدرجة الاستغراق فيه حتى تبدأ في التنازل عن عباداتك وطاعتك شيئاً فشيئاً ، فتبدأ في التخلي عن النوافل ثم تترك وردك الذي اعتدت أن تقراه كل يوم ، ويستمر معك حتى تترك صلاة الجماعة وقد يصل الأمر إلى تأخير الصلاة عن وقتها وغيرها من الأعمال التي تؤثر في أعمالك ..

فإحذر أخي الكريم من وسواس الشيطان واستمر بذكر الله واحفظه في نفسك ، فمن يحفظ الله يحفظه . فلا تفرط في حق الله ولا تتساهل في عبادتك له فمهما فعلت من طاعات وعبادات فلن تفي بواجبك تجاهه ولن ترد أقل النعم التي أنعم الله بها عليك ألا وهي تلك القدرة والمهارة والإبداع في الكتابة التي من بها عليك دون خلقه .

ختــامــاً :
وهأنذا قد وصلت إلى نهاية الحوار معك وما زال في النفس كلمات ، لكن أكتفي بهذا القدر .. فاقبل رسالتي لك ، كتبتها لك بقلبي قبل قلمي ، وصغتها بأحاسيسي ومشاعري .. ضمنتها ما استطعت من نصائح ووصايا من حنايا الفؤاد علها تجد في قلبك الصافي مرسى ترسو فيه متمنية منك قبولها وأن تكون نقطة تحول في حياتك أو لتبدأ بها صفحة جديدة تجدد العهد مع الله عز وجل على خدمة دينه وإعلاء كلمته ، فإن كنت ممن راعى هذه النصائح وعمل بها فأقول لتكن دافعا للثبات على ما أنت عليه وللتحليق عالياً في سماء المجد والعزة ، وإن كنت ممن قصر فليكن ما تجد في قلبك من حرقة معينا على تعويض ما فاتك بعزم فتي يشع الأرض نوراً .

وأعتذر إن كنت قد قسيت في بعض الأحيان وقلبت المواجع ، لكنها كلمات المحب المشفق حماك المولى وسدد خطاك ، ورغم ما ذكرت فما زلت هناك قلة ممن يفتخر بهم ويعتز ممن يحملون راية الدين ويذودون عنه لكنهم كما أسلفت قلة قليلة لذا كانت هذه الكلمات أطلقها عاليا في الأجواء فاعمل بها وتقبلها من نفس تأمل لك سعادة في الدنيا وراحة في الآخرة ..

وأذكرك بقول الشاعر :

ويبقي الدهر ما كتبت يداه *** وما من كاتب إلا سيفنى
يسرك في القيامة أن تراه *** فلا تكتب بكفك شيء

وأتركك مع نفسك لتختار الطريق الصحيح الذي يوصلك إلى الجنان

حفظك الله عز وجل ذخرا لدينك

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته ،،،


المصدر : موقع الدكتور طارق الطواري

الصفحة الرئيسة